التوسع الدلالي في المفردة القرآنية.. الحميم

محمد الهاملي

قال تعالى في محكم كتابه: “يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ” “الرحمن:44”
الشرح: “يطوفون بينها” أي: بين أطباق الجحيم ولهبها، “وبين حميم آن” أي: ماء حار جداً قد انتهى حره، وزمهريره قد اشتد برده وقره، اللهم إن جنوبنا لا تقوى عليها، اللهم أن ظهورنا لا تقوى عليها.
أورد القرطي في دلالة “آن” عدة أقوال: 1- آن: أنه الذي انتهى حره واشتد وبلغ غايته. 2- قال قتادة: آن: واد من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فيغمسون بأغلالهم فيها حتى تتخلع أوصالهم.
وعن مجاهد أنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته، وجاء حميم آن: بلغ أناءه. وقيل آن: هو الذي انتهى حره بلغة أهل البربر، ولعل تضافر هذه الدلالات يسوغ لنا عدها من ألفاظ المشترك.
قال تعالى: “إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا” “البنأ:25” الشرح: مستثنى متصل من شراباً، لقوله “لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ” “النبأ:24″ أي : من ماء حار يشوي وجوههم، كمثل قوله تعالى: ” يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ” “الكهف:29”.
ومن معاني الحميم: فالحميم هو الماء الحار، وهو من الحميم، وهو الفحم، يقال: حم فلان الماء: سخنه، يحم حما، ويقال: قد استحم: أي اغتسل بالماء. والحميم أيضا: الماء الحار، وقد استحميت، إذا اغتسلت به، هذا هو الأصل، ثم سار كل اغتسال استحماماً بأي ماء كان. ومن معاني الحميم في غير هذا. تقول هو صديق حميم، وحم الفرخ: طلع زغبه.
استطراد لغوي: قصدت الحديدة كي استحم في مياه البحر، ويقول الكثيرون كي أتحمم، ومعنى أتحمم: أصير أسود اللون، بينما المعنى المراد هو السباحة أو الغطس في مياه البحر، وكلمة استحم تؤدي هذا المعنى.
دعاء: اللهم اجعلنا ممن يمشي على الصراط سريعاً فينجو من حرها ولهبها إلى جنات النعيم، ولا تجعلنا ممن يزحف على الصراط، ثم يهوي فيها برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أسالك باسمك الأعظم الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تجعلني من العتقاء من النار، وتجود عليّ بالعفو والغفران.

قد يعجبك ايضا