يوم القدس العالمي

 

أحمد يحيى الديلمي
رغم مُضي عقود على دعوة الإمام الخُميني رحمه الله باعتبار آخر جمعة من رمضان كل عام يوماً عالمياً للقدس ، إلا أن معاول رفض الدعوة والتشكيك في مصداقيتها تزداد ضراوة ، هذه المواقف لم تكن وليدة الصدفة ، ولم تشكل أي مفاجأة للكثيرين ممن يعرفون ببواطن الأمور لأنها في الأساس تترجم مشكلتنا الأزلية عن طبيعة علاقتنا ببعضنا كعرب أو مسلمين بدلالاتها العبثية وبما تحتمه من رفض مطلق للآخر المسلم المخالف وعدم القبول به ، إلا إذا قبل الخنوع والانقياد لفكر الآخر والتسليم بمضمونه والمشهد أساس تصادم الأفكار ورفض مبدأ التنسيق وتبادل الرؤى بالذات حيال ثوابت العقيدة واللغة والتاريخ المشتركة كأهم منطلقات لتوحيد الصف وجمع الكلمة ، مع كل هذه الاشتقاقات حولت المذاهب الإسلامية من مدارس للتنوير وإثراء فكر العقيدة إلى متارس لإثارة الفتن وتأجيج الصراع بين أبناء الأمة وأتباع العقيدة الواحدة .
استناداً إلى ما أسلفت يمكن تفسير عدم التعاطي الإيجابي مع دعوة الإمام الخُميني هوس الرفض لذاته سيطر على الجميع وهو اختيار أملته الضرورة على البعض ممن وقعوا أسرى لتأثيرات الدعاية الغربية بأفقها الأمريكي وبُعدها الصهيوني ومقاصدها الخبيثة وما فرضته من واقع مؤلم غير بوصلة الصراع باعتبار إيران عدواً تاريخياً متربصاً بالأمة ، مقابل تصوير دولة الكيان الصهيوني الغاصب للأرض بالحمل الوديع المظلوم ، الذي يعاني الأمرين من إرهاب المقاومة من أبناء فلسطين الجريحة المدافعين عن الأرض والكرامة .
الانقياد لمثل هذه المضامين الفاحشة تجاوزت تأثيراته السلبية دعوة الخُميني ، وجعل دولاً عربية وإسلامية في سباق محموم لتطبيع العلاقة مع دولة الكيان الصهيوني وعدم التحرج من الإسهام في محاولة تصفية قضية الشعب الفلسطيني ومباركة الرغبة الأمريكية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس تمهيداً لإعلانها عاصمة أبدية لكيان الاحتلال الغاصب .
هذا الموقف العدائي المتخاذل سهل المهمة على الرئيس الأمريكي ترامب في ما سُمي بقمة الرياض لتوجيه سهام تهمة الإرهاب إلى محور الممانعة وفصائل المقاومة في فلسطين ولبنان تبعاً لذلك لا نستغرب أن السعودية التي تدعي حماية الإسلام والمقدسات ترى في دعم قطر لحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية أكبر و أهم دليل يؤكد دعمها للإرهاب . ألا ترون أنها تحولات مزرية تقصم الظهر بالمقابل تجعل كل عربي ومسلم شريف صادق الإيمان يشارك بفاعلية في إحياء يوم القدس العالمي للتأكيد على أن هذه المدينة ستبقى في قلوب وأحاسيس ومشاعر كل المسلمين وكل عام والجميع بخير .

قد يعجبك ايضا