هذه هي اليمن

عبدالوهاب شمهان

تظل الحياة مستمرة لا تتوقف مهما تغيرت الظروف المحيطة بالبشر بسبب سلوكهم أفرادا كانوا أو جماعات ودولاً ولا يمكن القول إن مكونات الحياة الطبيعية للكون والأرض من الهواء والنبات والماء والمخلوقات والإنسان التي أوجدها الله أنه بمقدور فلان أو علان أن يوقفها أو بمقدور دولة من دول هذا العالم الباغي الذي يقوده الطغيان أن يوقف نبضات الحياة وما يصنعوه لا يزيد عن عظم جهالتهم وكفرهم بقيم الأديان السماوية وما تعارف عليه الناس من تعاون وتبادل منافع وخدمات.
وكان خاتم الأنبياء محمد صلوات الله عليه وعلى آله قد أرسى قواعد العدل والإخاء والمساواة بين للعالمين قواعد الحياة والسلام التي هيأها الله لاستمرار الحياة ولإعمار الأرض وأنه من المستحيل أن يتوقف الناس عن شرب الماء وتناول الطعام في سلم أو حرب، تلك مشيئة الخالق التي تسير كل المخلوقات ومنها هذا الإنسان الشرس الذي خرج عن آدميته وتحول في أعماقه إلى وحش مصاص دماء كلما تنامى ملكه وصار مليار ديرا أو أميرا أو ملكا أو زعيما حجبته الغفلة كليا عن دين الله إن كان مسلما أو كان على غير دين الإسلام نزع من جوفه ما تبقى من بصيص النور وداسوا على قيمهم ومبادئهم بالأقدام.
وهؤلاء هم من يقودون الدول إلى هاوية الفناء والدمار ولو كان بيدهم منع الهواء لأعلنوا حصارا عالميا لمنع الهواء عن أي شعب حر يشكون فيه ولو بقدر ذرة من سوء النية ولو كان وهما في عقولهم فلا بد لهم من سحقه ونتف ريشه وتكسير عظامه وتدمير مكونات حياته المادية وهذا ما كان مع الجمهورية اليمنية التي استخدم فيها كل صنوف التفريق والتمزيق والعدوان والحصار من قبل أكبر دول العالم الغربي والأمريكي واكبر دول ملكت مال النفط والغاز ولم تصنع من الخير والإعمار وإصلاح الناس والدعوة لدين الله كما أمر بالحسنى في البلاد التي لم يدخلها الإسلام ولم تسمع بخيره، لكنهم اليوم يسمعون بنعرات طائفية ومذهبية ومصالح دونية حقيرة تشهرها انفجارات الصواريخ على بلدان من ذات جنسهم البشري والعربي والإسلامي وقد شاهدوا عبر قنواتهم وإعلامهم المزيف للحقائق والواقع أنهارا من الدم وركاماً من دمار بلدان لا يصدق أن تكون هذه خاتمتها بأيديهم .
ومع ذلك يظل استمرار الحياة ويظل الموت والفناء بيد الله وحده، وها نحن اليوم نشاهد أمة العرب والإسلام وقد صارت مفسدة العصر تلبس ثوب الذل والمهانة تقاتل لنصرة أديان غير دينها وتمارس تجويع شعوبها وإشباع أمم غيرها بقوت أبنائها وبقدرات تنميتهم، هؤلاء الأبناء الذين حولوا إلى أداة طيعة وأجساد مخشبة تقاد إلى معارك ما أنزل الله بها من سلطان والأعجب أن يقاد رؤساء ووزراء وقادة ووجهاء وعلماء وأصحاب رأي وفكر وعيونهم مفتوحة ليكونوا عونا وناصرا وشركاء في العدوان والحصار على بلدانهم طمعا في كرسي أو إشباعاً لرغبة أو سعيا لثرورة لتقع تلك الشعوب المظلومة والمقهورة في أشر ما حدث في التاريخ من سفك للدماء واستلاب للإرادة وهذا ما كان وسيكون من عجائب هذا العصر الديمقراطي الذي ظل الترويج ليكون الحاكم في العالم وتكون ثروات الشعوب تحت سيطرتهم ومن يعصي يقع تحت عدوانهم وحصارهم ومؤامراتهم ومع ذلك فكل قادة دول الإسلام والعروبة المقصودة بالتغيير تركع أمام أبوابهم تقبل أقدامهم تحت مسمى السياسة والمرونة الدبلوماسية في ذات الوقت الذي فيه لا يخشون الله ولا يتقونه في بلدانهم ومع شعوبهم وإخوانهم ، وبهذا السلوك قادوا أنفسهم إلى ما لا يرضي الله ورسوله .
لقد أفنى قادة من المسلمين أنفسهم وأموالهم في سفك دماء إخونهم بالباطل ولم يتمكنوا من تعطيل الحياة وعناصرها والتي منها قدرات البشر في تطلعهم لمعرفة وتقصي الحقائق عبر السياحة فالعالم بسكانه وليس بدوله الذين يسعون لمعرفة ما يدور في اليمن التي عرفوها ومشوا في أزقة مدنها وشوارعها العابقة بالتاريخ وبصدق الإنسان وبموهبته في البناء والإعمار والإبداع مدن تغلف بالقلوب الطيبة وبالأخلاق الكريمة وبالتراث والموروث الشعبي وتحفها هنا وهناك مدن أثرية ومواقع عدة للآثار لأنها بلد المجد والحضارة والمدد لخير رسالة للسلام رسالة الإسلام، إنها موطن الهجرة إلى كل العالم، وها هم أبناؤها المغتربون في بريطانيا وأمريكا وكندى وألمانيا وهولندا وماليزيا والصين واندونيسيا وافريقيا وكل الدنيا رسل محبة وسلام وأمن ودعاة خير ، فماذا كان حال اليمن في أيامنا التي تمضي مسرعة دون توقف إلا الصمت المطبق أو النكران لهذا البلد العريق في أصالته الإنسانية وحضارته التليدة وتطلعه لمواكبة الحضارة الإنسانية المعاصرة من أبنائه وأصدقائه.
لقد كبر تطلع أهل اليمن للمستقبل في أعين وقلوب أصحاب الجلالة والجلالة لله وحده وأصحاب الفخامة والسمو أن ينمو الخير في أرض السلام فأحالوا استقراره إلى بغي وفساد ونعرات ليأتي إليهم ذليلا خانعا ففزعهم مقاومته وصموده فحرضوا عليه دول العالم بأسره بأموالهم ونفطهم وبسعادة ونعيم أوطانهم في استكبار وتعال وعناد مبتعدين عن عظمة الإسلام وعالميته ورقيه الذي يكمن في جوهر تعاليمه التي تحرص على تكريم الإنسان ومنحه الأمن والاطمئنان وحقه في التطلع إلى نموه وتطوره علما واقتصادا وصحة وتربية وبيئة محيطة به بمساحتها الخضراء بجناتها وثمارها بحبات القمح والذرة بمأكله ومشربه وسلوكه وأخلاقه وقيم السلام الراسخة في جذوره والسعي في أرض الله بحثا عن مصادر رزقه المتعدد بمشيئة الله ومن ذلك النشاط السياحي الذي صار أحد ثروات الأمم كلما أحسن توظيفه والإعداد له بما يتوافق والطبيعة الإنسانية والقيم وعقائد كل بلد بما فيه من سيادة وقوانين . . واليمن وبرغم العدوان وبرغم التدمير المباشر والمقصود لقطاع السياحة ومنشآته ولكل مقومات هذا النشاط الطبيعية والثقافية التاريخية والأثرية والتراثية والأصول الثابته المادية لمكونات السياحة متعمدين ضرب قلب الإنسان وحيويته وتطلعاته ونشاطه وبرغم نتائج المعاناة والألم وفقد الإخوة والأصدقاء والإحبة إلا أن دعوة السلام ظلت وستظل مرفوعة في نفوس كل من يعمل في القطاع السياحي والالتزام والسعي لتحقيقها عبر الصبر والثبات والاستمرار في العمل إيمانا بأن الله وحده من يملك القدرة على نزع الروح أو إنعاش الحياة.
لقد علمت الحرب اليمانيين دعاة الحرية والعدل والسلام الباحثين عن العمل القادرين على الإعمار والبناء في كل زمان ومكان أن الوطن هو الأصل ومنه وفيه يكون المسار نحو الخير والمحبة والتعاون مع العالم مهما كانت قساوة تآمر الزعماء والقادة والملوك، لأنهم يدركون كل الإدراك بأحقيتهم في الحياة التي تشكل كرامتهم وعزتهم الواجب الدفاع عنها بيد ترفع غصن السلام ويد ترفع السلاح لصد العدوان.
هذه هي اليمن وهؤلاء هم اليمانيون وما يأتي به الإعلام المدنس إنما هو دخان سفه ستذهبه الأيام ومصير كل حي مخلص وطنه الجمهورية اليمنية الذي سيظل اسمها ساطعا عبر التاريخ … موطن المحبة والسلام والسياحة.

قد يعجبك ايضا