مقاشم صنعاء القديمة متى تعود الى سابق عهدها كحدائق فاتنة؟؟

> بعد التوجهات الجديدة نحو الاهتمام بالزراعة

 

الثورة/..
الاتجاه الآن نحو الزراعة بات امراً ضروريا تساهم فيه الدولة حاليا وبشكل مباشر خاصة بعد الدعوة التي وجهها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالاتجاه نحو الزراعة لمواجهة العدوان والحصار وتنمية البلد اقتصاديا والاكتفاء الغذائي والذاتي ؛ وتعد صنعاء القديمة من أهم المدن الحدائقية التاريخية في العالم لكثرة المساحات الخضراء التي كانت على أراضيها، الا انها فقدت العديد من مقومات حضاريتها وجمالها بفعل عدم الاهتمام بهذه المدينة التاريخية الهامة أو بمعنى أصح الإهمال المستمر الذي انتشرت ملامحه وآثاره في الكثير من جزئيات ومكونات صنعاء القديمة ولعل أبرز المظاهر الجمالية التي كانت تشكل الرئة والمتنفس للمدينة وسكانها البساتين والمقاشم بما تحتويه من أشجار التوت والبرقوق وبعض الفواكه والورود جماليات فاتنة بالإضافة إلى الخضروات التي كانت تزرع بجميع أنواعها في المقاشم تزود المدينة وسكانها بما يحتاجونه من هذه الخضروات ولكن بحسب المعنيين والمختصين فقد كانت المساحات والفراغات من بساتين ومقاشم ومساحات بيضاء تشكل ما يقارب ثلثي مساحة المدينة.إلا أن الزحف العمراني المستمر والمتواصل منذ سنوات طويلة مضت ساهم في تقليص المساحات والفراغات وأصبح العكس هو الصحيح فلم تعد تلك المساحات تصل إلى الثلث, ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل باتت معظم بساتين ومقاشم صنعاء القديمة متصحرة وجرداء تنتشر فيها الأوساخ ويتطاير فيها الغبار ليخنق المنازل التاريخية ومن يسكنها بعد أن كانت واحات خضراء تغازل تلك المنازل وبنسمات من الهواء العليل الذي يحتضن المدينة بكاملها بحنان وشفاء للصدورويرجع الباحث التاريخي عبدالرحمن الحداد كلمة المقشامة إلى أنها من أصل حميري تعني الخضروات .
لقد وصلت مقاشم صنعاء إلى هذه الحالة من التدهور ومن المسؤول عن ذلك وما هي المشاكل التي واجهتها هذه المتنفسات الفاصلة في صنعاء القديمة حيث لم يقتصر الأمر على التصحر والإهمال بل وصل الحد إلى السطو على مساحاتها والبناء على أجزاء من أراضيها.
سطو وبسط
بل إن هناك مقاشم تعرضت للسطو والبسط عليها بشكل كامل حيث تقول الأخت أمة الرزاق جحاف وكيلة الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية: المساجد في صنعاء القديمة يبلغ عددها 46 مسجدا، واعتقد أنه لكل مسجد مقشامة لأنها كانت كلها عبارة عن دورة مترابطة مع بعضها البعض بداية من المسجد والمرنع والبئر وانتهاء بالمقشامة دورة متكاملة والمقشامة، جاءت لغرض الاستفادة من المياه وعدم إهدارها.وتعتبر المقاشم والبساتين في صنعاء القديمة الرئة التي تتنفس منها المدينة، هذه المدينة التي تقع على ارتفاع لا يسمح لها بتوفر مادة الأوكسجين بالشكل المطلوب وبالتالي عملت هذه المقاشم والبساتين على توفير الأوكسجين حيث كانت مساحة هذه البساتين والمقاشم تفوق مساحة البناء ولكن للأسف الشديد باتت هذه المتنفسات الآن نسبتها أقل من المساحة العمرانية حيث زحف البناء على أراضي تلك المقاشم التي كانت أيضا تزود أهالي صنعاء بكافة احتياجاتهم من الخضروات وكانت تحوي أيضا الزهور وبعض الفواكه ونباتات الزينة ولكن باتت معظم تلك المقاشم والبساتين الآن خالية تماما من كل مظاهر الجمال والاخضرار تسكنها الأتربة والغبار وبعض المخلفات التي باتت تضر الناس والبيئة نتيجة الإهمال الكبير والجريمة الأبشع أنهم عندما قاموا برصف المدينة حولوا تصريف مياه الوضوء إلى المجاري وحرموا المقاشم من تلك المياه وبالتالي أخلوا بالدورة الحياتية التي توارثها الآباء عن الأجداد واضروا بالمدينة وبساتينها، صحيح أنهم عملوا مشروع المياه إلى المقاشم ولكن إذا كان الأهالي يشكون من شحة المياه فكيف بالمقاشم.مؤامرة على المقاشم وأشارت حجاف إلى أن هناك مؤامرة على المقاشم بهدف الاستيلاء والبسط عليها والبناء فيها من قبل المتنفذين وقد حصل هذا بالفعل لعل مقشامة الجامع الكبير خير شاهد على هذا السطو فقد تم السطو على أجزاء كبيرة من مساحتها من قبل بعض الأسر المحيطة بها.
وأضافت: كان الصندوق الاجتماعي قد تبنى مشروعاً لترميم وإعادة تأهيل مقاشم صنعاء القديمة إلا أن هذا المشروع توقف وتمت عرقلته من قبل بعض أصحاب المصالح ممن هم نافذون ولم يتم إكمال ذلك المشروع الذي كان بحق سيكون مشروعاً رائداً سيعيد الحياة لكل مقاشم وبساتين صنعاء القديمة التي أصبحت معظمها جرداء بل ولم تسلم الكثير منها من الاعتداء والاقتطاع من أراضيها، بستان العمري كان الأكثر اخضرارا وجمالا والآن جزء صغير منه مزروع والباقي متصحر رغم وجود بئر ماء خاصة به ومقشامة شكر تم السطو على أجزاء من أراضيها وتم هدم السور الخاص بها ولم يتبق سوى جزء منه في الطرق الداخلي, كذلك بستان الهبل ومقشامة العلمي والحميدي وغيرها تتعرض للاعتداءات والسطو والأوقاف تقف متفرجة من كل ذلك مع أن هذه المقاشم تعد تحت مسؤولياتها حتى نحن في الهيئة وأمانة العاصمة كذلك لم نستطع عمل شيء ووقف هذا العبث لأن من يقومون به هم أناس لهم نفوذ داخل الدولة كيف ظهرت المقاشم بصنعاء القديمة؟؟ وإذا كانت الجهات المعنية جميعها لم تستطع أن تعمل شيئاً لهذه المقاشم فأين سكان هذه المدينة الذين يفترض بهم الحفاظ على هذه المساحات والدعوة إلى إحيائها كونها متنفسات خاصة بهم؟
فوائد المقاشم
والتقينا أيضا بأحد المهندسين المخضرمين في مجال الحفاظ على المدن التاريخية وعمل لسنوات طوال في مدينة صنعاء القديمة المهندس جميل شمسان الذي يعمل حاليا رئيسا للمكتب الفني بوزارة الثقافة والذي حدثنا الكثير عن المقاشم وأهميتها وفوائدها وأوضاعها التي آلت إليها.. حيث قال:كانت مدينة صنعاء القديمة تعد من المدن الحدائقية التاريخية في العالم الحديث فقد جاء العالم الحديث لينشئ المدن الحدائقية ولكن صنعاء سبقتهم بمئات السنين فقد كانت هذه المدينة وحتى فترة السبعينيات تزخر بالاخضرار حيث كانت المساحات والبساتين الخضراء تشكل ما نسبته 70 % من مساحتها بينما اليوم وللأسف الشديد باتت تلك المساحة والبساتين تشكل ما نسبته 30 % فقط وقد أوجد سكان صنعاء القدماء هذه المقاشم والبساتين لحاجتهم الشديدة إليها وحول ذلك هناك قصة حيث قيل أن الكثير من الناس قديماٍ أصيبوا بمرض ممن هم يرتادون المساجد وكان السبب مياه البرك واتفقوا جميعهم على ضرورة أن تكون مياه الوضوء جارية في جميع مساجد صنعاء خاصة أن صنعاء كان يجري فيها غيلان الغيل البرمكي والغيل الأسود وكلاهما كانا ينبعان من أعالي جبل نقم في اتجاهين مختلفين أوصلوا من خلالهما سواقي فرعية إلى المساجد وبما أن المياه أصبحت جارية إلى المساجد الأمر الذي حتم عليهم البحث عن أنسب الطرق لتصريفها واستغلالها بصورة أمثل وجاءت من هنا فكرة المعاشم والبساتين وخصصوا لكل مسجد مساحة واسعة من الأرض لاستقبال تلك المياه الجارية واستغلالها في زراعة أشياء مفيدة.
ويرى مختصون انه حان الوقت لإعادة الروح الى هذه المقاشم التي كانت توفر احتياجات صنعاء من الخضروات والى وقت قريب ؛ خاصة بعد ان سمعنا من الاخبار انه تم بالفعل البدء بزراعتها ولكن لازالت على نطاق ضيق جدا لم يشمل كافة المقاشم المتصحرة ولابد أولا من البحث عن مياه لزراعتها وهي اختبار لمدى استجابة الناس والجهات ذات العلاقة للتوجهات الهامة لقيادة الثورة فيما يتعلق بالزراعة ولنجعل من صنعاء انموذجا يحتذى به في كافة المناطق والمحافظات ولنجعل أيضا من هذه المدينة التي انهكها العدوان ودمر الكثير من مقوماتها لوحة جمالية خضراء نعيدها الى سابق عهدها مدينة حدائقية راقية . .

 

قد يعجبك ايضا