حي لم يمت!!

حسن شرف الدين
لم تمت يا شقيقي “محمد” فأنت حي في قلوبنا وقلوب أجيال تتلمذت على يديك ومحبين كثر توافدوا لتقديم واجب العزاء فادركنا حجم مكانتك الشاسعة في وجدان الجميع وانك مازلت وستبقى حيا في قلوبنا ماحيينا.
لقد أصيبت يدي بالإرهاق من كثر المعزين الذين توافدوا إلى صالة العزاء، واستمعنا إلى كلماتهم الجميلة والمنصفة بحقك وعن حُسن أخلاقك وكرمك وحبك للآخرين وإيثارك المعهود.
أحد المعزين قال إنه سيفتقد ابتسامتك التي لم تفارق وجهك حتى وفاتك.. إذ كان خبر وفاتك عكر صفوهم وأحزن فؤادهم.. فمنهم من سارع ليلا ليقف بجوارك لعل ملك الموت يرجع روحك وأنت في غرفة الإنعاش يحاول الأطباء استرجاع نبضات قلبك المنهك دون جدوى.
إحدى الممرضات كانت تخرج من غرفة الإنعاش بخطوات سريعة وتعود بخطوات أسرع تحمل في يديها مواد طبية تساعد الأطباء المسعفين في عملية إنعاشك.. سألتها: كيف الحالة التي في الداخل؟.. فأجابت: إلى الآن لا فائدة.. وعيناها محمرتان!!.
أخبرنا الأطباء بأنه لا جدوى من عملية الإنعاش وأنك يا أخي “محمد” فارقت الحياة وتوقف قلبك.. فدخلت إليك أنا وإخواني وزملاؤك لنراك ونرجو الله أن تعود إلينا.. لكن قضاء الله وقدره كان حائلا بين رجائنا واستجدائنا.
لم تحملن قدماي فجثوت على ركبتي بجوارك أتأمل وجهك النقي وأداعب خصلات شعرك بهدوء تام وصدري يكاد ينفجر من الحزن.. كنت أحدث نفسي إن شاء الله يكون حلماً مزعجاً ويأتي أحد أطفالي يوقظني من نومي الذي طال.. وكما يبدو أنه حقيقة مرة أتجرعها أنا ووالدي الذي وقف على رأسك يقبل جبينك ويدعو لك بالرحمة والمغفرة.
أعلم يا أخي محمد أن والدنا لم يقف لسانه بالدعاء لك وقراءة القرآن، كما أنه كان يصبر والدتي ويصبرنا معهم.. كان رحيلك عنا بمثابة مصيبة –نحمد الله تعالى عليها- حلت علينا كصاعقة شلت التفكير، مصيبة حركت شريط الذكريات منذ صغري معك المليئة بالأفراح والأتراح والمواقف التعليمية والتأديبية باسلوبك القرآني.
لم تفتقدك أسرتك فقط يا محمد.. الجميع افتقدوك، كل من عرفك افتقدك.. حتى الممرضة الذي حدثتك عنها قبل قليل افتقدتك أيضا هي وزميلاتها التي جاءت إلى غرفة الإنعاش وخرجت باكية، إنهن من طالباتك اللاتي درستهن في مدرسة السمح بن مالك للبنات.. كثير من طلابك وطالباتك افتقدوك.. تلفون المنزل لم يهدأ أيضا من كثر الاتصالات.. لم يصدقوا خبر وفاتك وكأنها كذبة إبريل في نهاية يوليو.. افتقدك زملاؤك الذين عملت معم في مدرسة الشهيد الكبسي ومدرسة السمح بن مالك والمنطقة التعليمية بمديرية الثورة وقطاع التدريب والتأهيل بوزارة التربية وقطاع التوجيه وكنترول الثانوية العامة.. لقد تركت أثرا كبيرا في نفوس الكثير والكثير من الناس.
“القاسم” طفلك الصغير ذات الـ 11 عاما كان يحاول مخاطبتك وأنت في المنزل بعد أن نقلناك من المستشفى إلى البيت لتنعم بالدفء وينظر إليك النظرة الأخيرة من أهلك ومحبيك، حتى ذهبت عنها إلى دار الخلود الدار الآخرة، والتي أسأل الله تعالى أن يجعل مثواك الجنة بجاه محمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

قد يعجبك ايضا