هكذا دمر العدوان المسجد التاريخي في جبل النبي شعيب

عبد الباسط النوعة

مر أكثر من أربعة أشهر من العام الثالث على هذا العدوان البربري الغاشم على اليمن وشعبه وخلال هذه المدة الزمنية الطويلة ارتكب الكثير من الجرائم المروعة التي استهدفت البشر بالمقام الأول واستشهد الآلاف من المدنيين عدد كبير منهم نساء وأطفال وامتد قصف الطيران إلى المنشئات الخدمية والطرقات والجسور والمساجد و و ؛ بل امتد بحقده إلى تلك المعالم والمواقع التي ظلت شامخة منذ عصور غابرة لتنقل لنا ملامح الحياة القديمة لأجدادنا العظماء .

على مدى أشهر العدوان الطويلة استمر القصف على معالم التراث الحضاري لليمن وخلف القصف الكثير من الدمار والخراب في العشرات بل قل والمئات من المعالم الأثرية والتاريخية إذا ما حسبنا لها تلك المنازل والمفردات التاريخية في المدن القديمة التي نالها نصيب من القصف والدمار فكل منزل فيها يعد معلما تاريخيا قائما بذاته .
وان كانت أشهر العامين المنصرمة قد شهدت وتيرة عالية لقصف هذه المواقع والمعالم العظيمة وخفت وتيرتها خلال الأشهر الأربعة من العام الثالث باستثناء ربما حالتين لعل الأبرز في شهر يناير الماضي حيث عمد العدوان إلى تدمير ضريح الإمام الشاذلي التاريخي في مدينة المخا بتعز ودمرها بشكل كامل .
هذه الجرائم بحق التراث لا ينبغي نسيانها لأنها جرائم الحاضر والماضي والمستقبل لهذا الشعب الأصيل ؛ ففي مثل هذا الشهر (أغسطس) من العامين الماضيين ارتكب فيهما العدوان جريمتين حضاريتين لا بد من التذكير بها واسترجاعها .
فقد شهد منتصف أغسطس من العام الماضي ٢٠١٦م قصف العدوان بغارة مباشرة واحدا من أقدم المساجد التاريخية في اليمن وهو مسجد جبل النبي شعيب في مديرية بني مطر بصنعاء هذا المسجد التاريخي الذي يعود بنائه إلى سنة ٣٨٨ للهجرة يحوي الكثير من النقوش والزخارف المنحوتة في مصندقات خشبية بديعة ؛ يميزه موقعه الرابض كقلعة شامخة في قمة أعلى جبل في شبه الجزيرة العربية ؛ ولا يوجد إلى جواره أو بالقرب منه أي موقع عسكري أو مظهر مسلح ؛ شأنه في ذلك شأن بقية المعالم والمواقع الأثرية والمدن التاريخية التي قصفها العدوان الغاشم .
دمار كامل
وبحسب هيئة الآثار التي أصدرت بيانا كعادتها عقب كل قصف لموقع او معلم اثري فإن نسبة الدمار التي حلت بالمسجد كبيرة جدا تجاوزت ٩٠٪ وتطايرت أخشاب وأحجار المسجد إلى مسافات بعيدة؛ وفي بيانها استهجنت هيئة الآثار استمرار مثل هذا الاستهداف الممنهجة لمواقع التراث اليمني ؛ داعية اليونسكو وكافة المنظمات المعنية بالتراث إلى الضغط على قوى العدوان لإيقاف الاستهداف بحق التراث اليمني ؛ إلا أن هيئة الآثار تناست أن تلك المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة ما هي إلا المحلل والمجمل لتلك الجرائم التي استهدفت البشر والحجر ولديها أذنان الأولى للدول والشعوب المستضعفة وهي صماء لا تسمع أنينها وصراخاتها والثانية للدول المستكبرة والاستعمارية وهي شديدة السمع لهمسات وإيماءات تلك الدول والأنظمة واللوبي الصهيوني بحق الشعوب التي يطلقون عليها نامية .
الضربة الأولى
أما في منتصف أغسطس من العام ٢٠١٥م عمد العدوان إلى توجيه الضربة الأولى (الخفيفة) على مدينة كوكبان التاريخية ولأن القصف جاء في حرم هذه المدينة العريقة والتاريخية ولم يسفر عن أضرار بالغة باستثناء مبنى نادي المدينة ومكتب المياه الواقعان خارج أسوار المدينة وتضررت نتيجة الاهتزازات التي ولدتها الضربة العديد من المنازل داخل أسوار المدينة التاريخية؛ وقلنا حينها ومعنا العديد من المختصين والمهتمين بالتراث (الحمد لله) لم يكن التأثير والأضرار كبيرة ؛ وكأن العدوان لم يرق له الأمر فقد خابت ضربته التي كان يستهدف بها في الأساس هذه المدينة وما هي إلا بضعة أشهر حتى جمع العدوان جم حقده على هذه المدينة واستهدفها بشكل مباشر وبغارات عدة أحدثت فيها الكثير من الدمار والخراب واستشهد الكثير من أهل هذه المدينة وسكانها وبحسب مدير فرع هيئة الحفاظ على المدن التاريخية في المحويت نبيل مقدام فان قلعة المدينة وبوابتها الأثرية الشاهقة والوحيدة وأجزاء واسعة من سور المدينة تدمرت بشكل كامل كما تدمرت في الغارات (٣٠) منزلا تاريخيا في هذه المدينة التاريخية التي نكبها العدوان الحاقد .

 

قد يعجبك ايضا