محطات في تجربة حركة التحرر الوطني الفيتنامية (2)

عبدالجبار الحاج
مرحلة حرب التحرير وهزيمة فرنسا وإقامة جمهورية فيتنام الديمقراطية ..حكومة هانوي .
وفي العام 1941م دعا هوشي منه رفاقه وعقد مؤتمر وطني عام.. وضع المؤتمرون أنفسهم أمام مهمات سياسية وعسكرية لمواجهة الإطماع الاستعمارية المتوالية على بلده ووضعوا أنفسهم أمام مهمة انجاز المؤتمر الوطني كإطار ناظم وقائد للمسيرة التاريخية اللاحقة وخرج بصيغة سياسية جامعة تحت مظلتها باسم الجبهة الوطنية المتحدة …
واشتدت المهمات العسكرية الصعبة وازدادت الحاحا في المهمة العاجلة والملحة المتمثلة اذاك ببناء، جيش تحرير وطني وعقد مؤتمرا عاما كان من ابرز نتائجه إقرار بناء نواة ما صار يعرف باسم ( الفيت منه ) ..والتي ستتخذ من شمال فيتنام وقراها ومدنها منطلقا لخوض حرب التحرير الوطنية .
وهنا تتعاظم المهمات من احتلال ياباني ثم بريطاني وفرنسي .
وخلافا لما يعتقد البعض فان حركة التحرر الفيتنامي نمت وتصلب عودها في خضم اعتماد قواها الوطنية النامية اعتمادا إمكانات ذاتية متخلفة وفقيرة ولم تحظى أو ترجو دعما منذ اللحظة حتى منتصف الخمسينات ..
ففي مؤتمر بوتسدام عشية نهاية الحرب العالمية الثانية توالت مؤتمرات دولية خلال عام 45 بين الثلاثة الكبار ستالين ووروزفلت وتشرشل تتقاسم الإرث الألماني أرضاً وسلاحا وتعويضا ..لم تكن فرنسا في وارد مشاركة الكبار السوفييت وأمريكا وبريطانيا في تقسيم النفوذ في ألمانيا واليابان بعد شهور من دخول السوفييت. .
ما بهمنا هنا هو وضع فيتنام وأين ولمن آلت ..
في الواقع أن الحصة التي آلت إلى فرنسا أو ما أعطيت لها من مؤتمرات يالطا على البحر الأسود أو وبوت سدام في ألمانيا قد تركت الفيتنام ضمن تحديد حصتها كما استنتج فكثيرا ما تظل اتفاقات الكبار طي الكتمان ولعقود أو قرون ذلك هو ما يدرك بالمهارة السياسية. والوقائع إذا غابت الوثائق ذلك تقديري من جهة أو من جهة أخرى أن قمم الكبار إذ ذاك قد غضت عنها الطرف تاركة حق العودة لفيتنام من نصيب فرنسا كامتداد لحصتها السابقة للحرب العالمية من عدمه لوضع الانتداب السابق للحرب العالمية الثانية ..من هنا نستنتج أن عودة فرنسا إلى فيتنام عشية استسلام اليابان لم يكن قرارا فرنسيا محضا قدر ما هو غض طرف من الثلاثة الكبار في مؤتمرات يالطا وبوتسدام .
ثم أن حساسية ستالين تجاه حقوق الشعوب في تقرير مصيره لم تكن لترقى لمفاهيم لينين المنحازة بقوة إلى جانب الشعوب. المقهورة ..
من هنا استنتاجنا أن الحركة الثورية الفيتنامية ظلت طيلة حربها التحررية مع وفي مواجهة الاحتلال الفرنسي والسيطرة البريطانية وغزوات السلب والنهب من إقطاعيات الكومانتنج جنوب الصين وعلى شمال فيتنام مباشرة في وضع يجعل كماشة القوى العسكرية. بعتادها وعدادها أمام المستحيل ألذ سيقهره الفيتنامون ويضعوه في عداد الممكن. وتقهر كل القوى الاستعمارية الكبرى …….
حرص هوشي منه منذ اللحظة الأولى على انحاز سلطته الثورية على الجغرافيا الفيتنامية التي كانت تلك اللحظة من عام 46 على إعلان حكومته الثورية وهي يومها تحالف وطني على شمال البلاد وعلى العاصمة هانوي وشكل الشيوعيون عمودها الفقري ..وفي ذات اللحظة عاود الاستعمار الفرنسي الواقعة فيتنام تحت انتدابه مع احتلال بريطاني كان موكلا له السيطرة على فيتنام حتى خط العرض 16 والتواجد البريطاني هنا كان يتولى مهمة القاعدة العسكرية الممولة لقوى الثورة المضادة في الصين بقيادة حزب الكوماتنج العميل ..
شكل هوشي منه حكومته عام وكان فونجيين جياب قد تسلم حقيبة الداخلية في أول تشكيلة حكومية وهو الموقع الذي اختاره له العم هو كما يحب شعب فيتنام تسمية ..
حاول هوشي منه إيجاد صيغة تسمح له بإقامة حكومة مستقرة في الشمال الفيتنامي وبحرص اشد التمسك المعلن بحق شعب فيتنام في تقرير المصير ..
كان المشروع الامبريالي العالمي بقواه الثلاث البريطاني الأمريكي والفرنسي يتحرك باتفاقات وتناغم عسكري على الأرض دعما وتمويلا وقيادة حينا وبروز تضاد وإطماع خاصة بكل دولة على حدة على رغم اتفاق دولي فيما بينهم صيغته وضع فيتنام تحت الوصاية الفرنسية ..
حاول هوشي وحكومة الثورية الجديدة عام 46 أن يحاول الجمع بين دولة في هانوي وحق معلن في تقرير المصير ..
قبل هوشي على مضض صيغة اتفاق مع فرنسا تقضي ببقاء ما بين 15 /25 جندياً فرنسياً في العاصمة والميناء الشمالي ..لمدة سنتين تقريبا بعدها تنسحب فرنسا ..
بدأ هوشي من خلال حكومته الشروع في بناء جيش وامن من الصفر وبالتالي الخوض في برنامجه الاقتصادي الاجتماعي في برنامج إصلاح زراعي يشكل نقطة قوته الشعبية في ريف فيتنامي يعتمد 90 ٪ من سكانه على الزراعة ..
وبدأ محاولا الإسراع في بناء الجبش تقول أكثر المصادر أن ثلاثمائة بندقية وثمانمائة جندي بين امن وجيش هو قوام قوته العسكرية وفي تطور متسارع في موازاة مهمات الحكومة الثورية الناشئة والطرية العود ..تسارع فيتنام إلى مضاعفة إعداد قواتها بإضعاف المتفق عليه فأيقن هوشي أن الاتفاق الذي قبله هوشي على مضض محاولا بناء دولته وقواه صار في مهب الريح وان المحاولة في تحاشي المواجهة الحربية مع قوى الاستعمار باتت في حكم الأحلام وان ليس أمامه سوى خوض معركته التي لا بد منها حتما أو وضع سيادة بلاده ..
وإزاء رفضه أي تواجد بزيادة عما كان ضمن الاتفاق أيقن أن الاتفاق مجرد خطوة أولى لاحتلال طويل ولا أفق له .فكان الصدام بين مقاتلين بالمئات وبأسلحة من بنادق جلها يدوية الصنع المحلي او قطع بندقيات متقادمة ..
وفي معركة غير متكافئة شنت البحرية وسلاح الجو وبشتى الأسلحة من الصواريخ خاض جياب المعركة التي استطاع الصمود فيها لشهرين وخسر الفرنسيون الآلاف بين قتلى وجرحى ..
وانسحبت الحكومة ا إلى. ..
شعر جياب أن من واجبه تجاه أول هزيمة عام 46 وفي أول معركة انهزم فيها خلال شهرين أن يقدم استقالته فردها إليه هوشي موليا إياه وزارة الدفاع وقيادة حرب العصابات في إطار ما أسميت بألوية وكتائب ألفيت منه ..لقاء صموده بأسلحة يديوية أمام اعتى قوة إذ لم تكن فرنسا فحسب من يقود المعركة بل كان السلاح الحديث والدعم الأمريكي والبريطاني السخي لفرنسا التي كانت تعاني فشلا تخشى منه أمريكا من تخليها عن فيتنام وتركها للمد الشيوعي عقب الحرب العالمية الثانية …

 

قد يعجبك ايضا