عندما تبكي السماء

مسيرة سنان
يمر الدخان ببطء بينما وجه أمي يعترف للتنور بأنه سوف يغدو عما قليل بقايا أسئلة لن يجيب عنها غير ذلك الرغيف الذي تخبزه فيه….
بسم الله..
ترفع بها أمي صوتها مجبرةً النار على خفض مستوى اشتعالها.. كيما تلصق بيدها قطعة العجين لتستعد لمضاجعة الاحتراق…
المطر في الخارج يجعل من اللحظات التي تجمعنا حول التنور سخية للغاية…
بينما السماء تعلن انقباض الماء والأرض تتمدد وتستعد للدفعة التالية من الخير؛
أنتظر بجانب الصحن الذي يحتفل بكرنفال العجين ،
حتى انتهاء أمي لعملية الخبز المعقدة تلك..
روائح الخبز تملأ جو مطبخنا الطيني، وعيون أمي غدت بلون الذكريات…
كانت تتقافز من عينيها سنوات عمري الغض تعانقني بنظراتها الدافقة فأتكاثر..
تعلم جيداً بأني ككل مرة أنتظر بجانبها وأفرد للانتظار أجنحتي وأنظر بعين معدتي إلى كل قطعة تدخلها التنور وتخرج التي قبلها…
أمد يدي خلسة لأخذ كسرة من الخبز الذي لم يبرد بعد لأودعه في أمانة معدتي الفارغة.
تدرك والدتي جيداً ما الذي تحيكه معدتي من مؤامرات على أقراص الخبز المنثورة أمامي..
من زاوية قلبها رأت كفي وهي تمتد ببطء ثم تعود خائبة ولم تزل ..
أبي كعادته يهيئ حولنا الصغير و يفتح للماء فرجات صغيرة كي يلتقي مع النبات ويقيمان عهد الاكتمال.
يتعهد الجدار ويسنده بدعوات تخرج من قلبه ليسمعها الله …
عندما كان المطر يهطل بغزارة كانت عيون الجدران تتهيأ للتصدع..
لم تكن السماء وحدها تبكي ،كان سقف منزلنا يشاركها الدموع..
كنت أسرع بجلب الأواني وجعلها باتجاه دموع السقف وأجلس في زاوية الدرج أرعي سمعي لصوت القطرات وهي تتساقط محتفيةً بالوصول.. أراقب كيف تحتفي تلك الأواني ببكاء السماء .

قد يعجبك ايضا