اليمنيون واحتيـاجات عيد الأضحى المبـارك.. ترشيد وبدائل متعددة

> في ظل استمرار العدوان والحصار

الثورة/ماجد السياغي
سبعون يوما هي المدة الزمنية الفاصلة بين العيدين “الفطر والأضحى”، وبين هذا وذاك لم يتغير المشهد كثيرا فاستمرار العدوان والحصار يثقل كاهل رب الأسرة خاصة من ذوي الدخل المحدود،فهذه المناسبة العظيمة تحتاج تلبية قوائم كثيرة لا تتوقف عند اقتناء «أضحية العيد» بل تتعداها إلى شراء الجديد ولا تنتهي عند حلويات العيد وفوق هذا تتزامن هذه المناسبة بدخول العام الدراسي الجديد وما يتطلبه ذلك من واجبات تسجيل ولوازم مدرسية خاصة بالأبناء.ولأنه يبقى أهم الأعياد لن تغير همجية العدوان من فرحة اليمنيين في اعياديهم الدينية فبرغم تراجع معدلات الدخل والقدرة الشرائية إلا أن كثيراً منهم لجؤا إلى بدائل كثيرة .
ولمعرفة كل هذا وأكثر “الثورة” قامت بهذا الاستطلاع فإلى التفاصيل :
أسواق متعددة
كثُر الحديث هذه الأيام عن كلمة (السوق) لدى غالبية الأسر اليمنية، و يشكل عيد الأضحى فرصة لانتعاش أسواق متعددة ومع بداية اول غسق من عشر ذي الحجة تنشط الحركة التجارية بشكل ملحوظ ومعها يبدأ موسم الهجرة الى الأسواق وان كان موسم يكبحه عدوان وحصار .
يشكل عيد الأضحى نسبة مهمة من رقم معاملات الفلاحين في الريف الذين تشكل لهم تربية الماشية مورداً مالياً هاماً هذه الأيام يساعدهم على تلبية احتياجاتهم العيدية.
حيث يقول الأخ فتحي الأعرج كثير من الأسر في الريف تهتم بتربية المواشي وتشكل رافداً اقتصادياً يساعدهم على تدبير أمورهم وأنا واحداً منهم حيث اهتم بتربية المواشي وأرعاها بشكل دائم وأقوم ببيعها على مدار العام ويزداد الطلب عليها مع قدوم واقتراب عيد الأضحى لذلك احرص على بيعها في سوق المواشي لبيع ما أمكن من رؤوس الأغنام فهو موسم انتظره طويلا.

رعاية واهتمام
أما الأخ شاكر أمين فقد قال أنا لست من أهالي الريف بل من سكان ضواحي المدن وأقوم بعد كل عيد أضحى بشراء عدد قليل من المواشي وخاصة الإناث منها الى جانب ما امتلك من رؤوس واحرص على تربيتها ورعايتها خلال العام فهي تكلفني كثير من الوقت والجهد والمال وخاصة شراء الأعلاف . ومع قدوم عيد الأضحى المبارك اذهب بها إلى السوق لبيعها وشراء ما يمكن توفيره من مستلزمات العيد .

بيع وشراء
وعن هذه الجزئية يقول الأخ طارق منصور مع حلول عيد الأضحى أنتظر منذ الصباح الباكر في سوق المواشي القادمين من الريف لشراء عدد من الأغنام لبيعها والحصول على أرباح تساعدني على الوفاء بالتزامات العيد أمام أسرتي إلا أن الأسعار ارتفعت عما كانت عليه في السابق .ويعلل ذلك بالقول الأمطار التي من الله بها علينا هذه الأيام وفرت الكثير من التكاليف على أصحاب المواشي حيث قل شراء الأعلاف وغيرها مما قلل تكاليف التربية لدى ملاك المواشي إلا أن الأسعار لم تنخفض .
أما الأخ توفيق عبدالكريم الذي أفاد لنا انه يعمل في نقل وتسويق المواشي منذ فترة طويلة فقد قال طبيعة عملي طرأت عليه العديد من العوامل أضافت أعباء مالية أهمها ارتفاع أسعار البترول والمشتقات النفطية نتيجة لما نتعرض له من عدوان وحصار وهو ما ضاعف من تكاليف النقل وللتخفيف من حدة الوقوع في خسائر لجئت إلى إضافة ارتفاع تكاليف النقل اثناء عملية البيع بشكل يضمن عدم خسارتي حتى ولو بأرباح اقل مما كانت عليه في السابق .
وهذه الأيام التي تسبق عيد الأضحى تنشط فيها حركة نقل المواشي من محافظة الى محافظة إلا أن هذه الحركة لم تعد كما كانت عليه في السابق.

حلول وبدائل
الأخ عبدالله مقبل ( تاجر) أوضح أن أسعار السلع والمنتجات المعروضة هذه الايام من المتوقع عدم انخفاض أسعارها بسبب تنامي الطلب عليها مع قدوم عيد الأضحى المبارك.
ويضيف : رغم تراجع القوة الشرائية عند المواطن مقارنة بالأعوام السابقة الا أن ارتفاع الطلب ولو بشكل ملحوظ هو ما جعل أسعارها ترتفع ناهيك عن ارتفاع أجور نقل البضائع وتراجع هامش الربح عند التجار الذين يسعى العديد منهم من ضعاف النفوس الى تعويضه على حساب المواطن الذي لا يحسده احد على وضعه المادي .
تراجع النشاط والحركة التجارية وارتفاع أجور النقل وتراجع معدلات الدخل بمستويات قياسية وكذلك تأخر صرف أجور ورواتب الموظفين هذه العوامل مجتمعة او منفردة الناجمة عن العدوان والحصار دفعت الأعم الأغلب من اليمنيين الى الترشيد والبحث عن عدد البدائل أمام شعيرة اضحية عيد الأضحى المبارك والمتطلبات الاخرى من ملابس وحلويات وأشياء كثيرة .

مشاركة وتقاسم
يقول الأخ عادل عزيز “موظف حكومي ” منذ تأخر صرف الراتب وتراجع معدلات الدخل قمت منذ عامين انا وثلاثة من جيراني وهم موظفين مثلي بالاشتراك في قيمة (كبش العيد)وتقاسم الأضحية وبهذا الإجراء اوجدنا بديل يجمع الجيران ببعضهم ونشارك بعضنا اضحية العيد وفرحته .
الأخ عبد الرحمن سعيد يعمل خياطاًيقول ما يهمني اليوم هو ان ارى أولادي يلبسون الجديد ومن مهنتي في الخياطة ضمنت لهم ملابس تليق بهم اما الأضحية فيعلم الله ان شرائها صعب مقارنة بدخلي والتزاماتي ومع ذلك انعم الله علينا بأحد الجيران الميسورين الذي يقوم في كل عيد اضحى بذبح ثور او اثنين لتوزيعها على الجيران وانا واحد منهم .
وفي نفس السياق يقول أحمد سعد الله الذي يعمل في بسطة للخضار انه لا يُقبل على شراء ملابس العيد هذه الأيام وإنما يقوم بتوفير ما امكن منها خلال بداية شهر رمضان أوقبله بأيام لأنها تمثّل له فرصة مناسبة من خلال انخفاض أسعارها النسبي الذي يتضاعف ماقبل قدوم العيد . وأضاف سعد الله: ان الملابس التي يشتريها لأولاده لا يتم استهلاكها بعد عيد الفطر وإنما يقوم بعد خمسة أيام من العيد بالاحتفاظ بها إلى عيد الأضحى المبارك ليفرح أولاده بها ويعلل ذلك بزيادة مصاريف أسرته الكبيرة وعدم قدرته على اقتراض مبالغ يعجز عن الالتزام والوفاء بها .وعن اضحية العيد فقد قال عنها سعد الله والدتي تعيش في الريف وتهتم بتربية الماشية ومع حلول عيد الأضحى من كل عام تقوم بإرسال الأضحية الى بيتي الذي اسكنه بالإيجار في المدينة مع أحد أبناء القرية ممن تتوفر لديه وسيلة نقل.

توزيع أدوار
اما الأخ سمير البار يحكي لنا بدائل مبتكرة حيث قال السلع والمنتجات المعروضة في الاسواق هذه الأيام لاتتناسب أسعارها مع قدرتي الشرائية حتى مع وجود التخفيضات والملابس الرخيصة لتكون المحصلة اقتراض مبالغ إضافية لااستطيع تحملها في حالات كُثر فقبل العدوان كنت اسكن انا واثنين من اخوتي في بيت واحد ولكن كل منا لديه مطبخ مستقل ومع استمرار العدوان والحصار المتلازمين وانقطاع الرواتب قررنا ان يكون المطبخ واحداً فما ان اصبح واحداً قمنا بتوزيع الاحتياجات والمطالب لأفراد العائلة ومع قرب عيد الأضحى التزمت بتوفير ملابس الأولاد وأخي الأوسط التزم بتوفير المستلزمات الضرورية من قمح ودقيق وسكروزيت اما الأخ الأصغر فيجمع هذه الأيام مبلغ لشراء الحلويات وعطر العيد وعن اضحية العيد فجميعنا ينتظر قدومها مع والدي ووالدتي من القرية كتقليد سنوي نجتمع فيه نفرح ونضحي كل عام .

اسرة منتجة
ولكي تكتمل مضامين الصورة يروي لنا عبدالله منصر حكايته مع توفير احتياجات ومتطلبات عيد الأضحى وما يتبعه من التزامات يقول اعمل أستاذا منذ اكثر من 15 عاماً واليوم وبعد مرور اكثر من عامين على العدوان وتداعيات الحصار الظالم بحثت عن عمل خاص لفترة مسائية بعد عملي في المدرسة صباحا وذلك للحصول على مبلغ من المال لسد رمق أفراد أسرتي والحمد لله اعمل اليوم في احد محلات بيع الجملة وما اتقاضه من راتب اشتري به مواد أساسية من أكل وشرب اما كسوة الأولاد بالجديد فقد أعطاني صاحب العمل مبلغاً جيدا يتم خصمه من راتبي بالتقسيط المريح والحمدلله الأولاد لديهم ما يحتاجون من ملابس العيد لهذه المناسبة العظيمة .
ويتابع منصر : ما يهمني بعد عيد الأضحى هو دراسة أبنائي التي تحتاج الى مبالغ لا يستهان بها الا ان هذه الجزئية من الالتزامات حملته عني زوجتي التي تقوم بصناعة البخور والمبالغ التي يتم تحصيلها تذهب لما يتطلبه ذلك من واجبات تسجيل ولوازم مدرسية خاصة بالأبناء.
اما ما يخص اضحية العيد فقد انعم الله عليا بوالدتي التي تعيش معنا في البيت الذي يوجد به مساحة صغيرة استثمرتها والدتي لتربية ماشيتين ماعز وشاه تعطيان لنا الحليب وكفايتنا من اضحية العيد التي نحرص مشاركتها مع الأهل والأقارب والجيران .

تكيف وإصرار
لم يمنع العدوان الذي بلغ عامه الثالث،المترافق بالحصار الاقتصادي الجائر على الشعب اليمني، من تكيف المواطن مع التغييرات الكثيرة والتأثيرات التي طالت نواح مختلفة في حياته اليومية المعيشية منها والاجتماعية وغيرها الكثير. فثمة أنماط جديدة للتكيف ومتابعة الاصرار على الحياة يمد من قوتها الصمود والمواجهة،فمحاولة التضييق والتجويع لن تزيدنا إلا صلابة وقوة وثباتاً حتى يتحقق النصر الذي نراه بإذن الله آت لا محاله …

قد يعجبك ايضا