الثورة الحقيقية

حمدي دوبلة
اليوم تكمل ثورة الـ26من سبتمبر المجيدة عامها الـ55بالتمام والكمال وغدا ستبدأ أول أيام عامها السادس والخمسين.
وبكل إنصاف وتجرد فقد حققت ثورة سبتمبر خلال هذا العمر الطويل الكثير من النجاحات والانجازات على طريق تحقيق أهدافها الستة الشهيرة لكنها بالمقابل سجلت إخفاقات وتعرضت لانكسارات عديدة طوال العقود الماضية ولعل أسوأ وأخبث تلك الأخطاء الفادحة التي وقع فيها الثوار المتعاقبون بأنهم سلًموا الثورة وأهدافها وكل قيمها ومضامينها ومبادئها وأهدافها وقدموها لقمة سائغة للعدو الحقيقي الذي ناصبها العداء من أولى لحظات ولادتها وشن حربا ضروسا استمرت لسنوات طويلة في سبيل وأد الحلم اليمني في مهده وظل هذا العدو اللدود ولايزال العقبة الكبرى أمام حق الشعب اليمني في الحياة والنهوض الحضاري وفي استغلال ثرواته وفي قراره الوطني والسبب في ذلك أن الثوار القدامى وبعد حرب الثورة السبتمبرية ضد نظام آل سعود في ستينيات القرن الماضي سلموا زمام أمرهم وأمر الثورة للعدو الحاقد وهو ماجعله يبالغ في التنكيل باليمنيين وفي التحكم بالوطن ليجعله وأبنائه في حالة استعمار دائم ومجرد حديقة خلفية لقصور أمراء وطغاة الرياض فكان القرار السيادي اليمني طيلة العقود الماضية للأسف الشديد في وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الحال في عهد الأئمة وعصور التخلف والاستبداد ليأخذ التخلف والتبعية أشكالا مختلفة في العصر الثوري الجديد وهذه هي الحقيقة المرًة التي علينا أن نعترف بها أولا قبل ان تتكاتف الأيدي مجددا للتحرر والانعتاق الشامل من عباءة ذلك النظام الرجعي القابع في صحاري نجد والحجاز.
وبصراحة القول فان ما سُمي بثورات الربيع العربي والذي نلنا نصيبا من مصائبه ولا نزال نعاني الويلات منه ومن تداعياته قد أعاد إلى الأذهان تساؤلات عميقة ومنطقية عما قيل ومايقال عن مثالية وسمو ونبل الثورات الشعبية والجماهيرية السابقة واللاحقة وجعلنا نؤمن هنا في اليمن بان ثوراتنا المجيدة قديمها وحديثها لابد ان تصحح مسارها وأن توجًه بصورة واضحة وضوح الشمس باتجاه التحرر الكامل من تبعية العدو السعودي والتخلص من عقدة التطلع إلى أمواله وثرواته والعمل الدؤوب للاعتماد على النفس في بناء الوطن دون النظر إلى أي اعتبارات خارجية فلقد كشف لنا العدوان السعودي العالمي المتواصل منذ عامين ونصف العام حقائق كثيرة عن مكنونات ونوايا وأحقاد النظام السعودي تجاه اليمن وكل من ينتمي إلى هذه الأرض وهي الحقائق التي كان السواد الأعظم من اليمنيين يجهلها وخاصة من أجيال مابعد الثورات اليمنية المجيدة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر لكن اليوم وقد زال القناع وانكشف المستور وبعد ماقدمه اليمنيون من تضحيات جسيمة فليس لنا جميعا من خيار غير مواصلة ثورة التحرر من سيطرة وتحكم تلك الآفة الموجودة في الجوار.
وأخيرا لابد من التأكيد هنا بأن لا استقلال ولا كرامة ولا نهوض ولا رقي لهذه الأمة اليمانية العظيمة إلاّ بانعتاق كامل ونهائي من تبعية العقل والعقال السعودي وبدون تحقيق هذا الهدف المشروع والحق الإنساني النبيل سنظل نراوح مكاننا مهما تعددت ثوراتنا ومهما اختلفت مسمياتها وتواريخ حدوثها وكل عام والوطن بخير وصمود وسلام ونصر قريب بإذن الله تعالى.

قد يعجبك ايضا