جهود مضاعفة..وآليات لكشف حالات الغش

“الثورة” تواكب سير عملية تصحيح امتحانات الشهادة الثانوية..
تحقيق/ سارة الصعفاني
محذوفات وأسئلة امتحانات تراعي كثيراً ظروف التعليم في ظل العدوان والإضرابات والأزمات التي تعصف بالبلاد، وغش خفي ومعلن يليه بذل جهود كبيرة في عملية تصحيح امتحانات الثانوية العامة لإعطاء كل طالب ما يستحقه بناء على ما دوّن في دفتر الإجابات باعتبار معدل الثانوية العامة خطوة باتجاه تحديد المستقبل لكن المعدلات أصبحت مرتفعة لا تعكس بالضرورة المستوى الحقيقي للطالب في ظل تفشي الغش وتدهور جودة التعليم ما فاقم أزمة المقاعد المحدودة والمدفوعة في الجامعات.
في السنة الماضية وبخلاف المعتاد ترشح مائتا طالب وطالبة لمراكز أوائل الثانوية العامة ، ما دفع لجان التقدير لبذل جهود إضافية لتصفية هذا العدد الكبير لاختيار عشرة أوائل حد المفاضلة في جماليات الخط كون الإجابات مثالية متشابهة، هذا ما قاله نصر محمد العبسي مستشار ومشارك في تأليف مادة الرياضيات رئيس لجنة الإشراف على المادة .
وعن كيفية التعامل في حال اكتشاف لجنة التقدير وجود غش يقول العبسي: في حال وجود غش واضح مثل تشابه في الخط، وتماثل في حل جميع الأسئلة تُرفع محاضر رسمية بتوقيع المقدّرين ومراجع ومشرف اللجنة ومشرف المادة إلى اللجنة الأساسية.. وجدنا هذه السنة ذات الإجابات بالحرف ورمز معين (#) في جميع دفاتر حل مادة الرياضيات قادمة من إحدى المحافظات !
ويؤكد العبسي أن كل طالب يأخذ ما يستحقه بناء على إجاباته حيث يقول: الأخطاء في التقدير وجمع الدرجات تكاد تكون معدومة، والمقدِّر الذي يقوم بتصحيح إجابات الامتحان لابد أن يكون معلماً لصف ثالث ثانوي، ومن يجمعون الدرجات هم في الأساس معلمو ثانوية اكتسبوا خبرة مشاركة في مجال التقدير تصل لـ خمسة عشر عاماً، والمراجعين والمشرفين موجهين في الأساس.
متابعاً: يشترط أن يجيب كل معلم مشترك في لجنة التقدير على جميع الأسئلة في كل نموذج وتقارن الإجابات لاستيعابها، ويسرد المشرفون والمراجعون بالتفصيل التعليمات لجميع مقدري كل سؤال حتى يتم توحيد نمط التقدير مع اشتراط وضع كل معلم إجابات النماذج أمامه عند تصحيح الأوراق.

مشكلة الرياضيات
ويقيّم رئيس لجنة الإشراف على مادة الرياضيات مستوى الطلاب في هذه المادة قائلاً : للأسف هناك ضعف واضح في مستوى الطلاب في مادة الرياضيات نتيجة حذف موضوعات هامة جداً في الصفوف السابقة ، ضعف استيعاب عدد لا بأس به من المعلمين لمادة الرياضيات ونقص معرفتهم بطرق التدريس ما يستوجب إقامة دورات تدريبية مكثفة، وبالطبع هناك استهتار كبير من قبل الطلاب حد عدم حفظ جدول الضرب حتى في الصفوف المتقدمة !
مضيفاً: لابد من تفعيل دور الإشراف التربوي وإعادة النظر في نظام الامتحانات.. يكفي أن أرقام الجلوس ما تزال تطبع أثناء أيام امتحانات وزارية !
آليات اكتشاف الغش
من ديوان عام وزارة التربية والتعليم قال أحمد الإبي رئيس مادة الكيمياء: هناك حالتان للغش الممكن اكتشافه .. عندما تأتي الإجابات بخط شخص واحد، اكتشفنا هذه السنة في مادة الكيمياء إجابات (25) طالباً بنفس الخط، أو تأتي الإجابات متشابهة لكن بخط مختلف، هنا مسؤوليتنا رفع تقرير عن حادثة الغش، وبناء عليه يجب أن تحجب درجات هؤلاء لكن المشكلة باقية فليس بإمكاننا كلجنة تقدير تتعامل مع ورق سوى معرفة الغش الذي يكشف نفسه في حين هناك غش خفي ومعلن في لجان امتحانية ..
وتابع الإبي :كنت هذه السنة في مهمة إشراف في الجوف، وجدت هناك حالات غش واضحة شخص يمتحن بدل طالب بذريعة أن الطالب يجاهد في الجبهات، أيضاً تصوّر أسئلة الامتحانات من القاعات، وكأن الأمر اعتيادي وتعود الإجابات من متخصصين في الأمانة والمحافظات !
متابعاً: ما يحدث يستوجب فرض رقابة مشددة ، والتفاعل مع تقارير المشرفين الموفدين للمحافظات لمراقبة سير امتحانات الثانوية العامة، وتوقيف الاتصالات مكالمات وإنترنت لمدة ساعتين كما تفعل بلدان العالم الراغبة في منع الغش.
وكنتيجة حتمية جاءت نتائج الطلاب في المحافظات مرتفعة جداً بخلاف العادة وظلم الطلاب في الأمانة، ربما اللجنة العليا للاختبارات حين تجد المعدلات مرتفعة في محافظات معينة عرف عنها تدني المستوى العلمي على الأغلب تخفض المعدلات لتصبح واقعية.
وأضاف: بلغ عدد الطلاب المتقدمين للامتحان 169 ألفاً وثمانمائة طالب وطالبة، وتتمثل مهمتي بالإشراف على سبع لجان تقدير، كل لجنة مكونة من ستة مقدرين بعدد أسئلة امتحان الكيمياء، يقدّر كل معلم إجابة سؤال فقط، ويتكفل آخر بجمع الدرجات ، وثالث يراجع الإجابات والرصد ، ولكل مجموعة مشرف من الموجهين يتابع عملية التصحيح، وعلى رئيس المادة مراقبة الجميع وأخذ عينات ورق من كل المشرفين للتأكد من عدم وجود أخطاء .. أنجز في الكنترول بمعدل ثمانية آلاف ورقة في اليوم بخلاف السنوات الماضية، وهناك تعاون من الكنترول وحذف لفواصل التأخير غير المبرر الذي كان يحدث في السنوات الماضية ما دفعنا لسرعة الإنجاز.
ومتحدثاً عن دوره في اللجنة يقول عبد القادر الكبسي مشرف مادة اللغة العربية : بعد أن تمت عملية التصحيح والمراجعة وجمع الدرجات يتمثل دوري كمشرف في مراجعة جميع أوراق مادة اللغة العربية على مستوى تقدير المادة العلمية والتأكد من وضع درجات لجميع الإجابات والجمع الكلي.

شبكات داعمة للغش
من جهته يقول رئيس لجنة النظام والمراقبة للشهادة الثانوية :
يشرف على تصحيح امتحانات وزارة التربية والتعليم الكفاءات من الموجهين ورؤساء المواد ومعلمين انطبقت عليهم شروط الأفضلية في حينها وعددهم 680 معلماً ومعلمة يدرّسون الصف الثالث ثانوي كشرط أساسي.
وعن كيفية التعامل مع محاضر الغش وتقارير لجنة التقدير قال: بموجب ما يصلنا من محاضر وبلاغات غش من مراكز امتحانية أو مشرفين يتم اتخاذ الإجراءات بحسب ما حدد في اللائحة من حرمان وتخفيض درجات .. هذه السنة أرفقت مع محاضر الغش أجهزة هواتف لا سلكية واكتشفت لجنة التحقيقات وجود شبكة واسعة في إطار الأمانة من المعلمين والطلاب الداعمين للغش.
مضيفاً: هناك شعور بالمسؤولية الوطنية من قبل القائمين على العملية التعليمية وجهود كبيرة خفية تُبذل لإنقاذ التعليم خاصة هنا في الكنترول رغم شحة الإمكانيات حد عدم وجود قرطاسية وغياب المستحقات حرصاً على إعطاء كل طالب ما يستحقه لكن تظل المشكلة قائمة في بعض المحافظات حيث لا تقوم مكاتب التربية وأحياناً جهات أمنية بواجبها، في مشكلة الغش هناك مساندة في اقتحامات مراكز امتحانية، وتغاضي عن ممارسات تستوجب المحاكمة.
ختاماً :
يعاني التعليم من اختلالات عميقة متشابكة إلا أن هناك جهوداً مضاعفة لإنقاذه لكنها جهود شبه ضائعة كونها تعالج نتيجة ما وتغفل المسببات .

قد يعجبك ايضا