إعلان السودان عن خسائره في اليمن.. محاولة ابتزاز أم بداية انسحاب؟

 

للمرة الأولى منذ بداية العدوان السعودي على اليمن في مارس عام 2015، أعلن السودان عن خسائره الناتجة عن مشاركته مع السعودية والإمارات في معاركهما داخل المستنقع اليمني، مما أثار صدمة داخل الأوساط السودانية خاصة تلك المعارضة للمشاركة في الحرب، كما أثار تساؤلات حول توقيت الإعلان، خاصة بعد طول صمت وتحفظ من قبل القيادات السياسية والعسكرية في الخرطوم.
الإعلان السوداني أثار حفيظة العديد من المعارضين داخل الأوساط السياسية السودانية، خاصة أن الجيش السوداني دأب على التكتم على عدد قتلاه في اليمن، إذ لم يعلن منذ بداية مشاركته في الحرب إلا عن مقتل أعداد قليلة من منتسبيه المشاركين في العدوان، فجاء الإعلان الأخير ليشكّل صدمة كبيرة في كل من الخرطوم وصنعاء على السواء، إذ فاق الرقم مجموع ما أمكن تعداده من البيانات المتفرقة للجيش اليمني واللجان الشعبية عقب كل معركة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأصوات المنددة التي اتهمت الرئيس عمر البشير، بالتضحية بدماء شعبه وجيشه.
توقيت الإعلان
كما أثار توقيت إعلان القيادة السودانية عن حجم الخسائر البشرية في اليمن تساؤلات كثيرة في الأوساط السياسية، فالخرطوم أمضت عامين ونصف تحاول التكتم على حجم الخسائر، فلماذا خرجت الآن بهذا الإعلان بشكل مفاجئ؟
يرى مراقبون أن الحرب في اليمن أصبحت الآن تمثل كابوسًا على السودان كما هو على السعودية والإمارات، لكنه مستمر فيها بأوامر أمريكية غير قابلة للمناقشة، ويبدو أن القيادة السودانية اختارت اللعب ببعض أوراق الضغط بعد أن أدركت جيدًا أنها زجت بشعبها وجيشها في مستنقع بات يعرف حاليًا بـ”الرمال المتحركة” التي بات الخروج منها شبه مستحيل، وربط البعض هذا الإعلان ببداية التمهيد السوداني للانسحاب من المستنقع اليمني.
من ناحية أخرى، ربط البعض الإعلان السوداني الأخير بمحاولة ابتزاز السعودية والإمارات وأمريكا، حيث استفاقت الخرطوم على حقيقة أنها لم تجنِ شيئًا من مشاركتها في تحالف العدوان السعودي، ولم تحظ بتقدير يدفعها لتقديم مزيد من الأرواح استجابة لنداءات لا تحظى باحترام المجتمع الدولي، فالخرطوم دفعت ثمنا ماديا وبشريا كبيرا للرياض وأبوظبي وواشنطن، ولم تجنِ سوى القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشطب السودان من قائمة حظر الدخول إلى أمريكا، لكن مسألة رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، وهي المطلب الرئيسي للبشير، لا يزال مصيرها غامضا، ومن ثم فإعلان السودان عن حجم خسائره في اليمن ربما يكون ورقة ضغط تلوح بها الخرطوم في وجه السعودية والإمارات لممارسة ضغوط على الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن السودان، خاصة أن الإدارة الأمريكية يفترض أن تبت في هذا الشأن في 12 أكتوبر الجاري، وكانت الولايات المتحدة قد أرجأت البتّ في قرار رفع العقوبات عن السودان بشكل دائم إلى أكتوبر المقبل، وذلك بعد انتهاء مهلة الستة أشهر التي منحتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، للخرطوم لمعالجة مخاوف واشنطن بعد رفع العقوبات مؤقتًا مطلع العام 2017.

قد يعجبك ايضا