خريف قاس لطائرات العدوان في سماء اليمن

الدفاعات الجوية اليمنية تصدم قوى الاستكبار بمسلسل اسقاط أحدث طائراتها التجسسية والقتالية
¶ الريبير (MQ-9) والدرونز والمفترس تقتل المدنيين الأبرياء تحت ذرائع الإرهاب الذي انتجه الغرب بأموال الخليج

تحقيق/ جمال أحمد الظاهري

بات دور الطائرات بدون طيار يشغل الحيز الأكبر في أذهان المحللين والخبراء العسكريين نظراً لما حققته من التقدم التقني الهائل والخادم لقوى الشر والاستكبار في قتل البشرية، وبحكم الإمكانيات العملياتية والمعلوماتية التي توفرها للجيوش. إذ يجمع الخبراء على أن تأثير هذه التكنولوجيا في المجال العسكري يفوق ما أسفرت عنه الأسلحة الصاروخية النووية، وأن هذه الطائرات، تمثل مستقبل القوة الجوية للجيوش المتقدمة.. لكن في المقابل يبقى لسلاح الصواريخ والتصنيع العسكري رأي آخر ومكانة خاصة في قلوب الجميع لأنهم المتنفس الذي يفرغ وينفس من غضبهم ويثلج صدورهم حين ينالون من العدو الذي استقوى بأسلحته الحديث وأمواله التي يشتري بها المواقف الدولية والشخصية.
مؤخرا وبعد ما يقارب العامين والنصف من العدوان والحصار انضم إلى الركب رجال الدفاع الجوي الذين كانت صدورهم تغلي نتيجة لفارق التسليح ولعدم امتلاكهم القدرة على أدائهم للدور المنوط بهم المتمثل في الذود عن سيادة الأجواء اليمنية وإحالة غرور ربيعية هذه الصناعة القاتلة إلى خريف قارس تساقطت تحت صرامته عشرات الطائرات في الأراضي اليمنية.. كما أن المواكبة لتطور هذه الصناعة لم تكن بمنأى عن متناول خبراء التطوير من وحدات قواتنا الدفاعية الجوية..
البشارة كانت بتاريخ 41 سبتمبر 7102م وعبر حديث متلفز تحدث قائد الثورة السيد/ عبدالملك الحوثي عن إنجازات الجيش اليمني في المجال الصاروخي – الباليستي والطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي, وأعلن يومها عن تطور نوعي في مجال الدفاع الجوي الصاروخي.
لم تمر غير أسابيع حتى ترجم حديث قائد الثورة على الواقع عبر استهداف وإسقاط مفخرة سلاح الجو الأمريكي الطائرة بدون طيار من طراز (MQ-9 ريبير) في سماء العاصمة صنعاء بواسطة صاروخ لم يعلن عن اسمه, ولكن سكان صنعاء ومن يومها استطاعوا النوم دون أن يزعجهم طنين محركاتها.
(الثورة) ولأهمية الحدث تقدم هذا التقرير الذي يلقي الضوء على بعض الزوايا المظلمة في هذا المجال كي يستوعب من لم يقدر أهمية الإنجاز الذي حققته الدفاعات الجوية, ومفاعيل إسقاط هذا النوع من الطائرات التي يرشحها الخبراء لأن تلعب الدور المحوري في حروب المستقبل القريب.. نتابع:

البداية وبصواريخ هيلفاير من طائرة بريداتور RQ-1 كانت في نوفمبر 2002م وقتل يومها ستة يمنيين يشتبه في انتمائهم إلى القاعدة في محافظة مارب وكان من بين القتلى أبو على الحارثي… وعن ذلك نشر جيم هينينغ وهو باحث أمريكي بارز غير مقيم في مركز دراسات الرئاسة والكونجرس والمدير السابق للشؤون القانونية في مشروع إصلاح الأمن القومي في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز إنه منذ الهجوم الضاري الذي وقع على تنظيم القاعدة في اليمن خلال شهر نوفمبر عام 2002م- وهو أول استخدام معروف لهجوم طائرة بدون طيار خارج ساحة الحرب.
الإرهاب (كلمة السر)
محاربة الإرهاب كان البوابة الرئيسية لاستخدام هذه الطائرات في ضرب أهداف على الأرض اليمنية, في إطار ما عرف بالتعاون بين اليمن والولايات المتحدة في محاربة الإرهاب, وقد أقرت الحكومة اليمنية بذلك وببدء عمليات الطائرات بدون طيار في عام 2004م, ثم أتى (الفار) هادي ليكشف في كلمة له أمام طلبة أكاديمية الشرطة 22 أغسطس 2013م في صنعاء عن تطور هذا التعاون وعن مسعِاه لتزويد الجيش اليمني بهذه الطائرات.
وعن هذا الأمر يقول أوباما (أنه انتهج هذه السياسة لأنها أقل كلفة ولا تعرض الجنود الأمريكيين للخطر؟), ولذا فقد استخدمها بكثافة وفي أكثر من بلد – أفغانستان وباكستان والعراق واليمن وليبيا والصومال على سبيل المثال.
من جانبه برر أوباما في كلمة ألقاها شهر مايو 2013م استخدام الطائرات دون طيار قائلا إنها الوسيلة الأقل كلفة من الناحية البشرية والمادية لمواجهة الخطر الخارجي الذي يواجه بلاده, وحينها كان قد بلغ عدد العمليات المعلن عنها لطائرات دون طيار في اليمن بين الـ54 و64 عملية, قتل فيها ما بين 268 إلى 393 شخصاً، بينهم طفلان، بحسب تقارير صادرة عن الحكومتين اليمنية والأمريكية.
أشهر الهجمات
من أشهر الهجمات الإجرامية التي نفذت بهذا النوع من الطائرات الضربة الأمريكية التي استهدفت حفل عرس في الثاني عشر من ديسمبر 2013م, حيث أطلقت أربعة صواريخ (هيلفاير) على قافلة مكونة من 11 سيارة وشاحنة بيك آب في رداع, وقتل نتيجة الغارة ما لا يقل عن 12 رجلاً وأصيب 15 آخرون على الأقل، ستة منهم كانت إصاباتهم جسيمة.
وحتى اليوم لم تقر الحكومة الأمريكية بشكل رسمي بأي دور لها في الهجوم، لكنها قالت بصفة غير رسمية للإعلام إن القتلى كانوا متطرفين، وأن العملية استهدفت عضواً بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية هو “أشد المطلوبين”، وقد أصيب وهرب.
حينها قالت (هيومن رايتس ووتش): أن القافلة كانت عبارة عن موكب عرس, وبعد أن أجرت تحقيقاً في الحادث طالبت الأمم المتحدة بإجراء تحقيق في الحادث وخاطبت الحكومتين اليمنية والأمريكية واتهمتهما بعدم الالتزام باتخاذ الاحتياطات والإجراءات التي يجب إتباعها في محاربة الإرهاب, وعدم قانونية الهجمات التي عددت بعضا منها.
وقالت المنظمة: إن الإخفاق في الإقرار علناً والتحقيق في الهجمات التي تؤدي إلى خسائر في صفوف المدنيين لا ينتهك فقط الالتزامات القانونية الدولية المترتبة على الولايات المتحدة، بل إنه يُظهر أيضاً عدم استعدادها للتصدي للأضرار اللاحقة بالسكان المدنيين في اليمن.
ومن نتائج هذه الضربة أن صوت البرلمان اليمني بعد يومين على قرار غير مُلزم بحظر الغارات الأمريكية بطائرات بدون طيار، ولم تقم حكومة الرئيس هادي بالتصرف بناء على القرار.
(الريبير) الأغلى والأحدث عالميا
طائرتا البريداتور predator والريبر reaper هاتان الطائرتان بدون طيار من صنع جنرال اتوميكس بمدينة سان دييجو، وقد بدأت الريداتور العمل في القوات الجوية الأمريكية عام 1994م, واستخدمت نهاية التسعينيات من القرن الماضي في أفغانستان للاستطلاع والمراقبة, وتستطيع الطيران المتواصل لمدة 40 ساعة. وينسب لهذا النوع من الطائرات ضربها في 5 نوفمبر 2002م سيارة دفع رباعي في اليمن نجم عنها قتل 6 أشخاص… اليوم ونتيجة لما أدخل من تطوير وتحديث على جيلها الحديث وعلى التقنيات والبرمجيات التي تستخدمها طائرات اليوم يعتبر تسليحها محدودا حين تقارن بخليفتها (الريبر MQ-9) التي يمكنها إطلاق الصواريخ الموجهة بوزن 225 كيلوجرام, وهذه (القنابل) هي صواريخ من النوع الذي تستخدمه المقاتلة ف-16.
تطويرها
قامت شركة (جنيرال أتوميكس) عام 2000م بتطوير طائرتها بدون طيار من نوع MQ-1 بريداتور لتصبح أكبر وأشد قدرة على حمل القذائف لاستخدامها في حرب أفغانستان, أول طيران لها في 2 فبراير 2001م، وتعمل بمحرك توربو قدرته 900 حصان (670 كيلووات).. قامت الولايات المتحدة بتدشين أول سرب من هذه الطائرة من نوع ريبر (سرب هجومي 42) في قاعدة كريخ للقوات الجوية بنيفادا عام 2006م.. تمتلك القوات الجوية الأمريكية (28) طائرة من هذا النوع (عام 2011م)، على أن يزيد عددها إلى نحو (90) طائرة حتى العام 2018م, ويعمل في سلاح الطيران الأمريكي نحو 200 طائرة بدون طيار من نوع “بريداتور”.. يبلغ وزن الطائرة نحو 5 أطنان وتستطيع حمل صواريخ موجهة وقنابل بوزن 1.7 طن، وهي تعمل على مدى 3000 كيلومتر. يبلغ ثمن الطائرة 11.5 مليون دولار أمريكي.
فوارق بين ام كيو 1 و ام كيو 9
MQ-9 ريبر (بالإنجليزية:MQ-9 Reaper) هي طائرة بدون طيار كانت تسمى من قبل بريداتور بي Predator B تنتجها شركة جنرال أتوميكس الأمريكية, وهي مصممة على أساس MQ-1 بريداتور ولكنها أكبر منها وتستخدم كقاذفة للصواريخ في القتال, ويستخدمها سلاح طيران الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في ضرب مواقع في أفغانستان..
أمثلة لبعض المهام
بدايات الكشف عنها وأهم الأعمال والدور الحيوي الذي أدته هذه الطائرات في المنطقة حين حلقت في العام 2011م فوق المجال الجوي الإيراني لجمع المعلومات عن المنشآت النووية الإيرانية، ولرصد التحركات العسكرية ومصانع السلاح.
يومها استطاعت إيران إسقاطها أو (اصطيادها وإنزالها) وعرضت إيران صوراً لطائرة بدون طيار قالت أنها أسقطتها، وقد طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في ديسمبر 2013م، باستعادتها من طهران.
سوريا أيضاً استطاعت الدفاعات الجوية السورية إسقاط طائرة أمريكية من طراز ((MQ-1 والتي تسمى أيضاً بـ (المفترس) فوق مقاطعة اللاذقية الساحلية، معقل الرئيس بشار الأسد, حيث أن هذه العملية كانت الأهم والأكثر خطورة على سمعة سلاح الجو الأمريكي الذي خسر فيه أهم وأحدث طائراته (بدون طيار) التي كان يعتقد أن اكتشافها وإسقاطها عصي ومستحيل من قبل الدفاعات السورية. ووفقا لأخبار الدفاع، أفادت التقارير بأن مفترساً مسلحاً دخل في معركة قصيرة مع طائرة عراقية في عام 2003م- وخسر.
هذه الطائرة هي ما تسمى بـ (بريداتور بي Predator B) (MQ-1 ) والتي تعتبر النموذج الأولى البسيط للـ ((MQ-9 Reaper التي أسقطتها الدفاعات الصاروخية اليمنية مؤخراً.
العراق نقطة مفصلية
بدأت وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) في استخدام مثل هذه الطائرات في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، ولكن تطوير دور الطائرات واستخدامها بكثافة عملياتية كان في عهد الرئيس باراك أوباما، حيث استخدمت بشكل متزايد منذ صيف عام 2008م.
وتعتبر حرب العراق نقطة مفصلية في تاريخ الطائرات بدون طيار، حيث رصدت فوارق هائلة بين مستوى الاعتماد على هذا النوع من الطائرات قبل هذه الحرب وبعدها، وقد كشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن هذه الفوارق, وعن استخدامها بين بدايات الحرب عام 2003م، والتوسع الكبير في استخدامها تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
ولكن الأمر يبدو مختلفاً تماماً في مناطق أخرى للصراع مثل مناطق القبائل على الحدود الأفغانية ـ الباكستانية، لاستهداف قيادات تنظيم القاعدة وعناصره المختبئة في هذه المناطق التي تتسم بوعورة التضاريس والتعقيدات الديموجرافية، ما أسهم في رفع مستوى الاعتماد على هذه الطائرات بشكل كبير.
ريادة أمريكية
لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية رائدة تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة تمثل 77 % من برامج البحث والتطوير و69 % من مجال المشتريات خلال هذا العقد، رغم ذلك، يصل عدد الدول الأخرى التي لديها قدرات في هذا المجال إلى ما بين 40 إلى 70 دولة, ويبلغ عدد برامج إنتاج هذه الطائرات في العالم أكثر من 680 برنامجاً.
توسع في الاستخدام
استخدمت الولايات المتحدة الطائرات بدون طيار بصورة واسعة النطاق، فقد وصل عدد هجمات هذا النوع من الطائرات خلال أول عامين من عهد الرئيس أوباما إلى ما يعادل أربعة أضعاف الهجمات التي وقعت خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش بأكمله.
الاهتمام المتعاظم
أصبحت للطائرات من دون طيار خلال الأعوام الأخيرة أهمية متزايدة في أي نزاع عسكري. تنبع أهميتها في الأساس من قدرتها على تنفيذ عدد من المهام القتالية والاستطلاعية في أجواء معادية وتقديم معلومات فورية عن أماكن تحشد القوات المعادية وخطوط مواصلاتها، ومهاجمة هذه الأهداف الثابتة والمتحركة.
كثافة الأعمال والمهام التي نفذتها؟!
يشير تقرير نشره موقع «الجزيرة نت» إلى أن «مكتب الصحافة الاستقصائية»، بجامعة سيتي في لندن، قد توصل من خلال تحري هجمات الطائرات بدون طيار، إلى إن الغارات عبر هذه الطائرات في باكستان بلغت منذ إطلاقها 312 غارة منها نحو 260 هجمة تمت في عهد الرئيس أوباما، وتسببت هذه الهجمات جميعها بمقتل نحو 391 إلى 780 مدنياً، ويشير المكتب إلى أن عدد القتلى يتراوح ما بين 2386 إلى 3015، ووفقاً لـ «مؤسسة أمريكا الجديدة» فإن مثل هذه الهجمات ما بين عامي 2004و2010 قد تكون مسؤولة عن نحو 25 % من القتلى في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
معظم الطائرات بدون طيار التي تنشرها القوات الأمريكية لا تستلزم وجود «طيار» أرضي فقط بل فصيلة من محللي الاستطلاع (نحو 19 فرداً لكل طائرة)، وطاقم صيانة، وتحتاج طائرة من طراز «بريديتور» إلى وجود نحو 168 فرداً، فيما تحتاج طائرة من طراز «ريبر» إلى 180 فرداً، في حين أن طائرة مقاتلة من طراز «F-16» تحتاج نحو 100 فرد فقط، وبالتالي، فإن عدد مشغلي الطائرات بدون طيار الذين دربتهم القوات الجوية يفوق عدد الطيارين العاديين خلال العامين الماضيين.
خلال العقد الماضي، تم تنفيذ نحو 95 % من الهجمات بواسطة طائرات بدون طيار .
السوق المستقبلية
شهد سوق الطائرات الآلية (غير المأهولة) نموا مطردا، لاسيما في مجال الفضاء والدفاع والأمن، ومن المؤكد أن حصة هذا السوق ستزداد في القريب العاجل.
تمثل هذا النمو في مجال التطور التقني بشكل عام، لاسيما على مستوى الأجهزة الإلكترونية وأجهزة المعالجة المتناهية في الصغر من ناحية، وفي الاهتمام الشديد الذي أبدته الوكالات الوطنية والدولية من أجل استخدام الأنظمة في دعم عملياتها في القطاعين المدني والأمني إلى جانب العسكري.
وتشير التقارير أن التقديرات لقيمة السوق العالمية للطائرات الآلية (غير المأهولة) في القطاع التجاري يمكن أن تصل إلى 14 مليار دولار في عام 2026م، أي بزيادة 300 % مقارنة لعام 2017م, نتيجة لإمكانية الاستفادة منها في المجال التجاري, والخدمي والأمني كمراقبة البرية والبحرية وعمليات الهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب والتعامل مع أنشطة القرصنة، بالإضافة إلى حماية المنشآت الحساسة ودعم عمليات الإغاثة في حالات الكوارث.
تزايد الإنفاق العالمي
تقدر شركة «تيل جروب» الاستشارية أن حجم الإنفاق العالمي على الطائرات بدون طيار سيتضاعف خلال العقد المقبل ليرتفع من 5.9 مليار دولار إلى 11.3 مليار دولار سنوياً في المستقبل، ويتوقع أن تحوم هذه الطائرات خلف جنود المشاة لتحمي ظهورهم، وتزود بأشعة ليزر لها القدرة على اعتراض الصواريخ البالستية، والقيام بعمليات إعادة التزود بالوقود في الجو، وتنفيذ مهام قصف جوي استراتيجي.
الأنظمة والتحديات
تظل الأنظمة الجوية الآلية غير المأهولة محافظة على أهميتها كأسلحة ضرورية في الحرب الحديثة ولكن هذا الطلب المحموم جاء ومعه سلسلة من التحديات المتعلقة بالتدريب كونه من الاستحالة سد الفجوة بين الطلب على هذه الطائرات في ميادين القتال دون الاستعانة بقوة عمل مؤهلة وعلى قدر عال من المهارة والتدريب.
استراتيجية الحروب غير التقليدية
عكس حجم الاهتمام الأمريكي بهذا السلاح منذ دعوة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في منتصف فبراير عام 2001م حين دعا إلى تصميم وابتكار نماذج جديدة من السلاح, وجعل الوسائط القتالية اصغر حجماً وأكثر فاعلية، في إنزال الضربات الأكثر دقة وفي أي منطقة في العالم, وقد انعكس ذلك بوضوح في خطط وبرامج شركات المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وفي ميزانيات الدفاع الأمريكية منذ عام 2002م، ما جسد تعاظم الدور المستقبلي للمركبات الجوية بدون طيار.
ومن تلك الخطوات ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا عن خطط تستهدف تسريح نحو 100 ألف شخص من الجيش وقوات البحرية الأمريكية ليكون للولايات المتحدة جيش «أرشق وأصغر حجماً»، وإغلاق بعض القواعد العسكرية خلال خمس سنوات، وتابع بانيتا إن التركيز سيتحول من النزاعات الكبيرة في العراق وأفغانستان إلى مناطق جوهرية للمصلحة القومية ومن بينها تقوية الانتشار الأمريكي في آسيا.
ركيزة حيوية في جيوش المستقبل
تبعا لتلك المسيرة من التطور باتت الطائرات بدون طيار تشغل مكانة بارزة في الاستراتيجيات العسكرية لأكبر وأهم دول العالم وأكثرها تطوراً, من منطلق أن هذه الطائرات خلاصة وثمرة جهد خبراء ونفقات طائلة ودراسات وتقنيات ومواصفات هي الأحدث من الجانب التقني الهائل, وبحكم الإمكانيات العملياتية والمعلوماتية التي توفرها للجيوش والقادة قبل المواجهة وأثناء المعركة ونتيجة لقدرتها على التواصل والربط بين القيادات الميدانية وغرف العمليات, بل وتوجه العديد من الأسلحة الأخرى وتحدد أهدافها بدقة وهي في الجو عبر شبكة الكترونية غاية في الدقة والتعقيد واليسر في نفس الوقت إضافة إلى قدرتها على التشويش على دفاعات العدو واختراق شبكاته الدفاعية وأجهزة اتصالاته.
ومما يميز الجيل الأحدث أن عدد دوريات طيران (ريبر) القتالية سترتفع من 55 إلى 60 دورية في غضون 24 ساعة في حين خفض عدد الدوريات الجوية القتالية للمفترسات من 10 إلى 5 يوميا.
وقال بنيامين نيويل المتحدث باسم القيادة الجوية القتالية إن MQ-9) ريبر), يمكنها أن تحمل أربعة أضعاف حمولة المفترس, ومزيج من التسليح من صواريخ هيلفاير والذخائر الهجومية المشتركة أو القنابل الذكية.
بشكل عام يمكن القطع بأن الطائرات بدون طيار قد أصبحت ركيزة أساسية في العمليات العسكرية والاستخباراتية، وعنصراً هاماً في الاستخدامات التقنية المدنية، والخدمات التي تقدمها متنوعة وكثيرة, منها ما هو عسكري وأمني، وأيضاً تتبع وكشف المواد الكيماوية والبيولوجية والنووية, ومنها ما له علاقة بالاقتصاد كـ التقاط صور لمكامن الثروات الطبيعية ومراقبة خطوط الإمداد وتتبع الأعاصير والفيضانات وغيره وحتى ضبط وتأمين الفعاليات والمؤتمرات الكبيرة والهامة .
هذا التوجه نتج عنه الاعتماد المتزايد على الطائرات بدون طيار، كجزء ونتيجية للدروس التي استخلصها خبراء الجيش الأمريكي بشأن نمط الحروب غير التقليدية التي فرضتها الأوضاع في بعض مناطق الصراع مثل العراق واليمن وأفغانستان والصومال.
ومع النجاحات التي حققتها الطائرات بدون طيار التي استخدمتها وكالات الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان، والنتائج التي حققتها بتصفية العديد من أبرز العناصر المطلوبة أمريكيا، اتجهت الأنظار إلى خطط تطوير مستحدثة تعتمد بشكل متزايد على التقنيات والحد من استخدام العنصر البشري تقليلاً للنفقات وخفض الأعباء التمويلية على الاقتصاد الأمريكي وتخفض ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية في عهد الرئيس أوباما.
الخلاصة
باختصار فقد شهدت تكنولوجيا وبرمجيات الطائرة المسيرة (بدون طيار) طفرة نوعية في قدراتها ومهامها عكس نفسه على استراتيجيات أهم دول العالم وأقواها تسليحاً واقتصادا, حتى أن الأمر لم يقتصر على هذه الدول وتعداه إلى سباق مع الزمن من قبل دول تصنف ضعيفة وفقيرة ولكنها وجدت لنفسها مكاناً في هذا الميدان وإن كان لا يزال بعيداً عن وصفه بالمنافس للدول الأقدم والأكثر تطوراً وحضوراً في هذا المجال.
لم يقتصر الأمر على المنافسة في تصنيع هذه الطائرات والسعي للحصول عليها وعلى برمجياتها المتطورة .. بل أن الكثير من البلدان عمدت إلى تطوير قدراتها الدفاعية بحيث تأمين شر وخطر هذه الطائرات التي يتوقع لها مستقبل كبير في حسم الحروب أو اصطياد المعارضين والمناوئين للدول التي حققت أفضلية في صناعة هذا السلاح الصغير في حجمه الخطير والمؤثر في فعله.
وفي هذا الإطار كان اليمن أحدث من سجل حضوره حين استطاعت الدفاعات الجوية الصاروخية اليمنية إسقاط أهم وأحدث التقنيات والسلاح الأمريكي الذي يحتل المرتبة الأولى عالمياً حين أصابها صاروخ لم يعلن عن أسمه أو تعرف تقنيته بعد، في سماء العاصمة صنعاء, ما يعني أن المجال مفتوح وهناك إمكانية للتغلب على الأقوى والأحدث طالما وهناك عنصر بشري يرفض الاستسلام وتقبل الهزيمة ويمتلك من العزيمة ما يلزم لهزيمة أقوى وأحدث ما تنتجه مصانع وشركات السلاح العالمي.
(ريبير) MQ-9) الحصاد
تطير بارتفاع 8 كيلومترات ويمكنها تصوير المواقع وتصويب القنابل باستخدام شعاع الليزر وتصيب الأهداف بدقة فائقة. (MQ-9 Reaper) وفقا لما نشرته الموسوعة العسكرية الجامعة:
طائرة بدون طيار بمواصفات تكنولوجية عالية، المستخدم الرئيسي: الجيش الأمريكي
تكلفة الطائرة الواحدة منها 56 مليون دولار.. يوصف نظام تشغيلها بالمفترس وهذا الاسم منسوب للنموذج الأول (MQ-1).
طولها أحد عشر مترا، وتصنعها شركة جنرال أتوميكس General Atomics””، ويبلغ عرضها مع الأجنحة 20 مترا، وتعد من أكبر الطائرات المسيرة، وترتفع عن الأرض 3.8 أمتار، وتزن فارغة أكثر من طنين. يمكنها للنموذج الأول (المفترس) (بريديتر بي( Predator B الطيران لمسافة (1850) كيلومترا، دون الحاجة للتزود بوقود. يمكنها القيام بمهام متعددة على ارتفاعات متوسطة، وهي مجهزة برادار ينقل البيانات لعدد من الطائرات والمواقع الأرضية تتميز بقدرتها على حمل أربعة أضعاف بريداتور بي Predator B, وأسلحتها صاروخ AGM-114، والقنبلة الموجهة بالليزر GBU-12 Paveway II، وذخائر من طراز (GBU-38).. وبإمكانها اعتراض الاتصالات الإلكترونية المنبعثة من أجهزة اللاسلكي والهاتف الخلوي، وتعقب وقتل واعتقال المطلوبين.
أما كلفة الطائرة من هذا الجيل 30.3 مليون دولار وحسب بعض المصادر ذكر أن تقرير عن ميزانية إنتاجها صادر عن الكونجرس، أنه سيتم إنفاق (36.9) مليار دولار على برنامج تطوير هذا النوع من الطائرات حتى عام 2020م. وتستطيع طائرة MQ-9 (ريبر) تزويد مراكز القيادة ببيانات وصور عالية الدقة وتستطيع تنفيذ كافة مهام إف-16 بدون مخاطر بشرية.
استعملها الجيش الأمريكي في أفغانستان عام 2007م وفي العراق عام 2008م، وسعى كل من سلاح الجو الإيطالي والفرنسي والإسباني لامتلاكها، فيما يمتلك سلاح الجو الملكي البريطاني عددا منها.
ومن ما يميز الجيل الأحدث أن عدد دوريات طيران (ريبر) القتالية سترتفع من 55 إلى 60 دورية في غضون 24 ساعة في حين خفض عدد الدوريات الجوية القتالية للمفترسات من 10 إلى 5 يوميا.
أعلنت الشركة المصنعة خطة لتعديل إم كيو 9 ريبر إلى طراز بلوك 5 لتحسين فعاليتها القتالية حيث ستزود بأنظمة اتصالات محمية بالإضافة إلى الرفع من حمولتها.
كما يعتبرها سلاح الجو الأمريكي مفخرة لسلاح الجو الامريكي, ويتم التحكم بها بواسطة طيارين موجودين في قواعد على الأرض.
أي جي أم-114 هيلفاير AGM-114 Hellfire
يمكن لصاروخ Hellfire أن يحمل في قاذفات متعددة الفوهات مثبتة على الطوافات ويطلق بشكل فردي أو برشقات لتأمين ضرب قوي للآليات والملاجئ المحصنة والمباني، والسفن البطيئة الحركة.
كما يمكن للطائرة إطلاق الصاروخ والانطلاق لحظيا بعيداً عن الهدف كي لا تتعرض للنيران الأرضية، علما بأن الصاروخ سيستمر في مساره نحو الهدف ويكمل وجهته دون مساعدة.

قد يعجبك ايضا