الأرض والإنسان عمودا السياحة

عبدالوهاب محمد شمهان

تمتلك اليمن الكثير من المقومات والخصائص التي تؤهلها أن تكون واحدة من أهم المناطق السياحية على مستوى الإقليم فقد أنعم الله على اليمن بنعمه الجزيلة الظاهرة والباطنة هذه النعم بحاجة إلى الحفاظ عليها بالحمد والشكر ومنها ما يدخل تحت مصطلح المنتج السياحي والذي يعرفه كريندوف بأنه (مزيج من العناصر المادية وغير المادية المقدمة للسائح والمتمثلة في : المعطيات الطبيعية والعوامل الثقافية والحضارية والبنية التحتية والخدمات السياحية الأساسية أما بوركات وميدلك فيعرفان المنتج السياحي على أنه مركب ناتج عن اندماج عناصر الجذب السياحي والتسهيلات السياحية ووسائل النقل أو الوصول إلى الموقع أو إمكانية الوصول .
ويقول المؤلفان أن المنتج السياحي يمثل الواقع الملموس للصورة أو الطابع السياحي وينجم هذا الواقع بفعل اندماج المعطيات الطبيعية أو المصادر والمرافق والتسهيلات في الموقع السياحي مع وسائل النقل إلى الموقع وفيه ، بحيث تشكل هذه العناصر مجتمعة طابعا بارزا وعلاقة مميزة للمواقع أو البلد السياحي (التخطيط السياحي د.عثمان محمد غنيم ، م.بنسيتانبيل سعيد الطبعة الثانية 2003) ؛ ويمكن القول أن المنتج السياحي اليمني بناء على هذا التعريف يكمن في نقطتين أساسيتين هما (الإنسان والأرض ) الإنسان صاحب التاريخ و صانع الحضارات والدولة والتراث والثقافة والآثار والمعالم والمدن التاريخية والفنون والآداب والبنى التحتية وجميعها من عناصر المنتج السياحي هذا هو الإنسان الذي تعتمد عليه السياحة اليمانية في كل مناشطها فهو المغترب المستثمر وهو المتعايش مع المجمل الثقافات التي يعيش في وسطها محافظا عل كيانه ودينه وثقافته دون غلو ، وهو اليوم من فقد استثماراته في لحظات من الغلو والإكراه الديني والتعصب المذهبي ومحاولة إبقاء الهيمنة والسيطرة على بلده من خلال العدوان السعودي الأمريكي وتحالفها القذر ، هذا التحالف الذي طغى وبغى واستأسد في محافظة حجة وصعدة وعدن وتعز ومأرب والبيضاء وصنعاء بقواته الجوية وقصف كل المواقع والمنشآت السياحية استكبارا في الأرض وتعاليا على الخالق سبحانه وتعالى وكان أشد الوجع في هذا الإنسان اليماني الذي لم يجد من يواسيه حتى المواساة البسيطة ويربطه بأمل إعادة ما هدمه هذا العدوان .
إن الإنسان اليماني الأصيل من يعرف أصول الضيافة وقيمة الضيف وصناعة السياحة ، ويحتاج اليوم النظر بجدية إلى مظلوميته الواقعة عليه نتيجة لما فقد من قدراته المادية وما حل به من عناء معنوي جراء الأضرار الشديدة التي أوقفت كل نشاطه .
ولاشك أن معالجة قضايا العمالة السياحية اليمانية وتتبع أحوالها ورصد أماكن تواجدها قدر الإمكان بالتعاون مع اتحاد السياحة اليمني واتحاد الفنادق فتلك من أهم القضايا التي تعيد لهذا الإنسان حقوقه ومكانته كونه أفضل من يمثل اليمن و من يدافع عنه و من يعمره فالرعاية والعناية صارت إلزامية على الحكومة في إطار حماية قطاع السياحة من خلال إعداد استراتيجية وطنية سياحية بشرية طويلة المدى لإعادة تأهيله وتهيئته للعودة للعمل في مهن وأنشطة القطاع السياحي .
هذا الإنسان العامل في المنشآت الفندقية والمنتجعات والمدن السياحية والمجمعات السياحية وغيرها من المنشآت المرتبطة بالفندقة والمنام ومنشآت الطعام والشراب والوكالات السياحية والإرشاد السياحي ومكاتب تأجير السيارات والنقل السياحي وخلافها من المنشآت والأنشطة العامة والخاصة المباشرة وغير المباشرة وبذلك يظل الإنسان اليد الأولى في العمل السياحي بكل عناصره .
أما العامل الثاني فهو الأرض اليمانية التي حباها الله بموقعها الجغرافي المتميز وبشواطئها البحرية البالغة أكثر من 2500 كيلومتر وجزرها العديدة والواقعة تحت ضغط وسيطرة تحالف العدوان وأهمها أرخبيل حنيش وميون وارخبيل سقطرى ( محافظة سقطرة) ومايزيد عن مائة وخمسين جزيرة أخرى إضافة إلى تضاريس اليمن المتنوعة بين الساحل والسهول والجبال والهضاب والوديان والصحاري مما جعل تنوع المناخ بين الحار والمعتدل والبارد والصحراوي حالة مستمرة طوال العام فخلق الله بيئة طبيعية لها تأثيرها على الغطاء النباتي والمحميات والأشجار المتنوعة حسب التضاريس والمناخ فأوجد مساحات خضراء متعددة فيها من التنوع النباتي المفيد رعويا وطبيا ومناخيا .
كما أن موقعه جعله همزة وصل بين القارات وجعله محل أطماع القريب والبعيد وفي هذه البيئة الرائعة كان التميز وكان حصول السائح على اربعة فصول في زيارة واحدة متمتعا بالتراث المعماري اليمني المتنوع حسب المناطق المناخية والذي يعد شكلا من أشكال الجمال البديع أما الساحل والجزر فلها حكايات أخرى مع الشعب المرجانية والطيور المهاجرة والأسماك الأكثر روعة بألوانها ومجموعتها المتداخلة وما تحويه الجزر من عجائب الطبيعة كأرخبيل سقطري الواقع تحت الحماية العالمية من منظمة اليونسكوا لكن هذه المنظمة عجزت عن مواجهة ما يحدث من تغيير وتدمير للبيئة من قبل دولة الإمارات وحكومة المنفى ووزرائها المغتربين للأسف الشديد عندما يغيب العقل وتسيطر المصلحة على كل شئ يهون من أجلها ولو كان الوطن وساكنيه ولو ذهبت البيئة وتفردها إلى قعر المحيط …هذا هو المنتج السياحي اليماني الذي يتعرض بمدنه ومعالمه التاريخية والطبيعية وطرقه وجسوره وحصونه إلى تدمير شامل ممنهج ومرسوم ويتعرض إنسانه للإبادة المنظمة والمستمرة من عالم يدعي الإنسانية وهو قاتلها ويدعي حقوق الإنسان وهو من ينتهكها يحاصر الحياة ويفرض العنف ويدفع الأموال والسلاح للتدمير ولو كانوا أنفقوا ربع خسائرهم لإعانة اليمن ما حدثت هذه الفجوة الخبيثة المليئة بالألغام بين الجيران والأخوة وصار الدفاع عن اليمن واجبا دينياً ووطنيا ضد أعدائه في الداخل والخارج ، فلا يمكن لكائن من كان أن يفرط في وطنه لأن الوطن لا يمكن التفريط فيه أبداً.

قد يعجبك ايضا