تقارير دولية: الحصار الاقتصادي السعودي أوصل اليمنيين إلى حافة الموت جوعاً

الثورة/ أحمد الطيار

كشفت تقارير اقتصادية دولية أن الحصار الاقتصادي السعودي لليمن برا وبحرا وجوا أدى إلى وصول اليمنيين لحافة الموت من الجوع ما يكشف زيف ادعاءات السعودية أن الحصار المفروض يأتي لمنع وصول السلاح قد جلب الجوع للشعب بأكمله .
وكشفت رويترز في تقرير نشرته الأسبوع الماضي عن حقائق مروعة نتيجة الحصار الاقتصادي البحري على اليمن مؤكدة أن العدوان السعودي يتعمد توقيف السفن التجارية والغذائية ويمنع وصولها للموانئ اليمنية.
وجاء في التقرير أنه في أواخر العام الماضي أبحرت السفينة السنغافورية كوتا نازار وعليها 636 حاوية محملة بالصلب والورق والأدوية وغيرها من السلع قاصدة ميناء الحديدة أكبر موانئ البضائع في اليمن لكنها لم تصل قط إلى وجهتها.
ويقول التقرير : مثل عشرات السفن الأخرى التي تنقل المواد الغذائية وإمدادات أخرى إلى اليمن على مدار الثلاثين شهرا الأخيرة اعترضت طريق السفينة كوتا نازار سفينة حربية سعودية من السفن التي تحاصر موانئ اليمن على البحر الأحمر.
ويوثق التقرير حقائق القرصنة السعودية في مياه البحر الأحمر اليمنية فيقول إنه منذ عام 2015 نشرت السعودية وحلفاء لها من الدول العربية قوات بحرية للقرصنة في المياه اليمنية وحولها مستغلة الدعم الغربي لهذا الاستعراض للقوة كوسيلة حصار فعلي كان ثمنه باهظا على الصعيد الإنساني.
وبين التقرير من خلال استعراض سجلات بحرية لم يسبق نشرها وتقرير سري للأمم المتحدة ومقابلات مع وكالات إغاثة إنسانية وخطوط ملاحية أن سفن العدوان الذي تقوده السعودية تمنع دخول إمدادات ضرورية إلى اليمن حتى في الحالات التي لا تحمل فيها السفن أسلحة.
وحسب التقرير فقد تسبب فشل نظام أقامته الأمم المتحدة في مايو 2016 لتسهيل وصول الإمدادات التجارية من خلال الحصار في ضمان حصول الشعب اليمني على ما يحتاج إليه من إمدادات ، فكانت النتيجة هي العزل الفعلي لليمن البالغ عدد سكانه 28 مليون نسمة .
وتوضح بيانات الموانئ التي جمعها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ووكالة رويترز أن 21 سفينة فقط من سفن الحاويات أبحرت إلى ميناء الحديدة. وللمقارنة فقد قامت 54 سفينة بتوصيل مثلي كمية البضائع التي نقلتها تلك السفن في الفترة المقابلة من العام الماضي.
وقبل نشوب الحرب على اليمن وصلت إلى الميناء 129 سفينة حاويات في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2014.
منع الادوية
يقول التقرير “لم تصل إلى ميناء الحديدة سفينة تجارية تحمل أدوية منذ دمر السعوديون الرافعات العاملة في الميناء في أغسطس 2015م وفي حالة واحدة على الأقل هذا العام كانت إحدى الشحنات التي منعت من دخول الميناء تحتوي على مساعدات إنسانية.
حقائق
في حالة السفينة كوتا نازار و12 سفينة أخرى فحصت رويترز حالاتها بالتفصيل ردت سفن الحصار الذي تقوده السعودية سفنا تحمل مساعدات وبضائع تجارية على أعقابها أو عطلتها بشدة قبل أن تصل إلى موانئ يمنية وذلك رغم أن الأمم المتحدة وافقت على شحناتها ولم تكن هناك أسلحة على متنها.
وكانت سبع من تلك السفن تحمل أدوية ومواد غذائية بالإضافة إلى إمدادات أخرى.
ويقول التقرير إن سفن المساعدات وقعت في شباك القرصنة السعودية حيث كانت إحدى السفن السبع تحمل مضادات حيوية ومعدات جراحية وأدوية للعلاج من الكوليرا والملاريا تغطي احتياجات 300 ألف فرد. وتعطلت الشحنة ثلاثة أشهر وقالت هيئة إنقاذ الطفولة التي تعمل انطلاقا من بريطانيا إن أدوية قيمتها 20 ألف دولار تعرضت خلالها للتلف أو انتهت صلاحيتها.
وفي يوليو مُنعت من دخول الميناء أربع ناقلات نفطية تحمل 71 ألف طن من الوقود أي ما يعادل 10 % من الاحتياجات اليمنية الشهرية من الوقود.
وفي تقرير نشر الشهر الماضي قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن التحالف ”حول بشكل متعسف أو أخر“ سبع ناقلات للوقود كانت متجهة لموانئ الحديدة فيما بين مايو وسبتمبر من العام الجاري.
وأضافت المنظمة أنه في إحدى الحالات تم احتجاز سفينة في ميناء سعودي لأكثر من خمسة أشهر.
ونتيجة للحصار أيضا لا توجد أي رحلات جوية تجارية إلى العاصمة اليمنية صنعاء منذ الصيف الماضي ،كما توقف اثنان من أكبر خطوط نقل الحاويات في العالم، هما إم.إس.سي التي تعمل انطلاقا من سويسرا وبي.آي.إل التي تعمل من سنغافورة، عن تسيير سفن إلى الموانئ اليمنية في البحر الأحمر في أوائل 2017 وذلك بسبب التأخير والمخاطر التي تواجهها. ولم تستأنف بي.آي.إل خدماتها حتى الآن.
وفي تقرير سري قدم إلى مجلس الأمن في أبريل ذكر محققو الأمم المتحدة بالتفصيل العديد من العوائق التي واجهتها السفن للمرور من خلال الحصار ، ففي إحدى الحالات انتظرت سفن شركة ملاحية 396 يوما للرسو في الحديدة ما أدى إلى تراكم مصروفات وقود وتبريد بلغت 5.5 مليون دولار. وقال تقرير الأمم المتحدة إن التحالف السعودي يستغرق في المتوسط عشرة أيام لمنح الإذن للسفن بالرسو في الحديدة حتى في الحالات التي لا يتم فيها تأخير السفن.
واختلف مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشروعات الذي يتولى الإشراف على نظام الموافقات في الأمم المتحدة مع الحصر الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي ورويترز لشحنات الحاويات التي سلمت لميناء الحديدة.
وقال المكتب الأممي في بيان صحفي إن نظامه المسمى آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش من أجل اليمن أصدر موافقات لسفن على تسليم ما يقرب من عشرة ملايين طن من الغذاء والوقود والشحنات العامة إلى اليمن خلال الستة عشر شهرا الماضية.
ولم يقدم المكتب أي دليل يدعم هذا الرقم. كما أنه لم يحدد عدد السفن التي وافق عليها ومنعت فيما بعد أو تأخرت أو غير التحالف بقيادة السعودية مسارها. كما قال المكتب إن ما يجري في المياه الدولية يتجاوز صلاحياته.
وقالت الأمم المتحدة في بيانها إن آلية التحقق والتفتيش ”ساهمت في التصدي لتحديات الأزمة الإنسانية الحالية بقدر المستطاع وذلك بإتاحة السلع الأساسية في السوق اليمنية“.
وفي رسالتين خاصتين على الأقل مع دول أعضاء في الأمم المتحدة ووكالات إغاثة هذا العام أبدى مسؤولو الآلية شعورهم بالإحباط لأن التحالف يمنع السفن التي وافقوا على مرورها أو يعطلها.
وقال تقرير داخلي من الآلية من مارس الماضي إن التحالف أخر ست سفن سمح بعد ذلك بمرورها ”بعد اتصالات وجهود متواصلة“.
ومن الغريب ما يشير اليه التقرير من أن الرياض لم تحدد رسميا أي السفن التي لا يسمح لها بالإبحار. ولم تنشر قائمة بالسلع والمواد التي تغطيها قيودها.
وقال ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ”اليمن حالة كارثية. فهذا هو صراع من صنع الإنسان يدفع الجوع ويهيئ الظروف للمجاعة. بهذه البساطة“.
تحذيرات مبكرة
ازداد قلق منظمات الإغاثة الدولية من آثار الحصار السعودي على اليمن منذ شنت السعودية وتحالفها عدوانها على اليمن في 27 مارس 2015 مستخدمة القصف الجوي والصاروخي دون هوادة ، وانخفضت شحنات الحاويات إلى ميناء الحديدة في 2015 بنسبة 40 % تقريبا عن مستواها قبل العدوان ، وفي صيف ذلك العام أصدرت الأمم المتحدة تحذيرها الأول من بين تحذيرات عديدة من احتمال تطور الأمر إلى مجاعة في اليمن. وخلف الكواليس حاولت الأمم المتحدة إقناع الرياض وحلفائها بالسماح لها بتفتيش السفن.
وفي أوائل سبتمبر 2015 قالت الأمم المتحدة إنها توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الموالية للرياض والتحالف لإقامة نظام للتفتيش يسهل مرور السلع إلى اليمن. وقالت الأمم المتحدة إن مقر هذا النظام أو آلية التحقق والتفتيش سيكون في جيبوتي.
واستغرق الأمر ثمانية شهور أخرى لتدبير ثمانية ملايين دولار لكي تبدأ الآلية عملها.
وعندما بدأ عمل الآلية في مايو عام 2016 كان هدفها المعلن ”إعادة الثقة في أوساط النقل البحري“ أنه لن يكون هناك تأخيرات غير متوقعة ومكلفة للشحنات المتجهة إلى اليمن.
ومنذ ذلك الحين أصبح على كل السفن التجارية المبحرة إلى الموانئ اليمنية التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة يتضمن بيانات شحناتها وقوائم بآخر الموانئ التي زارتها.
ولا تتحقق الآلية من سفن المساعدات أو تفتشها إلا إذا كانت المساعدات مختلطة بسلع تجارية. أما السفن المستأجرة بالكامل لوكالات الإغاثة فتمر بعملية مختلفة. فهي تحصل على حقوق الإبحار مباشرة من الرياض.
ومع ذلك فالظروف تحتم أن تنقل نسبة كبيرة من المساعدات إلى اليمن على ظهر سفن تجارية.
غير أنه حتى بعد صدور موافقات الأمم المتحدة يتعين على كل السفن التجارية الحصول على موافقة من سفينة حربية تخضع لإدارة سعودية ترابط على مسافة 61 كيلومترا غربي ميناء الحديدة.
وقد ثبت صعوبة ذلك. فلأن السفن تقف في المياه الدولية لا يمكن لآلية التحقق والتفتيش سوى التنسيق مع أطراف إقليمية بما في ذلك التحالف لتيسير وصول السفن إلى الموانئ حسبما قالت الأمم المتحدة في بيانها. وأضافت أن باقي الإجراءات ترجع إلى السلطات المحلية في الميناء.
شكوك
على سبيل المثال حصلت السفينة كوتا نازار على موافقة من الأمم المتحدة للإبحار إلى الحديدة في أواخر ديسمبر كانون الأول الماضي. غير أن ضباطا بحريين من السفينة السعودية أوقفوها وصعدوا على ظهرها.
كان الضباط يشتبهون أن السفينة تحمل أسلحة مخبأة وأمر الضباط السفينة بالعودة إلى جيبوتي حيث كانت محطتها السابقة. وهناك قام طاقم السفينة بتفريغ 62 حاوية اعتبرها التحالف مثيرة للريبة ما سمح للسفينة بالإبحار مرة أخرى إلى الحديدة في يناير 2017م.
ثم أصر التحالف على تفتيش السفينة مرة أخرى. وبعد ثلاثة أيام أمرت الأمم المتحدة السفينة بالإبحار إلى جيزان في السعودية. وفي جيزان قامت السلطات المحلية واثنان من مفتشي الأمم المتحدة بتفريغ كل الحاويات التي حملتها السفينة وفحصها بالأشعة السينية.
وتحفظت السلطات على 27 حاوية قالت إن بها شحنة يمكن استخدامها في الصراع العسكري اليمني. وشملت محتوياتها أحزمة ذخيرة ومواسير حديدية وأدوات لحام وقطع غيار دراجات نارية وسلعا أخرى.
وفي جيبوتي قام مفتشو الأمم المتحدة ومسؤولون محليون بتفتيش الحاويات التي تم إنزالها من السفينة وتم العثور على ورق طباعة في الحاويات .
ويقول خبراء إن النتائج الإيجابية غير الصحيحة شائعة خلال عمليات التفتيش الروتينية عن المتفجرات. في نهاية المطاف لم تستطع السفينة كوتا نازار أن تحصل على تصريح للإبحار إلى الحديدة. وأبحرت بدلا من ذلك إلى ميناء عدن الواقع في جنوب البلاد .
وجرى منع شحنات أخرى من الدخول رغم خلوها من أي أسلحة. وفي وقت سابق هذا العام رفض التحالف دخول أربع رافعات تبرعت بها الولايات المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي بهدف تعزيز عمليات الإغاثة في ميناء الحديدة. وكانت تلك الرافعات ستحل محل أجزاء من البنية التحتية للميناء التي دمرتها ضربات التحالف في أغسطس 2015.
وفي يناير أرسل برنامج الأغذية العالمي الرافعات في سفينة إلى الحديدة. لكن التحالف بقيادة السعودية ألغى التصريح الذي كان قد أصدره في ذلك الشهر ومنع دخول السفينة. وانتظرت السفينة في البحر لمدة عشرة أيام قبل أن تعود في نهاية المطاف إلى دبي حيث لا تزال الرافعات موجودة.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن التحالف لم يقدم سببا واضحا لإعادة الرافعات.
وواجهت شركة (إم.إس.سي) ثاني أكبر شركة شحن في العالم تحديات أيضا خلال رحلاتها. ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي وتقرير الأمم المتحدة الذي لم ينشر فقد جرى تأخير السفينة هيمانشي التابعة للشركة شهرين خلال صيف 2016 عندما حاولت الإبحار صوب الحديدة. وكانت السفينة تحمل 722 حاوية بضائع بينها 93 حاوية بها أغذية ومواد إغاثة أخرى.
واحتجز التحالف السفينة في البحر الأحمر لمدة 13 يوما حتى وجهتها الأمم المتحدة بالتحرك نحو ميناء الملك عبد الله في السعودية. وعثر المفتشون هناك على ألعاب نارية في بضع حاويات حسبما ورد في تقرير الأمم المتحدة. ولم يوضح التحالف أسبابا للتفتيش ولم تصل السفينة إلى الحديدة إلا في أوائل سبتمبر في هذا العام.
وقال متحدث باسم (إم.إس.سي) ”الكثير من الشحنات التي نحملها في هذه المنطقة محدودة الصلاحية ومنها على سبيل المثال المواد الغذائية والأطعمة المبردة والمجمدة“.
وتابع قوله ”تواصل الشركة متابعة تسهيل الوصول إلى ميناء الحديدة الذي لم تتوفر له خدمات كافية في الشهور الأخيرة بسبب التأخير الطويل وغير المتوقع في بعض الأحيان نتيجة عمليات تفتيش الشحنات“.
وتوقفت الشركة عن الإبحار إلى موانئ في البحر الأحمر لمدة ثمانية أشهر هذا العام. وقالت في أغسطس إنها ستستأنف الخدمات للحديدة بطلب من العملاء بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة ومستوردون من القطاع الخاص.

قد يعجبك ايضا