بالمختصر المفيد.. صنع في اليمن

 

عبدالفتاح البنوس
في نوفمبر من العام 2009م كنت في زيارة للجمهورية العربية السورية ، وخلال فترة إقامتي في العاصمة دمشق ، شعرت بالانبهار والإعجاب من الطفرة الصناعية التي وصلت إليها سوريا ، ولمست حجم الدعم الذي تقدمه القيادة والحكومة السورية للقطاعات الصناعية المحلية المختلفة من خلال حملة صنع في سوريا ، هذه الحملة التي أتت ثمارها خلال فترة وجيزة ، حيث تحولت سوريا إلى دولة صناعية وخصوصا في قطاع المنسوجات والملابس والحلويات والمكسرات ذات الشهرة العالمية ، وتوجت القيادة السورية هذه الحملة بزراعة القمح إلى المستوى الذي أهلها لتصدير الفائض منه للدول المجاورة ، وهو الأمر الذي أزعج الصهاينة والأمريكان وبعران الخليج الذين يمتلكون النفط والمال ويعجزون عن صناعة عود خشب (ملخاخ ) ، ودفع بهم الحقد إلى التآمر على سوريا ساندتهم في ذلك تركيا من أجل القضاء على النهضة الصناعية السورية التي باتت مضرب المثل في المنطقة .
وفي بلادنا الحبيبة المفتوحة أسواقها على كافة الصناعات والمنتجات من مختلف أنحاء العالم الصالح منها للاستخدام الآدمي والنافع منها والضار ، والتي تستورد غالبية متطلبات الحياة من الخارج بما في ذلك (الملاخيخ ) لم تحظ المنتجات والصناعات المحلية المحدودة بالدعم والتشجيع ، بل قوبلت طيلة السنوات الماضية بالمحاربة من خلال فتح الباب على مصراعيه للمنتجات المستوردة لمنافسة المنتجات المحلية ، بما في ذلك المنتجات ذات الخصوصية اليمنية كالزبيب ومختلف أنواع الحبوب بالإضافة إلى المنتجات الغذائية والفواكه والخضروات ، وهو ما خلق حالة من التذمر في الأوساط الصناعية والإنتاجية ، الذين شعروا بمحاربة الدولة لهم ووقوفها ضدهم وضد مصالحهم على حساب المنتجات والصناعات المستوردة ، وما يثير الاستغراب هو تحويل السوق اليمنية إلى سوق مفتوحة للمنتجات السعودية ، في الوقت الذي توصد جارة السوء منافذها وأسواقها أمام المنتجات اليمنية من خضروات وفواكه وغيرها ، حيث تميل كفة ميزان التبادل التجاري للطرف السعودي بفارق كبير جدا ، علاوة على ما تمثله ظاهرة التهريب من خطورة على الاقتصاد الوطني حيث تعج الأسواق اليمنية بمنتجات وسلع مهربة ومجهولة المنشأ ، كل ذلك والسلطات المعنية تغرق في سبات عميق غير مكترثة بتداعيات كل ما سبق تحت مبرر أننا في حال عدوان .
ومع ذلك ورغم ما سلف ذكره إلا أن العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الذي تتعرض له بلادنا منذ ما يقارب الثلاث سنوات أسهم في إنعاش وتطور الصناعة اليمنية ، فمن صناعة البفك والطرزان ، أصبحنا اليوم وفي ظل الحصار نطرق باب صناعة وتطوير الأسلحة بما في ذلك الطائرات بدون طيار والقناصات والصواريخ البالستية المتعددة المدى والذخائر وغيرها ، وبدأنا نضع اللبنات الأولى لزراعة القمح على طريق الاكتفاء الذاتي ، وهناك الكثير من الطموحات والتطلعات المنشودة والتي تأتي عقب التحرر من الوصاية والتبعية والهيمنة السعودية الأمريكية ، ومن شأنها أن تصب في خلق نهضة صناعية كبيرة ، نهضة ستخلقها المعاناة والأوجاع التي يكابدها الشعب والوطن بسبب العدوان الغاشم والحصار الظالم المفروض علينا منذ بداية العدوان وحتى اليوم .
بالمختصر المفيد من رحم المعاناة يولد الإبداع ، ومن تحت الركام وعلى وقع قصف الطائرات وزحوفات المرتزقة وغزوات المحتلين ، سيخرج اليمنيون أكثر نضجا ووعيا وإنتاجا في مختلف الصناعات والمجالات وسيكون للعقول اليمنية ونتاجاتها الصناعية والإنتاجية الحضور المشرف في مجالات الصناعة المختلفة ، فرب ضارة نافعة وتطوير صواريخنا البالستية ومنظومتنا الدفاعية الجوية والبحرية خير شاهد على رقي وتميز العقلية اليمنية وقدرتها على تطويع كل شيء لخدمة وطنها وشعبها ، على وعد بأن يكون القادم أعظم في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة ، لتعود الصناعات والمنتجات اليمنية للواجهة والمنافسة ، في الوقت الذي كان الأعداء يرقبون لحظة سقوط وانهيار الدولة اليمنية والاقتصاد اليمني .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا