التهريب …القاتل المجهول

م/ وليد احمد الحدي
أكثر من خمسة وثلاثين مليار ريال يمني تحرم منها الخزينة العامة للدولة سنوياً كرسوم ضرائب يفترض أن تورد على المنتجات المهربة من السجائر فقط أي ما يقارب مائة مليون دولار أمريكي, بإمكان هذا الرقم سنوياً تأسيس ثلاثة مصانع عملاقة ومستشفى كفيلة بتوفير أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة ,أي توفير أكثر من مائة ألف فرصة عمل خلال عشر سنوات يمكن أن تساهم إلى حد كبير جداً في القضاء على البطالة والتخفيف من الفقر وإنعاش الدورة الاقتصادية للبلد , هذا فقط من إيرادات الضرائب على السجائر المهربة.
بالمقابل انخفاض معدل الواردات الضريبية نتيجة فقدان بعض الأوعية الضريبية على المنتجات المهربة واستنزاف العملة الصعبة التي تذهب لصالح استيراد تلك المنتجات يؤدي حتماً إلى خلل في ميزان المدفوعات الذي يصبح عاجزاً عن توفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع الأساسية كالرز والدقيق والزيت والسكر..الخ ,فضلاً عن دخول تلك المنتجات (رخيصة الثمن) في منافسة غير متكافئة مع المنتجات الوطنية التي تفي بالتزاماتها الضريبية والمجتمعية وبالتالي تعمل على إضعافها وتدميرها بشكل تدريجي ما يؤدي مستقبلاً إلى إغلاق مصانع وتسريح عمال وزيادة معدلات الفقر والبطالة وحتى الجريمة , كما أن النتائج الكارثية التي تسببها تلك المنتجات مجهولة الهوية والمصدر من الناحية الصحية ستؤدي إلى تفاقم عدد الحالات المرضية نتيجة الإقبال عليها ما سيكبد المستهلك والدولة معاً خسائر فادحة نتيجة التعامل مع تلك المواد سواءً كانت مواد غذائية أو دوائية أو سجائر لأنها لم تخضع في الأساس للفحوصات والمعايير التي تضمن سلامة المستهلك.
بعض الدراسات الميدانية أثبتت أن مهربي الأدوية يلجأون إلى طرق للتهريب قد لا تتناسب حتى مع الاستخدام الحيواني حيث يتم دفن الأدوية المهربة في الرمال لدرجات حرارة تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من خمسين درجة مئوية للتمويه على الأجهزة الرقابية , وبعض الدراسات تشير إلى أن السجائر المهربة التي لا تحمل طابع البندرول (اللاصق على ظهر العلبة الخاص بالضريبة)تحتوي على نشارة خشب مع بقايا تبغ بالإضافة إلى فضلات حيوانات!!.. كل ذلك وللأسف يتم بعلم الأجهزة الرقابية دون أي رد فعل تجاه ما يحدث رغم فداحة هذه الظاهرة التي يقتصر الجهد لمواجهتها حتى هذه اللحظة على بعض المنظمات غير الحكومية وبعض الشركات المتضررة كمبادرة وطنية ومن باب المسؤولية الاجتماعية.
مواجهة خطر التهريب مسؤولية اجتماعية واقتصادية ووطنية لا يقع عاتقها على الدولة فحسب وإنما تتطلب تضافر جهود جميع مكونات وأفراد المجتمع ومؤسساته , فدور الإعلام والمسجد والمدرسة والأسرة والمؤسسات الرقابية والثقافية والأمنية ومنظمات المجتمع المدني مهم جدا والجميع يتحمل المسؤولية في مواجهة هذه الظاهرة كل بحسب إمكانياته وبدرجة مسؤوليته , وعلينا أن لا ننتظر النتائج خلال أيام أو أشهر لأننا قد نحتاج لسنوات من العمل حتى نحقق الهدف المطلوب أو هكذا نعتقد.

أمين عام الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي

 

قد يعجبك ايضا