المجمع المتحفي.. مشاريع متعثرة في المتحف الوطني منذ سنوات طوال

تحقيق/ عبدالباسط النوعة

لعل كل من يدخل المتحف الوطني بصنعاء يشعر بالفخر والاعتزاز لما يشاهده من نماذج الحضارة والتراث اليمني العريق.
فهذا المتحف العريق والأبرز والاهم في البلد يحوي آلاف القطع الأثرية القليل جدا منها معروضة للزوار والغالبية العظمى تكتظ فوق بعضها في المخازن القديمة للمتحف والتي تفتقر إلى أبسط متطلبات التخزين المتحفي وقد تكون نسبة كبيرة من هذه القطع المخزنة قد تأثرت وتآكلت بفعل التخزين العشوائي وانتشار الرطوبة التي تعد من أكبر الأخطار المهددة للقطع الأثرية في المخازن , وما يدعو إلى الاستغراب والتعجب ويبعث على الحسرة هو أن المتحف الوطني الذي يعد أبرز وأهم المتاحف اليمنية على الإطلاق ووجه البلد الحضاري والآثاري قد تم استهدافه بالعديد من المشاريع الهامة التطويرية والتوسعية والتحديث أيضا ولعل من ابرز المشاريع التي أقيمت في هذا المتحف مشروع المجمع المتحفي في دار المالية التاريخي المجاور لمبنى المتحف الرئيسي والذي أنفقت عليه الكثير من الملايين حتى أوشك هذا المشروع على الانتهاء ليتوقف بحجة عدم توفير تمويل للتجهيز .
إهمال طويل
وبعد أكثر من ١٥ عاما من توقف هذا المشروع ها هو المبنى في حالة إنشائية متدهورة جدا وبحاجة إلى سرعة إنقاذ , وهذا ما تحدثنا حوله في موضوع سابق قبل قرابة ٣ سنوات .
ومن المشاريع العملاقة التي تم إقامتها في المتحف ( مشروع المخازن الأرضية ) التي تم بناؤها تحت ساحة المتحف على دورين أو طابقين أرضيين وفق أحدث الأساليب والطرق العالمية وتم تزويدها بالبنية التحتية اللازمة للمخازن المتحفية في مختلف المتاحف العالمية ولكن وللأسف الشديد أن هذه المخازن الواسعة والكبيرة ورغم الاحتياج الشديد والملح لها لإنقاذ الكثير من القطع الأثرية إن لم يكن كلها والتي تزدحم بها تلك الغرف المغلقة الفاقدة للتهوية والجالبة للرطوبة أسفل المتحف الوطني في ما تسمى مخازن للقطع الأثرية بينما المخازن الصحيحة والمناسبة موجودة ومكتملة البناء لكن الدولة عجزت عن تجهيزها ليتم استخدامها وهي على هذه الحالة منذ العام 2004م عندما انتهى العمل بها على نفقة إحدى الدول الأجنبية التي أنفقت عليها مبلغ (500) ألف دولار ضمن مشروع التحسين للمتحف الذي قادته هولندا أواخر القرن المنصرم .
مبررات
ولعلنا نتذكر مادمنا أعدنا فتح هذا الوضوع الهام تلك الأقوال والتبريرات التي أوردها عدد من القائمين على المتحف حيث أوضحوا أن الأسباب التي أدت إلى توقف هذا المشروع وعدم إنجازه حتى الآن تتمثل في عدم توفر التجهيزات والأثاث لتلك المخازن من رفوف وتكييف وإضاءة لتلك القاعات الواسعة التي تم إنشاؤها بصورة حديثة ومتطورة مزودة بكل ما يحتاج إليه المخزن المتحفي .
وإذا كانت الدولة عجزت على مدى ومنذ العام ٢٠٠٤م عن توفير مبلغ من المال لتجهيز تلك المخازن والعمل على تشغيلها بدلا من تركها فارغة يسكنها الفراغ .
وفي مقابلة سابقة أوضح أمين عام المتحف الأخ إبراهيم الهادي أن هذا المشروع لم يكن يتضمن التجهيز والتأثيث ضمن الدعم الذي قدمته الدول الأجنبية الأمر الذي اضطر إدارة المتحف آنذاك إلى البحث عن مصادر تمويل لاستكمال التجهيز والبدء باستخدام هذه المخازن نظرا للحاج الشديدة إليها وكان الصندوق الاجتماعي للتنمية قد وافق على التمويل إلا أن المبلغ الذي قدم لاستكمال هذا المشروع “تأثيثاً وتجهيزاً” كان كبيرا من وجهة نظر الصندوق ولهذا تعرقلت تلك المساعي لدى الصندوق وباءت بالفشل .
وأوضح الهادي أن وعود عدة من قبل القيادات المتعاقبة على وزارة الثقافة بتوفير الأثاث والتجهيزات خلال زياراتهم للمتحف أو مخاطبة إدارة المتحف لهم ولكن لم يتم منها شيء حتى الآن .
من يتحمل المسؤولية
وهنا نتساءل: لماذا هذا الإهمال من الجهات المعنية وتساهلها تجاه مثل هذه المشروعات الهامة التي يحتاج إليها المتحف الوطني وعلى رأسها هذه المخازن التي أنشئت على نفقة دولة أخرى وقدموا فيها مئات الآلاف من الدولارات وعجزنا عن توفير تلك المبالغ الزهيدة للتجهيز والبدء بالانتفاع بهذا المشروع الهام ولا نحمل قيادة الدولة أو قيادة وزارة الثقافة الآن ما لا تستطيع فالأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد نتيجة العدوان والحصار جعلت ظروف البلاد وإمكاناتها المادية في مرحلة صعبة وحرجة ووصل العجز إلى مرتبات الموظفين فما بالنا بمشاريع كهذه ولكن نحمل المسؤولية الحكومات وقيادات وزارة الثقافة منذ انجاز هذه المشاريع وحتى ما قبل العدوان حيث كانت الإمكانات متوفرة والبلاد مستقرة والموازنات في أبوابها تصرف بانتظام ولكن لا ندري أين تصرف وفيما تصرف فلا سامح الله كل متساهل ومهمل فيما يمكن أن يكون ذا قيمة لهذا الوطن والشعب.

قد يعجبك ايضا