وجهة نظر.. حافظوا على منتخب الشباب

صادق وجيه الدين

ما قدَّمه المنتخب الوطني للشباب لكرة القدم في مشاركته الأخيرة بتصفيات كأس آسيا، كان رائعًا ومتميزًا إلى حدٍّ كبير، بل إنَّي لا أجد نفسي مخطئًا إن وصفته بالمفاجأة، طالما وتوصيفي مبني على أساس الظروف التي رافقت مرحلة الإعداد القصيرة جدًا، إلى جانب توقُّف النشاط الرياضي وعدم وجود بطولات فئات عُمُرية، علاوةً على الوضع العام الذي تشهده البلاد.
منتخبنا كان قاب قوسين أو أدنى من التأهُّل إلى نهائيات كأس آسيا المزمع إقامتها العام القادم في إندونيسيا، عن مجموعته التي لعبها مع منتخبات (السعودية، الهند، تركمانستان)، واستضافتها مدينة الدمام في السعودية، بيد أن سوء الحظ حال دون ذلك في الدقائق الأربع الأخيرة من زمن مباراته الأخيرة التي واجه فيها المنتخب السعودي، عندما انقلبت النتيجة فيها من تقدُّمه بهدف منذ الدقيقة الثانية إلى تأخُّر بهدفين لهدف، في مشهد أثبت ما هو مثبت أساساً، بخصوص أن لا أمان ولا ضمان في عالم الساحرة المستديرة المليئة بالمفاجآت والمفارقات!!.
ومع أنَّ عبارة (يا فرحة ما تمَّت) مثَّلت لسان حال ومقال الكثير منَّا عقب ضياع الحلم في ذلك المشهد الذي أحزننا كثيرًا، خصوصًا وأنَّنا كنا بحاجة إلى فرحة تنسينا الهموم التي تحيط بنا، فإنَّ المشاركة –عمومًا وإجمالًا- تُعد إيجابيةً وطيِّبةً، فيكفينا من شبابنا الأبطال المنافسة إلى آخر اللحظات، بعد أنْ أحدثوا الإبهار في لقاء الافتتاح أمام المنتخب التركماني وتوَّجوه بفوز بتلك الثلاثية الجميلة النظيفة، وأحرجوا أهل الدار في لقاء الختام الذي لم يكن ختامه مسكًا!، وكانت لهم مباراة بين هاتين المباراتين الافتتاحية والختامية، شهدت الضياع الحقيقي لفرصة بلوغ النهائيات القارية، بالوقوع في فخ تعادل سلبي بطعم الخسارة أمام المنتخب الهندي، في لقاء عانى فيه لاعبونا من الوقوع تحت تأثير الضغط النفسي، والثقة الزائدة، والإجهاد البدني الناتج عن جهد المباراة الأولى ومشقة السفر برًا!!.
إنَّ الإشادة بالحضور الرائع الذي سجَّله منتخبنا الشاب، لا يعني نكراننا لحقيقة أنه (كان بالإمكان أفضل ممَّا كان)، فهذا أمر نظنُّه محل اتفاق بين المتابعين للمباريات الثلاث، فلا يمكن أن نتعامى عن الأخطاء التي حدثت وكانت لها كلفتها، لكنَّنا نود تجاوز مرحلة (البكاء على اللبن المسكوب)، والنظر إلى النصف الممتلىء من الكأس، قبل وأكثر من النظر إلى النصف الفارغ منه!!.
لقد برز الكثير من النجوم في صفوف منتخبنا أثناء هذه المشاركة، بل إنَّ كل لاعب كان نجمًا، وهو ما يعني أنَّنا إنْ خسرنا التأهل، فقد كسبنا منتخبًا يملك الكثير من النجوم القادرين على صنع مستقبل زاهر للكرة اليمنية، إذا تمَّت المحافظة عليهم وفق الخطوات المدروسة، بحيث تتمَّ الإفادة منهم في المنتخب الأولمبي مستقبلًا، فالمنتخب الوطني الأول، أمَّا في حال عدم وجود الرعاية المأمولة -وهو ما نخشاه مع بالغ الأسف-، فإنَّنا سنجد بعضًا منهم، إنْ لم يكن أكثرهم، يختفون سريعًا وينهون مسيراتهم وهم في عزّ شبابهم، على نحو ما حدث لنجوم آخرين كثيرين قبلهم، وليس منتخبنا المونديالي الذي شارك في نهائيات كأس العالم للناشئين (فنلندا 2003م) عنَّا ببعيد؛ إذ اختفى كثيرٌ من نجومه بعد سنوات قليلة من تلك المشاركة التاريخية، ولكم أن تعرفوا بأنهم لم يَعُد منه مع المنتخب الأول سوى صانع الألعاب أكرم الورافي والحارس محمد عيَّاش..!!.
أودُّ أن أختم هذه السطور بمطالبة اتحاد كرة القدم أن يحرص كثيرًا على التدقيق بأقصى ما يمكن عند اختيار الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية، بحيث تكون التعيينات معتمدةً –في المقام الأول والأخير- على معايير الكفاءة والخبرة، دون التأثُّر بأي عوامل أخرى غيرها، مع الاعتماد على العمل المؤسسي الذي يقتضي تفعيل أدوار اللجان المتخصِّصة، وتمتُّع كلٍّ منها بصلاحياتها الكاملة!.

قد يعجبك ايضا