الاستقلال ورحيل الانجليز ثمرة تــــــضحيات جسام قدمها اليمنيون

معالي وزير المغتربين في حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور محمد سعيد المشجري في حديث الذكريات لـ “ٹ”: (الحلقة الأولى)

¶ كانت صباحات عدن حافلة بالصحافة والثقافة وكانت محطة تعايش لكل أبناء البشرية
¶ تعرضت للاعتقال وأنا طالب لمشاركتي في توزيع المنشورات قبل ثورة أكتوبر وأيام الكفاح المسلح بعد الثورة
¶ الصراعات الدموية بين الجبهة القومية وجبهة التحرير أحالت ابتهاج عدن إلى نكسة اجلت إعلان الوحدة اليمنية
¶ اقصاء قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف ومجموعتهم من القيادات كانت أول كوارث جنوب الوطن بعد اقصاء جبهة التحرير
¶ عشت كابوس ودوامة أحداث 13 يناير الدموية وتم فصلي ووالدي من عضوية الحزب الاشتراكي لأننا لم نحمل السلاح أثناء القتال والتصفيات داخل عدن
حاوره/
محمد محمد إبراهيم
في حوار استثنائي فتح أبواب الذكريات على مصاريع أحداث جنوب الوطن منذ ما قبل ثورة الرابع عشر من أكتوبر، ومرورا بها، وبسنوات الكفاح المسلح وبرحيل آخر جندي بريطاني من عدن وما تلاه من فصول الصراعات التي أحالت النصر إلى مآس.. قال الأستاذ الدكتور محمد سعيد المشجري – أستاذ البيئة والأرصاد الجوي والمناح في جامعة حضرموت، إن الذكرى الذهبية للاستقلال محطة هامة ومحورية للفت أنظار اليمنيين إلى مسيرة كفاحهم ضد الغزاة الذين أرادوا ويحاولون اليوم بسط وجودهم في الأراضي اليمنية بغير وجه حق..
وتطرق المشجري في حوار خاص بصحيفة الثورة إلى جملة من تفاصيل الأحداث الثورية والنضالية التي كان شاهداً عليها في عدن حيث كان طالباً تعرض للاعتقال من قبل قوات الأنجليز بتهمة توزيع المنشورات ونقل السلاح للثوار من مكان لآخر.. مورداً قصصاً مؤثرة من فصول الصراع بين جبهة التحرير والجبهة القومية ومن ثم الاقصاءات بين رموز الجبهة القومية..
ولم يغفل الحوار التغلغل إلى تفاصيل مواقف الخليج خصوصا المملكة العربية السعودية والإمارات تجاه ما كان يجري في الجنوب وانتهازيتهما في اجتياح اجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية في ظل صراع اليمنيين فيما بينهم رابطاً ذلك الماضي بما يجري اليوم من صراعات إماراتية سعودية على الأراضي اليمنية.. لافتاً إلى أن حاضر المحافظات الجنوبية وما تشهده اليوم من وجود إماراتي سعودي غازٍ يقرع نواقيس الخطر في ذاكرة النضال اليمني مستنهضا تضحياتهم الجسام.. وأكد أن معادلة النصر الحقيقية تقتضي اصطفاف اليمنيين واتحادهم.. وملفات كثيرة ستجدونها في هذا الحوار.. إلى التفاصيل:
ما الذي تستعيده ذاكرتكم من زمن الطفولة وحكايا الاحتلال البريطاني لمعظم محافظات جنوب الوطن.. خصوصا وأنتم من مواليد الخمسينيات…؟!
– الذكريات كثيرة، والقصص لا تنتهي، ربما لأن مرحلة طفولتنا ارتبطت بظروف قاسية كانت تعيشها المحافظات الجنوبية من الوطن سواء في حضرموت أو في عدن أو ابين أو لحج التي كان المستعمر البريطاني يحكم سيطرته عليها.. ويمارس أسوأ سياسات التفرقة والطمس للهوية اليمنية فيها.. وحقيقة أنا من أبناء حضرموت، والدي كان “بدوي” أو “مزارع”، بلهجة حضرموت أي غير متعلم هاجر من حضرموت إلى عدن منذ الأربعينيات وربما الثلاثينيات، فتعلم اللغة العربية وتعلم أيضاً اللغة الإنجليزية، وتعلم مهن كثيرة ومتنوعة، وخلال ذلك التنقل من مهنة إلى أخرى طور نفسه في مجالات كثيرة، لكنه استقر على مهنة اللحام في ورشة ميكانيكية للسيارات، وكان نشيطاً جداً، وحرفياً مميزاً ترقى في علمه وتعلم الانجليز فن صيانة المركبات والسيارات التابعة للحكومة الاستعمارية آنئذاك، وكسب خبرة لا بأس، ولنشاطه المتميز أعطوه دورات إلى بريطانيا وإلى أوروبا.. ليتعين بعد عودته مدير عام الورش المركزية التابعة للأشغال العامة.. وبالتالي فكانت الحكايا التي وعيتها منذ طفولتي في عدن لا تخرج عن سياق سيرة والدي وأسفاره وأعماله.. أنا من مواليد حضرموت وبدأت تعليمي في حضرموت ولكن لصعوبة الظروف والتعليم البدائي اصطحبنا والدي معه إلى عدن لمواصلة تعليمنا..
كيف كانت صباحات عدن في الفترة التي سبقت ثورة 14 أكتوبر..؟!
– صباحات عدن في تلك الأيام وقبل بدء الثورة كانت طبيعية، والأهم أن عدن كانت مركزاً بشرياً وتجارياً لا نقول محلياً أو اقليمياً بل عالمياً كبيراً، وأيضا كانت مركزاً ثقافياً فكانت صباحاتها حافلة بالصحافة المتعددة، والاعلام، كما كانت مساءاتها حافلة بالسينما والتلفزيون، ناهيك عن كون أهل عدن مريحين جداً ومتعايشين في مدينة جديرة بأن تتعايش فيها كل الأطياف من كل المحافظات اليمني وكل الجنسيات العربية والأجنبية.. كانوا موجودين أبناء تعز وأبناء إب حتى من صنعاء كانوا موجودين هناك واستفادوا من الدراسات حتى كان ما قبل تأسيس جامعة عدن كان فيه كليات ما بعد الثانوية يسموها مثلاً التربية العليا كلية التربية العليا وأيضاً كلية البيومي كانت موجودة في منطقة دار سعد وكانوا بداية التعليم العالي آنذاك وبعدين هذه الكليات الصغيرة تطورت إلى أن اسسوا جامعة عدن في بداية السبعينيات أذكر أنا يمكن في 71 او 72.
أين كنت وكيف سمعت خبر انفجار ثورة 14 أكتوبر..؟! وماذا عن دوركم في الأحداث التي تلت انفجار الثورة..؟
– كنت حينها أدرس في مدرسة القديس يوسف المشهورة بمدرسة البادري، وقد سمعت الخبر من الإذاعات الخارجية أما إذاعة عدن فكانت تطلق على الثوار بالخارجين عن القانون.. كما أتذكر الأحداث والمظاهرات التي سبقت ثورة الرابع عشر والتي كانت تشهدها عدن..
وبعد انفجار الثورة توالت الأحداث وبدأت العمليات الفدائية في عدن وكانت حديث الناس ومصدر هلع المستعمر.. وحينها بدأ الطلاب في الاسهام الفاع في مسار الأحداث إذ بدأوا يشاركوا بتوزيع البيانات سراً.. وكوني كنت طالباً في المرحلة الثانوية أكملت الإعدادية في عام 66 / 67 ودخلت المرحلة الثانوية سنة أولى في مدرسة البادري في كريتير، فقد كنت ضمن الطلاب الذين تولوا تلك المهمة.. وأتذكر أن الجنود الإنجليز كانوا يقتحمون المدارس بتهمة البحث عن الطلاب المنسقين مع الفدائيين من أبطال الجبهة القومية وجبهة التحرير خصوصا بعد أن تبينوا من مصادرهم أننا – أي الطلاب- وراء توزيع تلك المنشورات للتوزيع ووراء نقل الأسلحة وبعضهم شاركوا في القتال ضد الانجليز.. وكانت هذه عملية خطيرة على طلاب بعمرنا وأنا كنت منهم وأتذكر أن الجنود الإنجليز ومن يتبعون حكومتهم كانوا يدخلون إلى الصفوف الدراسية ليفتشوا حقائب الطلاب…
هل كنت ممن فتشوا حقائبهم..؟ وكيف تصرف معك الجُنْد..؟!
– نعم فتشوا حقيبتي وحقائب زملائي وأتذكر جيدا أنهم حصلوا على كمية منشورات معنا على وشك التوزيع، فاتجه نحوي أحد الجنود البريطانيين فركلني بالبيادة بقوة حتى آلمني ضمن مجموعة من الزملاء وأوسوعونا ضرباً وأمسكوا بنا للذهاب بنا إلى المعتقل غير أن إدارة المدرسة تدخلت وضمنت عدم تكرار ذلك واعطتنا ادارة المدرسة تنبيهاً أو تحذيراً ووعدت أنها ستقوم بتفتيشنا يومياً مقابل أن لا يذهبوا بنا إلى المعتقل.. ورغم ذلك صار التشديد على المدرسة نفسها سواء على الطلاب أو المدرسين أو إدارة المدرسة.. حينها عمد الطلاب الى تخفيف الأنشطة داخل المدرسة على أساس مواصلة ذلك سراً خارج المدرسة، وهذا ما تم، لكن الرقابة امتدت على الطلاب المتهمين خارج المدرسة.. فكنا نوزع المنشورات وونقل الأسلحة في الظلام من مكان لآخر.. حتى تم القبض علينا وأودعونا المعتقل وحققوا معنا وبأساليب متنوعة من التعذيب..
هل كنت ضمن المعتقلين..؟ وما هي التحقيقات والاستفسارات التي كان يوجهها الإنجليز لكم.؟!
– نعم كنت ضمن المعتقلين.. وكانت الأسئلة عادية من حول من يقف وراء تكليفنا بهذه المهمة، وومن نأخذ الأوامر.! لكن الاجابات كانت واضحة معروفة لديهم أن المسألة ثورة يقف خلفها ثوار وشعب يريد التخلص من الاستعمار، وكانت البيانات الصادرة عن الجبهة القومية ومن انخرط معهم في الكفاح المسلح، تخفف عنا التحقيقات كثيراً..
هل تتذكر طلاب من الذين اعتقلوا معكم الآن..؟!
– القائمة تطول والأسماء كثيرة لكني لا أريد اذكر أسماء لأني سأغفل الكثير ممن هم كانوا في بداية الصفوف، وكان أكثر منا شجاعة وبسالة.. ناهيك عن أننا كطلاب انقطعنا منذ بداية السبعينيات حتى يومنا هذا لكن كانوا موجودين وطنيين نشيطين خاصة ابناء الريف.. طلاب عدن أنفسهم كانوا يخافون على أسرهم متعايشين لكن الذين يأتون من الأرياف كانت قلوبهم أقوى وأعفاط هؤلاء تحملوا كثيراً وبعضهم أنضموا بعدين إلى صفوف المقاتلين في الجبهة القومية وجبهة التحرير التين كانتا أعلنتا شكلياً الاتفاق والشراكة.. غير أن الصراع بدأ بشكل فج وصدامي في 67.. عندما بدأت سلطات الاستعمار تتهاوى.. وهذا الصراع شكل فرصة ذهبية للمستعمر لزرع مزيد من الثأر والصدام.. حيث جعلت أمور التسليم للمؤسسات والمعسكرات للجبهة القومية، ناهيك عن تفريخ القيادات والسلطنات لتضمن بقاء الصراع بعد رحيلها..
ماذا تتذكر من ليلة الاستقلال كيف كانت أجواء عدن..؟!
– أتذكر الكثير من مشاهد ليلة الاستقلال.. فأنا كنت ساكناً في خور مكسر ببيت الوالد وطلعنا السطوح لننتظر عودة الوفد من جنيف ونشاهد مظاهر الاحتفال الليلي، وفي الصباح كنا نشوف السفن البريطانية بالعشرات ويمكن بالمئات فكان البحر مزدحما بالسفن، لأن خور مكسر هي على شاطئ البحر وكانت حاملات الطائرات وكان الإنجليز ينقلون السيارات والمدافع بالهيلوكبتر إلى السفن إذ لم يسعفهم الوقت بنقلها عن طريق الميناء لأنه كان هناك قتال عنيف جداً..
هل كان الاقتتال مستمر بالتزامن مع المفاوضات..؟ وهل نجح الإنجليز في رزع الفتنة إلى هذا الحد..؟
– بالتأكيد.. كانت المفاوضات تجري طبعاً والقتال والمعارك يدور ضد معسكرات المستعمر، فكانت الجبهة القومية التي تتسلم المعسكرات تتواجه مع القوى اليمنية التي كانت تعمل مع الإنجليز، وهم كثير، بعد ذلك اتسعت دائرة القتال بين جبهة التحرير المكونة من ضباط كبار مع قوات الانجليز وكانوا يسربون المعلومات للتيارات الشعبية التابعة لهم وهي واسعة جداً وكانت مدعومة من الزعيم جمال عبد الناصر إذ لم يكن لها من التدريب ما يكفي، وكانت على خلاف بين فصائلها، والجبهة القومية المكونة من فيالق الجيش الاتحادي الذي أسسه الإنجليز فيما يسمى بجيش اتحاد الجنوب العربي وكانوا على ترتيب عال وعمل نظامي أكبر، كما أن الدعم كان يصل لها من الوسط الشمالي سابقاً في تعز حيث مقرها ومركز تدريبها ومددها، وهم من أعلنوا انقلابهم الصريح على المستعمر.. فكان التفاوض معهم أكثر.. وقد بدأ القتال قبل اعلان الاستقلال في أكثر من مكان لكن ابتاع الجبهة القومية استطاعوا الصمود في ابين والضالع ومناطق كبيرة..
وبالتأكيد نجح الإنجليز في زرع الصراع أكثر، بحكم إدراكه بخيوط وحيثيات الصراعات والتوجهات.. ولعل أبرز شواهد نجاحه، أن الانجليز خرجوا من عدن قبل إعلان موعد الاستقلال الذي كان المفترض أن يتم بناء على المفاوضات في 1968م لكنهم أعلنوه فجأت في 30 نوفمبر 1967م بعد أن ضمنوا استمرار الصراع..
هل تتذكر خطاب قحطان محمد الشعبي بعد وصوله صباح يوم الاستقلال..؟ وماهو المشهد البارز في استقبال الوفد..؟!
– لا أتذكر تفاصيل الخطاب لكنه كان يوماً تاريخياً وحافلاً بالخطابات والمهرجانات، وبالفرح والانتصار رغم الصراعات الكانت كانت تدور والمواجهات المسلحة بين الجبهتين في أكثر من منطقة..
وكان المشهد الأبرز الذي لا تنساه الذاكرة هو أن عدن شهد حفل استقبال جماهيري كبير للوفد العائد من جنيف الذي كان من المقرر وصوله مساء يوم 29 نوفمبر حسب ما كنا نسمع، فتأخر إلى الصباح لأسباب أمنية كانت بريطانيا قد بثت ذعرها في رحالات الطيران إلى عدن، وأتذكر أن الوفد وصل في السابعة أو الثامنة صباحاً من يوم الـ 30 من نوفمبر يوم الاستقلال نفسه.. كما أتذكر مشهد الجنود الذين ارتصوا من المطار تقريباً إلى التواهي لاستقبال أول رئيس يمني بعد الاستقلال وخرج المواطنون وحشود شعبية غفيرة لاستقباله فعلاً.. لتعيش عدن فرحة غير عادية في الشوارع على سطوح المنازل والمباني بالأعلام والأهازيج والأغاني.. فكان استقبال كبير جداً رغم أنه جاء بطائرة بسيطة أبو مراوح تتبع شركة باسكو التابعة لباهارون على ما أعتقد..
ماذا كانت تقول إذاعة عدن..؟ ما الأغاني التي كان يرددها المذياع او ترددها الناس..؟!
– على ذكر إذاعة عدن هناك حقيقة يجب أن تدرك أن الإذاعة كانت بيد الإنجليز وكانت تصف الثوار بالإرهابيين والتخريبيين.. ولم تبدأ الإذاعة بثها باسم إذاعة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، إلى صبيحة يوم الاستقلال.. وأتذكر أن أول مادة إعلامية خبرية تبثها هي المهرجان الجماهيري والخطابي الكبير الذي أقيم في مدينة الشعب احتفاءً بيوم الاستقلال.. ومن الشخصيات التي ألقت خطابات جماهيرية عبدالفتاح إسماعيل وزير الثقافة والإعلام وشؤون الوحدة اليمنية في أول حكومة.. حيث رحب في خطابه بالرئيس قحطان الشعبي أول رئيس لدولة الاستقلال.. وكذلك خطاب قحطان وخطابات أخرى..
أما الأغاني فكانت كثيرة جداً لكن أشهرها هي برع يا استعمار برع، حيث دخلت أول مرة إلى إذاعة عدن وأغنية بالأحضان يا قحطان غناها الفنان الكبير أحمد بن أحمد قاسم.. وأغان أخرى لعطروش والمرشدي ومحمد سعد عبدالله وغيرهم..
أعلام الاحتلال ترحل، وأعلام الاستقلال ترفع كان مشهداً يختزل تاريخاً طويلاً وعريضاً من الكفاح.. لكن النصر حسب الكثير تحول إلى انتكاسة في الصف الوطني الداخلي وشركاء النضال والكفاح ضد المستعمر.. فسياسياً كيف بدأ الشرخ يا دكتور..؟!
– كانت فعلا مفارقات مؤلمة ومؤسفة جداً بالنسبة للشارع اليمني والزخم الجماهيري المنتظر لهذا اليوم والمنتظر أيضا لإعلان الوحدة.. وبالنسبة لبداية الشرخ بين الجانبين لا أتذكر بدقة حيثيات تلك الصراعات الدموية.. لكني أعتقد أن الشرخ بدأ في وقت مبكر وبشكل خفي وكانت يتدحرج بين الظهور والاختفاء ويشتد تحت مسميات تضليلية حتى يوم الاستقلال واستمر على ما هو عليه، لكن طرأ للسطح بشكلها القاتم والدموي تقريباً في منتصف 68 حيث حدثت حركة تصحيحية تقريباً في 22 يونيو عام 68 وهذه كانت بزعامة عبدالفتاح اسماعيل وسالم ربيع علي ضد قحطان ومحمد علي هيثم ومن معهم من الشيخصيات العسكرية والمدنية التي لا أتذكر أسمائها.. وتفجرت هذه الحركة في أبين في زنجبار ثم وصلت عدن، فانضمت إليها الكثير من الشخصيات والقيادات التي كان هناك تنسيق معها أو بشكل عفوي دون تنسيق.. الأهم أن أصحاب هذه الحركة أجبروا قحطان الشعبي أن يقدم استقالته وكذلك فيصل عبداللطيف ومن كان في صفهم، وفرضوا عليهم الإقامة الجبرية.. وعندما شعروا بخطر فيصل عبداللطيف الشعبي لانه كان الرأس المخطط أو المفكر في صف الرئيس.. فتم تصفيته في ظروف غامضة مدعيين أنه انتحر.. أما قحطان الشعبي لم نسمع عنه نهائياً إلا بعد سنة تقريباً قالوا توفي نتيجة الحالة النفسية.. حسب تصريحاتهم..
بناء على هذه الحركة من الذي حكم بعد قحطان..؟!
– هي خطوة تصحيحية كما أسموها وليست حركة.. هذه الخطوة اقتضت تغيير منصب رئيس الجمهورية إلى مجلس رئاسة مكون من خمسة أشخاص ترأسهم حينها سالم ربيع علي، وبعضوية عبدالفتاح على أساس أمين عام الجبهة القومية، وعلى ناصر محمد رئيس الوزراء وعلي سالم البيض والخامس مش ذاكر حتى.. المهم أن تلك الخطوة هذه صارت شبه انقلاب لأن الخطوة كانت كبيرة جداً غيروا النهج بدل ما تقول مع دول عربية ورأسمالية نظام فيصل عبداللطيف والشعبي صار اتجاهاً اشتراكياً حسنوا بعده العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وقطعوا العلاقات مع أمريكا وأيضاً حسنوا العلاقات مع كوبا وأيضاً مع اثيوبيا.. وأسسوا في هذه الدول التي كانت أشتراكية فروع للجبهة القومية فيها.. لكن بعد ذلك دمجوا ثلاثة أحزاب الأول حزب الطليعة مؤسسه أنيس حسن يحيى، وحزب الشعب الاشتراكي برئاسة عبدالله باذيب، والجبهة القومية برئاسة القيادات التي كانت تمسك بالسلطة حينها على ناصر محمد وعبد الفتاح اسماعيل سالم ربيع علي..
ما مصير جبهة التحرير..؟
– مصير جبهة التحرير رئاسة محفوظ مكاوي وكان نائبه باسندوة وشخصيات كانت كثيرة ونخبوية، لكنها انهزمت في عدن والمدن الرئيسة، تحت ضغط الجبهة القومية التي تمتلك جيشاً مدرباً ورؤية سلطوية أكثر، كما وطلع ما تبقى من أعضاء جبهة التحرير إلى منطقة كرش وصمدوا فترة لا بأس بها ثم انهزموا مرة ثانية بعد الاستقلال واتجهوا إلى تعز.. ثم تلاشوا في المجتمع وابتعدوا من مسار العمل السياسي بعد اندماج تلك الأحزاب في حزب واحد أسمي الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يتولى مقاليد الحكم في دولة جنوب الوطن.
ما هو موقف الخليج وعلى رأسها السعودية من مجريات تلك الصراعات..؟! وهل استفادت دول الجوار خصوصا التي تحمل اطماع في اليمن من تلك الصراعات..؟
– موقف دول الجوار العربي وبالذات الخليجي، توازع على مختلف المسارات، فكان بعض الدول على حذر من الحالة اليمنية خوفاً من التشظي إليهم، فيما بعضهم كان محايد تجاه ما يجري، ويشجع على أن يكون ثمة أمن وسلام في جنوب اليمن.. أما موقف السعودية فقد كانت انتهازي وعدواني من البداية.. فبعد الاستقلال واحتدام الصراع في 68 و69م، بل وحتى قبل الاستقلال أثناء الكفاح المسلح ضد الاستعمار وسقوط السلطنات قبل يوم الاستقلال.. عمد نظام آل سعود إلى احتلال الوديعة وشرورة التابعتين لمحافظة حضرموت ولنا في المناطق المحتلة حتى اليوم قرى وقبائل ونقاط كانوا يتعاملون مع سلطنة القعيطي.. وأيضاً تمددت السعودية والإمارات في صحراء الربع الخالي بشكل كبير على حساب الخارطة اليمنية.. ولم يكن للسعودية حتى تلك الفترة على الربع الخالي أي شبر على الإطلاق، وكان ثمة حدود بين دولة اليمن الجنوبية حينها ودولة الإمارات.. وبالتالي كان الربع الخالي فقط مقسوم بين دولة جنوب اليمن ودولة الإمارات أتت السعودية وأقصت الدولتين وفق سياسية عدوانية وتوسعية على حساب دول الجوار..
وهل حدث خلاف بين السعودية والامارات حينها..؟
– كان هناك خلاف حسم باتفاقات بين الشيخ زايد والملك فيصل أو خالد على ما أعتقد.. وما زال الخلاف وربما سيظهر ولعل من أهم المناطق المتنازع عليها سعوديا واماراتياً منطقة حقول الشيبة النفطية التي كان جزء كبير منها ضمن الخارطة اليمنية كغيرها من أراضي القبائل الحضرمية الصحراوية كقبيلة المناهيل والصيعر والكرب والعوامر وغيرها من القبائل الحضرمية كلها الآن تقدر تقول أنها في الجانب السعودي وأيضاً الصحراء هذه الخراخير وثمود وما فوق كلها كانت أراضي يمنية جنوبية..
فيما بعد الاستقلال.. هل تم استعادة بعض الأراضي اليمنية في جنوب الوطن..؟
– عندما رحل الإنجليز من جنوب الوطن تركوا لنا دبابتين أو ثلاث، بلا طيران ولا بوراج عسكرية ولا حتى جيش البادية الذي كان يعرف بالجيش النظامي البسيط حتى مثلاً الجيش الاتحادي هو شبيه لجيش البادية فكانت موجودة وأغلبهم كانوا من أبين والضالع وكان جيشاً منهكاً بعد سنوات الكفاح المسلح وما تبقى منه دمرته الصراعات التي شكلت أيضا فرصة إضافية لنظام آل سعود في التوسع على حساب الآراضي اليمنية.. وللآسف الشديد كانت تحقق أهدافها العدوانية على إيقاع الصراعات الدموية جنوب الوطن وتغذيها بشكل خفي واجرامي كبير..
بالعودة إلى الصراعات الطاحنة داخلياً في جنوب الوطن.. بعد اقصاء جبهة التحرير ثم اقصاء قحطان وأصحابه.. كيف سارت الأمور بين رموز الجبهة القومية..؟
– لم تتوقف الصراعات عند اقصاء جبهة التحرير و قحطان محمد وأصحابه في الجبهة القومية بتهمة أنهم قوى تقليدية عملت فترة مع الانجليز بل تمددت الصراعات والاقصاءات بين رموز الجبهة القومية وجهدت البلاد حوادث مآساوية كان أهمها طائرة الدبلوماسيين التي هزت الوطن والعالم وقد حدثت في شهر أبريل 1973م حيث قضى محمد صالح عولقي، وزير الخارجية وعدداً من الدبلوماسيين منهم سعادة السفير سعيد بن شحبل- أحد أقربائي وكان من الثوار والقيادات المعروفة- وسيف احمد ضالعي وعبدالباري قاسم ونورالدين قاسم وعبدالله محمد بن سلمان وأحمد صالح الشاعر والقاص محمد عبدالولي وأحمد بن دحمان ومهدي صالح جعفر ومحمد هيثم ومحمد أحمد البيشي وفضل أحمد السلامي وعبدالقادر السلامي من رموز النخبة اليمنية الدبلوماسية والثقافية والسياسية اليسارية بالذات بل ومن أبرز الكوادر الوزارية.. ومن المفارقات أن المتسببين في هذا الحادثة الشنعاء أرجعوا السبب إلى انفجار الطائرة وللعلم هذا النوع من الطائرات دانكوتا (DC3) من أأمن الطائرات استخدمت في الحرب العالمية الثانية ما تنفجر أبداً تقدر تهبط حتى بمروحة واحدة.. الأحداث كثيرة بالصراعات والنكبات فاستمرت الجبهة القومية تصفي رموزها وصولاً إلى تصفية الرئيس سالم ربيع علي ومن كان معه..
بعد تصفية كل هذه الرموز.. من تبقى..؟ وكيف سارت الأحداث باتجاه 13 يناير..؟!
– تبقى من كان يدرون هذه المآسي ويشتركون في تنفيذ جرائمها، تبقى علي ناصر محمد وعبد الفتاح اسماعيل وعلي عنتر وصالح مصلح وكثير من شركاء الصراع وليس الحكم.. حتى وصل بهم المطاف إلى المكر ببعضهم كنتيجة حتمية.. كانت الأمور تسير ظاهريا على أساس أنه دولة مؤسسات وهي في الأساس تصنع الاحتقان الأهم للمجزرة الأخيرة لنهاية البطل الذي يظن أنه من سيبقى في الحكم.. سبقت أحداث يناير مؤتمرات وندوات ونقاشات وحوارات ووساطات دولية لحل الخلاف الذي نشب بين علي ناصر محمد ومن معها القيادات وبين علي سالم البيض ومن معه القيادات وكان عليهم أن يصل إلى حل وكل طرف متمسك برؤاه تجاه منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي.. حيث كان على ناصر محمد يقبض ثلاثة مناصب هي رئيس الدولة ورئيس الوزراء والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الحازب الحاكم.. كنت في تلك الفترة التي تشكل فيها الاحتقان بالتدريج، موظف في مطار عدن الدولي بعد تخرجي من الاتحاد السوفيتي في سنة 81 وكنت رئيس قسم في قطاع الأرصاد الجوي بمطار عدن الدولي واستمررت كذلك حتى أحداث يناير..
أين كنت يوم 13 يناير يوم الحدث نفسه..؟!
– كنت في مركز التنبؤات الجوية في المطار ومع الساعة العاشرة اتصلوا بنا من إدارة الطيران المدني التي هي خارج المطار، قالوا –لحظتها أنهم- سمعوا إطلاق نار وانفجارات في التواهي ونحن في خور مكسر لنرهف السمع فسمعنا إطلاق النار وكانت تلك هي ساعة الصفر كانت الساعة عشرة وعشر دقائق بالضبط.. لكننا لم نكن عارفين ماذا يدور هناك، فكانت الأخبار تصلنا أنها حملة لقتل الغربان التي يكثر انتشارها في منطقة التواهي حيث الحدائق والأشجار وقد سببت مضايقة للمواطنين لكن الأخبار تتوالى وبدأنا نشك مع استمرار اطلاق النار والانفاجرات الكبيرة، فأدركنا أن المعركة تدور هناك خصوصا ومبنى التلفزيون في التواهي.. وما هي الا لحظات حتى سمعنا اطلاق النار ينتقل من مكان لآخر وصولاً إلى جوار المطار الذي نحن فيه.. ولحظته اتصل بي على الهاتف الأرضي مدير عام المطار علوي الكاف قال اخرجوا بسرعة.. فقد اشتعلت الحرب بين الطرفين، فخرجت مشياً لأن منزلي قريب من المطار، وأتذكر أني اجتزت جولة (الليمدا) على شارع كلية التربية على اشتعال الرصاص واقترابها ولم أصل داخل منزلنا إلا والرصاص تسمع من كل مكان، وصلت وجميع الأهل متواجدون ما عدا الوالد..
أين كان الوالد..؟!
– الوالد كان في دار سعد لأن مقر عمله في تلك المنطقة.. فعشنا كوابس القلق والخوف عليه، من تلك اللحظة حتى الساعة الثالثة عصراً حين طرق الباب ليغمرنا الفرح الشديد.. وحين سألناه عن سبب تأخره قال: لم نقدر نمشي بالسيارات بسبب اطلاق النار على السيارات بشكل جنوني.. جلسنا داخل البيوت اليوم الثاني نسمع فقط أصوات القذائف والرصاص من كل جهة.. وفي صباح اليوم الثاني جاءت مجاميع تجوب شوارع عدن خصوصا في خور مكسر.. وبثوا شائعات بالمايكرفونات يقولون: أخرجوا من البيوت من المنازل سيتم قصف جبل حديد وهو مخازن ضخمة للأسلحة لو تفجرت عدن كلها انتهت.. بعد ذلك اتفقنا مع الوالد أنه يأتي بسيارته الحكومية يقوم بإخراج الأسرة من البيت.. فخرج الجميع وبقيت أنا لأحرس البيت حتى لا يتعرض للسرقة.. لكنه مع ذلك تعرض للنهب وتعرضت أنا للضرب وكل من بقي من الجيران في بيته.. بعد ذلك هربنا عبر الطريق البحري إلى المنصورة، لنصادف نقاط أمنية طلبوا منا البطائق غير أنني مع بعض الجيران تراجعنا من الطوابير وهربنا إلى منازل أقاربنا في المنصورة، وكانت حينها أقل قتالاً.. وكان الأشد في خور مكسر حيث كنت أسكن والتواهي والمعلا..
كنتم تتابعون الأخبار وأنتم في المنصورة أو المنازل..؟
– لا.. فقد قطعت خدمات الكهرباء والماء والتلفون.. وأسكتوا الإذاعة بعد تعرضها للقصف..
وهل ثمة امكانية لسماع الراديوا أم أنهم قطعوا الإذاعة..؟!
– أول خطوة قاموا بها دمروا الإذاعة ما كنا نسمع أي شيء فرجعنا إلى كلام الناس والجيران والمارة الذين يمشون فراراً من ساعة لأخرى..
متى استقرت الأمور بعد تلك المجازر..؟!
– لم تستقر الأمور إلا بعد اسبوعين على ما أتذكر.. استقرت في المنازل وعادت الأسر.. لكنها في السجون والمعتقلات والتصفيات مستمرة داخل وخارج عدن والبطاقة الشخصية.. وحسب المناطق ردفان الضالع أبين بالذات التي ينتمي لها علي ناصر محمد وزمرته التي فرت نحو الشمال..
هل تتذكر من تدخل من الجانب العربي في مسألة إيقاف نزيف الدم..؟!
– لم يتدخل أحد.. وإن تدخل فتدخل اعلامي بدعوة الأطراف إلى ضبط النفس.. لكن في تلك الظروف على اعتقادي كان من السذاجة أن تستنهظ العقلانية والقيم في نفوس من ارتكبوا تلك المذابح وبتلك البشاعة.. فالجيش انقسم إلى نصفين وأيضاً الأجهزة الأمنية الأمن العام والأمن السياسي شريحة موظفي جهاز الدولة… فكان الجيش تتقاتل كتائبه مع بعضها وفي تنقسم الكتائب للتقاتل فيما بينها.. فكانت المعركة مؤسفة ومتجاوزة لخوارق العادات، فتقاتل لا تدري مع من ولماذا تقاتل..
أنت كموظف هل طالكم الإقصاء أو تم احتسابكم على طرف ما..؟!
– أتذكر أني كنت حينها عضو في الحزب الاشتراكي لكني لم أنضم للقتال مع أحد، وفي حال أنضممت إلى طرف المنهزمين فمصيري مجهول، وفي حال سكوتي سيتم معاملتي بحذر كبير وهذا ما حدث.. فقد عاملوني وكثير من زملائي بحذر وتعنت بعد أن رجعنا لأعمالنا حيث رجعنا على دمار هائل وكبير جداً خاصة في المطار فعملوا اجتماعات للحزب الاشتراكي المنظمات القاعدية تلك الأيام.. وقالوا الذين لم يشاركوا في معارك القتل والتصفيات ضد على ناصر محمد وزمرته هؤلاء سلبيين وبعدها جابوا توجيهات من القيادة العامة بفصلنا.. بعد أن تم التحقيق معنا..
هل تتذكر جلسات التحقيق..؟!
– أتذكر أن القيادة ارسلت محققين لكل جهة حكومية من جهات أخرى.. وحين حضرت لجلسة التحقيق سألني ثلاثة محققين: ليش ما حاربت..؟!.. قلت لهم أحارب من أحارب.! أخي! هؤلاء منهم هل فيه أعداء من هم الأعداء نريد نعرف أولاً قولوا لنا وبعدين نأتي نحارب مع الحزب الاشتراكي.. قال لي: عادك بتجيب الكلام هذا، “كأنك مش حزبي حقيقي”. قلت له: الحزب الاشتراكي انقسم إلى نصفين نصف ضد هذا ونصف ضد هذا.. هذه هي الحقيقة. قال: نعم. لكن أنت مع من! مع علي ناصر ! وإلا مع البيض! أو مع عبدالفتاح!. قلت له: أنا لست مع أحد منهم.. أنا مع الحزب الاشتراكي. اتفقوا انتم القيادات على أي شيء ونحن معكم قالوا لي: ” برع أخرج.”. وطردونا من الحزب وسحبوا البطاقة والوالد نفس الطريقة، والكثير من الشباب..
علي سالم البيض والسيلي والعطاس.. هم من بقوا في عدن من القيادات..؟!
– نعم. وقيادات كثيرة عسكرية ومدنية بقت إلى جانبهم فشكلوا حكومة.. أما علي ناصر ومسدوس وعبد ربه وكثير من القيادات والمحسوبين عليهم هربوا من عدن إلى صنعاء..
القطيعة التي كانت بين دول الخليج وقيادة دولة الجنوب هل كانت استتباع لاستلاب السعودية للأراضي اليمنية..؟!
– ليس كذلك فحسب بل أبعد من موقف اليمنيين من الانتهازية السعودية.. فالقطيعة قامت على أساس أيدولوجي عقدي بحت.. فاتهمونا بالشويعية والإشتراكية والإلحاد وبالتالي أخرجونا من منظومة الدول العربية والخليجية بالذات ما عدا الكويت، الكويت لأنها علاقات سطحية كانوا يبنون لنا مدارس وأشياء بسيطة دعم أما الإمارات والسعودية أو قطر بالعكس كانوا يرسلوا لنا مرتزقة يدعموهم بفلوس من أجل يفجروا ويدمروا ما تبقى في وطننا من بنية ومآثر ومقومات.. ولعل أشهر قصة للمرتزقين هي قصة دهمس..
ماذا عن قصة دهمس..؟!
– دهمس شخص يمني كان مغترباً في السعودية وهو مشهور ويتبعه مجموع من المغتربين.. أغرتهم السعودية بمبالغ كبيرة جداً على أساس يرجعوا اليمن، وفعلا عادوا ودربوا مجاميع اتسعوا من 20 إلى 300فرد عنصر مدرب، وأعطوهم متفجرات وسيارات وفق مخططات تستهدف أماكن محددة في حضرموت وفي محافظات جنوب الوطن.. ولكنهم في نهاية المطاف انكشفوا وتم القبض عليهم واعترفوا بأنهم مدعومين من المملكة ومحاكمتهم حكم على بعضهم بالإعدام والبعض الآخر بالسجن..
بالعودة إلى ملف خلاف الإمارات والسعودية منذ ما قبل الاستقلال على أراض يمنية في الأصل.. كيف تنظرون اليوم لما يجري في المحافظات الجنوبية اتحاد اماراتي سعودي..؟!
– ما يجري اليوم مجرد اتحاد شكلي كل له أطماعه في اليمن، وسيختلفون ويتصارعون مجدداً على الأراضي اليمنية التي يخيل لهم أنهم أخذوها أو غزوها لكن المسألة مؤقتة لا أكثر.. وللأسف الشديد بسببنا نحن اليمنيين بسبب تفرقنا.. أحتلت الامارات والسعودية عدن والشريط الساحلي.. وهذه سمة تاريخية ملازمة لتاريخ اليمنيين، متى ما تفرقوا تعرضت أراضيهم للسطو والغزو ومتى اتحدوا استعادوا أراضيهم.. وتباعا لهذه الحقيقة التاريخية هو أننا سنتحد وسنستعيد أراضينا وسوف نطرد الغزاة كما طردنا المحتلين من جحافل وجند الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس..
كيف تنظرون لمجريات العدوان والحصار ومفارقات صمود الشعب اليمني..؟
– العدوان السعودي الأمريكي فهو بلا شك يعكس بكل بشاعته وهمجيته الحقد الكامن على اليمن والانتهازية السعودية الخارجة عن قيم الإنسانية جمعاء في الحروب، استهدفوا صالات العزاء واستهدفوا الأعراس المساجد والمنازل مجالس النساء المدارس استهدفوا كل شيء يمت لليمن بصلة.. كل هذا لأنهم خسروا المعركة على الأرض.. صحيح قد يقولوا حرروا عدن المخا حضرموت.. ممن..؟ من أبنائها ونشرت فيها الفوضى والتطرف والإرهاب.. فهل يستطيعون البقاء عدن حتى اسبوع كامل مثلاً.. بالتأكيد لا.. الجيش السعودي جيش كبسة شباب مدلعون من بيوتهم مكيفات وسيارات مكيفة حتى جابوا لهم سيارات مدرعة التي يحاربون بها في الحدود مع اليمن مكيفة.. بينما اليمني من الجيش واللجان الشعبية حافي القدمين يمشي في الظلام وتحت حر الظهيرة القاسية ويسقط الموقع العسكري يلو الآخر.. فاليمنيون معروفون أنهم صامدون تحت القصف وتحت البرد وتحت الشمس، دخلوا إلى عمق الحدود السعودية ويتكيفون مع كل الأجواء.. حصار تجويع قتل بالطيران جوعى يقاتلون ببسالة لا يدرون كيف ظروف عيالهم، هذا ما روته للعالم العدسات المقاطع الفيديو والصور على مدى ثلاثة أعوام من الهمجية العدوانية ومن الحصار.. لا شيء سيتغير وما سقط في جنوب الوطن تحت الغزو بسبب جرثمة من الخونة والعملاء والمرتزقة سيتسعاد إن عاجلا أم آجلاً.. اليمني على حق ويحمل قضية لن يسقطها تحالف الشر وإن جمع كل مرتزقة العالم.. وحتى المرتزقة الجنوجويد تعرضوا لضربات قاسة لم يسبق لها مثيل وادحروا وأكلت الوحوش أجسادهم النتنة في الجبال والوديان والسواحل..

قد يعجبك ايضا