بحضور المرأة كان يوما من أيام الله

 

 

 

أمة الملك الخاشب

منذ الأسبوع الذي سبق يوم المولد النبوي الشريف ونساء اليمن في مختلف مديريات أمانة العاصمة يعملن على قدم وساق كخلية النحل في تجهيز الكعك والمعجنات، لضيوف رسول الله صلوات الله عليه وآله وللرجال الأمنيين المشاركين في تأمين الطرقات للوافدين إلى صنعاء ،والمشاركين في تنظيم حركة السير.
وفي اليوم الذي سبق المولد بيوم واحد ،كانت جميع المربعات والمديريات يتسابقن على إخراج مختلف أنواع الأطعمة، وكلٌ يقدم وينفق من نفقاته الخاصة إكراما لمناسبة المولد النبوي،وإكراما لضيوف المولد المتوافدين من مختلف المحافظات،ولم يقف عطاء المرأة اليمنية وجهودها إلى هناك وفقط ، بل كان للنساء حضور تاريخي غير مسبوق أبدا ما سيجعل التاريخ ينحني إجلالا وتقديرا واحتراما لهذه المرأة اليمنية المعطاءة والعظيمة الزينبية الفاطمية العلوية المحمدية .
حشود النساء هذا العام أذهلتني وشعرت، وكأننا في حج عظيم ،وتحت ضيافة رسول الله صلوات الله عليه وآله كانت أصوات النساء تتعالى بالصلاة على محمد وآل محمد الصلاة ،التي ألفتها القلوب وكأنها بديلا عن التلبية التي في الحج.
وفي كل عام تزداد الحشود أكثر من العام الذي سبقه، كان هناك تدافع وازدحام كبير لم تستطع العين المجردة رؤية أول الحشود من آخرها ، لم تستطع لا الكاميرات ولا الهواتف ولا حتى طائرات التصوير، لم يستطعن إعطاء المشهد حقه ومستحقاته من التوثيق، فتم التوثيق في قلوب النساء وفي ذوا كرهن،التي جبلت بحب محمد وآل محمد فلن تنمحي تلك المشاهد من الذاكرة ما بقي في النساء المشاركات عرق ينبض.
في العام الماضي ،وعقب المولد النبوي كتبت مقالا عن المشاركة العظيمة والمبهرة للمرأة اليمنية ،وكانت بعنوان المرأة اليمنية تحتفي بمحمد ووصفت عظيم ذلك الحضور المنوع ومقدار تعلق المرأة اليمنية بخاتم الأنبياء والمرسلين وتفاجأت هذا العام أن الحضور النسائي هذا العام أضعاف العام الماضي رغم أن الظروف الاقتصادية وظروف الحصار هذا العام أشد وطأة وأكثر قسوة.
في الوقت الذي حاول فيه العدوان ومرتزقته تثبيط الهمم ونشر الشائعات والإرجافات، وافتعال المشاكل لكن كل مكائدهم وخططهم ما زادت اليمنيين، إلا تمسكا بإحياء هذه المناسبة حبا في نبيهم وإغاظة لأعدائه .
لفت نظري عندما جلست بجوار مجموعة من النساء المجاهدات، فعندما بدأت بالتحدث معهن عرفت أنهن من جحانة خولان وأن إحداهن أم لاثنين شهداء ،والأخرى زوجة شهيد ،وثانية زوجة جريح حدثنني عن ازدياد الوعي في منطقتهن ،وأنهن حضرن مع مجموعة كبيرة من النساء وأخبرنني أنهن يستمعن الإذاعات بصورة مستمرة ،وأن الإعلام يعمل على رفع معنوياتهن ، وعلى الثبات والاستمرار والصمود .
ألتفت الناحية الأخرى من جلوسي فإذا بهن نساء من مديرية أرحب،وتبادلت معهن الحديث وأخبرنني أن المرتزقة والمنافقين كثير في أرحب، ولا عجب في هذا فمعروف أن رجل السعودية الأول الزنداني قد عمل على تفخيخ العقليات سنوات طوال في اليمن بشكل عام وفي أرحب بشكل خاص.
كما رأيت الذمارية والماربية، واستمعت لصاحبة الحيمة وصاحبة سنحان ، أما نساء بني حشيش فخجلت وأنا أتكلم معهن من عظيم تضحياتهن ، فتقريبا الأغلبية أمهات وأرامل شهداء.
كنَ يحدثنني وأكتم عبراتي أثناء حديثهن، فلن استطيع وصف تلك المشاهد ،ولا تلك المشاعر التي اختلجت في أعماقي ولا استطيع أن أصف حجم السعادة التي غمرتني وأنا أرى مستوى الوعي ازداد لدرجة كبيرة وفوق المتوقع فما يقارب ثلاثة أعوام من العدوان كفيلة بأن تجعل من المستحيل ممكنا، وتجعل كل الشبهات تزول وكل الالتباس يظهر .
لم يمنع المرأة من الحضور لا كبر السن ولا حملهن الذي لا يزال في أحشائهن ،ولا الأطفال الذين على أكتافهن ، وقارنت في نفسي بين واقع المرأة اليمنية ،وبين نظيراتها في الدول المعتدية، وحمدت الله كثيرا على أنه شرفنا بالمسيرة واختص شعب اليمن بالعلم القائد الذي جعل الشعب نساء ورجالا يصحون من غفلتهم التي عمل الأعداء على تغفيل الشعوب وإذلالهم لعقود طويلة من الزمان ، وقارنت أيضا بين العز والكرامة ونحن نحتفل بكرامتنا في وسط أرضنا وبين الذل والامتهان ،الذي يعيشه أبناء الجنوب تحت ما يسمى حكم الشرعية ،وهم ممنوعون حتى من إحياء يوم الجلاء !! .. فكيف بذكرى الاستقلال وهم تحت الاحتلال ، وما لفت نظري أيضا هو الإنصات والهدوء التام ،عندما بدأت كلمة السيد القائد العلم ، ما يعكس الوعي والثقافة والارتباط بأعلام الهدى.

قد يعجبك ايضا