وأد الفتنة ومتطلبات المرحلة

 

 

 

عبدالفتاح البنوس
لا يوجد أي يمني شريف غيور على وطنه وشعبه والتضحيات التي قدمها الوطن والشعب طيلة الفترة الماضية من العدوان والحصار على بلادنا ، كان يرغب في وقوع الأحداث المؤسفة في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات نتيجة المؤامرة التي قادها عفاش ومليشياته الإجرامية ، إلا أولئك الهمج الرعاع وأبواق الشقاق والنفاق من النفعيين والمستغلين الذين أزعجهم البقاء في الصف الوطني ، ووقعوا في فخ الإمارات وذهبوا للتآمر على الوطن والشعب ومدوا أيديهم للعدوان وتحالفوا معهم في الوقت الضائع ، الوقت الذي كانت فيه قوى العدوان تلفظ أنفاسها الأخيرة وبات النصر قريبا ومتاحا بإذن الله ، هؤلاء الأوغاد الذين اعتبرهم شخصيا وهذه وجهة نظري بأنهم أكثر قبحا ووضاعة وعمالة وخيانة من أولئك الذين أعلنوا تأييدهم للعدوان وألتحقوا بصفوفه وتم ضمهم إلى قائمة نزلاء فنادقه في الرياض ، فخونة وعملاء اللحظات والمراحل الأولى للعدوان أظهروا أنفسهم ، وبانوا على حقيقتهم ، أما خونة وعملاء اللحظات والمرحلة الأخيرة للعدوان هم الأخطر كونهم أظهروا خلاف ما يبطنون (والله مخرج ما كنتم تكتمون ) .
لن نخوض في التفاصيل والجزئيات ، فالمهم حصل وهو وأد الفتنة ، وإسقاط وإفشال آخر أوراق العدوان بفضل الله وتأييده ومن ثم المواقف البطولية والوطنية للأجهزة الأمنية واللجان الشعبية ورجال القبائل والشرفاء من المؤتمر العام ، والتعامل والتعاون الحضاري والمسؤول من قبل سكان العاصمة صنعاء ، والإدارة الناجحة لهذه المرحلة ، كل تلكم العوامل أسهمت في وأد الفتنة وقطع دابرها في وقت قياسي ، وهو ما شكل صدمة وصعقة قوية ومؤلمة لقوى العدوان والتي كانت تمني نفسها بأن تسهم هذه الفتنة في إسقاط العاصمة وتمكينها من رقاب اليمنيين والسيطرة على ثرواتهم وبسط النفوذ والهيمنة عليهم ، والعودة بهم لنظام الوصاية والتبعية لأشباه الرجال من السعوديين والإماراتيين ، وبعد وأدها وقطع دابرها ، فإن المسؤولية اليوم تتعاظم على القوى الوطنية المناهضة للعدوان ، التي باتت مطالبة بتطبيع الأوضاع في البلاد ، وترميم الجبهة الداخلية والصف الوطني والشروع في معالجة كافة تداعيات وآثار الفتنة والعمل على تعزيز الصمود والثبات الوطني في مواجهة العدوان ورفد ودعم الجبهات ، للوصول إلى النصر الذي بات وشيكا بإذن الله وتوفيقه.
بالمختصر المفيد، المرحلة الراهنة تتطلب جملة من الخطوات العملية غير القابلة للتأجيل والتسويف والتي من شأنها قطع الطريق أمام قوى العدوان للتفكير في سيناريو جديد لتأجيج الفتنة من جديد وفي مقدمة هذه الخطوات ، التأكيد على التحلي بالحزم في التعامل مع أي عناصر خارجة على القانون ، مع التأكيد على ضبط النفس ، وحسن التعامل مع الآخرين ، ومراعاة خصوصياتهم وقناعاتهم ، والابتعاد عن الغرور وتصفية الحسابات الشخصية ، وعدم التعرض للممتلكات الخاصة ، والعمل على طي صفحة الماضي ، وفتح صفحة جديدة ،وإعلان العفو العام ، والتحلي بالحكمة والعقلانية ،والابتعاد عن الاستفزاز للآخرين وتخوينهم أو الإساءة إليهم ، وكذا العمل على الالتزام التام بتوجيهات القيادة السياسية الحكيمة للبلاد وعدم تجاوزها ، أو القفز عليها ، نظرا لحساسية المرحلة وتعقيداتها ، حيث يتطلب الأمر حالة من الرقي في التعامل والتعاطي مع الآخرين وعدم الانجرار خلف المناكفات والمكايدات والسجالات والتراشقات الإعلامية والفيسبوكية ، والجدل العقيم الذي يثير الأحقاد والضغائن في النفوس ، في مرحلة نحن فيها أحوج إلى تطييبها وتنقيتها ، لنتفرغ جميعا لمواجهة العدوان ، ليتسنى لنا بعد ذلك بناء الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة ، الدولة المستقلة القرار والإرادة ، الدولة المحفوظة سيادتها ، وكرامتها ، وعزتها ، الدولة التي لا وصاية ولا انتداب عليها ، الدولة التي تعمل لخدمة شعبها ، وتسخر كل طاقاتها وثرواتها وإمكانياتها من أجله ، دولة المؤسسات التي لا سلطة فيها ولا هيمنة لحزب أو جماعة أو طائفة أو مذهب أو قبيلة أو أسرة أو فرد على الإطلاق ، الدولة التي كان ينشدها البروفيسور الشهيد أحمد شرف الدين والبروفيسور الشهيد محمد عبدالملك المتوكل والشهيد الدكتور عبدالكريم جدبان ، والشهيد الغالي عبدالكريم الخيواني وكل شهداء هذا الوطن المعطاء ، الذين قدموا أرواحهم في سبيل الله والوطن على طريق التحرر والانطلاق نحو بناء الدولة المدنية الحديثة التي طال انتظارها .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا