محطات بيع مياه الشرب ترفع الأسعار ..والغش وتدني النقاوة يضاعف المخاطر الصحية

 

*ارتفاع اسعار المشتقات النفطية تسبب في حدوث أزمة مياه

إعداد/ سارة الصعفاني

يعاني اليمنيون من أزمة غذاء و ماء و دواء تدفع بهم كل يوم إلى حافة المجاعة والعطش والموت قصفاً وجوعاً وبؤساً حتى أصبح الحلم بحياة كالحياة بحد ذاته كفاحاً في واقع لم يتمكن معه الناس من توفير متطلبات المعيشة الأساسية في بلد تحت خط الفقر يرزح تحت العدوان السعودي الأمريكي والفساد ، وكنتيجة يهدد الموت حياة 20 مليون مواطن يعانون من الفقر المدقع واختفاء متطلبات البقاء وأسبابَ الوفاةِ كثيرةٌ من بينها وجعُ الحياة .
في هذه المساحة نسلط الضوء على أزمة المياه في بلد تحت خط الفقر المائي..في ظل استمرار العدوان و تضييق الخناق على اليمنيين بالحصار الذي تجاوز كل القوانين الدولية والإنسانية..
بعد أن رفع أصحاب محطات المياه المعدنية ثمن جالونات المياه ، وازداد الغش في كمية ونقاوة وايت الماء وبلغ ثمنه ثلاثة أضعاف ما كان عليه بات الحصول على أرخص موجود وأغلى مفقود يسبب معاناة وخسارة مادية في قلب المدن.
صغار في عمر الزهور يجوبون الشوارع والأحياء منذ ساعات الصباح الباكر وحتى المساء ذهاباً وإياباً بقنينات فارغة بحثاً عن ‘‘ ماء سبيل ‘‘ تبرّع به فاعل خير لإنقاذ الحياة من الموت جفافاً ، النساء والرجال وحتى كبار السن يستيقظون عند الثالثة فجراً في بعض الأحياء المكتظة بالسكان يقفون في طابور طويل ينتظرون قدوم قاطرة مياه أو تشغيل مضخة بئر في حين حصة الفرد 40 لتراً فقط .. بيوت الله أيضاً صارت المنقذ لعباد الله بعد أزمة المياه الخانقة .
أزمة حاضر ومستقبل
وخطر جفاف وندرة المياه لم يعد مجرد مخاوف مستقبلية لانهيار مخزون المياه الجوفية وتدهور وتردي نوعيتها بعد أن أصبحت المشكلة واقعاً يعايشه اليمنيون حيث احتكار تجار الحروب للمياه وللمشتقات النفطية ما فاقم أزمة المياه ليس فقط في القرى وضواحي المدن التي لم تصل إلى أغلبها بعد خدمة شبكات مشروع المياه بل في قلب العاصمة صنعاء حتى وصل سعر وايت الماء لــ 14 ألف ريال في زمن تعثر الرواتب.
وتعد مدينة صنعاء أسرع ثالث مدينة في العالم من حيث التزايد السكاني في بلد هو إحدى الخمس الدول الأكثر معاناة من شحة المياه عالمياً ،ويقع ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة التي تعاني من شحة في أمطارها الموسمية ولا تمتلك أي بحيرات أو أنهار سطحية، فالمتوسط العالمي لنصيب الفرد من المياه 7500 متر مكعب في السنة فيما لا تتجاوز حصة الفرد في اليمن 137 متراً مكعباً في السنة أي أقل من خط الفقر المائي العالمي ( ألف متر مكعب في السنة ) فكم نصيب الفرد في سنوات الأزمات والعدوان حيث لم تعد المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي تضخ المياه حتى للأحياء التي تغطيها إلا أحياناً وبكميات محدودة.
وتعتمد اليمن اعتماداً كلياً على مياه الأمطار كمصدر وحيد للمياه السطحية ، وعبر خزانات حصاد مياه الأمطار أو السدود القديمة غالباً ما يعاد تغذية المياه الجوفية التي تسوأ كلما اتجهنا أعمق وتعاني من استنزاف جائر لمخزونها الذي تراكم عبر آلاف السنين نتيجة قلة الموارد المائية المتجددة وتهالك شبكات المياه والري بالغمر.
وآبار المياه الجوفية هي المصدر الرئيسي لإمدادات المياه، وهذه الآبار تضخ المياه إلى مؤسسة المياه وتجف سنوياً أو تغادر الخدمة ، وتهدر المياه بالتسرب من الشبكة العامة للمياه والتوصيل غير القانوني والاستحواذ على المياه الجوفية لمشاريع خاصة.
وقبل عقود كانت الآبار المحفورة آلياً محدودة لقرب مستويات مناسيب المياه الجوفية حيث كان عمق المياه لا يتجاوز 30 متراً ، أما في الوقت الحالي فقد أصبحت مناسيب المياه عميقة جداً بسبب الضخ الجائر من الآبار وتزايد عددها حتى بلغ عدد الآبار التي تستنزف حوض صنعاء كمثال 14,600 بئر حسب احصائية حكومية في عام 2007م .
معظم هذه الآبار تم حفرها بطريقة عشوائية .. في مديرية بني حشيش فقط يوجد أكثر من خمسة آلاف بئر وبمسافات بينية بضعة أمتار وليس 500 متر ، كما بلغ عدد الآبار المرخصة بين الأعوام (2009-2005م) 106 آبار ، وبلغ عدد الآبار غير المرخصة المضبوطة بنفس الفترة 614 بئراً.
كلفة ضخ المياه
وقد نتج عن قلة الموارد المائية وزيادة الاستنـزاف وهبوط مستوى المياه في الـ 14 حوضاً مائياً خسائر مادية تمثلت في انتهاء بعض الآبار ومضخاتها ما فرض الحاجة إلى حفر آبار جديدة بأعماق أكبر وكلفة تشغيل أعلى خاصة بعد ارتفاع ثمن المشتقات النفطية أضعاف ما كانت عليه فتوقفت مؤسسة المياه عن ضخ المياه ورفع مالكو الآبار ثمن المياه استغلالاً واضطراراً ويفقد الناس القدرة على شراء وايت ماء !.
وكانت الحكومة في الثمانينيات والتسعينيات قد دعمت المزارعين بتخفيض سعر الديزل ودعم استيراد المضخات والآلات الزراعية وآلات حفر الآبار رغبة في تحقيق الاكتفاء الذاتي لكن دونما تخطيط ورقابة ما تسبب في حدوث تنافس نحو القاع باستنزاف المياه الجوفية والحفر العشوائي للآبار بدون ترخيص وتحويل كثير من الآبار والسدود لملكية خاصة تحتكر المياه، أيضاً لم تنشأ الحكومة الهيئة العامة للموارد المائية كجهة منظمة ومراقبة لإدارة المياه في بلد تحت خط الفقر المائي إلا عام 2004م ولم يصدر قانون المياه قبل عام 2002م، وحتى اليوم لم يفعل بعد قرار مجلس الوزراء رقم 277 لسنة 2004م الخاص بتنظيم عمل الحفارات ولا تتفاعل الجهات الأمنية والقضائية في قضايا مخالفات الحفر العشوائي للآبار بحسب المختصين في هيئة الموارد المائية.
ويحدد قانون المياه ولائحته التنفيذية بأن المياه ملكية عامة خاضعة لإدارة الدولة، ما يفرض تحديد الحصص المائية بما يوفر عدالة الانتفاع بالموارد المائية ويحمي المياه الجوفية من الاستنزاف رغم إعطاء المصادر التشريعية كالدستور والشريعة والعرف والقانون المدني مالك الأرض الحق الكامل والسيطرة على الموارد الطبيعية، كما ينبغي على السلطة المحلية حماية الموارد المائية من الاستنـزاف والسيطرة على الحفر غير القانوني والتفاعل مع هيئة الموارد المائية في تنفيذ الإدارة المتكاملة، ويجب على حكومة الإنقاذ توفير المياه والمشتقات النفطية والرقابة على أسعار متطلبات الحياة.
تصوير/ فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا