هشام علي.. مثقف موسوعيٍ ومفكر عميق الرؤية

رحيل مفجع لمثقفٍ ومفكرٍ كبير.. مثقفون وأدباء:

متابعة/محمد القعود
يعد المفكر والناقد الأديب هشام علي بن علي من ابرز المثقفين الموسوعيين في اليمن ومن المفكرين المتميزين على مستوى الوطن العربي ومن النقاد الكبار وله مكانته الرفيعة والمرموقة في الساحة الثقافية المحلية والعربية وله أسهامه الكبير وحضوره الهام والفاعل في المشهد الثقافي وذلك من خلال عطاءاته الأدبية والثقافية الهامة على مدى عقود طويلة ومن خلال كتبه وإصدارته الثقافية والفكرية المتعددة ذات الطرح الجاد والرؤى العميقة والنوعية.
هذه الشخصية الثقافية الخصبة والقامة الكبيرة رحلت عن دنيانا يوم الأحد الماضي. فبعد رحلة عطاء ثقافي حافلة بكل مدهش توفي الأحد الماضي بصنعاء الأستاذ والأديب الكبير علي بن علي وكيل وزارة الثقافة عن عمر لايتجاوز ال 65عاما تاركا الالم والاسى والوجع في قلوب الجميع الذين تلقوا خبر رحيله المفاجيء والموجع بقلوب كليمة وحزينة .. ولكنه ارادة الله العلي القدير .
وعن الراحل الفقيد كتب و تحدث العديد من الأدباء وما يمثله من قيمة ثقافية في ساحتنا ومدى الخسارة التي لحقت بالمشهد الثقافي اليمني.
قامة ثقافية كبيرة
الشاعرة هدى أبلان – نائب وزير الثقافة قالت: إن رحيل المثقف والناقد والمفكر الكبير هشام علي بن علي يعد خسارة كبيرة للمشهد الثقافي اليمني والعربي، حيث والراحل الكبير يعتبر من أبرز القامات الفكرية التي أصلت يمنياً وعربياً لكثير من المفاهيم والمصطلحات الثقافية التي أنتجتها المراحل والمنعطفات السياسية والفكرية في الوطن العربي والعالم، واستطاع أن يمثل ركناً هاماً لتداعيات الأصالة والتحديث والجديد، وأن يهضم كل هذه العوالم الفكرية في كتب مثلت مفتاحاً هاماً في قراءة الشخصية اليمنية والعربية، مدافعاً ببسالة الفاتحين عن كل قيم التغيير والتجديد، وأن يمثل حالة وعي ويقظة كبيرتين في وجه المشاريع والثقافات الصغيرة.
إن رحيل الأستاذ هشام علي بن علي هو موات جديد في خاصرة الثقافة اليمنية والعربية حيث والراحل كان متياً في آرائه ومناهجه، متجدداً مع صيرورة البحث عن واقع جديد ينتصر للإنسان ولحضوره الإنساني المبدع في مجالات الحياة المختلفة.
لم يكن أسيراً لقوالب الجمود والتخلف ولا ممكاً بنواصي التطرف ورفض الآخر، إنه عالم كامل من بهاء الثقافة وإشراقات الإبداع وومضات الانحياز للإنسان في كل مكان.
إن رحيله خسارة فادحة أصابت الثقافة اليمنية والعربية لكن العزاء فيما تركه من آثار ومعارف لا شك أنها ستمثل الشيء الكبير لدى أجيال قادمة تتجاوز كل هذه المحن.
إنسان من الزمن الجميل
ويقول الأديب والناقد/ أحمد ناجي أحمد النبهاني: خلال أكثر من ستة عقود من الزمن كان هشام علي العنوان المتميز في المشهد الثقافي اليمني، لقد ارتبط اسمه بالتحولات الثقافية الكبرى في الثقافة العربية وظل وجوده المتميز كوكيل لوزارة الثقافة لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن مصدر اعتزاز لليمن.. ورفع اسم اليمن عالياً في المحافل الثقافية العربية والإنسانية.
ساهم مع المثقفين العرب في صياغة الاستراتيجية العربية للتنمية الثقافية وساهم وبشكل فاعل في استراتيجية التنمية الثقافية في اليمن في مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، وخلال العقد العالمي للتنمية الثقافية كان اسم هشام علي بن علي في مقدمة القيادة الثقافية للعقد العالمي للتنمية الثقافية لقد كنت معه في اللجنة الوطنية للعقد العالمي للتنمية الثقافية في تسعينيات القرن الماضي، حيث تم تأسيس اللجنة الوطنية للعقد العالمي للتنمية الثقافية بقرار من الأستاذ يحيى العرشي وزير الثقافة الأسبق وكان هشام علي عضوا في اللجنة باعتباره وكيلاً لوزارة الثقافة وكنت عضوا في اللجنة ممثلاً عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ولعبت اللجنة الوطنية للعقد العالمي للتنمية الثقافية دورا في النهوض بالعقل الثقافي الوطني.
ويضيف الناقد أحمد ناجي: وفي النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي شرع الدكتور عبدالملك منصور في تأسيس السكرتارية الدائمة للتنسيق بين السياسات الثقافية كان هشام علي بن علي نائب رئيس السكرتارية الدائمة للتنسيق بين السياسات الثقافية وكنت حينها مقرر السكرتارية الدائمة للتنسيق بين السياسات الثقافية التي كانت النواة الثقافية لدراسة المشاريع الثقافية الكبرى وعلى رأسها خطة صنعاء عاصمة للثقافة العربية وكذا صندوق التراث والتنمية الثقافية وقد تم استكمال هذه المشاريع في مرحلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب الروحاني وتم رفد الوزارة بموازنات صندوق التراث والتنمية الثقافية وكان اسهام الأستاذ هشام علي بن علي كبيراً في الارتقاء بالمشهد الثقافي الوطني تخطيطا وتنفيذا.
وعندما توفرت الموازنات المادية لصنعاء عاصمة الثقافة العربية للعام2004م ابان مرحلة الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق كان للأستاذ هشام علي بن علي وكيل وزارة الثقافة دور فاعل في إنجاح فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية للعام 2004م حيث كانت اليمن كالقلب بالنسبة للفعل الثقافي العربي وكانت صنعاء في قلب الثقافة العربية وكانت صنعاء تستقبل الملتقيات الشعرية والثقافية والفنية على مستوى الوطن العربي.
وساهم هشام علي بالتخطيط والتنفيذ لتريم عاصمة الثقافة الإسلامية بالتعاون مع وزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي.
وباختصار فلقد كان هشام علي بن علي ضمير المشهد الثقافي اليمني وقلبه النابض.
مثقف عميق الرؤية
وفي صفحته الشخصية في ” الفيس بوك” كت الدكتور عبدالله عوبل مايلي:”
“هشام علي بن علي مؤسسة في رجل ،، مثقف عميق الرؤية، غزير الإبداع، كاتب متميز، أما في وزارة الثقافة فالأستاذ رحمه الله مفتاح الوزارة،، نسج علاقات مميزة مع المسئولين في وزارات الثقافة العربية،واكتسب حب الموظفين جميعا،، هشام رحمك الله ايها الغائب الحاضر ،، فالحزن مازال يتملكني ولم استطع أن اكتب حروفا يستحقها مقامك الكبير
الرحمة والمغفرة لك أيها العزيز ولأنس ابنك وكل الأسرة الكريمة العزاء والمؤاساة والصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
مثقف من طراز رفيع
* كما كتب الروائي وجدي الأهدل في صفحته الشخصية في “الفيس بوك” مايلي:
– “هشام علي بن علي رجل لم يُقدِّره اليمانيون حق قدره. مثقف وناقد ومفكر من طراز رفيع، ساهمت ثلاث حواضر كبرى في تكوينه الفكري: عدن، صنعاء، وبغداد. فأتى مثمراً كأطيب ما يكون الثمر. لقد سجل (هشام علي بن علي) موقفاً لا ينسى، حين وُضِع بين نارين، ووقع في موقف لا يحسد عليه، فاختار الخيار الصعب، وانتصر لجانبه المثقف الإنساني، مجازفاً بمنصبه الحكومي الرفيع دون تردد.. وذلك حين طُلب منه في عام 2002 أن يوقع قراراً بمصادرة رواية “قوارب جبلية” بوصفه وكيل وزارة الثقافة المختص بشؤون المصنفات الأدبية والفنية، ولكنه رفض رفضاً قاطعاً، فعوقب بوقفه عن عمله، وإغلاق مكتبه، فلم يضع قدماً في الوزارة وظل ملازماً لبيته حتى انقشعت الأزمة بتدخل الروائي الألماني (غونتر غراس) لدى رئيس الجمهورية السابق علي عبدالله صالح، وعودة الأمور إلى مجاريها.
والآن وقد طوى الموت هذه القامة الثقافية العظيمة، آمل أن نُحيي ذكراه بطباعة مؤلفاته التي لم تطبع، وإعادة طباعة مؤلفاته المطبوعة.
قبل ثمانية أشهر أجريت معه حواراً لصحيفة اليمني الأمريكي، أضاف لي شخصياً الكثير، وفيه نلمس نضج المثقف وحكمته، ووقاره ودماثته، ونظرته الثاقبة للأوضاع السياسية والثقافية.
رحم الله (هشام علي بن علي) وأسكنه فسيح جناته”>
سيرة موجزة:
هشام علي بن علي، أديب، ناقد، إداري، تربوي، مؤلف. ولد في حي (الشيخ عثمان) في مدينة عدن. 8 سبتمبر 1952 م الموافق 19/ 12/ 1371 هـ.
حصل على بكالوريوس في العلوم من جامعة بغداد، ثم أخذ دورة في طرق التدريس في جامعة (بريستول) في بريطانيا، ثم دورة أخرى في جامعة روما، وفي جامعة (بافيا) في إيطاليا.

عمل مدرسًا في جامعة عدن إلى سنة 1407هـ/ 1987م، ثم عُيّن وكيلا لوزارة الثقافة والإعلام فيما كان يعرف بـ(الشطر الجنوبي من اليمن)، إلى سنة 1410هـ/ 1990م، وبعد تحقق الوحدة بين شطري اليمن في عام 1410هـ/ 1990م عُيّن وكيلا لوزارة الثقافة والسياحة، وعمل عضوًا في مجلس النواب حتى سنة 1413هـ/ 1993م، وقد عيّن وكيلاً لوزارة الثقافة والسياحة في فترات لاحقة وظل فيها حتى وافاه الأجل.
مؤلفاته
من مؤلفاته: “إدوارد سعيد وتفكيك الإمبريالية”1ـ الثقافة في مجتمع متغيّر. صدر سنة 1404هـ/ 1984م. 2ـ فكر المغايرة. صدر سنة 1410هـ/ 1990م. 3ـ الخطاب الروائي اليمني. صدر سنة 1414هـ/ 1994م. 4ـ السرد والتاريخ في كتابات زيد دمّاج. صدر سنة 1422هـ/ 2002م. 5ـ عبدالله محيرز، وثلاثية عدن. صدر سنة 1422هـ/ 2002م. 6ـ المثقفون اليمنيُّون والنهضة. صدر سنة 1423هـ/ 2003م. 7ـ مجازات القراءة. صدر نفس العام السابق. 8ـ شرق رامبو.

تصوير/حامد فؤاد

 

قد يعجبك ايضا