‏ألف يوم من الحصار الاقتصادي الشامل والممنهج

 

 

 

أحمد المالكي
*ونحن على أعتاب نهاية العام الثالث منذ بدء العدوان العسكري والاقتصادي السعودي الأمريكي على اليمن الذي اتخذ صورا وأساليب شتى منذ بدء ما أسموها عاصفة الحزم فإن الاستهداف الممنهج والمتعمد للاقتصاد اليمني والذي كان الحصار الاقتصادي الشامل الركيزة ألأساسية التي اعتمد عليها هذا العدوان بهدف تحقيق ما عجز عن تحقيقه عسكريا وسياسيا وهو الوهم والمحال بذاته
وبالتوازي مع الأعمال العسكرية على الأرض لجأت قوى العدوان وبإيعاز أمريكي إلى تشديد الحصار على البلد برا وبحرا وجوا في وقت تكفلت طائراتها بضرب الموانئ والمطارات والبنى التحتية والاقتصادية على نطاق واسع وشامل عدا عن توقف عائدات النفط والغاز وتأخير السفن المتعمد وفرض رسوم مضاعفة عليها بشكل زاد من معاناة المواطنين.
ومع إطالة أمد الحرب صعد العدوان من حربه الاقتصادية وتمثلت أولى خطوات التصعيد بضرب ميناء الحديدة في اغسطس 2015م ونقل البنك المركزي إلى عدن وما رافق ذلك من ارتفاع مستوى الحياة المعيشية على كل فئات ومكونات المجتمع اليمني
وفي أقذر عملية عقاب جماعي يتعرض له اليمن في تاريخه تصاعدت سلسلة الاستهداف الممنهج للاقتصاد ومحاربة الشعب في قوته ومعيشته اليومية وإلى جانب محاربة العملة الوطنية والاستئثار بما تم طباعته منها وحال العدوان دون صرف مرتبات الموظفين في صورة تجاوزت كل الخطوط وشملت كل المحافظات بما فيها تلك المدن المزعوم تحريرها والتي لم تنفك الاحتجاجات فيها تنديدا بالأوضاع الاقتصادية والأمنية على حد سواء.
ذر الرماد
..وكالعادة سياسة التضليل والكذب وذر الرماد على العيون الذي ينتهجه تحالف العدوان على اليمن أعلنت السعودية مطلع الأسبوع انها رفعت الحظر عن ميناء الحديدة لمدة شهر كامل بعد الإعلان الأخير في نوفمبر الماضي عن إغلاق كامل وشامل لكافة المنافذ البرية والبحرية والجوية للجمهورية اليمنية وذلك في أعقاب الضربة الصاروخية البالستية لمطار الملك خالد بالرياض وبحجة منع الصواريخ القادمة من إيران..وهو الأمر الذي نفته وزارة الخارجية اليمنية في حكومة الإنقاذ على لسان الوزير هشام شرف الذي أكد في تصريحات صحفية هذا الأسبوع أن الميناء مايزال مغلقا ولم تصل إليه أي سفينة محملة بالإمدادات الغذائية أو المشتقات النفطية وهو الأمر ذاته الذي أكدته ونفته مؤسسة موانئ البحر الأحمر..
وعلى العموم وبعد مرور أكثر من الف يوم على العدوان والحصار الاقتصادي الشامل لابد من التأكيد على أن العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني عندما اتخذ قرار الحرب على اليمن كانت خطة الحرب الاقتصادية جاهزة وموازية للحرب العسكرية بخططها الحصارية والإعلامية والمالية والاستخباراتية وكذلك النقدية وهو ما لمسناه وعايشناه طيلة أكثر من ألف يوم منذ بدء العدوان ..
وفي الطريق إلى خنق اليمن وتكثيف تبعات الحرب على اليمنيين لم تكتفِ قوى العدوان بسياسَة التجزير في المدنيين فصوبت حرباً شرسةً على الاقتصاد اليمني لم تتوقف عند حدود خلق بيئة طاردة للاستثمار في اليمن، بل تجاوزت ذلك إلى فرض حالة من الحصار الشامل بدءاً بتقييد حركة التجارة من وإلى اليمن في هذا المنحى عمد العدوان إلى شل الأنشطة اليمنية المختلفة الموجّهة للتصدير، بالتزامن مع حظر النسبة الكبيرة من الواردات السلعية والخدمية وحتى الأدوية والمعدات الطبية الضرورية
وقد اتبع العدوان سياسة التدمير الممنهج لميناء الحديد بالذات والذي أنهى معظم قدراته وخَاصَّـةً محطة الحاويات التي هي الأساس لعملية حركة الصناعات الحديثة، فصناعة النقل البحري تعتمد الآن على الصناعات التحويلية وعبر سفن الحاويات، وفي أغسطس 2016م تم تدميرُ كامل الرافعات الجسرية بأكملها، خَاصَّـة رافعة الجسرية التي كان يعتمد عليها الميناء تم قصف كامل المستودعات حتى معدات تداول الحركة تم قصفها”َوصار أكثر من 60% من قدرة الميناء مشلولاً علما أن70%من الاحتياجات العامة لسكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 25مليوناً تدخل عبر ميناء الحديدة.
شحنات
..وإذا كان العدو يربط اسْتهدَاف موانئ اليمن بخوف كاذب من تسلل شحنات أسلحة إلى اليمن عبر الموانئ فلماذا يتم اسْتهدَاف قطاع النقل الجوي اليمني؟
خلال أكثر من ألف يوم من العدوان وحتى اللحظة ما يزال مطار صنعاء الدولي تحت الحصار دون أي مسوغ قانوني حسب كلام رئيس الهيئة العامة للنقل الجوي الذي قال: إن اسْتهدَاف المطارات اليمنية المدنية وتدميرها لا مبرر له قانوناً، ومعلومٌ أن هذا الاسْتهدَاف المباشر حرم المواطن اليمني البسيط من خدمات هذه المطارات، بما فيها حرية التنقل التي كفلها القانون الدولي، وقد سبّب اسْتهدَافها كارثةً إنْسَانية في اليمن والمعاناة ما تزال تتفاقم”.
مؤكدا أن إغلاق المطارات اليمنية يمثل سابقة على المستوى الدولي فلم يحدث دولياً أن أغلقت مطارات مدنية ذات طابع إنْسَاني”.
وأن الاسْتهدَاف المباشر للمطارات اليمنية ساهم في تقييد حركة التجارة من وإلى اليمن، فهناك أصنافٌ عديدةٌ من الأدوية كانت تدخل اليمن عبر المنافذ الجوية نتيجة لحساسية تلك الأدوية والمحاليل الطبية، فضلاً عن بعض المعدات الطبية، بالإضافة إلى تعطل نقلها أَيْـضاً على المستوى الداخلي في محافظات الجمهورية”..، فضلاً عن كون “إغلاق المطارات حال دون عودة آلاف من اليمنيين العالقين في بعض الدول العربية والخارجية وهناك مغتربون أَيْـضاً وطلبة دارسون وجدوا أنفسهم وبشكل مفاجئ ممنوعين من العودة إلى ديارهم دون أي مسوغ وآخرون لا يجدون طريقاً آمناً للسفر لمواصَلة دراستهم في الدول الخارجية أَيْـضاً”، وأضاف“إن تضرر الطيران المدني يؤدي إلى تضرر قطاعات أُخْرَى وفي مقدمتها القطاع السياحي والتجاري وقطاع السفريات وقطاع أنظمة الحجز الآلي والشحن الجوي كآثار غير مباشرة.. حيث فقدت هذه القطاعات ما يصل إلى 90% من أنشطتها، وإذا ما عرفنا أن النقل الجوي في اليمن يساهم في التنمية الاقتصادية للبلد يمكننا اعتبار اسْتهدَاف المطارات اليمنية المدنية جزءً من اسْتهدَاف الاقتصاد وهو خرق للقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.
ثنائية
وقد فرض العدو ثنائيةَ التدمير والتعطيل على ميناء الطوال البري والمنافذ البرية الأخرى، أما بقية الموانئ البرية والبحرية فخرجت عن السيطرة التي تتيح استخدامها بما يخدم المواطن اليمني بشكل عام تَماماً كميناء المخا، كما خرجت عن السيطرة بعض الموانئ البحرية الواقعة تحت سيطرة المرتزقة والاحتلال الإماراتي السعودي ومنها ميناء عدن،والمكلا وغيرها بهدف التجويع المنظّم لليمنيينَ على مدى ثلاثة أعوام تقريبا، وقد مارست قوى العدوان حرباً شعواءَ على الاقتصاد اليمني شملت الحرب النقدية، وبدا لهم أن نقل المعركة باتجاه السواحل الغربية لليمن واسْتهدَاف ميناء الحديدة هو الحل الأنجع لذلك، وأن كسر عظم اليمن الذي أبدى صموداً أسطورياً قد يحدث عبر التعطيل الكلي للحركة التجارية المتبقية إلى ميناء الصليف والحديدة وتحت ذرائع المواجهات العسكرية المستجدة.
انخفاضات
..وبحسب آخر التقارير الرسمية الصادرة هذا الأسبوع عن قطاع التجارة الخارجية بوزارة ألصناعه والتجارة فقد انخفضت قيمة الواردات الى الجمهورية اليمنية خلال العام 2017م الى 6 مليارات 448 مليوناً و400الف دولار مقارنة بـ14ملياراً و764 دولار عام 2014م فيما انخفضت الصادرات لنفس الفترة من 7 مليارات و985 مليوناً و370 الف دولار الى405 ملايين و800 الف دولار.
وكشف التقرير عن أن سبب هذا الانخفاض يرجع الى الإجراءات التعسفية التي فرضتها دول العدوان على بلادنا منذ اكثر من الف يوم من بدء العدوان وما ترتب عليه من حصار جائر لكافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية والاستهداف المباشر لكافة البنى التحتية في اليمن.مبينا أن تلك الواردات اشتملت على السلع الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية ومواد البناء والمشتقات النفطية والآليات والمعدات والأجهزة والمركبات وأجزائها إضافة الى المطاط ومنتجاتها والمواد الكيميائية والعضوية والأسمدة والسلع الاستهلاكية وأدوات وأجهزة البصريات فيما الصادرات اشتملت على الصادرات النفطية والسمكية والزراعية والصناعية.
وأوضح التقرير أن قيمة واردات السلع الغذائية انخفضت الى2مليار و440مليون دولار عام 2017م مقارنة بـ4 مليارات و717مليون دولارعام2014م
فيما انخفضت قيمة واردات الأدوية والمستلزمات الطبية لنفس الفترة من453 مليوناً و70 الف دولار الى262مليوناً و800الف دولار عام 2017م.
وأشار التقرير الى ان قيمة واردات المشتقات النفطية انخفضت خلال نفس الفترة من 4ملياردولار الى 620 مليوناً و600الف دولار2014-2017م .ولفت التقرير الى ان قيمة الواردات الخاصة بالسلع الاستهلاكية انخفضت أيضا من 2مليارو136مليون دولار عام 2014الى مليار و49مليوناً و400الف دولارعام2017م.
مضيفا أن قيمة الصادرات المحلية تأثر بشكل كبير جراء العدوان والحصار حيث انخفضت قيمة الصادرات النفطية من 7مليارات و233مليون دولارعام2014م الى160مليوناً و200 الف دولارعام2017 وانخفضت قيمة الصادرات السمكية من300مليون و740الف دولارالى95مليوناً و200 ألف دولار
فيما نخفضت قيمة الصادرات الزراعية من130مليون دولارو360الفاً الى47مليوناً و200الف دولار وانخفض قيمة الصادرات الصناعية من 321مليوناً و270الف دولار الى103 ملايين و200 ألف دولار..
..وأكد التقرير أن تلك الانخفاضات في قيمة الصادرات والواردات تسببت في فقدان خزينة الدولة والبلاد لمليارات الدولارات التي كانت تدعم المالية العامة والاحتياطي النقدي لليمن ناهيك عن تكبيد الكثير من المستثمرين خسائر فادحة جراء العدوان والحصار الغاشم على بلادنا منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام .
وحذر التقرير من استمرار العدوان في إجراءاته التعسفية ضد الشعب اليمني ومنع دخول متطلباته واحتياجاته من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية والغاز الأمر الذي ينذر بحدوث كارثة إنسانية وشيكه قد تصل إلى المجاعة.
داعيا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية بالضغط على دول العدوان من اجل رفع الحصار عن الشعب اليمني كون استمراره يعد مخالفا لكل الشرائع والمواثيق والقوانين الإنسانية والدولية.
ثبات ونصر
..ومما لاشك فيه أن الحصار الاقتصادي الممنهج والشامل أثر بشكل كبير على قطاعات واسعة من السكان باستهداف حياتهم المعيشية والغذائية حيث تأثر قطاع العمالة بشكل كبير نتيجة فقدان ملايين شخص وظائفهم في القطاع الخاص الذي تأثر بسبب الحصار والاستهداف المباشر للمصانع والمعامل التي كانوا يعملون فيها ناهيك عن توقف مرتبات أكثر من مليون و200الف موظف في القطاع المدني والعسكري للدولة بالإضافة تأثر القطاع الصحي بشكل كبير الأمر الذي فاقم الأوضاع الصحية بشكل خطير وانتشرت الأمراض والأوبئة كمرض الكوليرا الذي أدى انتشاره إلى 2000حالة وفاه وحوالي مليون شخص مهددون بالإصابة بالوباء..ناهيك عن ملايين الأشخاص المهددون بالوفاة نتيجة انعدام الأدوية كالسرطان والسكر والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض.ولكن ورغم كل هذا الحصار والاستهداف والمعاناة والجوع والفقر فقد فشل العدوان في كسر إرادة هذا الشعب العظيم الواقف بكل صبر وثبات وشموخ في وجه الطغاة والمستكبرين ولن تنكسر ارادتنا مهما حاصروا ومهما جوعوا وقتلوا موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلاشك يلوح في الأفق.

قد يعجبك ايضا