الأمم المتحدة.. وجوبية الانتقال من الضغوط إلى التنفيذ

 

عبدالرحمن علي علي الزبيب

للأسف الشديد توقف دور الأمم المتحده في الضغط لايقاف انتهاكات إنسانية ولم تتقدم أي خطوة إيجابية لإيقاف تلك الانتهاكات لحقوق الانسان ومعاقبة مرتكبيها، وأخفقت أيضاً في تنفيذ إغاثة إنسانية عاجلة لجميع ضحايا الحروب بلا استثناء والذي يعتبر الدور الإيجابي المأمول هو ثمرة وجود الأمم المتحدة وبدونها تصبح صحراء قاحلة لافائدة منها.
مازالت الأمم المتحدة هي المنظومة العالمية الوحيدة لإدارة شؤون العالم ( حكومة العالم ) حتى الآن والتي يقع على عاتقها مسؤوليات كبيرة وأهمها إيقاف الحروب وتخفيف دمارها وضحاياها وخصوصاً المدنيين والمنشآت المدنية باعتبارها محمية وفقاً للقانون الدولي الإنساني.. ولكن ؟
للأسف الشديد مازال دور الأمم المتحدة مشلولاً في جميع القضايا العالمية التي تنزف بغزارة دماء ضحايا أبرياء، ويتوقف دورها عند اصدار تصريحات “القلق والحزن الشديد” من سقوط ضحايا مدنيين وتدمير منشآت مدنية وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني ” قانون الحرب “!!.
بمتابعة تقارير الأمم المتحده في الحروب و الكوارث الإنسانية نلاحظ أن ارقام الضحايا ترتفع بمرور الوقت والاغاثات الإنسانية تخفق باستمرار، وهذا مؤشر واضح لفشل واخفاق الأمم المتحدة ومبرر واضح لإعادة تقييم الإخفاقات وتوقيفها واستبدالها بالإنجازات على ارض الواقع وليس على منصات المؤتمرات الصحفية وفي بطون نصوص قانونية جوفاء باردة كبرودة وجفاف الأمم المتحدة وأن تخرج لأرض الواقع لتحقيق هدف انشائها وميثاق أساسها وإن عجزت عن تحقيق ذلك لتوضح ذلك للعالم وتقدم استقالتها وترحل ويتم استبدالها بمنظومة حقيقية تحقق إنجازات ملموسة وتوقف انهيار العالم تحت ضربات حروب منفلتة بلا قيود إنسانية وتحاسب وتعاقب جميع منتهكي حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني بلا استثناء وتنفذ وتفرض إغاثة إنسانية عاجلة بلا عائق ولا اخفاق وبآليات شفافة خالية من أي فساد .
ما لهذا انشئت الأمم المتحدة، فقط ميكرفون وإذاعة لإصدار ونشر تصريحات وبيانات “القلق والاستنكار” تمتلك الأمم المتحدة صلاحيات كبيرة متاحة لفرض وتنفيذ آليات حماية حقوق الانسان في السلم والحرب ولكن ؟؟
لانعرف حتى الآن مبرر عدم استخدامها ؟؟
ولماذا تتوقف الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية عند حدود الاستنكار ؟؟
ولماذا تتوقف وتعجز عن تقديم الإغاثة الإنسانية للملايين من البشر الذين يحتاجونها والذين يتساقطون ضحايا عجز الأمم المتحدة وربما فشلها أو قد يكون ربما فسادها ؟؟
ولماذا لايتم تنفيذ آليات إنسانية وقانونية لإيقاف انتهاكات القانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان، ومنها تشكيل لجان تحقيق مستقلة للتحقيق في جميع الوقائع بلا استثناء واستكمال إجراءات المحاكمة وتنفيذ العقاب ضد مرتكبيها بلا استثناء بلا ، فدماء الانسان واحدة ولاتمييز بين دماء انسان وانسان …. مهما كان موقعه في الكرة الأرضية ..
مازال الجميع يتساءل …
لماذا لا تخرج الأمم المتحدة من قوقعتها السميكة الممتلئة ببيانات الشجب والاستنكار وتقارير الانتهاكات الجسمية لحقوق القانون والجرائم البشعة لانتهاكات القانون الدولي الإنساني ؟؟
ولماذا لاتخطو خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح وتبدأ بفرض إجراءاتها الإنسانية بقوتها المستمدة من ميثاقها ومن الوثائق الصادرة منها بتوافق واجماع جميع شعوب العالم ؟
لماذا لا تستخدم الفصل السابع لأنسنة الحروب وإيقاف انتهاكاتها لحقوق الانسان ؟
أم أن الفصل السابع يستخدم فقط لتبرير احتلال الأوطان ودمارها ؟؟؟!!
الأمم المتحدة لم يتم انشاؤها لتبرر الاحتلال والحروب والدماربل تم انشاؤها لإيقاف الحروب والدمار ونشر السلام وتقديم إغاثة إنسانية عاجلة للإنسان في جميع القارات والبلدان بلا تمييز ولا استثناء قبل أن يموت الإنسان وليس لإصدار بيانات النعي والعزاء بعد وفاة الانسان .
هناك مسؤولية كبيرة أمام الأمم المتحدة باعتبارها الخيار الوحيد المتاح حتى الآن لشعوب العالم للتخفيف من تدهور الأوضاع الإنسانية والحد من تفاقم المعاناه الإنسانية للبشرية .
مازالت الثقة موجودة في الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية.. نعم تآكلت بسبب اخفاقاتها المتكررة وعجزها وفشلها وربما للأسف فسادها ولكن مازال هناك بصيص أمل بأن تقوم بدورها في تخفيف الألم .
من المفترض عند اشتعال حرب أن تسعى الأمم المتحدة الى:
1. اطفائها قبل تفاقمها وإيجاد مسارات سلمية جريئة وناجحة لايقاف النزاعات السياسية وفرض خارطة طريق يلتزم الجميع بها ويعاقب من يخالفها قبل ارتفاع عدد ضحايا تلك الحروب وقبل تفاقمها .
2. العمل بمسار متواز بفرض إغاثة إنسانية شاملة وعاجلة لجميع من يتأثر من تلك الحرب لإيقاف نزيف الدم وتخفيف الألم للجميع بلا استثناء ولاتمييز بإغاثة كافية وشفافة بطريق آمنة ومحمية من أي استهداف أو قصف أو تدمير وآليات ناجحة لإيصالها إلى جميع من يحتاجها في اقرب وقت وباجراءات شفافة خالية من أي فساد ومعاقبة عاجلة لمن يعرقلها ومن يفسد فيها باعتبار ذلك جريمة حرب ضد الإنسانية .
لايكفي فقط نشر وثائق تحمي حقوق الانسان وتنص على معاقبة منتهكيها بل يستوجب تطبيقها على ارض الواقع ومعاقبة منتهكي حقوق الانسان اثناء السلم وعند غياب السلم واشتعال الحروب .
نرجو فقط تطبيق نصوص القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني والزام جميع الأطراف بوقف انتهاكها لحقوق وكرامة الانسان.
تنص تلك القوانين على قيود وحدود للحروب يستوجب عدم مخالفتها ويلتزم الجميع شفاهة وكتابة بعدم خرق قانون حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني ولكن ؟؟
أين الآليات التنفيذية لتطبيق نصوص القانون على الواقع ؟
ومتى ستخرج نصوص القانون من ادراج الأمم المتحدة الى الواقع ؟؟
أم أن تلك القوانين ليست سوى سراب يتبدد تحت دخان البارود لتظهر فاجعة كبيرة ان القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان ليسا سوى قشور جوفاء لا معنى لها ميتة لا حياة فيها .
هل أصبحت نصوص قانون حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني كابوساً مؤلماً وكذباً محضاً وديكوراً مغشوشاً لبناء مهمل ومهلهل اسمه الأمم المتحدة؟!! .
في الأخير :
أرجو وأناشد الأمم المتحدة أن تقوم بدورها القانوني المنشود بحماية حقوق الانسان بلا تمييز ولا استثناء وتطبيق جميع نصوص القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني لاطفاء حروب دمرت الأخضر واليابس ودمرت في مقدمتها ضميراً انسانياً غائباً .
كل قطرة دم تسقط من ضحايا أبرياء بسبب حرب منفلتة خارج اطار القانون الدولي يتحمل مسؤوليتها عجز الأمم المتحدة وتخاذلها في تطبيق القانون وإلزام الجميع بتطبيق نصوصه .
كل انسان يسقط ضحية الحاجة إلى إغاثة إنسانية تأخرت أو توقفت حتى فارق الحياة يتحمل مسؤولية فشل واخفاق الأمم المتحدة ووكالاتها في تنفيذ إغاثة إنسانية عاجلة وطارئة تحافظ على حياة الانسان .
مازلت أحلم باستعادة الأمم المتحدة دورها الإنساني المنشود وأن تتحقق تلك الاحلام على ارض الواقع لا في ادراج مكاتبها.. كانت تلك الاحلام قد تفاءلنا بتحقيقها بتعيين الأمين العام الجديد للأمم المتحده أنطونيو غوتيريش والذي عرف عن قرب أهوال الحروب خلال فترة عمله في مفوضية اللاجئين لفترة طويلة وكنا نتوقع أن يبدأ بتشغيل وتفعيل جميع آليات الأمم المتحدة لإطفاء الحروب في العالم وإيقاف انتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني ومعاقبة مرتكبيها بلا استثناء وتفعيل اليات الإغاثة الإنسانية لإيقاف تدهور الأوضاع الإنسانية.
ولكن للأسف الشديد اصطدمت تلك الاحلام بواقع مؤلم وبائس مملوء بعبق دخان البارود ورائحة أشلاء الانسان تنهشها الحرب بلا رحمة وبلاقيود قانونية ولا إنسانية، والأمم المتحدة تحولت فقط إلى كاهن يتلو ويرتل بيانات استنكار وقلق بعد دفن أي ضحية.. فهل هذا هو فقط الدور المأمول للأمم المتحدة وتم انشاؤها فقط لذرف دموع الحزن فوق أشلاء ودماء ضحايا أبرياء وعلى جثث موتى بسبب فشل إغاثة إنسانية؟!
أتابع بسخرية واحتقان تقارير وبيانات استنكار الأمم المتحدة لتدهور الأوضاع الإنسانية وانتهاكات حقوق الانسان ومطالبتها لإيقاف تلك الانتهاكات وأتساءل لمن توجه تلك التقارير والبيانات وهل هناك منظومة عالمية أخرى مختصة بإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان … الأمم المتحدة هي المختصة وهي المسؤولة عن إيقاف انتهاكات حقوق وكرامة الانسان وليست فقط مختصة بإصدار تقارير وبيانات .
نخشى فقدان ثقة شعوب العالم في منظومة الأمم المتحدة وأجهزتها لاستمرارية اخفاقها وفشلها وتكلسها وتوقفها عند حدود الضغط دون القيام بأي أعمال إيجابية متاحة لها ومختصة بها لإيقاف شلالات دماء ضحايا أبرياء ودمار منشآت مدنية .. ونتساءل هل حان الوقت الآن لتتحرك الأمم المتحدة ووجوبية الانتقال من الضغوط إلى التنفيذ؟!.
عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان + النيابة العامة

 

قد يعجبك ايضا