الإعلام الإماراتي والسعودي.. الرقص طرباً على أحداث تونس

 

 

قبيل أيام من موعد إحياء ذكرى «ثورة الياسمين»، وبينما كانت وسائل الإعلام تستعد لإعادة بث مشهد حرق الشاب التونسي، محمد بوعزيزي، ومشهد تأثر المسن التونسي الباكي وهو يقول «لقد هرمنا.. لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة»، اشتعلت أحداث تشبه أحداث الثورة في أرجاء تونس؛ لتسيطر على المشهد.
وتستمر الاحتجاجات حتى الآن؛ ليظهر مدى ضجر قطاع كبير من التونسيين من تدهور البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا، في وقت تصر فيه الحكومة التونسية على استخدام طريق للخلاص من الديون على حساب قوت المواطن التونسي، فيما تحاول الأحزاب المعارضة استثمار الأزمة بالدعوة إلى إسقاط الموازنة، بما يعني إسقاط الحكومة.
فيما كان التونسيون ينشغلون بما آلت إليهم أوضاعهم، وبالبحث عن الطريقة الأنسب لتحقيق أهداف ثورتهم، تفاجأوا بعدة جهات تنال من تجربتهم الديمقراطية، منتهزه الأحداث الأخيرة لتتحرك ضمن معزوفة معروفة بمعادتها لثورات الربيع العربي.ولذلك خرجت العديد من الصحف والقنوات العربية خاصّة التابعة للسعودية والإمارات لتشويه التجربة التونسية بإظهارها نموذجًا للفشل والفوضى؛ في محاولة لترهيب الشعوب من أي محاولة للانتفاضة على الوضع السياسي في بلادهم. وللاستدلال على ذلك يمكننا رصد بعض ما تناولته تلك الوسائل، ففي إطار تضخيم صورة أحداث الفوضى التي تجتاح بعض المدن التونسية، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» مقطع فيديو قديمًا لمواجهات وقعت في منطقة «الكامور» بمحافظة تطاوين في منتصف العام 2017م وقدمته على أنه صور من مواجهات تحدث هذه الأيام بتونس، ويعود الفيديو ليوم فضّ اعتصام الكامور السلمي المطالب بإعطاء ولاية تطاوين نصيبها من مداخيل النفط، وهي أحداث أسفرت عن مقتل متظاهر دهسًا، وجرح آخرين.
فيما سارعت الإعلامية اللبنانية – بقناة «العربية» التي تبثّ من الإمارات – نجوى قاسم بالسخرية من الثورة التونسية؛ فكتبت على حسابها بموقع «تويتر»: «الاحتجاجات تتسع في تونس، نفس الخبر في نفس الموعد الذي وعدنا بالياسمين قبل سبع سنوات.. سبع عجاف عجاف عجاف حتى لم نعد نريد وعدًا، ونخشى كل موعد».
ولاقت تغريدة «القاسم» استنكارًا كبيرًا من قطاع عريض من التونسيين؛ فرد عليها التونسي كيلاني الجربي بالقول: «عجاف، لكننا كسبنا كرامتنا وحريتنا، سيأتي اليوم الذي ننهض باقتصادنا، خاصة مع الشباب الحالم هنا، أما انتم فستظلون مرتزقة لصهاينة العرب من آل زايد… إلخ، فرنسا ظلت ثورتها قرنًا من الزمن لكي نرى فرنسا الحالية».
وعلى جانب آخر، قامت قناة «سكاي نيوز عربية» التي تشرف عليها وزارة الخارجية الإماراتية ببث مباشر لاحتجاجات من منطقة «سيدي عمر بوحجلة» النائية.
كذلك لم يفوت الإعلامي المصري عمرو أديب فرصة النيل من الثورة التونسية؛ بهدف تشويه تجربة تونس في الانتقال السياسي؛ إذ استغل الأحداث في تونس للتدليل على عدم فاعلية الديمقراطية والثورة. يقول الكاتب التونسي، عادل بن عبد الله: إن المحور الإماراتي السعودي يعمل على استثمار الصراعات الأيديولوجية بين الإسلاميين والعلمانيين، لذلك يحاول الآن «منع قيام كتلة تاريخية أو تحالف سياسي حقيقي بين الإسلاميين والعلمانيين، لتحقيق مقومات السيادة والتخلص من إذلال التبعية الاقتصادية والثقافية».
ويضيف في مقاله «ماذا تريد الإمارات والسعودية لتونس(2)» : «استباق أي تحرك احتجاجي في السعودية والإمارات، وتقديم صورة كارثية للتحولات الجارية في المنطقة، وهو ما يُقلل من فرص (تصدير) الثورة التونسية (باعتبار الثورة مجموعة قيم ومفاهيم)، ويضعف من قوة جذبها للفئات المهمشة والمقموعة في ممالك النفط المعادية للربيع العربي».

قد يعجبك ايضا