قوات النُخبة.. تشكيلات مليشاوية محلية تعمل كأذرع للعدوان في مختلف المحافظات

*أنشأتها مشيخة أبو ظبي في عدن وعمدت إلى تعميمها في محافظات عدة
ماجد الكحلاني

لم يعد خافياً سعي الإمارات بسط سيطرتها على المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن والمنافذ البحرية الهامة والجزر ذات المواقع الاستراتيجية الحيوية، معتمدة في ذلك على قوات يمنية استغلت حاجتها للمال وقابليتها للخيانة والعمالة فقامت بتدريبها لتكن يدها التي تبطش بالمواطن اليمني، والتي تسرق ثروة البلد وتاريخه وخيراته، وسلاحها الذي توجهه إلى صدور اليمنيين الشرفاء وتقتلهم به.
ومن على قارعة الارتزاق، جلبت الإمارات بضع آلاف من “شبوة، مأرب، حضرموت، عدن، المهرة، سقطرى”،وجندتهم ثم أطلقت عليهم لاحقاً مسميات “النخبة، والحزام الأمني” ثم تركتهم يعيثون في اليمنيين -الواقعين في مناطق سيطرتها- انتهاكاً وقتلاً واحتجازا واغتيالاً لسياسيين مناوئين.
لكن الإمارات لم تكتف في إدراج بضعة آلاف من اليمنيين في قوائم عملائها ومرتزقتها، فراحت منذ وقت مبكر ترتب مع علي عبدالله صالح ونجل أخيه طارق محمد عبدالله صالح مسألة تشكيل قوات “نخبة صنعانية” والإشراف على تدريبها، لتمارس ذات الأدوار القذرة بحق اليمنيين في الشمال كما في الجنوب.. وهذا ما حدث بالفعل.
وفي شهر نوفمبر العام الفائت -قبل شهر من أحداث فتنة مليشيات الخيانة بقيادة صالح وطارق – انكشفت ترتيبات قوات النخبة الصنعانية بقيادة طارق صالح تحت غطاء دعم الجبهات لقتال قوات العدوان على اليمن والمليشيات الموالية لها.
و أرسل طارق قوات صنعاء النخبوية حسب المقاييس الإماراتية، إلى مديرية العود في محافظة إب وبعض المناطق في محافظة لحج لتلقي التدريبات ..ليس ذلك فحسب ، بل إن طارق كان يشرف منذ عدة أشهر على تجنيد وتدريب مليشيات من مختلف المحافظات في معسكرات سرية، لرفد الإمارات بمقاتلين يمنيين مأجورين، فيما طائرات العدوان لا تتوانى في جعل المدنيين اليمنيين أهدافاً لصواريخها وقنابلها المحرمة دولياً.
أمعنت دول تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية والإمارات في قتل أطفال اليمن ، كما أمعن صالح وطارق وكثيرين من شاكلتهم على خيانة اليمنيين ..وفي حين عجزت قوات التحالف وبما تملكه من ترسانة تسليحية هي الأضخم في الشرق الأوسط ، في هزيمة الجيش اليمني واللجان الشعبية وكل القوى الوطنية ، ارتضى طارق بتوجيهات من عمه أن يكون يداً قذرة تضاف إلى أيادٍ قذرة ملطخة بالدم اليمني.
قوات النخب أو الحزام الأمني التي أنشأتها أبوظبي ابتداء من مارس 2016 في محافظة عدن، مستغلة غياب الدولة وفراغ الأمني في عاصمة اليمن الاقتصادية ، بدأت في تكوين لوائيين عسكريين تم تجهيز بعض أفرادهما في دولة الإمارات التي حرصت منذ البداية على اعتماد أسس خاصة في تشكيل هذه القوة، وجعلتها ترتبط بشكل مباشر.
ورغم أنها انطلقت بداية في عدن، فقد توسعت لاحقا إلى مدن ومحافظات أخرى كمحافظة لحج ، ثم عملت الإمارات على نقل التجربة وتثبيتها في جميع المحافظات الجنوبية باليمن.. وقد سعت في أكتوبر العام الفائت لنقل قوة عسكرية مكونة من نحو ثلاثة آلاف عنصر عسكري تلقت تدريبها خارج اليمن إلى محافظة تعز لإنشاء فرع فيها لقوات الحزام الأمني. ولاحقاً اتضح أنها كانت تجهز قوات مماثلة بقيادة طارق صالح لإحكام سيطرتها وبصورة مفاجئة في صنعاء وهو ما قامت به مليشيات الخيانة تلك في الثاني من ديسمبر 2017 ، لكن الجيش اليمني واللجان الشعبية كانوا لهم بالمرصاد وفي غضون يومين فقط سقطت الفتنة بسقوط رأسها المدبر .
وتقوم قوات النخب والحزام الأمني بعمليات قتل واحتجاز وتعديات خارج القانون، واستهداف ممنهج ومتواصل للخصوم السياسيين، وإدارة سجون سرية تابعة للإمارات في جنوبي اليمن. كما تقوم هذه القوات بتلك التصفيات والتجاوزات بحق الخصوم السياسيين والعسكريين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومحاولات فرض الأمن والاستقرار في البلاد.
و كشفت مصادر مطلعة عن قيام دولة الإمارات المحتلة بتجنيد مئات الشباب من أبناء المحافظات الشرقية لليمن “سقطرى، حضرموت، شبوة، والمهرة” لخدمة مخططاتها وتعزيز نفوذها وسطوتها على المناطق الغنية بالثروات والموارد في جنوب وشرقي البلاد.
وأكدت المصادر أن القوات الإماراتية ضمت الى قوامها نحو ألفي شاب من المهرة و500 مجند آخر من أبناء محافظة جزيرة سقطرى، فيما شكلت ما سُمي بقوات نخبة حضرموت في مدينة المكلا والتي يصل عدد افرادها إلى ما يقارب 10 آلاف مجند تم تدريبهم وتأهيلهم وتحويلهم بدعم أمريكي سعودي إلى مجموعات إجرامية تتولى قمع مناهضي الإحتلال وتعذيبهم، وترتكب انتهاكات جسيمة بحق الأهالي من أبناء حضرموت.
كما سعت الامارات الى توسيع نفوذها وسيطرتها لتطال محافظة شبوة النفطية، التي شهدت مطلع أغسطس الماضي انتشار واسع وتوغل كبير لـقوات ما يسمى بـ “النخبة الشبوانية” في عدد من المناطق سيما منها منطقة العقلة النفطية وتسلمت هناك مطار شركة “OMV” وبوابتها، في حين تمركزت قوات إماراتية في منشأة بلحاف النفطية، التي تعدّ أهم منشأة يمنية لتصدير الغاز الطبيعي.
وتأسست قوات ما تسمى بـ”النخبة الشبوانية”، من مجندين من أبناء محافظة شبوة بإشراف وتدريب من قبل الإمارات التي تتولّى واجهة قيادة تحالف العدوان، في محافظات جنوبي اليمن.
وتضم في قوامها حوالي 3 آلاف مجند، جرى استقطابهم وتدريبهم من قبل تحالف العدوان بالتنسيق مع قيادات في حكومة الرياض، لتمثل تشكيلاً عسكرياً على غرار ما عُرف بـ”قوات النخبة الحضرمية”، التي أسستها أو أشرفت على تأسيسها أبوظبي خلال العام 2016.
وحسب المصادر فإن معظم أفراد قوات النخبة تنتمي الى حزب التجمع اليمني للإصلاح المرتبط بفكر جماعة الإخوان المسلمين التي تتزعم الإمارات حملة عدائية ضدها بمختلف الوسائل”.
مؤكدة ضلوعها في استخدام القوة المفرطة خلال الاعتقالات والمداهمات التي طالت أحياء ومنازل كثيرة واحتجزت تعسفا رجالا وشبانا فيما أخفت العشرات من المناهضين للاحتلال قسرا.
وفي سياق المطامع الخليجية الأمريكية في جنوب اليمن سعت الإمارات منذ سيطرتها على الساحل الجنوبي والشرقي لليمن، إلى تأسيس قاعدة عسكرية في مناطق حيوية جنوب البلاد لخدمة مصالحها الاقتصادية، حيث أنشأت مهبط طائرات على جزيرة بريم “ميون” وسط باب المندب الاستراتيجي والذي يمر من خلاله قرابة 4 ملايين برميل نفط يوميًا.
كما حولت الإمارات المحتلة جزيرة سقطرى إلى منطقة عسكرية وكثفت الجهود في الفترة الأخيرة لبسط نفوذها عليها بالكامل وسيطرت على كل الموانئ والمطارات وبدأت في تسيير رحلات جوية دون حتى موافقة من حكومة الفار هادي التي غرقت هي الأخرى في مستنقع الفساد والعمالة.
هذا ولعبت الإمارات أدوارًا مشبوهة في الجنوب الشرقي لليمن إلى أقصى الجنوب، متمكنة من تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وبث سموم العنصرية والمناطقية بين أبناء البلد الواحد.
كما عمدت الإمارات بعد احتلالها وسيطرتها على عدن في 16 من يوليو 2015، إلى إيكال المهمة الأمنية لعناصر متشددة ومتطرفة وأخرى انفصالية رادِيكالية، عملت على تنفيذ المهام التي اوكلت اليها من قبل قوى الاحتلال والتي منها طرد أبناء المحافظات الشمال ومصادره ممتلكاتهم، فضلا عن تنفيذهم لأجندة فصل اليمن إلى شمال وجنوب بما يحقق أهدافها.
يتحدث المسؤولون الإماراتيون أن بلادهم درَّبت أكثر من 11 ألف جندي يمني من حضرموت، و14 ألفًا من عدن وثلاث محافظات، وتدفع لهم أجورهم، وهو ما يعني أن الإمارات لا يمكن أن تقبل هذه الهزيمة السياسية، وإنما سترد بتصعيد آخر، أقلها زعزعة الاستقرار الأمني في محافظة عدن.
ففي الجانب الأمني ستوعز وكلاءها لبث الرعب في عدن، وإحداث تفجيرات واغتيالات في المحافظة التي تعاني من أزمات أمنية متلاحقة، ربما قد يصل ذلك إلى اغتيال مسؤولين كبار يدينون بالولاء لهادي أو المملكة العربية السعودية .
الإماراتيون مصممون على تحويل تركيزهم في اليمن من العمل التكتيكي قصير الأجل إلى الاستقرار الاستراتيجي طويل المدى، وبأي نتيجة كانت.
أما على صعيد التواجد على الأرض، فقد بدأت الإمارات في تشييد مطارات وأبنية ممتدة في جميع الموانئ اليمنية الرئيسية من المكلا شرقًا إلى المخا على ساحل البحر الأحمر لتسخير الإمكانات الاقتصادية كافة كجزء من عملية تنفيذ طموحها الأوسع نطاقًا والحاسمة لانفصال جنوب اليمن على المدى الطويل.
ومن أبرز الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها تلك القوات .التالي :
– مايو 2016: شنت قوات الحزام الأمني حملات مداهمات لمنازل ومحال واعتقلت ورحّلت مئات من المواطنين الذين ينتمون للمحافظات الشمالية إلى خارج محافظة عدن.
– فبراير 2017: رفضت قوات الحزام الأمني قرار الرئيس الفار هادي إقالة قائد حماية مطار عدن الموالي للإمارات، واندلعت اشتباكات بين قوات الحزام الأمني وقوات الحماية الرئاسية، وشاركت مروحية عسكرية إماراتية وقصفت عربة لقوات الحماية الرئاسية، وألغي قرار الإقالة.
– أبريل 2017: منعت قوات الحزام الأمني في مطار عدن قائد ما يسمى باللواء الرابع حماية رئاسية العميد مهران القباطي من دخول عدن حين كان عائدا من القاهرة، قبل أن تأتي طائرة سعودية وتنقله إلى الرياض.
– مايو 2017: منع مسلحون متشددون -يعتقد انتماؤهم لقوات الحزام الأمني- أسرة الناشط أمجد عبد الرحمن من الصلاة عليه في مساجد حي كريتر بعدن، أو دفنه في مقبرتها بحجة أن آراءه لم تكن تروق “الإمارات” وهو ما اضطر عائلته إلى دفنه بمقبرة تقع خارج المدينة.. وبالرغم من ذلك قامت قوات من الحزام الأمني بتفريق عشرات من المعزين توافدوا للعزاء أمام منزل الأسرة.
-وفي مايو 2017 كشفت منظمة “سام” للحقوق والحريات -ومقرها جنيف- عن سجون سرية في مدن عدن والمكلا وسقطرى وحضرموت جنوبي اليمن، تدار خارج القانون من قبل تشكيلات عسكرية خارجة عن سيطرة السلطة اليمنية، مضيفة أن هذه التشكيلات تشرف عليها قوات إماراتية، منها قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية في المكلا الخاضعتان بصورة مباشرة لإشراف دولة الإمارات.. وأكدت أن المعتقلين في هذه السجون السرية يتعرضون لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي، ويحرمون من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية. وقالت المنظمة إن القبض على المتهمين يتم بدون أوامر قضائية وبأمر مباشر ممن يشرف على قوات النخبة الحضرمية، وهي تعمل خارج سيطرة السلطة المحلية وقراراتها مستقلة.
ووثقت المنظمة في تقريرها ثمانية معتقلات، منها معتقل خور مكسر، ومعتقل معسكر العشرين في منطقة كريتر قرب المقر الرئيسي المؤقت للحكومة الشرعية، ومعتقل معسكر الحزام الأمني في منطقة البريقة الذي كان يقوده قائد عوضته القوات الإماراتية بآخر، ومعتقل بير أحمد وهو مزرعة استؤجرت لإقامة سجن فيها، ومعتقل معسكر الإنشاءات وتعرض فيه ضحايا للتعذيب من قبل قوات تتبع الحزام الأمني، ومعتقل معسكر الإنشاءات، ومعتقل في منطقة البريقة، ومعتقل في قرية الظلمات وهي منطقة خلف البريقة.
– يونيو 2017: تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للمواطن اليمني علي كرادة أحد ضحايا سجون تشرف عليها قوات الحزام الأمني، حيث ظهرت على جسده آثار تعذيب بإطفاء السجائر في جسده والضرب بأدوات معدنية أثناء اعتقاله لدى قوات الحزام الأمني.
– أغسطس 2017: احتجزت قوات “الحزام الأمني” بمحافظة عدن أكثر من 30 شحنة مشتقات نفطية مخصصة للبيع في محطات المدينة، حيث قامت تلك القوات باعتراض واحتجاز أكثر من 30 شحنة بنزين وديزل كانت في طريقها من مصافي عدن إلى محطات البيع، بهدف التخفيف من الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية التي تعانيها عدن والمحافظات الأخرى.
– أكتوبر 2017: اشتباكات بين قوات من الحزام الأمني وأخرى من الجيش في محيط معسكر صلاح الدين بمدينة عدن عقب إقامة عرض عسكري ومهرجان بمناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر بحضور أحمد عبيد بن دغر.
– نوفمبر 2017: اندلعت اشتباكات في مدخل ميناء الزيت بمدينة عدن عندما هاجمت قوات من الحزام الأمني حراسة الميناء المشكلة من مليشيات تابعة لهادي.
– نوفمبر 2017: ألغى رئيس حكومة عدن المشكلة بأوامر سعودية – إماراتية، أحمد عبيد بن دغر عرضاً عسكرياً واحتفالاً بمناسبة ذكرى ثورة 30 نوفمبر “ذكرى جلاء آخر جندي بريطاني في جنون اليمن”، في مدينة عدن بعد قيام قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات بقطع الطريق أمام موكبه.

قد يعجبك ايضا