كيف فشلت أمريكا في الشرق الأوسط من سوريا إلى العراق وافغانستان؟

 

کتبت صحيفة “ناشينال اينتريست” الامريكية في مقال لها على لسان الكاتب “دانيال ديفيس” أنه وبينما تم تثبيت معظم البلاد على القضايا المحيطة بالأزمة النووية لكوريا الشمالية، فإن قضايا السياسة الخارجية الأخرى ذات الأهمية الحقيقية تمر دون أن يلاحظها أحد.
وقال الموقع ان هذه القضايا تتحرك في الاتجاه الخاطئ، وتهدد القرارات العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا بتوسيع سجلنا الذي لم يسبق له مثيل لكسب الفشل الاستراتيجي في المستقبل.
ففي أفغانستان، عاد نائب الرئيس بانس للتو من رحلة، وبغض النظر عن عدد القنابل التي تنزلها الولايات المتحدة هناك، فإن ما يقرب من خمسة عشر ألفا من الجنود الأمريكيين لن يحققوا انتصارا عسكريا لم يتمكن مئة ألف من تحقيقه.
العدد الحالي من القوات يكفي لمنع الحكومة في كابول من السقوط، ولكن لا شيء أبعد من ذلك. وبدون تغيير، فإن الخطة الجديدة لإدارة ترامب ستضيف ببساطة أربع سنوات أخرى إلى العقم الاستراتيجي الذي عانينا منه منذ عام 2001م.
وقال وزير الدفاع جيمس ماتيس انه وعلى الرغم من ان قوات التحالف قامت بتحرير كل مناطق العراق من إرهابيي داعش إلا انها ما زالت تشكل “تهديدا للاستقرار في المناطق المحررة مؤخرا”، ومن ثم يعتزم ابقاء القوات الأمريكية في العراق الى اجل غير مسمى. وقال قائد القوات المسلحة الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل ان القوات الأمريكية ستبقى في سوريا الى اجل غير مسمى لمساعدة الميليشيات الحدودية العربية والكردية المحلية بحجة منع عودة ظهور داعش.
وتابع الكاتب الأمريكي بالقول وبصفتي أحد المدربين الأمريكيين لكتيبة حدودية عراقية، أستطيع أن أخبركم بأن هذا التدريب في مناطق سوريا التي تحكمها فقط قوات الميليشيات المختلفة ليس لديها تقريبا أي فرصة لمنع تجدد أي شيء، بل وأقل فرصة لتحقيق مراقبة. إن البقاء في العراق وسوريا وأفغانستان، على الرغم من التأكيد المطمئن لمجموعة من القادة العسكريين والإداريين، لن يحقق الاستقرار هناك ولن يعزز الأمن الأمريكي. ان أفضل طريقة لرعاية الموارد الأمريكية والحفاظ على حيوية القوات المسلحة الأمريكية وانهاء عقدين من الفشل الاستراتيجي هو انهاء المهام بنجاح وإعادة نشر القوات العسكرية الأمريكية.
إن الولايات المتحدة تنفق عشرات المليارات سنويا، وتعاني من وفاة وإصابة العشرات من الأفراد في خدمتهم، وتحويل التدريب العسكري والتركز بعيدا عن الاستعداد لمعارك محتملة الوجود ضد الخصوم ولإنهاء هذا الفشل الاستراتيجي الدائم، هناك عدة أمور يجب على الإدارة القيام بها.
أولا: يجب على واشنطن أن تضع إطارا زمنيا معقولا، حوالي أربعة وعشرين شهرا، وأن تبلغ كابول وجميع الدول المتحالفة بأنها ستنهي جهودها العسكرية في أفغانستان. وستحصل الحكومة الافغانية على عامين كاملين من الدعم العسكري على المستويات الحالية للحصول على مكانتها في النظام واتخاذ أي إجراء ضروري للتحضير للاضطلاع بمسؤولية كاملة على امنها الوطني. وبعد هذين العامين، سنقوم، على مدى اثني عشر شهرا، بإعادة الانتشار المنتظم لجميع القوات القتالية الأمريكية.
ثانيا: يأمر البيت الأبيض البنتاجون بسحب جميع الأفراد الأمريكيين والمعدات من سوريا، على أن يتم ذلك في غضون تسعين يوما من صدور الأمر. وأخيرا، سيطلب الرئيس من وزير الدفاع تقديم خطة لسحب جميع أفراد الجيش الأمريكي من العراق، وستكتمل ستة أشهر من تاريخ صدور الأمر.
واسمحوا لي أن أفكك على الفور الفكرة التي لا أساس لها من الصحة بأن الانسحاب العسكري الأمريكي سيخلق “فراغا” سيخسر خصوم أمريكا لتعبئته، وسيعاني الأمن الأمريكي نتيجة لذلك. أولا، من الصعب أن نتصور قوة عالمية أخرى سوف تكون حريصة على اتخاذ مكاننا في المشاركة في الفشل الدائم والمكلف. ثانيا، إن الفوضى التي تصيب الشرق الأوسط حاليا ليست جديدة. بل حاضرة طوال فترة رئاسته ثماني سنوات في منصبه، وسوف تكون حاضرة بعد انسحابنا. وجودنا لا يقلل الفوضى، إلا أنه قد يؤدي إلى تفاقمها.
هنا هو الحل الرئيسي: إذا فشل الرئيس في اتخاذ هذه الإجراءات، فإن كل بعثة من البعثات في العراق وسوريا وأفغانستان سوف تستمر في التمسك، دون حل، إلى أجل غير مسمى، ما يؤدي إلى نزيف بطيء للكنز الوطني الأمريكي. وعلاوة على ذلك، سوف تستمر في تعريض قدرة أمريكا على الاستجابة لحالات الطوارئ الإقليمية الكبرى، مثل كوريا الشمالية أو روسيا.
ويجب أن نعترف بعقدين من الأدلة التي لا لبس فيها بأن عملياتنا العسكرية في الشرق الأوسط وأفغانستان لم تجلب لنا سوى الفشل الاستراتيجي. إن ثمن الاختيار دون داع أو عمد للانخراط في العمليات العسكرية في الخارج، التي لا يمكن أن تكون نتائجها إلا فشلا استراتيجيا، مرتفعة جدا ويجب التغلب عليها لمصلحة سياسات عقلانية تعود بالفائدة على البلد.

قد يعجبك ايضا