جهود رئاسية وحكومية من أجل استقرار صرف العملة وضبط أسعار السلع

 

> اقتصاديون:
– تدهور قيمة العملة الوطنية يندرج في إطار الحرب الاقتصادية على اليمن
– القيود المفروضة على الواردات من قبل العدوان وانكماش الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري أبرز التهديدات المستقبلية

الثورة/ أحمد المالكي
لا شك أن العدوان يراهن على الورقة الاقتصادية لتركيع الشعب اليمني من خلال مضاعفة الحصار وخلق الأزمات الاقتصادية، ولعل الموجة الحالية التي تشهدها أسواق سعر الصرف وارتفاع سعر العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني هي جزء من هذا الرهان الخاسر بإذن الله، ومن المؤكد أن إفشال هذا الرهان يتوقف على مدى استشعار القائمين على القرار الاقتصادي لمسؤولياتهم الوطنية سواء كانوا من الجهات الحكومية أو القطاع الخاص أو القطاع المصرفي الوطني كل من موقعه لتحسين مستوى الأداء الاقتصادي بشكل عام وأسعار الصرف بشكل خاص وعدم التهاون في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك ,ومهما كانت الأسباب التي تؤدي بشكل مستمر إلى استهداف قيمة العملة الوطنية ’فهي بالتأكيد أسباب ناتجة عن الحرب الاقتصادية الشاملة التي تشن على بلادنا منذ ثلاثة أعوام’لكن الأخطر أن يظل المواطن اليمني هو المستهدف الذي يتحمل العبء الثقيل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية واستغلال ضعفاء النفوس مثل هذه التحركات لمزيد من الضغط على المواطنين برفع قيمة لقمة عيشهم .حيث من الواجب على الجهات المعنية في الدولة أن لايسمحوا مطلقا بأن تتحول المضاربة بالدولار والريال إلى مضاربة بلقمة العيش وبسعر غذاء المساكين:
وفي هذا الصدد أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد على أهميــة تكثيف وتكاتــف الجهود بين الجهــات الاقتصادية المعنية وتشــكيل غرفة عمليات مشــتركة بين هذه الأطراف لمواجهة الأزمة الحالية في الجانب الاقتصادي.مشدداً خلال ترؤسه مؤخراً اجتماعاً ضم رئيسي مجلسي النــواب والوزراء وعــدداً من قيادات الدولــة والحكومة على أن لا تبقــى جهودنا ومســاعينا في حــدود التنظير خاصة ونحن في ظل ظروف اســتثنائية، تســتدعي منــا العمل في كل الأحــوال والظروف، ممــا ينبغي أن يكــون هناك تناغم وتكامــل بين الجهــات ذات العلاقــة بالتركيز عــلى أولويات الجبهة الاقتصادية، كمــا وجه الحكومــة والجهات المعنية بــأن تظل في حالة انعقاد دائم ويكون هناك استنفار كبير من قبلهم .. وأَضاف إن الخارج هو ســبب الأزمة ونحن في حالة حرب اقتصاديــة، لكــن يجــب أن نســعى جميعــا لمواجهتها من خــلال إعادة إصلاح آليــة توريد عائدات النفــط والغاز إلى البنــك المركزي اليمني ومنع تهريب العملة وإيقاف تلاعب الصرافين بأسعار العملات “.
ولعل النقاش الذي جرى في مكتب رئاسة الجمهورية برئاسة مدير مكتب رئيس الجمهورية أحمد حامد بحضور عدد من المسؤولين في الجهات المعنية قد استشعر خطورة المسألة حيث تطرق اللقاء إلى الأوضاع الاقتصادية الراهنة جراء استمرار العدوان والحصار وما خلفه من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
وناقش الجوانب المتعلقة بارتفاع سعر الصرف جراء الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان وسعيه لتدمير الاقتصاد الوطني وزيادة معاناة الشعب اليمني.كما تطرق الاجتماع إلى الآليات الكفيلة بضبط أسعار الصرف والتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن هذا الارتفاع والسبل الكفيلة بضبط المتلاعبين بسوق الصرف للعملات الأجنبية.
رهان
وكان مدير مكتب رئاسة الجمهورية واضحاً وهو يشدد على ضرورة توحيد الجهود ووضع المعالجات السريعة لارتفاع أسعار الصرف ، لافتاً إلى أن العدوان يراهن على الورقة الاقتصادية لتركيع الشعب اليمني من خلال مضاعفة الحصار وخلق الأزمات الاقتصادية .
ودعا حامد الجميع إلى تحمل المسؤولية كلا من موقعه لتحسين مستوى الأداء الاقتصادي بشكل عام وأسعار الصرف بشكل خاص وعدم التهاون في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك .كما دعا الاجتماع القطاع الخاص إلى الاضطلاع بدور ريادي خلال المرحلة الراهنة كونه شريكاً أساسياً للدولة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والحفاظ على سعر الصرف.
وأكد الاجتماع ضرورة تعزيز تماسك الجبهة الاقتصادية في مواجهة التحديات الراهنة التي فرضها العدوان والحصار .. مشددين على أهمية اضطلاع القطاع الخاص بواجبه في استقرار سعر الصرف والحفاظ على المنظومة الاقتصادية.
عوامل رئيسية
وقال المسؤولون في وزارة المالية أن الارتفاع الحاد في سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني يندرج في إطار الحرب الاقتصادية والمالية التي يشنها التحالف من خلال قنواته وأدواته في الداخل التي تعمل على سحب العملات الأجنبية من السوق كما أن هذه الارتفاعات تعود كذلك إلى النتائج السلبية والكارثية التي خلفها قرار نقل البنك المركزي اليمني من قبل الفار هادي إلى عدن ما أدى إلى تعطيل وظائفه حيث يفترض على البنك تحمل مسؤولـــية ضبط السوق وفرض الرقابة عليه والتدخل بضخ الدولار لمواجهة الطلب من العملات الصعبة.
المسؤولون في المالية لفتوا إلى أن قرار نقل البنك الذي اتخذته قوي العدوان في أغسطس 2016يهدف إلى شل قدرة البنك المركزي اليمني على التحكم بالسوق المصرفي وتجميد أصوله الخارجية وهو ما تسبب بتوقف البنك عن فتح اعتمادات مستندية للتجار ما دفعهم إلى الشراء من السوق الموازي، وأشاروا إلى أن تحالف العدوان السعودي الأميركي عمد إلى فتح قنوات داخل العاصمة صنعاء للمضاربة بالدولار في إطار الحرب الاقتصادية والمالية التي يشنها على اليمن مع حكومة هادي للضغط على صنعاء مبينين أن من أدوات الحرب المالية الحالية سحب الدولار بالريال السعودي الذي لا يفتح به اعتمادات مستندية في الخارج.
ومما لا شك فيه أن الارتفاعات المستمرة في سعر صرف الريال مقابل الدولار يؤدي مع الأسف الشديد إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية ما يتسبب في زيادة معاناة المواطنين وبالذات الموظفون في ظل توقف صرف مرتباتهم منذ أكثر من عام، ناهيك عن تسببه في إيجاد حالة من الهلع والجشع في أوساط التجار ووسطاء البيع.
وقد طوى العام 2017 صفحاته في اليمن على أوضاع اقتصادية أكثر قسوة، فقيمة الريال تراجعت بشكل دراماتيكي من 215 إلى 455 ريالاً مقابل الدولار الأمريكي،وقفز هذا الأسبوع إلى مابين490 – 500 بيعا وشراء وهو ما صاحبه ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية تجاوز 100 % خلال فترة العدوان ما ترتب عليه تضييق على معيشة معظم الأسر في عموم البلاد مع استمرار تدني مستوى الخدمات وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة مع تسريح عدد كبير من موظفي القطاع الخاص وتراجع الاستثمار والتصدير واستشراء الفساد وبقاء البلاد بلا موازنة للعام الرابع على التوالي.
محللون اقتصاديون يرون أن معاناة الاقتصاد اليمني كان السمة الأبرز للعام 2017، والذي يتجاوز في تأثيره وتبعاته الحرب العدوانية منذ ثلاثة أعوام، وسط تجاهل دولي وأممي لحجم الكارثة جراء إقحام لقمة عيش وحياة المواطنين في حربهم العسكرية والاقتصادية والسياسية. وأضافوا أن اليمن للعام الرابع على التوالي دون موازنة عامة، وأسعار العملة الوطنية تنهار بتسارع مخيف أمام العملات الأجنبية وتخلي البنك المركزي اليمني عن مسؤوليته تماماً في وضع حد لهذا الانهيار أدى إلى التدهور الحاد للعملة الوطنية منذ نقله إلى عدن من قبل حكومة ما يسمى بالشرعية المدعومة من المجتمع الدولي.
والأسوأ من ذلك لجوء حكومة المرتزقة إلى تغطية جزء من مرتبات بعض موظفي اليمن في مناطق سيطرتها عن طريق طباعة العملة بشكل متكرر، وتغض النظر أو غير قادرة على ضبط الإيرادات، التي تتحكم بها عناصر خارج الأطر المالية الرسمية، وهذا يقودنا نحو (أم الكوارث)، وهو مزيد من انهيار العملة المحلية.وأشار المحللون الاقتصاديون إلى أن أسعار السلع الجنونية والقيود المفروضة على الواردات وانكماش الإنتاج الزراعي وتقلص النشاط الصناعي والتجاري وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كلها عوامل تؤكد أن الاقتصاد اليمني يدخل في «نفق مظلم».
2018 الصورة أكثر قتامة
وبناء على معطيات عديدة أفرزها العام 2017م يقول خبراء الاقتصاد إن استمرار تفاقم الآثار الاقتصادية على الأسر المُعدمة خلال العام 2017 سيجعل من العام 2018 كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن الصورة تبدو أكثر قتامة عما كانت عليه في عام 2017، فالأسر المعدمة تنتمي في معظمها لموظفي الدولة وهم بدون مرتبات منذ أكثر من عام، وهذا يفاقم الوضع الاقتصادي لمعظم الناس في ظل انخفاض قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي، وتوقف معظم أشكال التصدير والاستثمار ما يضاعف من معاناة الاقتصاد العام، وهو ما ينعكس على حياة الناس.
مضيفين: إن هناك مخاوف مما سيكون عليه الحال في عام 2018 ما لم تعمل المنظمات الإنسانية على مضاعفة تدخلاتها بالإضافة إلى العالم الصامت والأمم المتحدة التي يجب أن تدرك دورها تجاه إنقاذ اليمن، وحذروا من أن العام 2018 سيمثل تهديداً واضحاً للأمن الغذائي في اليمن، لأن كل المعطيات التي شهدها عام 2017 تؤكد ذلك إذا لم تتخذ إجراءات صارمة لمواجهة الفساد وتعزيز الحماية الاقتصادية، وعبروا عن أملهم أن تثمر الجهود الرئاسية والحكومية في وضع حد للمضاربة بالعملة الوطنية وضبط السوق النقدية وأسعار المواد الغذائية..وبالمزيد من الصبر والثبات سيتحقق النصر المبين الذي نراه بلا شك قريباً يلوح في الأفق.

قد يعجبك ايضا