العون القضائي والمجتمعي لضحايا العدوان ..

مطهر يحيى شرف الدين
كثيرة هي الإشكالات والمعوقات التي تقف حائلا دون قيام ضحايا العدوان السعودي الأمريكي من المدنيين الأبرياء برفع الدعاوى بالحق الجنائي والمدني ضد مرتكبي جرائم العدوان أمام الهيئات القضائية الوطنية والدولية ومن أهم هذه الإشكالات انعدام الوعي القانوني والقصور في معرفة الإجراءات القانونية المتبعة التي ينبغي على الضحايا اتخاذها والسير فيها ، كما أن فقدان الأمل والإحباط الذي أصاب الضحايا في استرجاع حقوقهم وإمكانية إصدار أحكام وعقوبات رادعة ضد مرتكبي الجرائم سبب آخر في عدم تحريك الدعاوى إضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ جراء العدوان والحصار الخانق والأزمة الاقتصادية التي يمر بها المجتمع اليمني ككل ، وإزاء ذلك وتحقيقا للعون القضائي لضحايا العدوان أصدر وزير العدل القاضي أحمد عقبات تعميماً موجهاً إلى رؤساء المحاكم بشأن إعفاء أصحاب القضايا المتعلقة بالعدوان من الرسوم القضائية وذلك وفقاً للقانون بشأن إعفاء من يثبت عجزه عن دفع الرسوم ، وبما أن المتضررين من العدوان هم من أتلفت بيوتهم وأموالهم وتجارتهم فهم الأولى بالإعفاء من دفع الرسوم القضائية ، تأتي هذه اللفتة الكريمة من وزير العدل تفعيلا وتعزيزاً لنص القانون كي لا تشكل تلك الرسوم عائقا أمام متضرري وضحايا العدوان من اللجوء إلى القضاء وخطوة جيدة لدفعهم للجوء إلى النيابات والمحاكم حفظ للحقوق وتحقيقاً للمصلحة العامة ، وبالمناسبة وفي هذا الصدد ولكي تكتمل منظومة الإجراءات القانونية في هذا الشأن ينبغي على الجهات الرسمية ذات العلاقة بتوثيق ورصد جرائم العدوان ضرورة تفعيل مهام وأعمال مرافقها بخصوص التوثيق الجنائي والقانوني للجرائم المرتكبة والانتهاكات الجسيمة وفي مقدمة تلك الجهات الأدلة الجنائية والأجهزة الأمنية التي تقع على عاتقها مهمة الانتقال إلى مكان الجريمة وعمل محاضر الانتقال والمعاينة وحفظ وتحريز أدوات الجريمة وأدلتها وسماع أقوال الضحايا والشهود وإعداد التقارير الفنية والطبية والاستمرار في استكمال الملفات الجنائية وتسليمها للنيابات في المديريات والمحافظات لمباشرة اختصاصاتها كل في نطاقها الجغرافي التي طالتها دول العدوان وذلك للتصرف فيها وفق القانون وإحالة تلك الملفات إلى القضاء الوطني أو الدولي لتتم محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم التي تعتبر فعلا وفق المعايير الدولية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية توفرت فيها أركان الجرائم الدولية التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وإزاء ذلك ولكي تتحقق الغاية المنشودة من رفع الدعاوى وإحالتها إلى الهيئات القضائية يجب أن يكون حضور منظمات المجتمع المدني الحقوقية في الميدان مهماً جدا وذلك بالترتيب مع وزارة حقوق الإنسان بضرورة القيام بدورها في تبني القضايا المتعلقة بضحايا العدوان من خلال تقديم الاستشارات والخدمات القانونية للضحايا والتنسيق مع المنظمات الدولية من أجل الضغط على المجتمع الدولي ومجلس الأمن بإحالة الدعاوى والملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية وبالتالي ينبغي على المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالتوثيق الجنائي والقانوني تعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني وإيجاد آلية للقيام بأعمال مشتركة للوقوف على الصعوبات والإشكالات التي تواجه ضحايا العدوان وتكثيف تلك الجهود من أجل تحقيق تلك الغايات والأهداف الرامية إلى حفظ حقوق الضحايا والمتضررين ، كما لا يخفى دور المجالس المحلية في الأحياء التي طالها العدوان ودور عقال الحارات في ضرورة إدراك المسؤولية وتكاتف الجهود وقيامهم بالتعاون مع تلك الجهات ومع الضحايا ودفعهم وترشيدهم باتباع الإجراءات القانونية والتعاون مع فريق الأدلة الجنائية والطب الشرعي للقيام بمهامها ، ولا يخفى أيضا دور وزارة الصحة ومرافقها في إصدار شهادات الوفاة لضحايا العدوان مع ذكر هوية الضحية وبياناتها وختمها حتى تكتسب الحجية ضمن الملفات ، وكان ينبغي أن يتم التأكيد مسبقا على ضرورة اتخاذ هذا الإجراء حيث كان من الملاحظ إصدار شهادات الوفاة في كثير من الحالات دون استيفاء البيانات مما يضعف حجيتها القانونية ، إن حجم المعاناة الإنسانية في اليمن كبير جدا وحجم تضحيات المجاهدين أكبر وبقدر المعاناة والتضحيات ينبغي أن يكون هناك اهتمام وأولويات وعمل جاد وجهد يتناسب مع تلك التضحيات الكبيرة وهنا يأتي دور وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية بنشر وتناول مواضيع ذات صلة بالتوعية في هذا المجال بما يجب على الجهات المذكورة آنفا القيام به وبما ينبغي على الضحايا أيضا اتخاذه من إجراءات واتباع قواعد قانونية بشأن التوثيق الجنائي والقانوني والقضائي لجرائم العدوان وانتهاكاته الجسيمة للمواثيق والقوانين الدولية وكذلك دور وزارة الأوقاف من خلال إصدار تعميم لخطباء المساجد بحث المتضررين من العدوان إلى اللجوء للهيئات القضائية بهدف حفظ الحقوق وضمانا لمحاكمة المتهمين اليمنيين والأجانب المتورطين في حربهم وعدوانهم على اليمن ، “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” ..

قد يعجبك ايضا