على طاولة المجلس السياسي .. العدوان يعيد إنتاج ألغام التسوية

 

 

أبوبكر عبدالله
الجهود الدولية لإحياء مسار الحل السياسي للأزمة اليمنية بدءاً من مشاورات مسقط وما تلاها من مشاريع يجري إعدادها في عواصم أوروبية وخليجية مضت جنبا إلى جنب مع تحركات دبلوماسية غير بريئة لتحالف العدوان في مساعيه المحمومة لقلب الطاولة بإنتاج شرعيات جديدة وزراعة الألغام أمام قاطرة التسويات القادمة.
معطى جديد ينبغي تداركه، وهو يعيدنا إلى مشروع سابق وضعناه سابقا على طاولة الرئيس الصماد يقترح إصدار قرار بقانون لتشكيل لجنة وطنية للمصالحات وإدارة مفاوضات الحل السياسي لتبدأ العمل ضمن آليات وأهداف محددة تخضع لسلطة المجلس السياسي الأعلى.
يمثل هذا التشكيل اليوم حاجة ملحة لليمن فهو من جانب سيمارس مهماته بتنظيم وإدارة الجهود والمبادرات الداخلية للمصالحات والتسويات بالتزامن مع دور خارجي بتمثيل قوى الداخل المناهضة للعدوان في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وفتح  قنوات التواصل مع الوسطاء الدوليين في جنيف لدعم جهود إنتاج مبادرات بديلة تتجاوز حال الانسداد في المبادرات الدولية الجاهزة.
السبيل الوحيد للخروج من نفق الأزمات المظلم هو فتح ثغرة في نهاية النفق وهي خطوة تحتاج فقط لإطار قانوني وسياسي توافقي يحظى بالثقة توكل إليه مهمة المضي بالمبادرات المحلية نحو التسويات والمصالحات وتدفع بالمزيد من الشركاء الدوليين لصوغ المبادرات أو حتى إنتاج مبادرات بديلة تساند أي تحركات دولية في مفاوضات الحل السياسي.
ثمة إشكالية كبيرة يعانيها اليمن جراء الزوائد التي أنتجها تحالف العدوان طوال الفترة الماضية أبقت مبادرات الحل والتهدئة محصورة في مربع النيات دونما قدرة على الفعل ضمن تسويات محلية بديلة، في حين شهدنا نجاحات كبيرة في أطر محلية بسيطة أفلحت في حلحلة جانب كبير من ملف الأسرى الذي طالما واجه عراقيل في جولات المفاوضات السابقة من جنيف وحتى الكويت.
في الحالة اليمنية يعد تشكيل لجنة وطنية للمصالحات ومفاوضات الحل السياسي خيارا مثاليا لتجاوز عقبات طالما تعمقت بفعل حملات دعائية واسعة لتحالف العدوان عملت الكثير في توسيع الهوة وإنتاج أسباب إدامة الصراع بين المكونات اليمنية وإبعادها كليا عن طريق التسويات.
وخلال 3 سنوات من العدوان والحصار حشرت هذه الحملات المجتمع الدولي  في خانة التسويات الفوقية التي غالبا ما كانت تصاغ على هيئة صفقات تعمق الصراع وتعبد الطريق لعودة قوى الوصاية دون تقديم حل عادل يضمن لليمن أمنه وسيادته وقراره.
إن فشلنا في إنتاج مبادرات بديلة يمنح العدوان وقودا للاستمرار في العربدة بالمحافل الدولية لفرض الأجندات وإبقاء اليمن وسط الدوامة، في حين أن تشكيل إطار وطني للعمل المستمر في هذا المجال سيفلح في الدفع باتجاه وقف القتال وتبني المصالحات داخليا كما سيتيح نقل رسالتنا إلى العالم برغبتنا بالسلام وعزمنا وقدرتنا على مقاومة أي عدوان أو أجندات خارجية ، كما سيعزز الثقة لدى الوسطاء الدوليين بإمكان إنتاج حلول توافقية عادلة تناهض الخيار العسكري.
ما يعتمل حاليا في مسقط وعواصم غربية أخرى هو ترتيبات لاستئناف مفاوضات الحل السياسي والمرجح أنها ستقف عند مربع تشكيل وفدي المفاوضات في ظل موقف دولي يميل إلى استمرار معادلة التمثيل المتوازن بين أنصار الله وحزب المؤتمر في حين أن تجربتنا في عامين برعاية الأمم المتحدة تؤكد أن قوى العدوان لن تقبل بمفاوضات ندية.
أما الجديد في المعادلة فهو أن هذه القوى تمارس اليوم أيضاَ ضغوطا لخلط الأوراق بتوسع مجال المفاوضات عن طريق تمثيل المجلس الانتقالي والحكومة المعترف بها دوليا وتمثيل قيادة حزب المؤتمر في الداخل والخارج وملامح ذلك بدت واضحة في نتائج الصراع الدامي في عدن مؤخرا.
هذه التقاطعات تدعونا إلى إنتاج بدائل تقطع الطريق أمام أي خطوات جديدة لدول العدوان في إجهاض النيات الدولية للعودة إلى مسار الحل السياسي بتشكيل لجنة وطنية تدير مبادرات المصالحة والتسويات الداخلية وترعى المبادرات الأهلية الأهلية على أن ينبثق منها فريق وطني يعمل ضمن آليات سياسية وقانونية في مفاوضات الحل السياسي الخارجية.
خطوة كهذه تحتاج بلا شك للمزيد من النقاش لكن المؤكد أنها ستقطع الطريق أمام محاولات العدوان إنتاج الألغام في مسار التسوية السياسية كما ستكبح مساعيه المحمومة في تعميق الانقسام والصراع الداخلي وبالمقابل ستفتح نوافذ جديدة مع الوسطاء الدوليين لخوض تحدي إنتاج المبادرات البديلة.

قد يعجبك ايضا