المتهتك !!

عادل الأمين *
انتهت الانتخابات الحرة النزيهة وفاز بجدارة ودخل القصر الجمهوري بخطى واثقة وقد تخطى السبعين من عمره..بعد رحلة دامت نصف قرن في عالم السياسة ودهاليزها القذرة…في زمن الحرب الباردة وما بعدها الآن..وقد تقلب في وزارات شتى وزارة الزراعة…وزارة الصحة .. وزارة المالية وشارك في الانقلابات العديدة رغم انه من أسرة عريقة..وكان بإمكانه الاعتماد على حزب جده الوطني الذي أسسه منذ الاستقلال..كانوا ينتظرونه في الداخل..ذئاب مدام كلود…وشركة توتال..ظلوا يهددونه طيلة حياته الماضية بأن ماضيه الحسي في علب الليل في باريس مسجل لديهم في أفلام..وإنهم سيفضحونه إذا لم يلتزم بسياسات شيلوك تاجر البندقية -البنك الدولي- وكان أمراً جعله يئن تحته خمس عقود وسبب لشعبه الكثير من الويلات والمجاعات وتلف المحاصيل والموت الرخيص ونشر الأوبئة والحروب الأهلية والخصخصة والجرعات…
قبل أن ينكسه الله في الخلق…ناداه المنادي إلى الحج المبرور بعد حجه الكثير غير المبرور في السنوات العجاف الماضية..وهناك حدثت رؤية غيرت حياته المترفة رأسا على عقب. جاءه الصحابي الجليل سهيل بن عمرو وناجاه” يا عوض…كلنا كان لنا ماضٍ مشين قبل الإسلام وليس هناك إنسان كامل .تصالح مع نفسك ومع الله ودعك من الناس و التوبة تجب ما قبلها..افعل ما فعلت بعد فتح مكة لقد اليت على نفسي أن أي مجلس جلسته بالجاهلية سأجلسه بالإسلام وقد فعلت”…
استيقظ في الحرم وصلى ركعتين شكراً لله وشعر بنفسه خفيفاً كأنه ريشة واضمر أمرا جديدا..عليه أن يعود إلى البلاد ويدخل في الانتخابات المبكرة بعد المصالحة الوطنية التي لاحت في الأفق…وكان يعرف انه سيفوز بإرثه القبلي ونفوذ أسرته العريقة أيضا مع قليل من المال ..وجاء هؤلاء الأوغاد لينغصوا له بهجة يومه الأول كرئيس جمهورية في بلاد ايوكا التي تقع شمال خط الاستواء ويشترطون عليه..تسليم القطاع النفطي الواعد في غرب البلاد إلى شركة توتال…أو ينشرون الفديوهات في شبكة الانترنت في عصر العلم والمعلومات..عصر مهما تكن في امرئ من خليقة أن خالها تخفى على الناس تعلم…نظر إليهم في ازدراء..بدلهم الفاخرة..عيونهم الزرقاء.. أحذيتهم اللامعة… ويربتون بي بمخالبهم الناعمة وعليها خواتم من الماس السيريالوني الثمين –ذئاب وول ستريت -على الحقائب”VIP” التي يضعونها في أرجلهم في بهو القصر الكبير والصور العارية تغطي المنضدة أمامه ..كان متمرسا في أساليبهم أيضا وخطر في باله أمر شرير..لازال في بلاده بعض الجيوب المتطرفة..التي أسهم في صنعها..”لماذا لا يفعلها ويدبر لهم حادثاً إرهابياً في طريقهم إلى المطار”…ولكنه أيضا طرد هذا الخاطر الشرير وردد في نفسه مقولة سعد بن معاذ بالتصرف” لولا الإسلام لمكرت مكراً لا تعرفه العجم” ..هناك طرق أخرى أفضل…كانوا جالسين أمامه في انتظار إجابته وينظرون إليه في تحد ..رفع سماعة التلفون واتصل بوزارة الخارجية
– الو…القائم بأعمال بوزارة الخارجية
جاء صوت مهذب من الطرف الآخر
– نعم يا سيادة الرئيس !!
– أرجو الاتصال بالسفير الصيني..أود أن يكون أول سفير يقدم أوراق اعتماده لي..غدا
– لماذا يا سيادة الرئيس ؟؟
– أود أن أضم بلادي إلى مجموعة بريكس وذلك العالم النظيف من غد وأقوم بتغيير جذري في علاقات بلادي الخارجية وسأجعل الصين الشريك الاقتصادي الأكبر لبلادنا..ولها الأفضلية في التنقيب عن النفط وتنفيذ مشاريع السكة الحديد أيضا ..
– نعم وهو كذلك ودامت سلامتكم سيادة الرئيس
وضع السماعة وتنفس الصعداء ..ثم التفت إليهم
– “ تودون فضحي وابتزازي بهذه الصور والأفلام..أليس كذلك؟؟..
حمل أحداها وكان عاريا كالحقيقة بين خمس عاهرات ومنتصبا كصاري السفينة..ثم أطلق ضحكة مجلجلة..أربكتهم وأشعرتهم بالضآلة والاستياء…وتذكر زوجته المسنة التي كف بصرها في قصره المنيف على الضفة الأخرى من النهر ..وابنته الوحيدة التي تقيم في استراليا مع زوجها الذي تزوجته بصعوبة بالغة منذ أم بعيد وقد قاطعته بسبب ميولها اليسارية المتطرفة وانتهازيته المشينة عبر العصور والحفلات الماجنة التي ظل يقيمها لهؤلاء الغرباء في قصوره العديدة المترفة-(أنهم كانوا قوم سوء فاسدين)- وقد سبب لها ولأمها آلاماً لا تغتفر وله من الأحفاد سبعة,بالكاد يعرفهم ويعرفونه ..في ذلك الجانب البعيد من العالم..ثم نظر إليهم في تشفٍ..
– انتهت اللعبة. أيها الأوغاد…أرجو أن لا تنشروها على تويتر فقط ..بل على الفيس بوك وهاشتاق ..حتى اعرف عدد المعجبين والمعجبات..بمؤهلاتي العظيمة عبر العالم..
………… وبهت الذي كفر…………
* كاتب سوداني

قد يعجبك ايضا