الإمام زيد بن علي داعية ومجاهد

أحمد حاتم مطير

لم يكن الإمام زيد بدعاً من أهل البيت ممن نال الأذى والكيد وانما كان الجزء الأكبر من التنكيل والتشهير حض الإمام زيد وقد كان الامام زيد بن علي المجاهد في سبيل الله والداعي إلى الله الناصح لدين الله وكان جوهرة أهل البيت وإمام بيت النبوة في عصره وشامة أهل زمانه وقد فتح الله عليه بالعلم بعد أن أخذ على جماعة كأبيه زين العابدين وجابر بن عبدالله الانصاري وقد سئل جعفر الصادق عن عمه الإمام زيد فقال كان والله أقرأنا لكتاب الله وافقهنا في الدين والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله وقال الشعبي ما ولدت النساء أفضل من زيد بن علي ولا أفقه ولا أشجع ولا أزهد.
وسئل الباقر عليه السلام عن أخيه زيد فقال إن زيداً أعطي في العلم بسطه واعترف بفضله وصحة إمامته، وقال الذهبي في ترجمة جابر الجعفى أنه حفظ عن الباقر سبعين ألف حديث وقال أبو حنيفة رحمه الله ما رأيت مثل زيد ولا أفقه منه ولا أعلم منه.
ومما اختص به الفصاحة والبيان واختصاصه بعلم القرآن ووجوه القراءات، جمع قراءته الشيخ إمام النحاه أبو حيان في كتاب سماه النير الجلي في قراءات زيد بن علي وروى صاحب الكشاف الزمخشري رحمه الله كثيرا منها وقال جابر سألت الباقر عن أخيه زيد فقال سألتني عن رجل ملىء إيماناً وعلماً من أطراف شعره إلى قدمه وهو سيد أهل بيته .
وقد ذكره الديلمي في مشكاة الأنوار وما حصل بينه وين هشام وما ورد فيه من الأحاديث منها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظر يوماً إلى زيد بن حارثة وبكى وقال المظلوم من أهل بيتي سمي هذا؟ وأشار إلى زيد بن حارثة ثم قال ادن مني يا زيد زادك الله حبا عندي فإنك سمي الحبيب من ولدي زيد أخرجه ابن عساكر وروى الديلمي في مشكاة الأنوار والمهدي لدين الله محمد بن المطهر في المنهاج والحاكم في جلاء الابصار والإمام أبو طالب يحيى بن الحسين في الأمالي بسنده يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “الشهيد من أمتي القائم بالحق ولدي المصلوب بكناسة فإنه إمام المجاهدين الغر المحجلين يأتي يوم القيامة وأصحابه تتلقاهم الملائكة المقربون ينادونهم ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون» وقال صلى الله عليه وآله وسلم “لا ترى الجنة عينا رأت عورته» وقيل ان الامام زيد سُئل عن مذهبه فقال إني ابرأ إلى الله المشّبهة الذين شبهوا الله بخلقه ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على الله ومن المرجئة الذين طمَّعوا الفساق في عفو الله ومن المارقة الذين كفَّروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن الرافضة الذين كفَّروا أبا بكر وعمر وهذا هو مذهب العدل.
أما أصحابه الذين أخذوا عنه فإنهم كثر منهم من تتلمذوا على يديه سفيان الثوري ومنصور بن المعتمر وبن أبي ليلى وقيس بن الربيع وأبو حنفية وسلمة بن كهيل ، والنخعي وعطاء بن السائب وكثير لا يتسع المقام لحصرهم.
ومن احواله كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان يجيء الليل كله كأبيه زين العابدين وله من المؤلفات كتاب مسند الإمام زيد وتفسير القريب من القرآن وتثبيت الإمامة ومنسك الحج.
كانت ولادته في 76 من الهجرة بلغ من العمر 46 سنة وقتل بسهم لخمس يقين من المحرم 122، هو الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويكنى بـ«أبي الحسين» وأمه أم ولد ومناقبه لا تحصى وفضائله أكثر من أن توصف.
خرج أيام هشام بن عبدالملك بالكوفة وبايعه من أهلها خمسة عشر ألف رجل ثم تفرقوا عنه ولم يبق سوى ثلاثمائة رجل ولما قتل أرسل برأسه إلى الشام ثم إلى المدينة فنصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصليت جثته عرياناً ونسجت العنكبوت على عورته ليومه وبقي أربع سنين مصلوباً ثم انزل وأحرق وذر رماده في ماء الفرات والذي قتله يوسف بن محمد بن عمر الثقفي غضب الله عليه وكان للامام زيد عليه السلام أربعة بنين منهم بحي قتل بجوزجان وعمره ثمان عشرة سنة.
وقيل أن جماعة دخلوا على الإمام يوماً فقالوا له: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك، فقال لا أتبرأ منهم فقالوا: إذاً نرفضك قال: إذهبوا فأنتم الرافضة، فمن ذلك الوقت سموا رافضة.
فهل هناك ظلم وجرم أفظع مما وقع على إمام المجاهدين وفداءٌ مثل ذلك من أجل الدين وصبرٌ فوق صبر الصابرين وعزيمة وارادة لا تلين فماذا عسى يكون صبرنا وتحملنا المشاق ومعاناتنا إلى معاناة النبي وآل بيته الطاهرين، فكل ما نعاني نتاج منافقي ذلك العصر من الناكثين والمارقين أهل المجون وعباد الشياطين وعلى أيدي أحفادهم قتلت الأنبياء وأبناء الأنبياء وأنصارهم، بأبي أنت وأمي يا إمام زيد فلا زلنا نعاني من ذلك الكيد ولكنا سنصمد حتى ينصرنا الله ونأخذ بحقكم وحقنا بإذن الله، فالله مولانا ولا مولى لهم».

قد يعجبك ايضا