العدوان تسبب بجرائم متعددة بحق الآثار اليمنية

رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف مهند السياني:

 

¶تم تسجيل 66موقعاً ومعلماً أثرياً تعرضت لأضرار بالغة بسبب قصف طيران العدوان و20 موقعاً تم تفجيرها من قبل المنظمات الإرهابية

لقاء/ خليل المعلمي

أكد رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف مهند السياني العدوان تسبب بجرائم متعددة بحق الآثار اليمنية، وبين أن عدد الموقع والمعالم الأثرية التي تعرضت لأضرار مباشرة وغير مباشرة نتيجة قصف طيران دول العدوان وتم تسجيلها رسمياً قد بلغت 66 موقعاً أثرياً، فيما تعرض حوالي 02 موقعاً آخر للتفجير من قبل المنظمات الإرهابية.
وقال في لقاء أجريناه معه أن هناك جريمتين أخريين ترتكب بسبب العدوان، الجريمة الأولى هي التهريب للقطع الأثرية والثانية عملية النبش والتخريب للمعالم والمواقع الأثرية بحثاً عن الكنوز والمدافن، وهاتان الجريمتان تؤثران بشكل كبير على المعالم والمواقع الأثرية، مشيراً إلى أن هدف العدوان هو الاستهداف الممنهج للقضاء على التراث والآثار اليمنية.
وأشاد بالدور الكبير للمواطنين في التعرف على قيمة الآثار وأهمية المحافظة عليها، منوها إلى أن الهيئة لا تزال في تواصل مع المنظمات الدولية لإيصال رسالة الآثار اليمنية إلى العالم الخارجي لإيقاف الحرب والعدوان على اليمن.. فإلى التفاصيل:

أضرار وخسائر
حدثنا عن حجم الأضرار والخسائر التي تعرضت لها الآثار والمواقع الآثرية نتيجة العدوان؟
– رسمياً تم تسجيل 66 موقعاً ومعلماً أثرياً تعرضت للأضرار بطريقة مباشرة وغير مباشرة لقصف الطيران، وحوالي 20 موقعاً ومعلماً أثرياً تم تفجيرها من قبل المنظمات الإرهابية وهذا كله نتيجة للعدوان، والواقع أنه قد أصاب الآثار والمواقع الثقافية الكثير من الأضرار كما هو الحال الذي أصاب البنى التحتية من مدارس ومستشفيات وطرقات وغيرها، على الرغم من أن القوانين والاتفاقيات الدولية تجرم وتحرم مثل هذه الأعمال.
وهناك جريمتان أخريان ترتكب بسبب العدوان، الجريمة الأولى هي التهريب للقطع الأثرية نظراً للاتساع الجغرافي للجمهورية اليمنية ووجود من هم ضعفاء النفوس من يستغلون ظروف الحرب التي نعيشها ويقومون بتهريب الآثار، ونحن نتواصل مع الانتربول والأجهزة الدولية ومن لهم علاقة بالآثار لمنع دخولها إلى دول الجوار، وإن شاء الله يثمر تواصلنا إلى خير وإيقاف هذه العملية.
الجريمة الثانية عملية النبش والتخريب للمعالم والمواقع الأثرية بحثاً عن الكنوز وبحثاً عن المدافن، ويساعد على توسيع هذه الجريمة صور مضللة يتم بثها في الأنترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتم نسبها إلى مواقع في اليمن، مع أنها لا تمت بصلة إلى اليمن لا أسلوب المكان ولا المكان يشيران إلى أنها في اليمن.
وهذه الجريمة تؤثر بشكل كبير على المعالم والآثار، وقد يكون الوضع الاقتصادي هو السبب ولكن أيضاً يسهم البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج للشائعات وتضخيمها وغياب الوعي لدى المواطنين، وآخر بلاغ وصلنا من مديرية التربة في محافظة تعز حول هذه الجريمة.
استهداف ممنهج
ما هو هدف العدوان من تدمير هذه المواقع؟
– خلال الثلاث السنوات ونحن نتساءل ونتلقى الاستفسارات حول أهداف العدوان من تدمير هذه المعالم الأثرية والمواقع الثقافية على الرغم من خلوها من أي أهداف أو تهديدات عسكرية، وعلينا أن نضيف الكثير من التساؤلات ماذا يريد العدوان من اليمن إجمالا؟ ولماذا يستهدف الأراضي اليمنية؟ ولماذا هذه الوحشية في الاعتداء على الإنسان والحضارة والبنى التحتية في اليمن بشكل عام؟ ولماذا التراث والحضارة بالذات؟ وكذلك تم الاعتداء والقصف على بعض المواقع أكثر من مرة؟ فنحن في حيرة من ذلك.
ولكن يتضح لنا أن هناك استهدافاً ممنهجاً للقضاء على الآثار والتراث، ولكن لن يكون لهم ذلك فاليمن تمتلك تاريخاً أكثر من 8 آلاف سنة وتمتلك ثروة من الآثار والتراث كبيرة جداً، وما يستهدفه العدوان محزن لنا، ولكن ألا يعلم من يقوم بهذا العمل أنه يحارب يمن الحضارة والتاريخ.
وأريد أن أوضح أن استهداف هذه المعالم قد لفت أنظار العامة من المواطنين إلى أهمية هذه المعالم ورفع الوعي بالاهتمام بها والحفاظ عليها، وأصبح دافعاً للتعرف عليها وأصبح العديد من المواطنين سفراء للترويج للحضارة اليمنية عبر مختلف الوسائل المتاحة.
دور المواطن
برأيكم ما دور المواطن في الاهتمام بالآثار والمواقع والمعالم الثقافية؟
– دور المواطن مهم جداً، فالمواطن أصبح في الوقت الحالي حجر الأساس في الحفاظ على التراث ليس من العدوان ولكن من النبش والتهريب، خاصة في ظل إمكانيات الهيئة المتواضعة، فهناك تواصل مع بعض منظمات المجتمع المدني لرفع الوعي لدى المواطن عبر المحاضرات والندوات والمعارض وغيرها من الأنشطة، وتعريفهم بقانون الآثار رقم (21) لسنة 1994م، ونبين دورهم بكيفية الاهتمام بالآثار والمواقع والمعالم الأثرية والثقافية.
وهناك فكرة ستتبلور وستخرج إلى النور حول إشراك خطباء المساجد للإسهام في نشر التوعية بالآثار وأهمية الحفاظ عليها، خاصة وأن تأثير خطيب المسجد له تأثير كبير في المجتمع.
فمثلاً ما حصل في صنعاء القديمة من حفريات قام بها بعض الأشخاص أثرت على المنازل والمنازل المجاورة، وهنا يأتي دور خطيب المسجد في ارشاد الناس أن هناك أضراراً كبيرة من إجراء أي حفريات سواء في المنازل أو في الحارات بالأخص في المدن التاريخية وأن ذلك سيؤثر على المنازل القديمة في هذه المدن وسيؤثر على تراث ومكانة هذه المدن التاريخية.
ولا ننسى دور الأكاديميين في الجامعات والباحثين في المراكز البحثية والمثقفين في المؤسسات المختلفة، لكل هؤلاء أدوار يمكن تفعيلها في خدمة التراث والآثار والتعريف بماهية الآثار بشكل عام.
تواصل مستمر
ما هو دور الهيئة كجهة حكومية مسؤولة عن هذه المواقع والمعالم الأثرية في التواصل مع المنظمات الدولية وإيصال صوت الآثار اليمنية إلى العالم؟
– من أول حادث اعتداء على معلم أثري وهو مسجد عبدالرزاق الصنعاني في دار الحيد بسنحان إلى الآن ونحن على تواصل مع المنظمات المعنية بالآثار والتراث مثل منظمة اليونسكو، ومع الأصدقاء من البعثات العلمية التي عملت في اليمن، وقد أصدرت منظمة اليونسكو على ضوء هذا التواصل سبعة بيانات ادانة لاستهداف هذه المعالم والمواقع الأثرية، وعبرت عن أشد استنكارها عند استهداف حي القاسمي في صنعاء القديمة.
وللأسف الشديد هذه المنظمات ليس في يدها سلطة لإيقاف مثل هذه الاعتداءات، ولكنها تقوم بمخاطبة الدول وفقاً للقوانين والأعراف ومن المحزن أن معظم المشاركين في التحالف ضد اليمن أعضاء في هذه المنظمات وموقعين على اتفاقيات في الحفاظ على الآثار والمعالم الأثرية أثناء الصراعات والحروب، وأيضاً وهو ما نوجهه إلى بعض الدول المشاركة في التحالف والتي تمتلك حضارة، إذ كيف تقومون بالاعتداء على التراث اليمني والمعالم الأثرية اليمنية وأنتم لديكم حضارة وتراث ومعالم ثقافية وتراثية.
كذلك تواصلنا مع بعض الحكومات الصديقة مثل الحكومة الألمانية التي ساعدتنا في توثيق بعض القطع الأثرية ببعض الأجهزة والآلات، ومنظمة المتاحف الدولية أصدرنا من خلالها القائمة الحمراء التي هي عبارة عن قائمة بالآثار اليمنية المهددة بالخطر مثل التهريب وغيره وهي قائمة نماذج لما تكون عليه الآثار اليمنية، وتم توزيعها في المنافذ الدولية لدول العالم في الموانئ والمطارات ليتعرفوا على نماذج من آثار اليمن حتى إذا وصلت آثار مهربة من اليمن يتعرفوا عليها بهذه الطريقة وبالتالي يتم إحباط أي عملية تهريب.
وما نؤكده أن عمليات القصف التي تقوم بها دول العدوان يمكن الحث على إيقافها عن طريق المنظمات، ولكن الأخطر هو الفكر الموجود لدى أعضاء المنظمات الإرهابية كيف يمكن تغييره لكي نحافظ على الآثار، وهذه تحتاج إلى وقفة شعبية ودينية وثقافية من الجميع للوقوف ضدها، وإيجاد حلول اقتصادية لأعضاء هذه المنظمات في توفير فرص عمل وبالتالي تتغير نظراتهم للحياة وتتغير سلوكياتهم وأفكارهم.
إجراءات ضرورية
ما هي إجراءات الهيئة تجاه هذه المعالم الثقافية والأثرية التي تعرضت للأضرار؟
– نحن في طور إعداد تقارير عن حالات هذه المعالم والمواقع، فنحن نتحدث عن إحصائية وفقاً لمعلومات أولية بسيطة جداً، والأصل في العمل الأثري أن يكون لديك فريق متكامل يقوم بإعداد تقرير شامل عن هذا الموقع وماذا حصل له، وقبل ذلك لابد من التواصل والتنسيق مع اللجنة الوطنية لنزع الألغام من أجل التأكد من سلامة الموقع وعدم وجود متفجرات أو ألغام أو غيرها في محيط الموقع المستهدف ثم تنزل فرق متخصصة آثارية لعمل تقرير تقييمي وعلى ضوء هذا التقرير يتم تحديد الإجراء اللاحق هل سيعاد ترميمه أم سيظل بحالته، وماذا لحق بهذا الموقع ، وهذا لن يتم إلا بعد توقف الأحداث والحرب والعدوان.
وما نقوم به الآن هو التواصل مع منظمة اليونسكو من أجل إجراء دراسة لبعض المتاحف لإعادة تأهيلها وتجهيزها ببعض المعدات مثل منظومة الطاقة الشمسية وذلك في صنعاء وفي غيرها من المدن، فهذه العملية سهلة وفي متناول اليد، بعكس المواقع الأثرية والمدن التاريخية التي من الممكن إعادة استهدافها مرة أخرى.

تصوير/ حامد فؤاد

قد يعجبك ايضا