استهداف الآثار والتراث ..

شواهد حقد العدوان على اليمن

الثورة/ عبدالباسط النوعة

عشرات القباب والأضرحة والمآثر التاريخية أوعز العدوان لأدواته بتفجيرها

جراح صنعاء القديمة غائرة.. وصعدة التاريخ لا زالت تنزف.. وشبام باتت بلا حارس

آلاف القطع الأثرية اختفت بين ركام دمار قصف العدوان للمواقع الأثرية والمتاحف

لم يحرك العالم ساكنا او حتى منظماته المعنية بالتراث والتي ظلت مواقفها خجولة وضعيفة جدا إزاء جرائم العدوان بحق التراث اليمني, بل إن العالم لم يندهش أو يتأثر وهو يشاهد حرب إبادة وتدمير واسعة يتعرض لها اليمن من قبل عدوان غاشم يقوده آل سعود وحلفاؤهم من اليهود والأمريكان ويقتل ويجرح عشرات الآلاف من المدنيين نساء وأطفالاً وشيوخا ، ولكن اندهاش العالم اتجه صوب ذلك الصمود والتحدي اللذين واجه بهما الشعب اليمني دولاً كبرى تقف جميعها في صف العدوان على هذا البلد المُصنف من أفقر دول العالم لكنه غني جدا بإباء شعبه الذي لا يستسلم للإذلال ولا يساوم على كرامته وحريته واستقلاله باستثناء ثلة منه باعت نفسها لشيطان المال على حساب وطنهم .
تنوعت جرائم العدوان وشملت مختلف الجوانب والمجالات الحياتية لهذا الشعب الأبي, فلم يترك شيئا ذا قيمة إلا واستهدفه بالقصف, بما في ذلك شواهد الحضارة اليمنية العريقة التي طالها حقد العدوان ، فعلى مدى ثلاثة أعوام قصفت الطائرات العشرات من المواقع والمعالم التاريخية والأثرية ..
وإذا ما عدنا قليلا إلى الوراء لنسترجع أبشع جرائم العدوان في حق التراث اليمني وإن كانت كل الاستهدافات لمواطن الحضارة صغيرها وكبيرها تعد جرائم بشعة،تجسد حقداً دفينا على اليمن كياناً وانساناً, إلا ان البعض منها فاق في بشاعته ومستوى تدميره كل حدود الإجرام والانحطاط الأخلاقي بحسب المراقبين الذين لايستغربون هذا الإجرام على “دول طارئة على تاريخ الأمم وأقدمها بعمر ناقة” .
صنعاء القديمة
لعل أبشع جرائم العدوان واعتداءاته على الثراث اليمني الحضاري, كانت بحق مدينتي صنعاء القديمة وصعدة التاريخية، فالأولى استهدفها العدوان بنحو 50غارة, أبرزها ثلاث غارات مدمرة الأولى في يونيو من العام 2016م استهدفت واحدة من أجمل الواجهات الحضارية في هذه المدينة المطلة على مقشامة القاسمي القريبة من السائلة وخلفت دمارا كبيرا تمثل بتدمير (8) منازل تاريخية بشكل كلي وتشققات وتصدعات وأضرار متفاوتة لحقت بعشرات المنازل والمعالم التاريخية في تلك الحارة والحارات المجاورة لها، حسب ما أكدته الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في إحصائيات أولية عقب الغارة بأيام قلائل .
لم يقف العدوان عند هذا الحد بل استهدف هذه المدينة وبشكل مباشر للمرة الثانية في التاسع عشر من سبتمبر قبل الماضي بقصف طيرانه احد منازل المواطنين ( حفظ الله العيني) في حارة الفليحي نتج عن هذا القصف تدمير ذلك المنزل وأضرار بالغة لحقت بـ(60) منزلا تاريخيا في عدد من الحارات المحيطة بموقع القصف ، فيما تشير إحصائيات إلى ان قرابة (200) منزل تاريخي تضررت من هذا القصف .
ولم تكن هذه نهاية المآسي لمدينة صنعاء القديمة نتيجة العدوان بل واصل طيرانه استهدافه الحاقد لهذه المدينة العريقة عندما استهدف في سبتمبر الماضي حارة المدرسة بغارات عدة ادت إلى إحداث أضرار واسعة في منازل المدينة التاريخية، وبحسب تقرير اللجنة الفنية بالهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية فقد بلغ اجمالي المنازل المتضرر قرابة (50) منزلا تاريخيا, توزعت هذه المنازل المتضررة في حارات المدرسة وصلاح الدين وياسر والمفتون, ففي حارة المدرسة (خمسة) منازل أضرار متوسطة وجسيمة و(السادس) بيت المسوري تدمير كامل من الداخل واستشهاد صاحب المنزل الكبير في السن ، وفي حارة صلاح الدين وحارة ياسر قرابة عشرين منزلا ، بينما يقدر عدد المنازل المتضررة في حارة المُفْتون حوالي (22) منزلا .
ناهيك عن الاستهداف غير المباشر لمعالم مدينة صنعاء القديمة ولمرات عديدة لمجمع العرضي التاريخي الموجود في محيط المدينة .
وأشار العديد من المعينين إلى أن ما تعرضت له هذه المدينة العريقة يمثل مأساة يصعب استيعابها، فحجم الدمار هائل جدا وقد يفوق الإحصائيات المرصودة وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة .
تدمير كبير في صعدة القديمة
كذلك الحال مع مدينة صعدة التاريخية والتي كانت تنتظر ان يتم إقرار إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي كونها في قائمة الانتظار و تمتلك مقومات الانضمام وبجدارة ، تلك المدينة المنكوبة التي بدأ استهدافها منذ بداية العدوان وسجل اول استهداف لها في العاشر من ابريل من العام 2015م وتوالت الاستهدافات لهذه المدينة كان أشدها في التاسع من مايو من العام نفسه وغارات عدة في يناير من العام 2016م وكل تلك الغارات ألحقت أضراراً بالغة في معالم ومباني هذه المدينة التاريخية.
وكشف تقرير حصر نفذته هيئة الحفاظ على المدن التاريخية فرع صعدة عن أرقام مخيفة لحجم الدمار الذي لحق بمعالم هذه المدينة والتي رصدت فيه ان (140) معلما في هذه المدينة تضررت نتيجة العدوان منها جامع الامام الهادي و(76) منزلا تاريخيا دمر منها بشكل كامل .
قلعة شبام وبوابتها
وفي منتصف فبراير 2016م ارتكب طيران العدوان جريمة لا تقل بشاعة عن سابقاتها بحق التراث اليمني حيث استهدفت غاراته مدينة كوكبان التاريخية وكان القصف شديد التدمير, استهدف مباشرة القلعة والبوابة التاريخية الوحيدة لكوكبان ودمر هذا القصف المتوحش والحاقد البوابة الوحيدة لهذه المدينة التاريخية وقلعتها .
وتعد المنطقة بكاملها التي استهدفها العدوان بشكل مباشر من أعظم معالم المدينة قيمة وتاريخا وفنا معماريا لا يمكن أبدا أن يعوض وقد امتد الدمار إلى العشرات من المنازل التاريخية المجاورة لمكان الاستهداف المباشر ( القلعة والبوابة ) .
استهداف الآثار
ومن الجرائم النكراء لتحالف العدوان بقيادة السعودية, والتي تفوق مقدرة الاستيعاب وتتعدى حدود العقل والضمير استهداف متحف ذمار الإقليمي في الأسابيع الأولى من العدوان وتحديدا في 21 مايو من العام 2015م وكان بكل المقاييس واحدة من تلك الجرائم البشعة لقوى العدوان حيث تم تدمير هذا المتحف الكبير والواسع وتسويته بالأرض.
وكان من اكبر وأفضل المتاحف اليمنية الحديثة, أنشئ وفق أسس العمل المتحفي الحديث فضلا عن الكميات الضخمة من القطع الأثرية التي كان المتحف يحتويها في قاعات العرض وفي المخازن ويزيد عددها بحسب القائمين على المتحف عن (12) ألف قطعة أثرية انتهت أكثر من نصفها بشكل كامل وضاع بين الركام الذي وصل إلى مسافات بعيدة من شدة الضربة فيما بقية القطع التي تم استخراجها وتقارب النصف كانت في مجملها في أوضاع سيئة مابين محطة وبقايا .
وبجانب قصف العدوان المتحف العسكري في عدن لا ننسى الجريمة الأخرى التي تعرضت لها المتاحف اليمنية والتي تتمثل في قصف متحف قلعة القاهرة بتعز حيث عمد العدوان إلى تدمير هذا المتحف الذي يحوي اكتشافات أثرية فضلاً عن حصيلة 14 عاما من الترميم والصيانة لقلعة القاهرة .
عمدت طائرات العدوان وبغارات عدة في مايو من العام قبل الماضي إلى تحويل ذلك المتحف بما فيه إلى ركام وخراب بعضها فوق بعض وأحدثت تدميراً واسعاً وسط قلعة القاهرة الشهيرة ذات التاريخ العريق وألحقت أضرارا كبيرة في حرم هذه القلعة الشهيرة, عروس وتاج تعز .
وبحسب رئيس هيئة الآثار والمتاحف مهند السياني لم تتمكن الهيئة او فرعها بتعز من الوقوف على حجم الاضرار والتدمير الذي لحق بهذه القلعة ومتحفها حتى الآن .
جرائم أذناب العدوان
وليس ببعيد عن جرائم العدوان تلك الممنهجة والمتعمدة طمس شواهد معالم الحضارة اليمنية وتراثها العريق, الجريمة التي نفذتها أدوات العدوان من “داعش” وأخواتها عندما فجروا في نوفمبر 2015م سيارة مفخخة على بعد أمتار قلائل من أقدم ناطحات سحاب في العالم, مدينة شبام حضرموت التاريخية.
وحصيلة الإضرار نتيجة هذا الاستهداف كانت كبيرة جدا في معالم ومنازل مدينة شبام التاريخية.. عشرات المنازل التاريخية تضررت ودُمرت بفعل هذا التفجير الإرهابي الذي كان قريبا من أسوار مدينة شبام حضرموت التاريخية .
يضاف إلى هذه الجريمة عشرات القباب والأضرحة التاريخية التي قامت أدوات العدوان بتدميرها وتخريبها في تعز وحضرموت وعدن ولحج, وبتحريض مباشر من إعلام ومشايخ إفتاء دول العدوان بقيادة السعودية ..

قد يعجبك ايضا