بناء الدولة.. بين الإرادة والتحدي

محمد صالح حاتم

منذ أن أعلن الرئيس صالح الصماد مشروع بناء الدولة تحت شعار (يد تحمي ويد تبني ) أثناء خطابه في ميدان السبعين بمناسبة الاحتفال بمرور ثلاثة أعوام من الصمود والتحدي ضد تحالف قوى الإرهاب العالمي ،وتدشين عام رابع هو عام الردع والنصر والبناء ، فقد لاقى هذا الإعلان ترحيبا كبيرا من قبل أبناء الشعب اليمني بكل أطيافه،بحكم أن هذا المشروع هو مطلبنا جميعا وكم نحن تواقون لدولة يسودها العدل والنظام والقانون والمساواة،دولة مؤسسات .ولكن علينا أن لا نتفاءل كثيرا وان لا نستسهل الأمر ،وكذلك لا نجعل من مشروع بناء الدولة أمرا صعبا للغاية.
فبناء دولة مؤسسات، دولة نظام وقانون ليس سهلا ،وان هذا المشروع سيلاقي الكثير من التحديات والكثير من الصعاب والكثير من المعوقات،الداخلية والخارجية .
فداخليا نحن نعلم أن الفساد المؤسسي سواء الإداري أو المالي أو التعليمي والقضائي ،فساد منظم، فساد لعقود كثيرة،وأن هؤلاء الفاسدين والمستفيدين من غياب دولة المؤسسات وغياب النظام والعدالة والقانون ،هم كثر ولازال اغلبهم موجودين بيننا،وسوف يعملون على عرقلة قيام دولة مؤسسات ،وسيعيقون تطبيق القانون وتفعيل أجهزة القضاء والرقابة والمحاسبة،والتي تعتبر من أساسيات بناء دولة المؤسسات.
أما خارجيا فعدونا الذي يشن علينا عدوانا عسكريا وحصارا اقتصاديا برياً وبحرياً وجوياً منذ ثلاثة أعوام ،الهدف هو أن تكون اليمن دولة فاشلة، دولة بلا نظام، بلا قانون، بلا عدالة ،وان تبقى دولة يحكمها النافذون العملاء والخونة الذين ينهبون الثروات،وان يكونوا هم أصحاب القرار وأصحاب السياسة، هم الوزراء وهم قادة الجيش،وهم من يعين ومن يعزل بلا معيار ولا نظام،وهؤلاء هم الذين جندهم وزرعهم العدو في جميع مؤسسات ومفاصل الدولة منذ عقود.
ولكن ليس كلامي هذا من باب التشاؤم واليأس وإعلان فشل مشروع بناء الدولة، أو أن نرفع راية الاستسلام وهذا هو ما يريده العدو.
بل إن علينا أن نعرف ونعي أن بناء الدولة عملية تكاملية يتطلب على الجميع التعاون والتكاتف لإنجاحها ،فليست مسؤولية الرئيس وحده أو الحكومة أو مسؤولية حزب أو جماعة بل مسؤولية جميع أبناء الشعب اليمني.
فالمرحلة التي تمر بها اليمن مرحلة صعبة جدا ،وتعتبر أصعب مرحلة مرت بها اليمن في تاريخها،نظرا لحجم العدوان وما يمتلكه من عتاد وعدة، مقارنة بما نمتلكه نحن أبناء الشعب اليمني ،ولكن بفضل الله وصمود وتضحيات رجال الرجال من الجيش واللجان وصبر وصمود كافة أبناء الشعب اليمني طيلة فترة العدوان سنتغلب على كافة المعوقات ونتخطى كافة الصعاب ،وننطلق نحو بناء دولة النظام والقانون .
فيجب علينا ان نجعل من دماء الشهداء وأنات الجرحى وآهات الثكالى والأيتام أساساً لبناء الدولة ،وان يكون العمل بصمت وتفانٍ وإخلاص ،وان نبدأ بمحاربة الفساد والفاسدين،والبدء بمحاكمة الفاسدين وتغيير القوانين التي كانت تقف حجر عثرة أمام محاكمة كبار الفاسدين،وان يتم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن انتماءاته الحزبية ،وان نبتعد عن ثقافة الكراهية والحقد والانتقام وتصفية الحسابات،وان نطوي صفحه الماضي بكل آلامها ومآسيها وتبدأ صفحة بيضاء، صفحة جديدة،عنوانها الوطن يتسع لجميع أبنائه الوطنيين والمخلصين والشرفاء، وبنائه مسؤولية جميع ابنائه .وان نستفيد من أخطاء الماضي وعدم تكرارها،والعمل على تصحيح هذه الأخطاء .فبناء الدولة ليس معناه تشييد المباني الحكومية من مدارس وجامعات ومعاهد ومستشفايات وتعبيد الطرقات وإنشاء الجسور فقط ،بل العمل على بناء الإنسان ،فالإنسان هو أساس البناء والتنمية ،فيجب الاهتمام بالتعليم أولا من حيث المنهج والكادر التعليمي وغرس القيم الدينية والوطنية وحب الوطن في نفوس أبنائنا.
ومن أساسيات بناء الدولة الاهتمام بالزراعة والجانب الزراعي ودعم المزارعين بالطاقة البديلة كالطاقة الشمسية،وتقديم البذور المحسنة وبناء السدود وإيجاد مؤسسات لتسويق المنتجات الزراعية وحفظها وتصديرها،والعمل على زراعة القمح والحبوب حتى نكتفي ذاتيا، وان نأخذ عبرة من الحرب والحصار الذي يفرضه علينا تحالف العدوان.
فمرحلة بناء الدولة اليوم تتطلب العمل بجد وتفانٍ،وإخلاص،ونكران الذات ،ليست مرحلة خطابات رنانة وشعارات فضفاضة، كما ظللنا نسمعها سابقا لعقود.
فيجب العمل كل في مجال اختصاصه،دون تدخل في عمل واختصاصات الآخرين، وان يكون شعارنا (يد تحمي ويد تبني ) وان نرفع شعار (من أين لك هذا ؟).
فمتى ما وجدت الإرادة والقيادة وتعاون الجميع،وتم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب فلن يقف في طريق مشروع بناء الدولة احد،وهذا هو أملنا في قيادتنا السياسية الحكيمة ممثلة في الرئيس صالح الصماد .
فالدولة التي تتعرض للحرب والعدوان والحصار ،وتتبنى مشروع بناء دولة نظام وقانون، دولة مؤسسات ،فإنها تنتصر عسكريا وتنهض أقوى وأصلب من ذي قبل.
وهذه هي أولى الخطوات التي نحن مقدمون عليها فنحن في مرحلة نكون او لا نكون .وعاش اليمن حراً أبياً ،والخزي والعار للخونة والعملاء

قد يعجبك ايضا