الشّائعات »الإلكترونية« حروبٌ ناعمة..!!

ماجد السياغي
إن من أسباب انتشار الشائعات الإلكترونية هي الثورة التكنولوجية وتقنيات الاتصال والتدفُّق الحُر للمعلومات، بدليل أن معدّلات انتشارها تتناسب طردياً مع الاستخدام المتزايد لتوليفة الشبكة العنكبوتية ، فالمنصّات والنوافذ الإلكترونية بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي دخلت اليوم على خط إنتاج عمليات سير الرسائل الإعلامية، وجعلتها من القاعدة الى القمة في ظل الإنفراد الإلكتروني الصادم لقواعد حرية النشر والتعبير وفي بيئة تخلو من مقص الرقيب والمساءلة القانونية، الأمر الذي جعل الجمهور المتلقّي عرضةً لسرعة التصديق أو الإنكار .
ويرى العارفون بهذا الشأن ان التاريخ يزخر بكثير من الشائعات التي غيرت مجرى الأمم وشتت المجتمعات ، باعتبارها من أهم الأسلحة في أوقات الحروب لأنها تثير عواطف الجماهير والخوف في نفوس أفراده وتهيئهم للقبول بالهزيمة .
ويضيفون : على الرغم من أن الشائعات ظلّت ملازمة للبشر على مر العصور؛ إلا أنها أضحت اليوم مع طفرة الدوت كوم والألياف البصرية سلاحاً فتّاكاً له مفعول كبير اصبح تأثيره أكثر فعالية بسبب تولي الجمهور المستهدف دور ناسج الشائعة من خلال إعادة نشرها في مربع الآلة الاتصالية.
ومن الثابت ان الحرب التي يقودها تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن تُدار بقوتين متوازيتين ترسانة الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا العسكرية واساطيل من الأسلحة الناعمة التي تتخذ من الإنترنت والفضاء الإلكتروني منصات لها متجاوزة بمداها الفواصل الزمنية والحواجز المكانية وهو ما جعل المتلقي يتلقّى سيلاً من الأخبار والآراء والمعلومات يصنف الكثير والكثير منها في خانة الشائعات التي تسعى من ورائها دول تحالف العدوان إلى ترسيخها في العقل الجمعي للجمهور بالتدليس المبطّن بتنوُّع ألوان الشائعة مستغلة الطابع الفردي للإعلام التفاعلي المجتمعي الذي يتعاطى معه الأفراد من خلال خلفياتهم التعليمية والثقافية والمعرفية والذين ينجرف العديد منهم للتصديق دون تثبُّت وإدراك لحجم انتشار هذا المحتوى الذي يقارب الحرب النفسية التي يشنها العدو على الشعب اليمني في اطار حربه الشاملة من خلال الأكاذيب والشائعات لهدم المعنويات وخلق الإضطرابات بعد ان عجز من تحقيق أي انتصار عسكري.
وبحسب مراقبين فإن دول تحالف العدوان تقوم عبر منظومتها الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية وجيوشها الإلكترونية ببث الشائعات وتلوين المعلومة أو الخبر الذي لا يستطيع أن يدركه عامة الناس بأشكال وقوالب مختلفة يديرها خبراء في الدعاية والحرب النفسية وعلم النفس لتحقيق أهداف رامية لضرب الجبهة الداخلية والنيل من الثبات والصمود الذي يسطره الشعب اليمني في وجه العدوان الغاشم وحصاره الجائر .
وفي الوقت الذي اسقط فيه ولا زال الإعلام الوطني والجبهة الإعلامية المناهضة للعدوان زيف وتضليل وسائل دول تحالف العدوان ، يدٌشن الإعلاميون اليوم العام الرابع من العدوان بمزيد من الوعي والتعاطي مع فضاء الكتروني اصبحت فيه المسؤولية اعظم واكبر . حيث تقوم وزارة الإعلام بتنفيذ برنامج تدريبي للإعلاميين عن الإعلام المجتمعي في مواجهة الحرب الناعمة تحت شعار ” يد تحمي .. ويد تبني ” لتطوير الأداء ومواكبة تكنولوجيا العصر بما يضمن القيام بأدوار أكثر فاعلية لمواجهة حرب الشائعات التي يقوم بها الإعلام المعادي ويتناقلها الأفراد دون أن يدركوا أنهم الضحايا، وذلك بسرعة توفير المعلومة الصحيحة وعرض جوانب الحقيقة أولاَ بأول .
ختاماً : لا يماري أحد أنّ الشائعات الإلكترونية موضوع من الأهمية والخطورة ولابد من وضع استراتيجيات تضمن وأد حروب «الجيل الرابع» في مهدها ، والى جانب التعاطي لمواجهتها يظل التفاعل الإيجابي من كل شرائح المجتمع ومؤسساته لزيادة وعي الجمهور وبنائه ثقافياً أحد أهم العناصر في مواجهة الشائعات. وفي زمن تكسّرت فيه الجدران الإعلامية؛ فإن عصر السماوات يبقى متوقّفاً على قدرة الفاعلين بالحقل الإعلامي في توظيف هذه النقلة النوعية في تاريخنا المعاصر بما يضمن جعل الجمهور قادراً على تمييز الخيط الناظم للحقيقة التي يسعى الإعلام المعادي على اخفائها وتضليلها باستحضار غائبٍ وتغييب حاضر .

قد يعجبك ايضا