المرأة اليمنية.. قصص صمود وصور مشرفة

تحقيق/ سميرة القاضي
سجلت المرأة اليمنية مواقف عظيمة ومشرفة في الصمود والثبات في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الغاشم على مدى ثلاث سنوات حصد فيها أكثر من 37 الفاً ما بين شهيد وجريح من الأطفال والنساء والشيوخ.
وقدمت المرأة نماذج رائعة في الصبر والعطاء والتضحية.. دفعت بأبنائها وإخوانها الى الجبهات للدفاع عن الوطن ضد المعتدين الذين استباحوا أراضيه ودماء أبنائه.
كما جسدت أروع صور التماسك والتضحية وهي تستقبل جثامين الشهداء الذين ارتقت أرواحهم الطاهرة الى بارئها دفاعا عن أرضهم وأمتهم وعزة وسيادة وطنهم في جبهات العزة والكرامة .
صمود أسطوري
أم عدنان احدى الصور الرائعة في الصمود والتماسك والعطاء استقبلت جثمان ثاني شهيد من أبنائها أيمن 18 عاما الذي استشهد في جبهة مارب بعد خمسة أشهر من استشهاد شقيقه عدنان 24 عاما في الجبهة نفسها وتثبت الأم الصبورة نفسها بحمد الله الذي منَّ على ولديها بشرف الشهادة في سبيله ودفاعا عن الوطن ، مؤمنة بأن ابنيها الشهيدين في صفوف العظماء من الشهداء الخالدين في جنات النعيم .
وأكدت أم الشهيدين طه 23 عاماً استشهد في جبهة تعز ومحمد 19 عاماً في جبهة صرواح بمارب أن الشهيد حبيب الله وأن شرف الشهادة لا يناله إلا من خصه الله واختاره الى جواره واعتبرت تضحية ولديها وبذلهما نفسيهما لله وللوطن شرفاً كبيرا في الدنيا وفوزا عظيما في الآخرة .
فيما عبرت أم الشهيد نجيب 24 عاما عن فخرها واعتزازها بشهيدها الذي وهب نفسه فداء للوطن مؤكدة أن ابنها حي يرزق في أعلى الجنان كون الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون .
وتخليدا لذكرى زوجها الشهيد حرصت أم احمد على تسمية مولودها البكر باسم والده الذي استشهد في الجوف قبل أسبوعين من قدومه لتوثق شجاعته وعظمة تضحيته في سبيل الله والوطن .
وواصلت المرأة صمودها من خلال تحملها مسؤولياتها وواجباتها كربة بيت ترعى شؤون أسرتها وأطفالها ومعلمة تغرس في نفوسهم معاني الصبر والصمود وحب الوطن وإحاطتهم بجوانب الحب والدعم النفسي للتغلب على خوفهم من قصف العدوان وما يخلفه من آثار في نفوسهم.
البحث عن الأمان
كما أظهرت المرأة اليمنية ثباتا وصمودا عظيما حين غادرت منزلا لم تعد إليه بحثا عن ملاذ آمن يحفظ حياتها وأسرتها من وحشية العدوان الذي قصف البيوت والأسواق والطرقات وكل مقومات الحياة وصنفت كنازحة في مكانها الجديد بعد ان بلغ عدد النازحين وفق المصادر الرسمية ثلاثة ملايين 389الفاً و358 نازحاً من مختلف المحافظات منهم مليون و762 ألفا و466 نازحة من الإناث .
تحملت أم سمية مشقة النزوح من محافظة تعز بكل صبر وثبات بحثا عن مكان آمن يحفظ حياتها وعائلتها ويعوضهم عن السلام الذي فقدوه في منطقتهم ،وأجبرت الأسرة المكونة من ستة أشخاص على مغادرة منزلهم الواسع في الجحملية والسكن في دكان صغير لا تتجاوز مساحته الثلاثة أمتار بحي الإذاعة.
وأكدت أن معاناة النزوح وفراق الأهل والأصحاب لن تثنيها عن أداء واجبها تجاه زوجها المصاب باكتئاب نفسي ودعم أولادها بل ضاعفت عزمها وإصرارها على مواصلة رسالتها وتضحيتها من اجلهم ونشطت في مساعدة بعض ربات البيوت في الحي الذي تسكنه واللاتي أحطنها بالحب والتقدير والدعم المالي الذي تستطيع من خلاله تدبير شؤون أسرتها المنكوبة .
كما أرغم قصف العدوان الجنوني زوجة صالح معمر بائع الخضار في جبل ذيفان بمحافظة عمران على مغادرة منزلها والنزوح مع عائلتها الى صنعاء هربا من همجيته وبحثا عن منزل بديل يوفر لهم الآمان والسلام .
وتقول ” جئنا الى صنعاء للبحث عن مكان آمن ومنزل بديل عن الذي دمره العدوان بشكل كلي والحصول على مصدر رزق لزوجي يعوضه عما خسره جراء القصف ويمكننا من العيش ولو بالحد البسيط .
وأبدت ثباتا وإصرارا كبيرا في تحمل متاعب النزوح وآثاره ،مؤكدة أن ما دمرته الحرب ستبنيه أيديهم وأبناؤهم بعد تحقيق الانتصار والعودة للديار.
تسببت وحشية العدوان وحصاره الخانق في كارثة إنسانية في البلاد تمثلت بأكثر من 22 مليون مواطن بحاجة إلى مساعدات إنسانية وحاجة 11.3 مليون إلى غذاء وصحة, ومعاناة 17.8 مليون جراء حالة انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من 35% من السكان ضمن مؤشر المرحلة الخامسة ” مرحلة المجاعة، إلى جانب الاقتصاد الذي أرهقه العدوان بفرض سياسة التجويع ليضاف اليمن إلى قائمة الدول الأفقر في العالم وفقا لتقارير الأمم المتحدة .
أثبتت المرأة جدارة كبيرة في تجاوز تلك الآثار والتداعيات بإمكاناتها وإرادتها والتخفيف من المعاناة الاقتصادية من خلال تنفيذ مشاريع صغيرة خاصة تحسن وضعها المعيشي في ظل غياب العائل وانعدام الرواتب الناتج عن العدوان .
سخَّرت أم ملاك الموظفة بإحدى الدوائر الحكومية امكاناتها ومهاراتها بعمل بعض الأشغال اليدوية من الفضة وأدوات الزينة التي تتقن في صناعتها لكسب مردود مالي يلبي احتياجاتها خاصة في ظل انعدام الرواتب وعملت مدربة في إحدى الجمعيات النسوية بمنطقة سعوان تتولى تدريب منتسباتها صناعة الأشغال اليدوية ليكتسبن مهارات تعود عليهن بالنفع وتقيهن عوز الحاجة .
فيما سارعت أم اكرم التي تتفنن في صناعة أنواع المعجنات والحلويات والبسكويت الى تكوين معمل صغير في منزلها لعمل تلك الأصناف المتميزة والتي ولاقت رواجا كبيرا بين الزبائن لشرائها مباشرة أو عن طريق الحجز .
واستثمرت أم فاطمة ذوقها وموهبتها في أعمال التطريز والرسم على القماش والجلديات بعمل مشغل بسيط في بيتها تمارس فيه هوايتها في الرسم والتطريز على الأقمشة والجلديات الخاصة بالزبائن من صديقاتها وجيرانها وأقاربها والتي تدر عليها دخلا جيدا يؤمن وضعها المعيشي .
وكان للمرأة اليمنية حضور قوي ومؤثر في معركة الدفاع عن الوطن ومشاركتها في مختلف الفعاليات والأنشطة المناهضة للعدوان وإظهار صورته الحقيقية الى العالم عبر الندوات الثقافية والمسيرات ومعارض الصور التي كشفت بشاعته وجرائمه وانتهاكاته بحق ابناء اليمن .
كما قامت بدورها في مواجهة آلة الحرب الإعلامية للعدوان الهادفة إلى تمزيق وحدة الصف وزعزعة الأمن والاستقرار.
صراع البقاء
وتمثلت بشاعة العدوان وحقده باستهدافه لمقومات الحياة و البنى التحتية في مختلف القطاعات ومنها القطاع الصحي الذي خرج 55% منه عن الجاهزية ،و45% من المرافق تعمل بالحد الأدنى وفقا لإحصاءات أممية وتدمير 420 منشأة صحية بشكل كلي وجزئي وخسائر مادية لحقت بالمنشآت الصحية بلغت ثمانية مليارات و342 مليون ريال والتجهيزات الطبية 90 مليوناً و 865 ألف دولار وفق التقديرات الأولية لوزارة الصحة التي خلصت الى انهيار شبه كامل في المنظومة الصحية ليخوض المواطن الصامد صراعا من أجل البقاء .
أبدت امل وأفراح شجاعة عظيمة في قهر العدوان والتحرك بكل حرية لأداء عملهما بالمستشفى العسكري ولم تتوان الممرضتان من الخروج تحت القصف للقيام بواجبهما الوطني والإنساني في رعاية ومعالجة المرضي يوميا بالمستشفى .
وحرصت إيمان على الذهاب يوميا إلى مقر عملها في مستشفى السبعين باكرا لتؤدي مهامها في قسم الولادة بكل إخلاص وتفان ولتشهد كل يوم قدوم طفل جديد يعطيها املآ ويعزز قناعتها أن الحياة مستمرة رغم كل الظروف .
وأصرت نجيبة على مواصلة رسالتها التربوية في مجال التعليم بكل جد واجتهاد لتخرج جيلاً متسلحاً بالعلم يساعد في بناء وطنه على الرغم من استهداف العدوان ألفين و641 منشأة تعليمية وتربوية, وتوقف 785 مدرسة بسبب تواجد النازحين فيها, وتدمير 23 جامعة حكومية وأهلية طبقا لإحصاءات رسمية .
فيما لم تكتف غادة بدورها كمعلمة في مدرسة الجريزع تؤدي رسالتها التعليمية بل سارعت الى البحث عن وسائل دعم للمدرسة وزميلاتها من المدرسات من عدد من المنظمات والشركات الخاصة من أجل استمرار العملية التعليمية والتغلب على الظروف الصعبة الناتجة عن العدوان وإصرارا منها على تجاوز كل آثاره الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة ملحمة الصمود البطولي للمرأة اليمنية التي تجاوزت حدود المستحيل .
ثلاث سنوات وثقت المرأة اليمنية خلالها مواقف مشرفة في الصمود والثبات ورسمت صوراً رائعة في الصبر والعطاء في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، ستبقى شهادة خالدة للأجيال القادمة ورصيدا زاخرا يضاف إلى عظمتها عبر التاريخ.

قد يعجبك ايضا