خريف مملكة آل سعود

 

عبدالله الاحمدي
تترنح مملكة آل سعود وهي تتكئ على عصا الشيخوخة، مثلها مثل ملكها سلمان الذي يبدو أنه سيكون آخر ملك من أولاد الهالك عبدالعزيز.
المغرور محمد بن سلمان يتقفز بين عواصم دول الاستكبار العالمي (لندن، نيويورك، باريس) يوزع المليارات هنا وهناك يشتري مواقف الحكومات الغربية من أجل أن يمد قليلا في عمر المملكة الداعشية، ويستعجل الوصول إلى العرش، ويعرض نفسه كحارس للمصالح الغربية.
يرغب محمد بن سلمان بتغيير المعادلة التي قامت عليها العلاقة بين مملكة العهر الداعشي والغرب الرأسمالي، وبالذات أمريكا، والتي بدأت منذ الاجتماع الذي ضم الهالك عبد العزيز، والرئيس الأمريكي روزفلت على ظهر سفينة حربية أمريكية في المتوسط عام 1945 م ونتج عنه اتفاق : النفط مقابل الحماية.
في الآن يبدو أن النفط لم يعد كافيا لسد جشع أطماع الأمريكي القذر، فعين ترامب تمتد نظراتها إلى أموال النفط لصنع معادلة الأموال مقابل الحماية، وهو ما يفصح عنه ترامب في كل خطاب، أو لقاء مع شيوخ البراميل في السعودية والخليج.
ما يقارب القرن هو عمر مملكة الإرهاب(88) عاما منذ إعلان الهالك عبد العزيز مملكته، ومن قبلها عشرات السنين اذاقت فيها عصابة آل سعود شعوب الجزيرة أصناف الموت والدمار، وإبادت إمارات كانت قائمة مثل إمارة آل رشيد، وحكم الإشراف، والادارسة في الحجاز، وغيرها من المشيخات والإمارات، ولم يصمد في وجه هذه العصابة الفاشية غير أبناء اليمن رغم خساراتهم في كثير من الحروب، واقتطاع الكثير من أراضيهم، في جيزان ونجران وعسير.
كل هذا الزمن، وكل تلك الأموال لم يستطع أمراء البراميل بناء تجربة، سياسية، أو اقتصادية يقتدى بها من قبل شعوب المنطقة، فكل تاريخهم دماء، ودمار، وقتل ومؤامرات على شعوب الأمة، فكل الحروب التي خاضتها إسرائيل وأمريكا ضد الشعوب العربية كانت ممولة من أمراء النفط، بل امتد تآمر آل سعود والبراميل الى تمويل مشاريع وكالات الاستخبارات الغربية في قارات آسيا وافريقيا، وأمريكا اللاتينية.
في المشهد الاني كل المعطيات تؤكد ان العمر الافتراضي لمملكة آل سعود قد انتهي، فالدول لها أعمار. وكل مشاريعها وصلت إلى طريق مسدود، فمشروع الوهابية و القاعدة وداعش والإخوان، ورعاية الإرهاب والتطرف، والاستقواء بأجهزة القمع وجيش الكبسة والحماية الغربية انتهت إلى فشل، باعتراف محمد بن سلمان الذي يقود حراكا ضد الوهابية والإخوان، ويحاول استنساخ مشروع غربي وتوطينه في بيئة الصحراء. والأحوال في الداخل لا تسر؛ اعتقالات وتعذيب، ومصادرة الأموال وقمع للحريات، واضطهاد للأقليات الطائفية، والمناطقية، وتمايز طبقي، ومناطقي، وأسري، وعبث بالأموال العامة. اما في الجوار فإن آل سعود لم يوفروا لهم صديقا؛ ابتداء من البحرين، مرورا بسوريا والعراق ولبنان، وليس أخيرا بالعدوان على فقراء اليمن المسالمين، وقتلهم على مدى أكثر من ثلاثة أعوام.وأمام كل تراكم الأزمات في الداخل والخارج لم يجد محمد بن سلمان الا الارتماء في حضن الوحوش الرأسمالية، والتسليم باشتراطاتهم المجحفة.
ويبدو أن تلافي بقاء النظام السعودي باسم المملكة السلمانية سيكون باهظا، فالأمريكي ومعه الغرب المتصهين يفرضون على ابن سلمان شروطا قاسية، تخرج مملكة الدواعش من التعامل الذي درجت عليه تحت الطاولة إلى سطح الطاولة، والتعامل بشكل علني، وأولها تطبيع العلاقة مع دولة الاحتلال الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية بما يسمى بصفقة القرن، وإقامة حلف صهيو / سعودي ضد الجمهورية الإسلامية في إيران. والشرط الأهم هو وضع كل أموال المملكة في المصارف والبنوك الأمريكية لتكون في الحفظ والصون تحت أيدي رعاة البقر، ودون ذلك قاله وأكد عليه الرئيس الأمريكي ترامب صراحة؛ إنه بدون الحماية الأمريكية لن تستمر أنظمة الخليج أسبوعا واحدا.
وكما هو ظاهر للأعمى قبل المبصر فإن آل سعود يخلعون جلباب الوهابية التي رعوها لعشرات السنين، وسسمموا بها الإسلام، وشباب المسلمين، ويلبسون أثواب الصهيونية جهارا نهارا، محاولين جر الكثير من شعوب الأمة الى حلبة الصهيونية، بما يمتلكون من أموال النفط.
المال يطغي، وآل سعود غرهم المال، فلم يبنوا دولة، ولم يهتموا بالإنسان، حسبوا انهم قادرون على شراء كل شيء وأن المال فوق الوطن، وتعاملوا مع شعوب الأمة باستعلاء، وخدموا الاستعمار وأعداء الأمة أكثر مما خدموا المواطن في المملكة.
محمد بن سلمان الذي يتربع الآن على العرش، ملكا غير متوج تصفه الكثير من الدوائر الراصدة لأوضاع المملكة بانه غير مؤهل لإحداث تغييرات أو للإمساك بزمام الحكم في المملكة، إضافة الى كونه مثقلا بجرائم الفساد والقمع، ومتورطاً في الحروب، ودعم الإرهاب، وان ما يقوم به من حركات بهلوانية ستوصل المملكة الى نهايتها المحتومة.
وما لم يكن يتوقعه محمد بن سلمان وداعموه أن تأتيه جهنم من اليمن لتطيح بالكثير من أحلامه المهووسة.

قد يعجبك ايضا