عجب العجب وأعجب العُجاب

العلامة /سهل إبراهيم بن عقيل

إنها كلمة صدق، قد لا يؤيدها منطق، ولا يقبلها عقل، أن يكون هناك ملايين من البشر مجتمعين في ساحة مفتوحة تشبه الصحراء المترامية، وأن يأتي طيران الأعداء السابق للصوت ليلقي حممهُ بين صفوف الجماهير ولم تتحرك لهم شعرة بل صاحوا وهم ينظرون إلى السماء “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” .. هذه الصرخة استحضرها روح الشهيد المؤسس لهذه الثورة الشعبية حسين بن بدر الدين الحوثي طيب الله ثراه، وجسدها تجسيداً عملياً روح صالح علي الصماد باستشهاده في سبيل تفعيل هذه الدرر الخمس، وكأنها دستور لجميع الثورات في جميع أنحاء العالم إن أرادت الإنسانية أن تخرج من ربقة الاستعمار وأعوانه من الأراذل في صفوف شعوبها الذين لا زالوا على كراسي حكمها لخيانتهم ونهب مقدراتهم وذلهم وسحقهم لمصلحة الصهيونية العالمية والماسونية.
ومن العجب العجاب أن يكون هذا القصف في تشييع جنازة المناضل الكبير صالح علي الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى، ولم يحدث هذا القصف بلطف الله سبحانه وتعالى كما توهم الأعداء، مئات الشهداء وآلاف الجرحى، بل رد كيدهم إلى نحورهم، فقد قتل فرد واحد وجرح آخرون جروحاً طفيفة والعجيب أنه وقع قرب أحد الشيوخ كبار السن ولم يعلم به ولم تتحرك له شعرة ورفاقه يحملونه بين كتفيه تقريبا وهو يمشي بخطى الواثق بالنصر ويصرخ مع الجماهير الصرخة المعهودة والتي أقعدت العالم الاستعماري وأقامته على هذا الشعب المظلوم مؤمناً شاخصاً بصبره إلى السماء قائلاً: اللهم إن هذا منكر ضد أمة نبيك وأنصاره.
الشرف العظيم
لي نشوتان وللنُدمان واحدة شيء خُصصت به من بينهم وحدي، منذ بزوغ الدعوة المحمدية إلى نهاية الخلافة الرشيدة للأربعة الخلفاء ومن تبعهم كانت حروب طاحنة يطول شرحها، كادت تودي بأنصار الإسلام وأتباع سيد الأنام محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى الهاوية من اختلافات في الرأي والتمذهب العقيم “وكما يقول الفقهاء: المذهب رأي” والرأي قد يخطئ ويصيب، ولكن الإسلام في هذه الفترة لم يتجذر عميقاً بين صفوف حملته، فاتخذ كل منهم مذهبا وحزبا وكما قال الله سبحانه وتعالى “ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” ولكن الله سلم وبقي الإسلام عقيدة وسلوكا لأنه دين العلم والمعرفة فقد جعله الله مفرغاً بكل معانيه الحسية والمعنوية وما في الكون ظاهرا وباطنا في كلمة واحدة أوحاها بصفة الأمر إلى خاتم أنبيائه ورسله : “إقرأ” وهذه الكلمة معناها أكبر من أن يحتويها القول بمفرداتها عند من يعقل “وفوق كل ذي علم عليم”، وقد شرفنا الله ومنحنا هذا الوسام العالي على صدر كل يمني بثورة 21 سبتمبر امتداداً لجذور إجابة قالها صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للمشركين مخاطبا عمه أبا طالب رضي الله تعالى عنه:” والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر على يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه، إن هذا الأمر سيصل إلى حيث يصل الحافر” أي إلى حيث يكون الإنسان وبجميع اللغات، وإن ثورة 21سبتمبر بمعناها وغايتها امتداد لجذور هذا الكلام “والله انها لثورة تجديد للإسلام والمسلمين في هذا العصر المنآد الذي خضع فيه المستضعفون لقوى الاستكبار”.
وإن الشهادة في سبيل إحقاق حق وإزهاق باطل لهي الغاية المثلى لكل حُر يهب نفسه فداءً لوصولها وإهدائها بالتالي لأخيه الإنسان، لتحريره في ذاته ونفسه ومقدراته ووطنه.. ويا لها من غاية شريفة.
وإن أنصار الظلم والظلام القابعين تحت أحذية أسيادهم عليهم أن يلعقوا أقدام أسيادهم الذين يمشون على جمر ملتهبة من غضبة الشعوب تأكل سيقانهم في كل أنحاء المعمورة.
*مفتي محافظة تعز

قد يعجبك ايضا