العدوان والحصار يحرمان اليمنيين مظاهر استقبال رمضان

للعام الرابع توالياً: > لم تعد الأسرة اليمنية تهتم كثيراً لتوفير المتطلبات الرمضانية وكل همها توقف العدوان

> مختصون:
الأسر اليمنية تجاهد للتأقلم مع الأوضاع الاستثنائية للبلاد واستمرار الحياة
غابت عادة ” يا نفس ما تشتهي” الشعبانية وتراجعت حركة التسوق لانقطاع المرتبات

الثورة/
أيام قليلة ويحل علينا وعلى أمة الإسلام شهر رمضان المبارك لكن قدومه على أهل اليمن هذا العام مثل السنوات الماضية الثلاث في ظل العدوان والحصار وتداعياتهما الكارثية على حياة الناس، أحال حياة الأبرياء إلى بؤس مقيم ومعاناة دائمة من هذه الأوضاع المؤسفة والمتواصلة التي ألقت بظلالها السلبية على استقبال الشهر الكريم لتحرم اليمنيين كثيرا من طقوس ومظاهر استقبال رمضان..

انحسرت ممارسات وعادات كان يدأب عليها المجتمع اليمني مع حلول شهر رمضان، جراء تداعيات العدوان والحصار المادية والنفسية ليحل هذا الضيف بصورة استثنائية، مع أن القذائف الصاروخية والأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها العدوان السعودي ضد أبناء الشعب اليمني في العاصمة صنعاء ومختلف محافظات البلاد وتسببت في إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء وإصابة الآلاف وتدمير آلاف المنازل على رؤوس ساكنيها وتخريب المنشآت الحيوية والمرافق العامة وكل ما يتصل بضرورات الحياة المعيشية، فشلت في إحداث أي فجوة في تماسك الشعب اليمني وصلابة نسيجه الاجتماعي ليسطر اليمنيون لوحة رائعة من الصمود والانتصار لقيم الحياة الإنسانية ومفاهيم ومبادئ الخير والسلام في استقبال شهر رمضان.
حصر الاهتمامات
(الأسرة) رصدت بعض مظاهر الاستعداد للأسرة اليمنية لاستقبال هذا الضيف وأيامه الروحانية والذي كان محدودا للغاية ومقتصرا على الضروريات القصوى وفي حدودها الدنيا بسبب هذه الأوضاع الاستثنائية .
اقتصر استعداد الأسر اليمنية لشهر رمضان هذا العام على اقتناء القليل من الاحتياجات البالغة الأهمية وذلك بسبب الوضع المادي المتردي الذي يعيشه أرباب الأسر ..كما تقول.
وتضيف علية حمادي – ربة بيت:
لم يكن هناك مجال إطلاقا لشراء الكماليات التي كانت عادة ما تصاحب شهر رمضان المبارك بل اقتصرنا على شراء المستلزمات الضرورية كالقمح والسكر فبسبب الوضع المادي المتردي للأسر اليمنية وانقطاع أرباب الأسر عن العمل لم يعد هناك مجال للتسوق وشراء المقتنيات الرمضانية الأخرى ولم يعد يفكر الناس سوى بإيقاف الحرب التي طالت كل شيء.
انحسار عادات
من مظاهر استقبال الشهر الكريم التي انحسرت هذا العام، عادة إقامة حفلات “يا نفس ما تشتهي” التي كانت الكثير من النسوة يحرصن على إقامتها، وتقول بلقيس صالح : انشغل الجميع بالحرب وبالأوضاع المأساوية الناجمة عنها لتختفي مع ذلك كل مظاهر الاحتفاء بقدوم الشهر الكريم.
وتضيف: كنا نقيم حفلة في آخر يوم من شهر شعبان ونجتمع مع الجيران والصديقات بما يسمى ” يا نفس ما تشتهي” والجميع يحضر أصناف المأكولات والحلويات ويجتمع الأهل والأقرباء في منزل واحد على سفرة واحدة وتعم الفرحة جميع الأهل والأصدقاء ولكن على العكس تماما هذا العام لا توجد أي استعدادات لإقامة هذه العادة كما كان الأمر العام الماضي أيضا بسبب استمرار العدوان الذي أصبح حديث الناس ولم يعد يهمهم أي طقوس يقيمونها فقط يريدون الأمن والسلامة.
جهاد العيش
كذلك مريم سعيد عبدالله وهي موظفة حكومية: تقول: نحاول جاهدين أن نعيش حياتنا الطبيعية رغم العدوان لكن التداعيات الكارثية للحرب والحصار تجبر الناس على التخلي عن الكثير من العادات والتقاليد الخاصة باستقبال الشهر الكريم.
ويقول الدكتور عبدالله عبدالسلام: كان الناس في مثل هذا التوقيت من كل عام يعدون العدة في إيجاد التموينات الغذائية منذ وقت مبكر ويتسابقون على شراء المقتنيات الغذائية بكميات كبيرة وزائدة بل كان الجميع يحذرون من هستيريا التسوق قبيل شهر رمضان المبارك بينما في هذا العام ألقت الحرب بظلالها المأساوية على حياة الناس ولم تجد كثير من الأسر حتى المستلزمات الغذائية الضرورية فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير ولهذا لم تعد الأسر قادرة على شراء أي كماليات كانت تقوم بشرائها .
تراجع التسوق
ويقول يحيى العواضي, تاجر جملة : كانت السنوات الماضية تشهد موسما رائعا ومربحا للتجار جميعا حيث كان الجميع يستنفر طاقاته في شراء كل شيء بالجملة وتقوم الأسر بشراء جميع المواد الغذائية اللازمة لها وتضج الأسواق بالمتسوقين وتباع كل البضائع ولكن في هذه السنة الأمر مختلف تماماً فالحركة التجارية تراجعت كثيرا.
يضيف العواضي: بسبب العدوان السعودي والحصار الجائر على الشعب اليمني لم تعد هناك قوة شرائية فقد نزحت معظم الأسر والبعض الآخر بات يبحث عن المواد الضرورية. فآثار العدوان شملت كافة مناحي الحياة العامة وألقت بظلالها السلبية على جميع الفئات الاجتماعية لتختفي معها أشكال كثيرة من المظاهر المألوفة لاستقبال شهر رمضان المبارك في مختلف مناطق البلاد.
تأقلم مجتمعي
وتستمر الحياة وعلى الرغم من هذه الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلد منذ شهور طويلة فإن الناس يحاولون التأقلم مع هذا الواقع الكئيب على أمل أن تحل نهاية قريبة للمأساة التي لن تستطيع أبدا أن توقف الحياة التي تستمر مهما بلغت الظروف وتعقيداتها بحسب الدكتورة تهاني احمد.
تقول الدكتورة تهاني, وهي باحثة اجتماعية: هذه هي سنة الحياة وسنة الله في خلقه يجب أن تستمر الحياة وتأخذ دورتها الطبيعية بصرف النظر عن طبيعة الصعوبات وحجم التحديات واليمنيون صامدون في وجه العدوان وسيصومون رمضاناً آخر في ظل العدوان والحصار وسيبتهلون إلى الله في أيامه ولياليه المباركات بإزالة الكرب والمحن وإحلال السلام والأمن من جديد في كل ربوع الوطن الغالي.

قد يعجبك ايضا