الدم اليمني والفلسطيني يواصلان إسقاط الحاميات الصهيونية في المنطقة

 

الثورة/ ابراهيم الوادعي

في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعاء الماضي على خلفية المجزرة المروعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة وسقوط ما يقرب من 60 شهيدا في ذروة مسيرات العودة الكبرى، بدا وزير خارجية السعودية عادل الجبير مرتبكا في رده على سؤال لأحد الصحفيين حول ما بات يعرف بصفقة القرن التي تتبناها المملكة، ومضى الجبير الى اشبه باستجداء الصحفيين بتصديق موقف المملكة الداعم لفلسطين.
وفيما كان الصحفيون يحاكمون وزير الخارجية السعودي كانت شبكة الـ”بي بي سي” تستضيف المستشار الاقتصادي للحكومة السعودية خالد الاشاعرة الذي كتب تغريدة حول دعائه للصهاينة بالنصر على ما اسماه الإرهاب الصهيوني، واتهم الفلسطينيين بأنهم ذراع لإيران ويسعون لإشعال انتفاضة جديدة، وان من حق إسرائيل أن تواجه الإرهاب على أرضها وفق تغريدة مطولة أثارت جدلا كبيراً.
وبين موقفي الاشاعرة والجبير، فإن الرجل الأول في المملكة محمد بن سلمان ولي العهد، ملكها غير المتوج كان قد أدلى بتصريحات لصحيفة أمريكية مؤخرا هدد فيها الفلسطينيين بالقبول بأبو ديس عاصمة بديلة عن القدس، والتنازل عن حق العودة ضمن مقتضيات صفقة القرن التي يحضر لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مضيفا: إنهم أي الفلسطينيين أضاعوا فرصا عديدة لتحقيق السلام ويجب أن يقبلوا بالصفقة الجديدة أو ليصمتوا إلى الأبد.
واستناداً إلى هذا الموقف السعودي الواضح وفتح وسائل الإعلام السعودية بما فيها الرسمية للحديث عن التطبيع ، يشي أين أصبحت المملكة وفي صف من ، وحقيقة ما ذهب إليه الكاتب عبدالباري عطوان من أنه لولا الدم الفلسطيني الذي سال على حدود غزة الأحد المنصرم ،لكنا شاهدنا مسؤولين خليجيين وعربا يشاركون في الاحتفالات بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
وللمفارقة فالإعلام الصهيوني والإعلام الخليجي اجتمعا على صب جام غضبهما على الفلسطينيين الذين عكروا صفو الاحتفالات الإسرائيلية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وبحسب الصحافة الإسرائيلية فإن الفلسطينيين نجحوا في حرف اهتمام العالم من القدس حيث كانت تجرى احتفالات نقل السفارة الأمريكية إلى غزة حيث عشرات الآلاف من الفلسطينيين يقتحمون السياج العازل باتجاه الأراضي المسلوبة منهم في عام 48م.
ووصف الإعلام الصهيوني تقديم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من يونيو القادم إلى موعد يسبق احتفالات الكيان بسيطرته على فلسطين بأنه كان توقيتا سيئا للغاية وحظا عاثرا، واستغلها الفلسطينيون ليقدموا موعد مسيرات العودة يوما واحدا وينجحوا في مسعاهم حيث التفت العالم إلى ما يجري في غزة وتجاهل ما يجري في القدس، وأضحت الدول التي كانت ترغب بنقل سفاراتها إلى القدس أكثر ترددا فيما ألغت أخرى الفكرة تماما.
والإعلام الخليجي اعتبر هو الآخر أن الفلسطينيين يسفكون الدماء ليلفتوا أنظار العالم إليهم، وهم من يرفضون الفرصة تلو الأخرى لتحقيق السلام.
ومضى الإعلام السعودي إلى استضافة ضيوف يدعون إلى تأديب الفلسطينيين لدفعهم المنطقة إلى مزيد من الفوضى حسب زعمهم، انتشرت في السعودية هشتاقات تدين الفلسطينيين وتتهمهم بالعمالة لإيران، وممارسة الإرهاب المنظم .
السعودية والإمارات والبحرين سارعت كذلك إلى تبني اللائحة الأمريكية بإدراج السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله وقادة مقاومين ضمن لائحتها الخليجية لداعمي الإرهاب، وهو ما عدته دوائر صهيونية لحظة تأسيسية للعمل المشترك ضد ما سمته الإرهاب الفلسطيني المدعوم من إيران.
وباستثناء اليمن التي خرج شعبها الاثنين في مسيرة حاشدة نددت بالجرائم الصهيونية وأكدت على عروبة القدس، ووقوف اليمن رغم محنته والعدوان عليه إلى جانب الشعب الفلسطيني.
فقد عم العواصم العربية المحسوبة على التحالف السعودي الأمريكي صمت القبور رسميا وشعبيا، وهو ما يفسره الكاتب والمفكر عبدالملك العجري بكون الأمة العربية تعيش وضع استلاب فكري، ولم يستبعد أن يحمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قريبا ملف القضية الإسرائيلية إلى الجامعة العربية بدلا عن القضية الفلسطينية وسيخرج البيان الختامي بالتأكيد على حق «إسرائيل» التاريخي في فلسطين وإدانة الإرهاب الفلسطيني وفق تغريدة له على تويتر.
من باب المناكفة تمضي التحركات التركية لعقد قمة إسلامية من أجل القدس، السفير الصهيوني في تركيا طرد وعاد مرات، وتحول إلى ترمومتر تركي لامتصاص الغضب، وجاءت الدعوة السعودية لتشكيل لجنة تحقيق دولية فيما جرى بغزة.
إن المتابع لارتدادات ما جرى في القدس وسفك الدم الفلسطيني الشريف، يكشف عن سقوط آخر الأقنعة عن أنظمة عربية وإسلامية تخفت طويلا وظهرت مع قرار ترامب بمنح القدس للصهاينة في إطار صفقة القرن، على حقيقتها أنظمة صهيونية أمريكية تفاوض الفلسطينيين ليصمتوا ويقبلوا بصفقة القرن والتوقيع على بيع القدس وفلسطين.
وثمة حقيقة أخرى أن العدوان على اليمن وشعبها لا يجتمع والدفاع عن فلسطين.

قد يعجبك ايضا