الشيخ المقرئ عبد الغني الكوش.. مدّاح النبي

 

عبدالصمد الخولاني

الشيخ عبد الغني الكوش، الشهير ذكره بمداح النبـي من أبناء بيروت ، سليل أسرة من آل البيت معروفة بمواظبتها على إنشاء الرباطات والزوايا بالمغرب و أشهر هجرة قامت بها هذه الأسرة هي تلك التي حدثت زمن الحروب الصليبية من المغرب نحو لبنان حيث استقر آل “الكوش” في بيروت و دمشق و حمص و دمياط و اسطنبول وغيرها من المدن الإسلامية حيث لم يكن شيء يسمى الحدود القطرية…
هو عبد الغني ابن عبد الرحمان ابن محمد الكوش، ولد عام 1876 م، أي في أواخر العهد العثماني، في بيروت القديمة حفظ الشيخ عبد الغني القرآن الكريم في سن مبكرة.. وحاز على نفس سليمة تواقة للعلم، محبة وميالة للخير، متسمة بالتقوى والعمل الصالح، دءوبة على خدمة بيوت الله، واشتغل بتحصيل العلوم الدينية والشرعية منذ نعومة أظفاره معرضا عن الدنيا ومباهجها بكل جده وجهده، حتى عرف دقائق الأحكام الشرعية ولطائف المسائل الفقهية والأصولية.
تلقى الطفل عبد الغني الكوش، تربية دينية، ونهل من معين العلوم الشرعية على يد ثلة من الشيوخ الأفاضل، فتلقى علوم تجويد القرآن واللغتين العربية و التركية و الحساب و الخط بقلم مبري من قصب الغراز يلت بالحبر الأسود على يد الشيوخ عبد الرحمان قريطم وقاسم أبي الحسن الكستي مثلما تلقى العلوم الدينية والشرعية عن الولي الطاهر والشيخ عبد الرحمان الحوت نجل العلامة المحدث الشيخ محمد الحوث وتأهل من ابنة خاله ثريا صالح نجا (ابنة عم المفتي العلامة الفاضل مصطفى نجا عام 1909م.
حاز عبد الغني الكوش شرف الآذان في الحرمين الشريفين والقدس الشريف، حظ قلما توفر لغيره، فرفع الآذان بصوته الرخيم والشجي في مآذن مساجد هذه البقاع المقدسة. وسنته 1914 ” سيتوجه الشيخ عبد الغني الكوش” بحرا عبر الحجاز لأداء فريضة الحج مع إخوة له كرام ومن جدة نقلتهم الجمال إلى مكة المكرمة دعي فيها إلى مائدة أميرة مكة”، و”نزل مكرما في ضيافة الشريف الحسين بن علي”، و”أتيح له أن يؤذن في الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كما رفع الأذان من المسجد الأقصى وزيارة أرض الأنبياء التي لأجلها ترك أسلافه الكرام جغرافيا المغرب للاستقرار في تاريخ المشرق -ولفلسطين والقدس مكانة خاصة في قلوب الكوشيين- وليتحول آل الكوش إلى أسرة متعددة الجنسيات.
وإيلاء منه لأهمية فن المديح والسماع، وضرورة تبادل التجارب بين الأجيال وضرورة تطوير هذا الفن والعمل على النهوض به ضمن مفهوم المؤسسة، عمل الشيخ عبد الغني الكوش على تأسيس جمعية “الإنشاد النبوي الشريف” عامه 1920 ميلادية، وهي أول جمعية تؤسس في بيروت تهتم بفن المديح والسماح، رفقة”مجموعة من الرفاق وهم راضي شاكر وقاسم يموت والحاج عبد الرءوف الكبي وعبد الله علم الدين وحسين يموت وناجي عباس، وكان كل عقد زواج والأفراح والمواسم الدينية له فيها موضع، وظل رئيسا لها طوال حياته.
وفاته
بعد رحلة حافلة بالعطاء في مجال المديع والسماع والإنشاد الديني، وبعد أن شهد تحقيق أمنية انعتاق بلده لبنان من ربقة الانتداب الفرنسي، أسلم الروح إلى بارئها يومه الخميس 8 رجب من عامه 1371 الموافق 6 نيسان من عام 1952، عن عمر يناهز 74 سنة.

قد يعجبك ايضا