ساحل السّلام بين الأسود والنّعام

 

أشواق مهدي دومان

لم يهتم لشأنها الخونة والمرتزقة حين حُكمهم ؛ فطيلة الـ 33 عاما والـأربع التي تبعتها لم نجد لها تسمية أو لقبا كـ: ثغر اليمن الباسم أو خدّ اليمن أو عين اليمن ؛ فهي المهمّشة المهشّمة كبقيّة محافظات اليمن في عهد ثّلّة من الأولين وبعدهم الآخرين من فرّوا إلى أحضان المحتلّين فنكّل بهم رجال الله وهكذا مصير المجرمين.
الحديدة التي ما التفتوا لها إلّا ببسط نفوذهم على أراضيها البكر الولود الودود فامتلك أحدهم مزارع المانجو وغرف بيديه وأكل من ثراها حدّ الثّمالة وترك أهلها يتضوّرون جوعا وهم المعروفون بأطيب ناس وأكثرهم قناعة وسلاما ووئاما .
هم فقراء نعم لكنّهم أغنياء برجولتهم ،و كرمهم ، سعداء بكفّ أنظارهم عمّا في أيدي المرتزقة فلا نجد بين صفوفهم عملاء يسترزقون بدم اليمن إلا في النّادر ..
الحديدة التي لو زارها إنسان يعلق حبها في قلبه ولا ينساها بطيبة أهلها وطيب جوّها وبحرها وكلّ مافيها، ومع هذا يريد مرتزقة الإمارات (و في لحظة عمالة لهم) أن يأخذوها قربانا لمن يشقى عليهم.
المرتزقة رأوها سابقا ضحية أسرة حاكمة تعجرفت وحكمت الحديدة بالإهمال الشّديد فظنوها مقصوصة الجناح، ومقطوعة من شجرة ( كما يقال ) فأتوا محاولين احتلالها فما استطاعوا ولن يستطيعوا ، وستبقى الحديدة هي الجوهرة المعلّقة في جيد اليمن كله والتي لا تكون يمنا إلا بها ..
فما لجنون البقر يسيطر على عملاء ومرتزقة الإمارات حين انهزموا في صنعاء فأبت غطرستهم إلاَّ أن يصدّروا هزيمتهم إلى الحديدة وساحلها.
أرادوا نزعها من على عنق يمنها ونسبتها إلى المحتل البريطاني باسم أداته الإماراتيّة؟
ما لهم أرادوها سقطرى الثّانية ليوهمهم جنون العظمة بأنّهم بسهولة يستطيعون سلبها غير مدركين ثبات رجال الله وصبرهم وقوّتهم وقدرتهم فيها التي هي من قوّة وقدرة الله المثبتة لرجال الله والتي رمت بأيديهم…
الحديدة التي كثر بها الملتحقون بفيصل وفريق الحقّ .
نعم التحق أبناؤها بصفوف رجال الله وقدّموا أرواحهم فعاقبهم العدوان بضرب وقصف مزارعهم ومياههم الجوفيّة ( آبارهم ) وحتّى الصيّادين لم يسلموا من قصفهم..
ضُربت الحديدة بعمالة وارتزاق من أهملوها في عهدهم ظنّا منهم أنّ أهلها سيسلّمون رايتهم للمحتل كما سلّمها المناطقيّون الإخوانجيّون الوهابيٌون( باسم المقاولة في تعز ومناطق تغذية الفتن المذهبيّة) وماعرفوا أنّ الحديدة لا تحمل عقد المذهبية ولا المناطقية ولا الطائفية.
الحديدة تعشق أبناءها من كلّ اليمن ولم تذبح زيديا ولم تعذّب شافعيا ولا تبيعه لتسترزق به كمومس لتطعم بنيها من عرضها فلا حرّ يأكل من لحمه .
ولهذا أيّها الخونة والمرتزقة: لا يلهِكم الأمل الطّويل فليس لكم قاعدة شعبيّة تحتضن عقدة العظمة وجنونها وقد عرفكم أهل الحديدة من زمان فلا تحاولوا فجهدكم ومحاولتكم إلى زوال وها هي كتائبكم تلقفها رمال الحديدة ويغرقكم بحرها ثمّ يلفظكم جيفا قذرة كتيبة بعد كتيبة ومن لم ينتصر الأمس لن ينتصر اليوم…
فغوروا بولاة أمركم فرجال الحديدة الذين استخففتم بهم في كلّ شيء وأنتم تحكمون اليمن على علم بخبايا ظلمكم وقهركم فلا تأخذكم العزّة بالإثم بأنّ فقر حالتها سيجعلها رخيصة مادام بها رجال أعزّة يتدافعون ويتداعون للالتحاق بمعسكر الرّدع والدفاع عن اليمن أرضا وإنسانا ..
نعم..الحديدة شمّاء برجالها رغم أنّها ساحليّة فهم المتواضعون في سهولة وليونة ومرونة طباعهم لكنّهم أهل العلم وأصحاب القيم وهم البدر في الليلة الظلماء .
وقد اسودّ الليل وحلك فما عاد من اسوداد سوى خيط الفجر الأبيض نلمحه من قريب في انتصارات وتضحيات رجال الله الذين أرخصوا أرواحهم للحديدة كما فعلوا لكلّ اليمن. وجندلوا المحتلين وعملاءهم وسالت دماء المرتزقة فكان البحر الأحمر اسما على مسمى لكنّه سرعان ما لفظهم فهو الطّاهر وهم الأنجاس.
فيا عملاء الغازي والمحتل: يكفيكم كتائبكم وقد طوتها يد الرّمال والتهمتها أسود العرين كما تفترس النّعامات التي تكتفي بدسّ رأسها ووجهها في التراب خزياً وهزيمة وعاراً..

قد يعجبك ايضا