وحدة اليمن تواجه أبشع عدوان عبر التاريخ

*رئيس المجلس الأعلى للأحزاب والقوى السياسية آمال الثور لـ “الثورة”:
حاورها/ محمد إبراهيم
قالت الناشطة السياسية آمال الثور رئيس المجلس الأعلى للأحزاب والقوى السياسية والثورية ومنظمات المجتمع المدني إن الذكرى الـ 28 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية 22 مايو 1990م تأتي هذا العام في ظل أخطار جسيمة يفرضها أبشع عدوان عبر التاريخ، وتزيد من خطرها الأطماع المتربصة باليمن منذ زمن طويل.. لافتة إلى أن صراعات اليمنيين خلال الحقب الماضية شكلت البيئة الخصبة لتصيغ هذه الأطماع حبكة المؤامرة بعناية، والتي ترجمت أولى خطواتها على الأرض صبيحة 26 مارس 2015م بشن العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، ومن ورائهم إسرائيل..
ودعت آمال الثور الشباب اليمني الذي لم يعش زمن التشطير ومآسيه إلى ضرورة اليقظة والحيطة والحذر تجاه مستقبل وحدة اليمن أرضا وإنساناً وأن يدركوا أن اليمنيين من غير الوحدة سيظلون وجهة للغزاة وأطماع المستعمرين..
وتطرقت الثور إلى واقع الحراك السياسي الداخلي وخوض المرأة تجربة تأسيس الأحزاب، ودور منظمات المجتمع المدني في ظل العدوان والحصار، وإسهامات المرأة في معركة مواجهة العدوان ولوحة الصمود أمام العدوان والحصار وقضايا أخرى في هذا اللقاء:
واليمن يحتفل بالذكرى الثامنة والعشرين لإعادة تحقيق وحدته.. ما هي الأخطار التي تواجه الوحدة اليمنية برأيك؟!
– بداية نهنئ المجلس السياسي الأعلى للأحزاب والقوى السياسية والثورية العليا ومنظمات المجتمع المدني وحزب الربيع العربي الشعب اليمني بهذه المناسبة العظيمة سائلين المولى أن يكشف الغمة التي يعيشها الوطن..
الوحدة اليمنية تواجه أقسى وأخطر عدوان ومؤامرة على مر التاريخ، والدليل ما يجري في المحافظات الجنوبية وفي سقطرى منذ مظاهر غزو واضحة للعيان، تسعى إلى شرذمة اليمن إلى أخطر مما كان عليه قبل 1990م حيث كان شطرين في شعب واحد، اليوم يريد العدوان أن يشرذم اليمن إلى أقاليم وإلى إمارات وسلطنات متعددة، ولكي لا يبقى الشعب واحداً، يسعى العدوان إلى زرع الفرقة والمناطقية والمذهبية وغيرها… والخطر الأهم اليوم هو التضليل على عقول الشباب الجديد الذي لم يعش مآسي التشطير وكوارث الحروب الشطرية.. وأنا أدعو من هذا المنبر وعبر صحيفة “الثورة” كل شباب اليمن، إلى ضرورة الحيطة والحذر والحفاظ على الوحدة اليمنية وصون كل شبر منها، وأن يدركوا جميعا أن اليمنيين بدون وحدتهم في الأرض والإنسان سيظلون وجهة ومسرحا للغزاة وأطماع المستعمرين..
لكن لماذا تستهدف اليوم الوحدة اليمنية صراحة..؟
– ما يجري اليوم من استهداف للوحدة من قبل دول تحالف العدوان السعودي الإماراتي، وبهذه العلانية والوضوح، سببه الرئيس هو المستوى العالي من التشظي والفرقة والتناحر الذي وصل إليه اليمنيون.. نحن ندرك ما حدث لليمن منذ الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من مؤامرة تعزز الفرقة والتشطير، وعندما أعلنت الوحدة تفاجأت دول الجوار التي عمدت إلى البدء بإذكاء الثأرات والنزاعات بين اليمنيين، وصولا إلى حرب صيف 94م وكان هناك دعم لوجستي ومادي كبيرين لأزمة الانفصال لكن ذلك فشل، بفضل وحدة الغالبية العظمى من اليمنيين وتحت شعار “الوحدة أو الموت”..
هل سينجح الغزاة الجدد في فرض خيارات الأقلمة أو التجزئة أياً كانت أشكالها..؟
– اليوم أوغل العدوان في تدمير اليمن وقتل اليمنيين، وإيصال القوى السياسية سلطة الأمر الواقع في صنعاء، وحكومة ما يسمى بالشرعية في عدن والرياض إلى ما بعد حدود اللا رجعة، فصار أمام العدوان السعودي الإماراتي البدء بإعلان تقاسم ما يسمونه بالأراضي اليمنية المحررة سواء كان ذلك علناً أو ضمنياً بالشعارات المغالطة بزعم التنمية ومساعدة الإنسان وغيرها.. ولا سبيل أو حل هنا من شأنه إيقاف الاستمرار في هذا المسعى سوى عودة اليمنيين إلى وحدة وسيادة وطنهم والعودة إلى طاولة الحوار والتسليم باستحالة الحل العسكري لأي من أطراف الصراع.. وإذا ما توفرت هذه المقومات للسلام فلن ينجح العدوان في فرض أي أجندات من شأنها تقسيم أو أقلمة اليمن..
كيف تنظرين اليوم للربيع العربي ومآلاته القاسية عربياً ويمنياً..؟!
– ما يجري اليوم من تدمير في اليمن ومن استهداف واضح لقضية الأمة العربية المحورية وهي فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، لا يمت بصلة للربيع العربي، الذي كانت وما تزال أهداف سامية ونبيلة ستظل محل فخر واعتزاز وإن اعتراها اليوم جزء كبير من سوء المآلات في اليمن وسوريا أو غيرها، فهو بسبب الأحزاب العتيقة خصوصا في اليمن، حيث ركبت هذه الأحزاب الموجة الحاملة لمشروع الربيع ومطالب الشباب اليمني الناصعة بالحق، محاولة كعادتها استلاب ثورة الشباب وزخم ربيعهم، فارضة على القوى الأخرى الناشئة ضرورة الثبات والبقاء، فصارت الأمور إلى ثورة 21 سبتمبر 2014م كردة فعل متوقعة على تلك الأحزاب التي كانت تمثل الجزء الأكبر من فساد النظام السابق.. الفساد الذي خرج الشباب لمحاربته، في المقام الأول..
وهل انتهى الفساد اليوم..؟
– هذا هو السؤال المهم، ولذلك أنا أؤكد أننا خرجنا في ثورة فبراير ضد الفساد والتغيير إلى الأفضل، لكن الفساد الذي حدث بعد أن خطفت ثورة الشباب من قبل الأحزاب العتيقة، أنتج ثورة 21 سبتمبر التي هي الأخرى خرجت ضد الفساد وما يزال شعارها مكافحة الفساد.. لكن للأسف الشديد ما زال الفساد موجوداً.. صحيح أننا خرجنا رفضاً لزيادة 500 ريال في المشتقات النفطية واليوم يشتريها المواطن بـ 7200 ريال بسبب تجار الأزمات والحروب وبسبب السوق السوداء وقرار التعويم الذي لم يستفد منه إلا التجار وأصحاب النفوذ على السوق، لكننا سنظل ضد الفساد أينما وجد ومهما بلغت المؤامرات والحروب العدوانية والحصار وغيرها من التحديات التي عززت وستعزز وجود الفساد..
كيف وجدت المجتمع اليمني تجاه تأسيس امرأة يمنية حزباً سياسياً ورئاسته..؟
– رغم ما يعتري الصورة الذهنية لعمل المرأة في المجال الحزبي مؤسسة ورئيسة لحزب ما، خصوصا من رؤى التيارات الدينية المتعصبة الدخيلة على شعبنا اليمني المتعايش مذهبيا ودينياً, والتي لا تمت للإسلام بصلة، إلا أني وجدت المجتمع اليمني حضارياً بكل المقاييس ووجدت التشجيع الكافي، كما وجدت نفسي أخوض تجربة ليست بجديدة على المرأة اليمنية التي كانت حاكمة قبل الإسلام وقد شهد بذلك القرآن عن قصة ملكة سبأ، وبعد الإسلام في حكم الملكة أروى وما شهدته اليمن من ازدهار في عهدها.. صحيح هناك فارق كبير بين واقع حضور المرأة اليمنية اليوم وزمن تلك الدول اليمنية التي حكمتها وسيرت شؤونها امرأة، لكن هذا الفارق لا يمنع من السعي إلى الوصول أو الاقتراب من تلك النماذج، خصوصا والشعب اليمني شعب حضاري وشوروي من الدرجة الأولى.
كيف تقيمين حضور المرأة السياسي..؟ وهل نالت حقها..؟
– المرأة اليمني تتمتع بحضور سياسي كبير وأنا أتحدث من تجربة، فقد كان لي شرف الحضور السياسي في ثورة الربيع العربي اليمني وفي مقاومة غول الفساد الذي أراد أن يستلب ثورة الشباب وكان لي وآلاف النساء شرف الحضور السياسي أيضاً مع ثورة الـ 21 من سبتمبر خطوة خطوة.. ولكن رغم ذلك لم تنل المرأة حقها كما يجب سواء في التمثيل في اللجنة الثورية العليا، أو في حكومة الإنقاذ الوطني، بل وهناك كثير من التجاهل رغم علم المعنيين بأهمية وأدوار المرأة اليمنية في كل المجالات.. المرأة اليمنية جديرة بالعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والدبلوماسي.. ونحن عبر صحيفة “الثورة” نطالب أصحاب القرار السياسي بإتاحة الفرصة للمرأة في كل المجالات..
على ذكر دور المرأة اليمنية السياسي.. ما تقييمك لدور المرأة سواء تنمويا أو في الصمود..؟
– صمود المرأة اليمنية أمام العدوان والحصار، وكذلك أدوارها التنموية يحتاج إلى كتب ومجلدات.. ولكن يمكن القول في هذا المقام السريع إن المرأة اليمنية شكلت حجر الزاوية في الصمود والإسناد الشعبي لجبهات مواجهة العدوان السعودي الأمريكي الظالم، فكانت الشهيدة والجريحة وهناك مئات المجازر التي طالت النساء في المنازل، في مؤسسات عملها، في القطاعين العام والخاص وفي المدرسة وفي العزاء والأعراس وعلى موارد المياه وفي الحقول.. وهي أيضا أم الشهيد وأخته وزوجته وابنته، وفي الصمود أمام الحصار فقد تحملت أعباء الأسرة بأقل القليل من مقومات الحياة وتركت الغاز واستخدمت الحطب وصارت تجلب الماء والأغراض من السوق في ظل غياب زوجها أو استشهاده أو جرحه.
هذا بالنسبة لنساء الحضر اللواتي كن قد حصلن على حياة مرفهة, أما نساء الريف فهن من يزرعن ويحصدن ويجلبن الماء والرعي وتربية الأطفال والاعتناء بالبيت… المرأة اليمنية عمود التنمية الأساسي في مختلف الظروف والمحن.. لكن صمودها وتضحياتها وجهدها وأدوارها التنموية والمعيشية في زمن العدوان والحصار الظالمين أعاد إلى الذاكرة تاريخ ملكة سبأ ذات العقل الراجح والحكمة البالغة وقد شهد القرآن بذلك وكذلك مجد أروى بنت أحمد الصليحي في عصر الإسلام..
ما تقييمك لدور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة العدوان…؟
– هناك أحزاب وطنية رغم كونها جديدة كشفت عن قيم أصيلة من الولاء للوطن والدفاع عن سيادته وأراضيه، وترجمت شعاراتها إلى واقع ملموس رافعة صوتها ضد العدوان على اليمن ولا لقتل اليمنيين ولا لغزو واحتلال اليمن، وهناك أحزاب انكشف زيف شعاراتها على مرأى ومسمع من الشعب اليمني والعالم، ورمى كثير من قياداتها بأنفسهم إلى حضن العدوان السعودي.
أما منظمات المجتمع المدني فقد أدت أدواراً كبيرة وقدمت خدمات اغاثية وإنسانية وطوعية وتنموية رائعة، وقامت بأعمال كبيرة تدخل هذه الأعمال ضمن مهام جهات ومؤسسات حكومية مختلفة لكنها شلت وقصفت من قبل العدوان السعودي فقامت المنظمات بأعمالها وفق عمل طوعي وبتفانٍ كبير.

قد يعجبك ايضا