جرائم العدوان وانتهاكات الغزاة تعمق الجراح وانتصارات الجيش واللجان تشفي الصدور

> ضحايا غارات العدوان: عيدنا سيكون يوم الانتصار على الغزاة والمرتزقة

تحقيق/حاشد مزقر
كان لطيران العدوان السعودي ومجموعاته الارهابية موعد في كل لحظة لاستهداف الضحايا الأبرياء بكل وحشية وإجرام فقد استهدفوا وﻻيزالون كل حي تنبض فيه الحياة محدثين بذلك الآلاف من الشهداء والجرحى ، ولم يكن ضحايا الغارات هم الوحيدون، فهناك ضحايا جلهم من النساء والأطفال قضوا في داخل منازلهم،، وهناك ضحايا آخرون من النساء والأطفال والرجال أيضا في تلك المناطق والمدن التي يدعي العدو تحريرها والتي تقبع تحت سلطة الغزو والاحتلال.
في الحلقة الأولى من هذا التحقيق نقدم عددا من قصص المعاناة لأشخاص وأسر يعيشون مأساة الإصابة حتى في أيام العيد، فمنهم من فقد أحد أعضائه وآخرون تعرضوا لحرق وتشويه عند انفجار الصواريخ مما خلق حالة نفسية صعبة لديهم كما ان بعض الأسر تعيش الألم مرتين بسبب ان عائلهم الوحيد أصبح عاجزا عن العمل لشدة وخطورة إصابته ..كيف استقبل الضحايا وأهاليهم العيد..؟ وما مدى تأثير هذا الواقع المؤلم عليهم؟

في السابع والعشرين من شهر فبراير الماضي كانت أسرة المواطن محمد علوان على موعد إرهاب العدوان ومرتزقته .. أصيب محمد علوان البالغ من العمر اثنين وأربعين عاما على يد مجموعة من أفراد جماعة إرهابية بمحافظة الضالع .. لم يكن الرجل حين أصيب قد ارتكب أي ذنب يستحق عليه ان يدفع حياته كثمن له، فقط خرج الرجل إلى احد الشوارع هناك وجلس في إحدى الجولات وبيده بعض أدوات النجارة منتظرا لرجل يحتاج لعمال فيذهب معه ليتمكن من تأمين لقمة العيش لأفراد أسرته التي تتكون من سبعة أفراد وهم أمه الطاعنة في السن وأختان له وزوجته وأطفاله الثلاثة ، وبينما كان الرجل في حالة الانتظار تلك جاءت جماعة إرهابية تتبع قوى العدوان والمرتزقة على متن سيارة هيلوكس وفتحت النار على مجموعة من المواطنين كانوا يقبعون على الرصيف القريب منه ليحصد الرجل نصيبه من الأعيرة النارية المتبادلة بعيارين ناريين احدهما في الظهر والآخر في البطن ليسقط على الأرض معاقا بلا ذنب وبلا سبب …ولم تقف المأساة عند إصابته بل وقعت أسرته في وحل المعاناة ومستنقع الفقر والجوع القارس وهم يعيشون في العاصمة صنعاء بعد ان لجأوا إليها بحثا عن الأمان ويشاركون أبناءها أيام العيد.
نماذج أخرى
ليست قصة محمد هي الوحيدة، فهناك المئات من القصص المشابهة لها ، غير أن وقع الألم يتفاوت من أسرة لأخرى، فالطفلة فاطمة عبدالعزيز التي فقدت والدها بسبب العدوان لم تعترف بالموت ولا تعرفه كحقيقة لا بد منها فهي ترفض كل المعادلات الكونية التي تمنعها من البقاء مع والدها سعيدة، فالطفلة تطالب بعودة أبيها من تحت الأرض من قبره وإلا فإنها ستذهب هي إليه ـ حد تعبيرها ، وتعلل براءة موقفها هذا بأنها ـ بعد رحيل أبيها لم تعد تحصل على متطلباتها العيدية، وليس هذا هو السبب الوحيد بل إنها تظل في سريرها طوال الوقت بسبب الإصابة التي تعرضت لها أثناء استهداف طائرات العدوان السعودي وتحالفه لمنزلهم في محافظة حجة والتي راح ضحيتها والدها ، وفي الأثناء التي كانت فيها فاطمة تتحدث ببراءتها الطفولية كانت تذرف الدموع وتقول إن اصابتها أجبرتها على أن تقعد هي وإخوتها الأربعة أغلب الأوقات معها فهي لا تريد ان تحتفل بالعيد لكي لا تشعرني بمأساتي التي ألزمتني الفراش ومنعتني من فرحة العيد.
مأساة أخرى
أسرة أخرى كان سبب تعاستها ويتمها قصف طائرات العدوان السعودي على أحد الأحياء السكنية بمدينة تعز، ففي الوقت الذي كان فيه المواطن سليم عبدالجبار قد قرر النزوح بأسرته من المدينة إلى الريف طلبا لأمانهم كان العدوان يخطط لانتزاع روحه من بينهم، وذلك بأن عاد الرجل من القرية بمفرده إلى المنزل بالمدينة ليسكن فيه حتى لا تنهبه العصابات المسلحة التي تستغل غياب السكان وتقتحم المنازل وتنهب محتوياتها.. وفي أحد الأيام التي كان يرابط فيها الرجل بمنزله فوجئ بقصف عنيف من قبل طيران العدوان السعودي على الحي الذي يقطنه، وبعد لحظات أخذ الرجل نصيبه من الكارثة إذ استهدف الطيران منزلاً مجاوراً لمنزله ولشدة وقوع الصاروخ تهدم المنزلان معا مما أدى إلى بتر إحدى قدميه مخلفا مأساة إنسان يتقلب في العيد على جمر آلامه وأوجاعه.
بجوار منزل سليم يقع منزل “ بناء شعبي” يعود ملكه للمواطن فيصل المقبلي البالغ من العمر ثلاثة وستين عاما وهو رب أسرة مكونة من الزوجة وثلاثة أبناء..تأثر فيصل من عمليات قصف طائرات العدوان السعودي لمنازل المواطنين وبالرغم من ان منزل الرجل لم يكن هدفا لغاراتهم بشكل مباشر كسابقه من المواطنين إلا انه لم يسلم من أضرار تلك الغارات بل انه اخذ نصيب الأسد من الأضرار، فإذا كان الكثير ممن استهدفت منازلهم بغارات العدوان قد خسروا منازلهم إلا أنهم على الأقل قد نجوا بجلودهم بعد ان نزحوا إلى أماكن آمنة، أما فيصل فلم يسلم منزله ولا أسرته فعندما استهدف الطيران منزل جاره دحان أحدث الصاروخ هزة قوية في محيطه وسقطت على إثره أجزاء من المنزل الذي كان يكتظ بأفراد العائلة مما أدى إلى إصابة زوجته في أكثر من مكان في جسدها كما أصيب اثنان من الأبناء بجروح في اقدامهما ورأسيهما، وبحسب إفادة فيصل فإنه حتى اللحظة لم يتعاف ابناه نظرا لخطورة الاصابة..ويقول” ما من يوم إلا ووضعه الصحي يزداد سوءا خصوصا وأن الحالة المادية صعبة للغاية ولا يملك ما يمكنه من علاجه في الخارج .
تكرار القصف وتضاعف المأساة
تعيش زوجة عبدالله الاهدل (مهندس كهربائي) الألم والمعاناة بكل أشكالها حيث تعرض زوجها لإصابة غيرت مجرى حياتهم وحولها إلى كابوس.
وتقول راوية قصة مأساتهم: زوجي كان يشتغل عاملاً مع أحد مالكي مولدات الكهرباء، وفي أحد أيام شهر رمضان تم استهداف أحد المنازل في العاصمة صنعاء بصاروخين وحين انفجر الصاروخ الأول كانت الكهرباء قد عادت للحي وبسبب عدم استطاعة المسعفين لإنقاذ المصابين بسبب سقوط الأسلاك في حوش أحد المنازل التي سقط سقفها على ساكنيه عمل على قطع الأسلاك لتسهيل إنقاذ الأسرة غير إن الطائرة عاودت قصف المنزل بصاروخ ثانٍ, وتعرض لعدد من الشظايا القوية بعد ان طرحته شدة الضربة أرضا من أعلى السلم فسقط على ظهره وبعد وصوله للمستشفى قرر الأطباء بتر ساقيه بعد ان أصيب بشلل رباعي افقده الحركة نهائيا.
وتضيف: ساءت حالته النفسية كثيرا كما أصبحنا نعيش في صدمة متواصلة كوني وأطفالي فقدنا من يعولنا وأصبحت كل مستلزمات وتكاليف علاج زوجي بعد خروجه من المستشفى مسؤوليتنا.. وعن العيد قالت زوجة عبدالله: لم يعد في قلبي أي شيء يذكرني بالعيد.. قلبي يتضرع إلى الله في كل لحظة بأن يأخذ بثأرنا من كل دول العدوان ويجعلهم يدفعون ثمن إجرامهم أضعافا مضاعفة.
ومن الحالات التي شاهدناها في مستشفى الثورة وكانت مبكية ومؤلمة حالة أسرة تعرضت للقصف بصاروخ احدى الطائرات الملعونة في منطقة الأزرقين استشهد سبعة ونجت طفلة صغيرة بجسد مقطوع إحدى ساقيه وبالقرب من المنزل المستهدف أسرة نجت، حيث تقول الطفلة أماني: لقد فقدت أعز صديقة لي ساقها ﻻ أريد الحياة ووجهي أصبح مشوهاً بسبب الحروق والعيد لا يهمني أبداً.
إنسانية الأطباء
الدكتور عمرو جابر – طبيب اختصاص –رئيس منظمة إنسانية، تحدث بالقول: إن على الطبيب المعالج ان يكون على درجة عالية من الانسانية للتعامل مع جرحى قصف الطائرات وما أكثرهم هذه الأيام بسبب سوء العدوان السعودي ونتيجة لظروف المستشفيات الصعبة تجعل أحيانا بعض الأطباء يتخذ قرار البتر أو إزالة أي عضو قرار عاجل في سبيل إنقاذ حياة المصاب.
وأضاف: من خلال خدمتي بالمستشفى ومن خلال تعدد الحالات التي وردت عليّ تأكدت من حقيقة واحدة أن الطبيب المعالج يجب أن تكون درجة إنسانيته عالية للتعامل مع الفاقدين لأعضائهم حيث إنهم ليسوا مرضى عاديين بل أفراد يتسمون بروح النشاط والشباب وضحايا عدوان بربري شاء المولى أن يختبر صبرهم فانتزع أعضاءهم وهم أحياء، مشدداً على أهمية أن يكون الطبيب حكيماً، فإعادة التأهيل الأولى تقع على عاتقه خاصةً وأن الدماغ يبقى فترة غير مستوعب فقدان العضو فيعطي أوامر للعضو المبتور مما يخيل للمريض أن عضوه لازال على قيد الحياة وعادةً تلك الأوامر الوهمية تؤذي مشاعر المريض ونفسيته ليحتاج إلى تأهيل حتى يتخلص من معاناة تحريك عضو غير موجود.
وأوضح عمرو جابر أن مسؤولية الطبيب لهذه الحالات تتعدى علاقة طبيب بمريض، فالطبيب المعالج يجب أن يكون أكثر تفهماً لمشاعر المريض العاطفية واحتوائها إلى جانب بث الروح المعنوية المرتفعة، مضيفاً إنه على الطبيب ان لا يرمي المعلومة دون أي مراعاة للمشاعر وحجم تحمل المصاب.
أخيراً
ونحن نعيش أيام العيد تعيش عدد من الأسر في كل المحافظات هذه الأيام بألم وغصة بعد أن أصيب من أبنائها إصابات أحرمتهم فرحة العيد نتيجة لوحشية العدوان السعودي وتحالفه بل إن هذه الوحشية وصلت إلى أن يتم استهداف مجاميع الأهل والأحبة والأصدقاء وهم يبتهجون بفرحة العيد ذاتها..وعلى الرغم من ذلك فكل واحد من المصابين يؤمن بالقضاء والقدر ويقول بأنه سيفرح بالعيد القادم عندما تنتصر اليمن على قوى الطغيان والعدوان السافر ويعتبر نفسه فداء للوطن فكل جريح ومصاب استهدفته طائرات الإجرام والمجرمين سيخلدهم التاريخ مدى الحياة.

قد يعجبك ايضا