إجازة عيد في الحديدة

 

عبدالجبار الحاج

ما أهمية المعركة في الحديدة والساحل عموما ..؟!
للحديدة أهمية خاصة على الساحل لكنها تظل في أهمية لا تقل عن أهمية المخا أو مضيق المندب أو اللحية أو ميدي كما ان أهمية الساحل بما لو وضعناه في اطار الحق اليمني والقضية الوطنية اليمنية بحيث لا تُستثني الحديدة أو المخا أو ميدي من امتدادها الاستراتيجي والوطني مع مناطق عسير تهامة وجيزان وامتدادنا اليمني البحري في ارخبيل جزر فرسان المحتلة .
ومعركة الحديدة ستحمل بكل مدلولاتها ومؤشراتها ونتائجها في طبيعتها باعتبار معركة الحديدة جزءا من معركة الساحل بمعنى أنها محورية لكنها ليست الحاسمة في حساب معارك الساحل إلا في حالة تمحور اي انتصار هنا ليغدو مفتاح انتصارات اخرى على الساحل ..
الضخ الاعلامي الهائل لقنوات العدوان المواكب لمحاولة الاختراق للمطار أو حوله من قبل كتيبة هنا وهناك قرب الشاطئ هو ما بات يلاحظه المتابع في خطط التحالف العسكرية بأداء اقرب الى انفعالات وتصرفات صبيانية منه الى خطط عسكرية لا تراعي ولا تحسب وزنا وقيمة لكل جندي يزج به الى جحيم معركة غير محسوبة النتائج والعواقب وباستبخاس لأرواح الجند … فمن الزج بكتائب مقطوعة الصلة والتواصل بقواتها أو بالقائها الى ميادين تكون فيها سهلة الاصطياد والانقضاض عليها فتقع المجموعة التي تخترق محيط المطار فريسة سهلة للوقوع في كماشة اللجان ولم يتعد تواجدها تسجيل ضجيج اعلامي لا يتعدى ساعة زمن وهكذا اصبحت السيطرة على المطار اشاعة ثمنها ووقودها هؤلاء المجاميع المدفوعون للمحرقة او الابادة ليس الا ..
علينا ان نحاذر من تقبل إشاعة تقديم صورة المطار على انه موقع حيوي واستراتيجي فلا دوره كمطار قائم ولا موقعه الا بما هو جزء من المناطق التي تحيط بالمدينة مثله مثل ساحة العروض .
شخصيا كدت أن أصدق اشاعة الاعلام بسقوط المطار للمرة الثانية خلال أسبوعين فقد كانت الاولى في منتصف رمضان وتوجهنا الى الحديدة للتحقق من ذلك بأم العين ..
والآن مع عطلة العيد قررنا في ضوء تكثيف الحملة من قبل ذات القنوات أن نذهب ولتكن بمثابة نزهة وإجازة لأيام العيد ولنقف على الواقع الميداني معا .
وأنا في طريقي الى الحديدة من صنعاء ساورتني بعض اسئلة الناس التي تتكرر واخذ الكثير يصدقها عن سقوط الحديدة والخمسين وقرية الناظر وكذا السيطرة على الكيلو 16 ووشوك سقوط الحديدة وللتأكد وانا في الطريق من صنعاء اتصلت بصديق لي يسكن الكيلو 16 وهى نقطة تقاطع طريقي كل من تعز صنعاء الى الحديدة فأجابني من فوره: أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل في كيلو 16ولانه شخص ليس ذاوجهة سياسية فقد اضاف انه لا يدري شيئا عن قلب مدينة الحديدة فاستعدت يقيني واثقا مجددا من ان رواية سقوط مناطق من الحديدة كلها اشاعة لاننا عندما مضينا طريقنا قلب مدينة الحديدة فالمطار يقع على يسارنا وقريبا منا ولا شيء يوحي بان قوات للتحالف تسيطر عليه فكل نقاط التفتيش المحيطة والمؤدية للمطار وطريق الكورنش كلها ومن كل الاتجاهات تقع تحت سيطرة القوات المقاومة للتحالف العدوان .
تصادفت زيارتنا مع اليوم الثاني لمناسبة العيد وفي وقت متأخر من الليلة الثانية للعيد واستمررنا ندور على كل الأحياء خلال أكثر من أربع ساعات بحثا عن نزل فندقي يأوينا للصباح فوجدنا كل الفنادق ممتلئة من فنادق ما يسمى بحي 7 يوليو / وأتمنى أن تلغى هذه التسمية السيئة الذكر / وفي الخمسين وشارع صنعاء وعشرات الفنادق كانت ممتلئة ومن الحادية عشرة حتى الثالثة والنصف صادفنا الحظ أن ذهبنا الى فندق كنا قد عزفنا عن الحجز بادئ الامر فيه وفيه جناح صغير لم يتسع لثلث عددنا فنمنا على ازدحامنا بأغلبنا ..وبأسعار مضاعفة .
هذا الازدحام في الفنادق كان قد أشعرنا بأمان المدينة رغم أن شوارعها ومحلاتها تلك الليلة مغلقة ويلف المدينة الصمت والوحشة ربما ككل مدن اليمن التي تخلو من سكانها ايام العيد .والمفارقة في الحالين ان حيوية حركة المرور بالشوارع بسبب القادمين من شتى مناطق اليمن استعدادا للمشاركة في المعركة قد شغل حيز الفراغ كانلا في الفنادق التي عادة ما يجعل المدينة تكون فارغة في مثل أشهر الصيف الحار في مثل هذه الايام من يونيو ويوليو واغسطس ثم أن حجم المراسلين والاعلاميين كثيف وملفت .
التحليق والقصف والشديد للطيران المعادي على المطار كما هو على مدينة الحديدة بصورة كثيفة وعنيفة لم تشهد مثلها صنعاء في أشد فترات القصف كان هو العائق الذي منعني حتى الان من الوصول الى هناك لكن المؤكد أن المطار تحت سيطرة الجيش واللجان وكذلك كل مدينة الحديدة ..
وقف القصف العنيف والمكثف على المطار ومحيطه حائلا دون تمكننا من الوصول اليه مباشرة فكل شيء من سيارات أو بشر هدف مباشر للطائرات التجسسية والمقاتلة التي تفارق سماء المطار وساحة العروض ..وهكذا نضحتنا العناصر المحيطة بالمطار باتخاذ مواقع متحركة وفردية وغير معلومة التواجد والحقيقة أنهم لو سيطروا على المطار لسيطروا على منطقة كيلو 16 ومعظم خط الساحل على المدينة وهذه حقيقة وحدها تكشف أكاذيب سقوط المطار ..
ضمن تحركنا على كافة شوارع المدينة قررنا عند الرابعة عصرا المقيل بين عامة الناس في مكان عام.. وكنت قد اخذت موقعي في حديقة الشعب بعد عصر الاثنين الواقعة وسط مدينة الحديدة للمقيل في الفضاء الطلق لقياس حركة المجتمع هنا وشاهدتها كعادتها تكتظ بعشاق الحديدة من النساء والاطفال والرجال وما ان بدأت أحسس بدبيب اثر القات في عروقي حتى فوجئت بالدكتورة ابتسام المتوكل مهرولة نحوي وتصرخ بي لمغادرة الحديقة سريعا التي يحتمل أن تكون هدفا لقصف الطيران وفق معطيات ومعلومات الأمن وعبر مكبرات الصوت كانت سيارة تكرر هذا النداء التحذيري وتفرق الناس سريعا .
كل المشاهد تقول أن المحاولات الاختراقية للمدينة بقدر ما تنجح في الاقتراب من المطار تفشل حتى الان لكن المحاولة العدوانية مستمرة ..
استعدادات واضحة للتحشيد والتحصين والمتارس تؤكد ان محاولة اقتحام المدينة قائمة وان استعدادات التصدي وكسر المحاولة قائمة على قدم وساق .
ما يعني انه ؛ اذ قلنا بان معركة الحديدة ليست سوى جزء من معركة الساحل فهو القول الصحيح واذا قلنا بان معركة الحديدة لم تبدء بعد فهو قول صحيح ايضا فالاستعدادات والتحشيدات وعنف قصف الطيران وكثافته التي لا نظير لها في أي مدينة يمنية أخرى وتحشيدات قوى التحالف من جهة وكذلك توافد المقاتلين اليمنيين بكثافة تعكس ان الاشتباك حول الحديدة سيكون عنيفا وطويلا .. هكذا تكونت لدي صورة الحديدة في مشهدها الدموي العنيف مع قادم الايام وهي معركة شديدة العنف والضراوة ولن تكون نتائجها الانسانية إلا الأكثر كارثية في محافظة ومدينة أغلب اسرها تشتري زيت الطبخ بالملعقة ووجبة الارز بالرطل وكذلك الطحين وعلى هذا قس .
ليست معركة المطار وساحة العروض والدوار هي آخر معركة الحديدة وليست هي الحاسمة فقد تأخذ وقتا من الكر والفر ..
سأواصل نشر مشاهد الحديدة متناولا اياها من زوايا متعددة وذلك غدا وبعد غد.

قد يعجبك ايضا