الإمارات.. من اقتصاد “السمسرة” إلى مساعي الهيمنة

الثورة /أحمد علي
نَشَر موقع محطة إذاعة “فرَنْس انْفُو” مِلَفًّا عن استخدام الإمارات لعائدات النّفط، بهدف تعزيز نُفُوذها ومنافسة السعودية في العمالة وخدمة أمريكا وقوى الاستعمار الغربي الصهيوني في المنطقة، انطلاقًا من القَرْن الإفريقي، حيث تقوم الإمارات ببناء موانئ وقواعد عسكرية لها فيه والتّركيز على الخاصرة الرّخوة (إريتريا ، صوماليلاند ، جيبوتي)، رغم منافسة الصين وتركيا، وهي منطقة مليئة بالقواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية.
استئجار قواعد
واستأجرت الإمارات العديد من القواعد العسكرية السوفيتية سابقًا، مثل ميناء “عصب”، جنوب اريتريا، في مواجهة ميناء “عدن” وغير بعيد من ميناء “الحديدة” في اليمن، واحتلت اريتريا جزيرة يمنية بتمويل من الإمارات قبل حوالي عشر سنوات، وتستخدم الإمارات قاعدة “عصب” كقاعدة خَلْفية في عدوانها على شعب اليمن، مقابل تكفّل شركة “موانئ دُبَيْ العالمية” بتطوير البنية التحتية للميناء، ولم يتسن الكشف عن مدة العقد أو قيمته.
امتياز
وكانت شركة “موانئ دُبَي” قد حصلت على امتياز لمدة 30 عامًا، لتطوير ميناء “دورالي” في “جيبوتي” مُقابل 400 مليون دولار، ولكنها اضطرت إلى الخروج إثر خلاف ظاهره “أخلاقي” (فساد ورشْوَة) وباطنه استراتيجي، فاستولت “جيبوتي” على المعدات، بعد صدور قرار قضائي في لندن سنة 2017م.
وتحالفت حكومة “جيبوتي” مع حكومة الصين (التي أنشأت مُؤَخّرًا قاعدة عسكرية في نفس الميناء) لإدارته ، وتكفلت الصين منذ 2010م بإنشاء خط السكة الحديدية الذي يصل جيبوتي بأديس أبابا، عاصمة الحبشة (ومقر الإتحاد الإفريقي).
أما في الصومال فإن مصالح الإمارات اصطدمت بمصالح داعمي الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين) مثل قَطَر وتركيا، واضطرت إلى الاكتفاء بـ”بونتلاند” و”أرض الصومال” ، وهما دويلتان مُصْطَنَعَتان صغيرتان، أعلنتا استقلالهما عن الصومال، لكن لم يتم الإعتراف بهما من قبل الأمم المتحدة، وتوفر لهما الإمارات التمويل والحماية مقابل الحصول على قواعد بحريّة، عسكرية وتجارية في ميناء “بوصاصو” وميناء “بربرة” منذ 2016م.
مساعي استحواذ
وتحالفت الإمارات مع حكومة الحبشة (التي لا تُطل على البحر) مقابل منفذ بَحْرِي تجاري، ودخلت شركة “موانئ دبي العالمية” في صراع مع شركة “بولوريه” الفرنسية، من أجل السيطرة على ميناء “بربرة” الصومالي، قبالة سواحل اليمن.
وتحاول الإمارات أداء دور يفوق حجمها مما يضعها في خلاف وربما في صراع مع قوى كُبْرى، فيما قد تتخلّى عنها الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية، عندما تجد عميلاً يخدمها بشكل أَفْضل…
اقتصاد سمسرة
ويعتمد اقتصاد الإمارات على الريع النفطي والتجارة (إعادة التّصدير) وسياحة الأثرياء، حيث تحولت “دبي” إلى ماخور ضخم وفاخر، يستورد عبيد الجنس من أوروبا الشرقية ومن آسيا،
وتعتبر معْقَلاً للحرية الاقتصادية الليبرالية، ومنطقة الاستهلاك والتّبْذير، بدون ضرائب (قبل إقرار ضريبة القيمة المضافة على مستوى مجلس التعاون الخليجي بنسبة 5 %)، ولا تجرى فيها انتخابات ولا توجد هناك أحزاب ولا نقابات تدافع عن العمال (وكلهم أجانب).
وقُدِّر الناتج المحلي للإمارات بنحو 700 مليار دولار سنة 2017م، ولكن عدد سكانها لا يتجاوز المليون، وتلجأ إلى العمال المهاجرين لبناء الفنادق والأبراج، وإلى المُرْتَزَقَة ليكون لها جيش يحارب على عدة جبهات عربية، إضافة إلى المنافسة الحادة في القرن الإفريقي من الدول الكبرى، مثل الصين التي أنشأت قاعدة عسكرية في جيبوتي لحماية طرق التجارة (طريق الحرير الجديد)، وفرنسا التي لها قاعدة عسكرية في جيبوتي منذ قرن، وتستضيف قوات أوروبية أخرى (ألمانية وإسبانية)، ولإيطاليا والولايات المتحدة قواعد عسكرية أيضًا (أربعة آلاف جندي أمريكي).
ويعود اهتمام القوى الإمبريالية بمنطقة القرن الإفريقي، إلى أهمية ممرّاته الإستراتيجية (تجاريا وعسكريا)، حيث تمر نسبة 40 % من التجارة البحرية العالمية للنفط من “باب المندب” ومضيق “هرمز”.
جزر اليمن
وعلى المستوى السياسي، ساهم ولي عهد الإمارات “محمد بن زايد” في استحواذ “محمد بن سلمان” على السلطة في السعودية وتغيير التنظيم الأُفُقي لدواليب السلطة في أسرة آل سعود وفروعها وأفخاذها إلى تنظيم وراثي عامودي، وإذا كان كِلاهُما متورطاً في العدوان على اليمن، فإن الإمارات استفادت من احتلال جزر “سقطرى” و”حنيش” والهيمنة على الموانئ اليمنية التي يمكنها منافسة موانئ الإمارات، فيما لا تملك السعودية استراتيجية واضحة، سوى تخريب البلاد وتقتيل أهلها المقاومين.

قد يعجبك ايضا