فاتورة الإرهاب والتطرف !!

 

عبد الله الاحمدي
المقدمات الخاطئة تفضي إلى نتائج مدمرة، آجلا ، أم عاجلا.
الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة؛ عسكرية ودينية، فشلت في إحداث تنمية، وتغيير ديمقراطي، فلجأت إلى القمع، وتصدير مشاكلها. وفي كل الأحوال وصلت إلى طريق مسدود، فلجأت إلى كل وسائل التلفيق والتزوير، ورعاية التطرف، وحماية الإرهاب، بل وتصديره، ظنا منها إطالة عمر تسلطها على الشعوب. بعض الحكام اتخذوا من تفويج الإرهابيين إلى مناطق النزاعات تجارة رابحة.
أسرة بني سعود كانت المبادرة منذ ما بعد ثورة 52 في مصر باحتضان قوى التأسلم السياسي من مصر وسوريا واليمن، وإفساح المجال لها في النشاط داخل المملكة، وخارجها في تخريب ثقافة الأمة وإفساد أجيالها، ظنا من الأسرة أنها تحمي نظامها البدوي العفن من حركة الثورة العربية التي وصلت إلى جوارها في اليمن وسوريا والعراق. لقد كانت مملكة داعش تؤدي دورا مرسوما لها من قبل الدوائر الامبريالية.
بعد موت جمال عبد الناصر ( يقال انه مات مسموما على يد طبيبه ) نصبت المخابرات الأمريكية أحد عملائها ( أنور السادات ) رئيسا على مصر الذي قرب الجماعات المتأسلمة على حساب اليسار والقوميين، وقام بتصفية المشروع الناصري، ثم كان ضحية تقريبه للجماعات الإرهابية التي تغلغلت في مفاصل الجيش والدولة. فقام أحد ضباط الجيش (خالد الاسلامبولي ) بتصفيته أثناء عرض عسكري بمناسبة ذكرى العبور.
عملت المخابرات الأمريكية على تجميع الكثير من الجماعات المتأسلمة بما سمي الجهاد في أفغانستان، ومن كل الأقطار العربية والإسلامية، وحتى من أوروبا وأمريكا، وبتمويل من السعودية والخليج لمحاربة السوفيت، ضمن استراتيجية الصراع الدولي بين المعسكرين الغربي والشرقي -حينها- وطبل الكثيرون لهذا المشروع الأمريكي، وظن الحكام انهم تخلصوا من الجماعات المعارضة التي تربت بحضن الأنظمة الاستبدادية.
كانت المخابرات الغربية تصنع فخا جديدا للأمتين العربية والإسلامية، هذا الفخ هو الجهاد في أفغانستان الذي اتكأ على إحياء الطائفية واعتمد على مرجعية التكفير، ومحو مفهوم الوطن والوطنية، والقومية من عقل الجيل، ونظًـًر له غلاة المتطرفين ممن رعتهم المخابرات الغربية، واستوطنوا عواصم الغرب.
ارتد جهاد أفغانستان دمارا وخرابا على من رعاه وموله، في الخليج ومصر واليمن والسودان، وعديد بلدان، وحتى على الراعي الغربي، وكانت البداية تدمير مركزي التجارة العالمي في نيويورك، وتفجيرات واغتيالات في كثير عواصم غربية، وعربية، وإسلامية.
باكستان التي استقبلت ما كان يسمى بالمجاهدين، وتسامحت مع مدارس التطرف، وأنشأت حركة طالبان، كان نصيبها إنشاء طالبان باكستان التي تخوض اليوم معارك معها، وكان أكبر عملية إجرامية ارتكبتها هذه الحركة هي قتل رئيسة الوزراء بناظير بوتو.
الكثير عانوا من تغول الإرهاب والتطرف الذي صنعوه، واستخدموه كأوراق ضد الخصوم السياسيين.
في اليمن كان عفاش وعصاباته يلعبون على ورقة التطرف والإرهاب، بل ويستثمرونها في ابتزاز الغرب، ومحاربة الخصوم داخليا.
احتضنوا الكثير ممن سموا بالأفغان العرب، واستخدموهم في حرب 94 ضد الجنوب والاشتراكي، وأعطوهم الرتب وقلدوهم المناصب، وأباحوا لهم البلاد والعباد، ومكنوهم من إنشاء الجامعات المتطرفة والمعسكرات، وفي الأخير انقلبوا على عفاش.
الأمريكان وعموم الغرب كانوا هم الممسكون بخيوط لعبة جماعات التطرف والإرهاب، يوجهونها كما يريدون، فبعد الحرب الأفغانية استخدموا هذه الجماعات هراوة غليظة ضد من يحاول الخروج عليهم، واستحدثوا ما سمي بالقاعدة، ومن بعده داعش، وصنعوا لهذه المسميات قيادات يهودية ونسبوها إلى آل البيت، كما هو الحال بالنسبة لأمير داعش في العراق، أبو بكر البغدادي الذي نسبوه إلى الحسن بن علي، والبسوه العمامة السوداء، وهو ضابط يهودي صنعته المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، ثم عملوا على الاشتغال على ورقة الطائفية في البلدان التي فيها طوائف مثل، العراق وسوريا واليمن، والبلدان التي لا توجد فيها طوائف صنعوا لها صراعات أثنية وقومية ومناطقية مثل؛ ليبيا ومصر، وخلقوا للأمة أعداء وهميين، وتركوا الأعداء الأهم.
ومن خرج عن المهمة التي رسمتها المخابرات الغربية قتلوه، من أمثال؛ ابن لادن في السعودية، والزرقاوي في الأردن، والعولقي في اليمن ومؤخرا أمير طالبان باكستان وغيرهم، والدرنز جاهز لذلك.
الحرب التي تجري في المنطقة العربية بواسطة وكلاء الغرب، هدفها تغيير الخرائط في الشرق العربي بما دعته أمريكا شرق أوسط جديد لخدمة إسرائيل والاحتكارات الرأسمالية الغربية، والاستيلاء على ثروات الشعوب بالقوة.
لم يكتف المستعمر بحرب الوكلاء السعوديين والحماراتيين وغيرهم، بل نجده يتورط مباشرة في العدوان على شعوب الأمة، وخاصة في سوريا واليمن والعراق، وترمي أمريكا وبريطانيا، وفرنسا بكل ثقلها العسكري والتقني في اليمن وسوريا، كما شاهدنا، ونشاهد في معركة الساحل الغربي في اليمن، وفي الشرق والشمال السوري.
أمريكا ووكلاؤها جندوا كل الإرهابيين والمرتزقة من كل أنحاء العالم لاحتلال المنطقة، وإعادة تقسيمها، والمغفلون ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين يحسبون أنهم يحسنون صنعا بخدمة أمريكا ومشاريعها القذرة في المنطقة.
الإرهاب سيطال كل من تعامل معه، وأمريكا والغرب الرأسمالي هم صانعو الإرهاب. أما البقية فهم أدوات ستنفق في أي وقت، وستتخلص منها أمريكا بعد أداء مهمتها، ولكم بابن لادن عبرة وعظة.
الغرب لم يعد له عدو إلا الإسلام المحمدي، ولذلك، يخطط لاقتلاع الإسلام بواسطة الجماعات الإرهابية التي دشنت أولى مراحل الاقتلاع بالذبح والقتل وجهاد النكاح والنهب والمصادرة وإشاعة الفوضى، وضرب كل القيم الرفيعة. وهي الآن تدفع الأمة فاتورة رعاية حكامها للإرهاب، واللعب معه.
والخلاصة أن الذين رعوا التطرف والإرهاب سينالهم منه الكثير، وما عليهم إلا انتظار دورهم، فعيون الغرب مفتوحة على الآخر على ثروات الشرق وعلى رأسها النفط، وما يقوم به ترامب من ابتزاز هو جزء من الاستراتيجية الغربية.

قد يعجبك ايضا